داود والإمتحان الکبیر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة ص / الآیة 21 ـ 25 1ـ ما هی حقیقة وقائع قصّة داود؟

طرحت هذه الآیات بحث بسیط وواضح عن قضاء داود، ونتیجة لتحریف وسوء تعبیر بعض الجهلة فقد اُثیرت ضجّة عظیمة فی أوساط المفسّرین، وکانت أمواج هذه الضجّة من القوّة بحیث جرفت معها بعض المفسّرین، وجعلتهم یحکمون بشیء غیر مقبول، ویقولون ما لا یلیق بهذا النّبی الکبیر.

وفی هذا المجال نحاول بیان مفهوم الآیات دون شرح وتفصیل کی یفهم القارىء الکریم مفهوم الآیات بذهنیة صافیة، وبعد الإنتهاء من تفسیرها بإختصار نتطرّق إلى الآراء المختلفة التی قیلت بشأنها. وتتمّة للآیات السابقة التی إستعرضت الصفات الخاصّة بداود والنعم الإلهیّة التی أنزلها الباری عزّوجلّ علیه، یبیّن القرآن المجید أحداث قضیّة عرضت على داود.

ففی البدایة یخاطب القرآن المجید الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله): (وهل أتاک نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب ).

(الخصم) جاءت هنا کمصدر، وأکثر الأحیان تطلق على الطرفین المتنازعین، وتستعمل هذه الکلمة للمفرد والجمع، وأحیاناً تجمع على (خصوم).

(تسوّروا) مشتقّة من (سور) وهو الحائط العالی الذی یبنى حول البیت أو المدینة، وتعنی هذه الکلمة فی الأصل القفز أو الصعود إلى الأعلى.

«محراب» تعنی صدر المجلس أو الغرف العلیا، ولأنّها أصبحت محلا للعبادة أخذ تدریجیّاً یطلق علیها اسم المعبد. وتصطلح الیوم على المکان الذی یقف فیه إمام الجماعة لأداء مراسم صلاة الجماعة، وفی المفردات، نقل عن البعض أنّ سبب إطلاق کلمة «المحراب» على محراب المسجد، هو لکونه مکاناً للحرب ضدّ الشیطان وهوى النفس.

على أیّة حال، فرغم أنّ داود (علیه السلام) کان محاطاً بأعداد کبیرة من الجند والحرس، إلاّ أنّ طرفی النزاع تمکّنا ـ من طریق غیر مألوف ـ تسوّر جدران المحراب، والظهور أمام داود (علیه السلام)فجأةً، ففزع عند رؤیتهما، إذ دخلا علیه بدون إستئذان ومن دون إعلام مسبق، وظنّ داود (علیه السلام) أنّهم یکنّون له السوء، (إذ دخلوا على داود ففزع منهم ).

إلاّ أنّهما عمدا بسرعة إلى تطییب نفسه وإسکان روعه، وقالا له: لا تخف نحن متخاصمان تجاوز أحدنا على الآخر (قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ).

فاحکم الآن بیننا ولا تتحیّز فی حکمک وأرشدنا إلى الطریق الصحیح (فاحکم بیننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط ).

«تشطط» مشتقّة من (شطط) على وزن (فقط)، وتعنی البعید جدّاً، ولکون الظلم والطغیان یبعدان الإنسان کثیراً عن الحقّ، فکلمة (شطط) تعنی الإبتعاد عن الحقّ، کما تطلق على الکلام البعید عن الحقیقة.

من المسلّم به أنّ قلق وروع «داود» قلّ بعض الشیء عندما وضّح الأخوان هدف مجیئهما إلیه، ولکن بقی هناک سؤال واحد فی ذهنه هو، إذا کنتما لا تکنّان السوء، فما هو الهدف من مجیئکما إلیّ عن طریق غیر مألوف؟

ولذلک تقدّم أحدهما وطرح المشکلة على داود، وقال: هذا أخی، یمتلک 99 نعجة، وأنا لا أمتلک إلاّ نعجة واحدة، وإنّه یصرّ علیّ أن أعطیه نعجتی لیضمّها إلى بقیّة نعاجه، وقد شدّد علیّ فی القول وأغلظ (إنّ هذا أخی له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اکفلنیها وعزّنی فی الخطاب ).

«النعجة» هی الاُنثى من الضأن. وقد تطلق على اُنثى البقر الوحشی والخراف الجبلیة.

