الیوم الذی تشرق الأرض بنور ربّها:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 69 ـ 70 سورة الزّمر / الآیة 71 ـ 72

آیتا بحثنا تواصلان استعراض الحدیث عن القیامة والذی بدأ قبل عدّة آیات، وهاتان الآیتان تضمّـان سبع عبارات منسجمة، کلّ واحدة تتناول أمراً من اُمور المعاد، لتکمل بعضها البعض، وتقیم الدلیل على ذلک.

فی البدایة تقول: (وأشرقت الأرض بنور ربّها ).

وقد اختلف المفسّرون فی معنى إشراق الأرض بنور ربها، إذ ذکروا تفسیرات عدیدة، اخترنا ثلاثاً منها، وهی :

قالت طائفة: إنّ المراد من نور الرب هو الحق والعدالة، الذی ینیر بهما ربّ العالمین الأرض فی ذلک الیوم، حیث قال العلامة المجلسی فی بحارالأنوار: «أی أضاءت الأرض بعدل ربها یوم القیامة، لأن نور الأرض بالعدل» (1) .

والبعض الآخر اعتبر الحدیث النبوی (الظلم ظلمات یوم القیامة) شاهداً على هذا المعنى (2) .

فیما قال «الزمخشری» فی تفسیره الکشاف: (وأشرقت الأرض بما یقیمه فیها من الحق والعدل ویبسطه من القسط فی الحساب ووزن الحسنات والسیئات).

البعض الآخر یعتقد أنّه إشارة إلى نور غیر نور الشمس والقمر، یخلقه الله فی ذلک الیوم خاصّة.

أمّا المفسّر الکبیر العلاّمة الطباطبائی أعلى الله مقامه الشریف صاحب تفسیر المیزان فقد قال: إنّ المراد من إشراق الأرض بنور ربّها هو ما یخصّ یوم القیامة من انکشاف الغطاء وظهور الأشیاء بحقائقها وتجلّی الأعمال من خیر أو طاعة أو معصیة أو حق أو باطل للناظرین. وقد استدل العلاّمة الطباطبائی على هذا الرأی بالآیة 22 من سورة (ق) (لقد کنت فی غفلة من هذا فکشفنا عنک غطاءک فبصرک الیوم حدید ). وهذا الإشراق وإن کان عاماً لکل شیء یسعه النور، لکن لمّا کان الغرض بیان ما للأرض وأهلها یومئذ من الشأن، خصّها بالبیان.

وبالطبع فإنّ هذه التفاسیر لا تتعارض فیما بینها، ویمکن القول بصحتها جمیعاً، مع أنّ التّفسیرین الأوّل والثّالث أنسب من غیرهما.

ومن دون شک فإنّ هذه الآیة تتعلّق بیوم القیامة، وإن وجدنا بعض روایات أهل البیت الأطهار (علیهم السلام) تفسّرها على أنّها تعود إلى ظهور القائم المهدی المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشریف، فهی فی الواقع نوع من التطبیق والتشبیه، وتأکید لهذا المعنى، وهو عند ظهور المهدی (عج) تصبح الدنیا نموذجاً حیّاً من مشاهد القیامة، إذ یملأ هذا الإمام بالحق ونائب الرّسول الأکرم وخلیفة الله، الأرض بالعدل إلى الحدّ الذی ترتضیه الحیاة الدنیا.

ونقل (المفضل بن عمر) عن الإمام الصادق (علیه السلام) «إذا قام قائمنا أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة» (3) .

العبارة الثّانیة فی هذه الآیة تتحدّث عن صحائف الأعمال، إذ تقول: (ووضع الکتاب ).

الصحائف التی تتضمن جمیع صغائر وکبائر أعمال الإنسان، وکما یقول القرآن المجید فی الآیة 49 من سورة الکهف (لا یغادر صغیرة ولا کبیرة إلاّ أحصاها ).

وتضیف العبارات التی تتحدّث عن الشهود (وجیء بالنّبیّین والشّهداء ).

فالأنبیاء یحضرون لیسألوا عن أدائهم لمهام الرسالة، کما ورد فی الآیة 6 من سورة الأعراف (ولنسألنّ المرسلین ).

کما یحضر شهداء الأعمال فی محکمة العدل الإلهیّة لیدلوا بشهاداتهم، صحیح أنّ الباریء عزّوجلّ مطّلع على کلّ الاُمور، ولکن للتأکید على مقام العدالة یدعو شهداء الأعمال للحضور فی تلک المحکمة.

ذکر المفسّرون آراء عدیدة بشأن أولئک الشهداء على الأعمال، حیث قال البعض: إنّهم الصالحون والطاهرون والعادلون فی الاُمّة، الذین یشهدون على أداء الأنبیاء لرسالتهم، وعلى أعمال الناس الذین کانوا یعاصرونهم، و(الأئمة المعصومون) هم فی طلیعة شهداء الأعمال.

فی حین یعتقد البعض الآخر بأنّ الملائکة هم الشهداء على أعمال الإنسان، والآیة 21 فی سورة (ق) تعطی الدلیل على هذا المعنى (وجاءت کلّ نفس معها سائق وشهید ).

وقال البعض: إنّ أعضاء بدن الإنسان ومکان وزمان الطاعة والمعصیة هم الذین یشهدون على الإنسان یوم القیامة.

ویبدو أنّ کلمة (شهداء) لها معان واسعة، أشار کلّ مفسّر إلى جانب منها فی تفسیره.

و احتمل البعض أنّها تخصّ «الشهداء» الذین قتلوا فی سبیل الله، ولکن هذا الإحتمال غیر وارد، لأنّ الحدیث هو عن شهداء محکمة العدل الإلهی، ولیس عن شهداء طریق الحق، مع إمکانیة انضمامهم إلى صفوف الشهود.

العبارة الرّابعة تقول: (وقُضى بینهم بالحقّ ).

والخامسة تضیف: (وهم لا یظلمون ).

فمن البدیهیات، عندما یکون الحاکم هو الباریء عزّوجلّ، وتشرق الأرض بنور عدالته، وتعرض صحائف أعمال الإنسان التی تبیّن کلّ صغیرة وکبیرة بدقّة، ویحضر الأنبیاء والشهود والعدول، فلا یحکم الباریء عزّوجلّ إلا بالحق، وفی مثل هذه المحاکم لا وجود للظلم والاستبداد مطلقاً.

العبارة السادسة فی الآیة التالیة أکملت الحدیث بالقول: (ووفّیت کلّ نفس ما عملت ).

إنّ جزاء الأعمال وعواقبها سترد إلیهم، وهل هناک مکافأة ومجازاة أعلى من أن یردّ عمل الإنسان بصورة کاملة إلى الإنسان نفسه (نلفت الإنتباه إلى أنّ کلمة (وفیت) تعنی الأداء بصورة کاملة) ویبقى مرافقاً له إلى الأبد.

فالذی یتمکن من تنفیذ مثل هذه المناهج العادلة بدقّة، هو الذی أحاط علمه بکل

شیء، لهذا فإنّ العبارة السابعة والأخیرة فی هذا البحث تقول: (وهو أعلم بما یفعلون ).

إذن فلا حاجة حتى للشهود، لأنّ الله هو أعلم من کلّ أولئک الشهود، ولکن لطفه وعدله یقتضیان إحضار الشهود، نعم فهذا هو مشهد یوم القیامة، فلیستعد الجمیع لذلک الیوم.


1. بحار الانوار، ج 6، ص 321.
2. تفسیر روح المعانی، وتفسیر روح البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
3. إرشاد المفید، والخبر ذاته فی تفسیر الصافی وتفسیر نورالثقلین فی ذیل الآیات مورد البحث، ونفس المعنى، ورد فی ج 52، ص 330 من بحار الأنوار للمرحوم العلاّمة المجلسی، مع شیء من الاختصار.
سورة الزّمر / الآیة 69 ـ 70 سورة الزّمر / الآیة 71 ـ 72
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma