الآیات القرآنیة لم تذکر توضیحاً حول هذا الأمر، سوى کلمة (ثم) التی وردت ضمن آیة بحثنا والتی تدل على وجود فاصل زمنی بین النفختین، إلاّ أنّ بعض الرّوایات ذکرت بأنّ هذه الفاصلة مقدارها 40 عام (1) . والمجهول بالنسبة لنا هو معیار هذه السنین، فهل هی سنوات اعتیادیة کالتی نعیشها نحن، أم أنّها سنوات وأیّام کسنوات وأیّام القیامة.
على أیّة حال فالتفکّر فی نفخة الصور ونهایة العالم، وکذلک بالنفخة الثانیة وبدء عالم جدید، ومع ملاحظة الإشارات التی وردت فی القرآن المجید، والتفاصیل الاُخرى فی الرّوایات الإسلامیة بهذا الشأن، یعطی دروساً تربویة عمیقة للإنسان، وخاصّة أنّها توضّح هذه الحقیقة، وهی البقاء على استعداد دائم لاستقبال مثل هذا الحادث العظیم والرهیب فی کلّ لحظة، لأنّه لم یحدد لوقوعها تاریخ معیّن، إذ یحتمل وقوعها فی أیّة لحظة، إضافة إلى أنّها تقع من دون مقدمات، لذا ورد فی ذیل إحدى الرّوایات الخاصة بنفخ الصور والمذکورة آنفاً أنّ الراوی قال، عندما وصل الکلام إلى هذا الأمر «رأیت علی بن الحسین یبکی عند ذلک «بکاء شدیداً»، إذ کان قلقاً جدّاً من مسألة نهایة العالم ویوم القیامة، وإحضار الناس للحساب فی محکمة العدل الإلهیّة» (2) .