«اکفلنیها» مشتقّة من الکفالة، وهی هنا کنایة عن التخلّی (ومعنى الجملة إجعلها لی وفی ملکیتی وکفالتی، أی إمنحنی إیّاها).

«عزّنی» مشتقّة من (العزّة) وتعنی التغلّب، وبذا یکون معنى الجملة إنّه تغلّب علیّ.

وهنا التفت داود (علیه السلام) إلى المدّعی قبل أن یستمع کلام الآخر (کما یوضّحه ظاهر الآیة) وقال: من البدیهی أنّه ظلمک بطلبه ضمّ نعجتک إلى نعاجه (قال لقد ظلمک بسؤال نعجتک إلى نعاجه ).

وهذا الأمر لیس بجدید، إذ إنّ الکثیر من الأصدقاء والمخالطین بعضهم لبعض یبغی على صاحبه، إلاّ الذین آمنوا وعملوا الصالحات وهم قلّة: (وإنّ کثیراً من الخلطاء لیبغی بعضهم على بعض إلاّ الّذین آمنوا وعملوا الصّالحات وقلیل ما هم ) (1) (2) .

نعم فالأشخاص الذین یراعون بصورة کاملة فی معاشرتهم وصداقتهم الطرف المقابل، ولا یعتدون علیه أدنى إعتداء ویؤدّون حقوق أصدقائهم ومعارفهم بصورة کاملة قلیلون جدّاً، وهم المتزودّون بالإیمان والعمل الصالح.

على أیّة حال، فالظاهر أنّ طرفی الخصام إقتنعا بکلام داود (علیه السلام) وغادرا المکان.

ولکن داود غرق فی التفکیر بعد مغادرتهما، رغم أنّه کان یعتقد أنّه قضى بالعدل بین المتخاصمین، فلو کان الطرف الثانی مخالفاً لإدّعاءات الطرف الأوّل ـ أی المدّعی ـ لکان قد إعترض علیه، إذن فسکوته هو خیر دلیل على أنّ القضیّة هی کما طرحها المدّعی.

ولکن آداب مجلس القضاء تفرض على داود أن یتریّث فی إصدار الأحکام ولا یتعجّل فی إصدارها، وکان علیه أن یسأل الطرف الثانی أیضاً ثمّ یحکم بینهما، فلذا ندم کثیراً على عمله هذا، وظنّ أنّما فتنه الباری عزّوجلّ بهذه الحادثة (وظنّ داود أنّما فتنّاه ).

وهنا أدرکته طبیعته، وهی أنّه أوّاب، إذ طلب العفو والمغفرة من ربّه وخرّ راکعاً تائباً إلى الله العزیز الحکیم (فاستغفر ربّه وخرّ راکعاً وأناب ).

«خرّ» مشتقّة من (خریر) وتعنی سقوط شیء من علو ویسمع منه الصوت مثل صوت الشلالات، کما أنّها کنایة عن السجود، حیث إنّ الأفراد الساجدین یهوون من حالة الوقوف إلى السجود ویقترن ذلک بالتسبیح.

کلمة (راکعاً) التی وردت فی هذه الآیة، إمّا أنّها تعنی السجود کما جاءت فی اللغة، أو لکون الرکوع مقدّمة للسجود.

على أیّة حال، فالله سبحانه وتعالى شمل عبده داود بلطفه وعفا عن زلّته من حیث ترک العمل بالأولى، کما توضّحه الآیة التالیة (فغفرنا له ذلک ). وإنّ له منزلة رفیعة عند الله (وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب ).

«زلفى» تعنی المنزلة (والقرب عند الله) و(حسن مآب) إشارة إلى الجنّة ونعم الآخرة.


1. «خلطاء» جمع (خلیط) وتعنی الأشخاص أو الأشیاء المخلوطة بعضها مع بعض، کما تطلق على الصدیق والشریک والجار، ورغم أنّ الظلم والإعتداء لم یختصّ بالخلطاء، إلاّ أنّ ذکر هذه المجموعة بسبب وجود الإتّصالات المتکرّرة فیما بینهم، وإحتمال حدوث سوء تفاهم فیما بینهم، أو بسبب عدم توقّع حدوث أی ظلم وطغیان من قبل اُولئک.
2. ترکیب الجملة هکذا (هم) مبتدأ و (قلیل) خبر إنّ و (ما) زائدة وردت هنا للمبالغة فی القلیل.
سورة ص / الآیة 21 ـ 25 1ـ ما هی حقیقة وقائع قصّة داود؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma