الحمد لله الذی أذهب عنّا الحزن:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 33 ـ 35 سورة فاطر / الآیة 36 ـ 38

هذه الآیات فی الحقیقة نتیجة لما ورد ذکره فی الآیات الماضیة، یقول تعالى: (جنّات عدن یدخلونها ) (1) .

«جنّات» جمع «جنّة» بمعنى (الروضة) وکلّ بستان ذی شجر یستر بأشجاره الأرض.

و «عدن» بمعنى الإستقرار والثبات، ومنه سمّی المعدن لأنّه مستقر الجواهر والمعادن. وعلیه فإنّ «جنّات عدن» بمعنى «جنّات الخلد والدوام والإستقرار».

على کلّ حال فإنّ هذا التعبیر یشیر إلى أنّ نعم الجنّة العظیمة خالدة وثابتة، ولیست کنعم الدنیا ممزوجة بالقلق الناجم عن زوالها وعدم دوامها، وأهل الجنّة لیست لهم جنّة واحدة، بل جنّات متعدّدة تحت تصرّفهم.

ثمّ تشیر الآیة إلى ثلاثة أنواع من نعم الجنّة، بعضها إشارة إلى جانب مادّی وبعضها الآخر إلى جانب معنوی وباطنی، وبعض أیضاً یشیر إلى عدم وجود أی نوع من المعوّقات، فتقول الآیة: (یحلّون فیها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فیها حریر ).

فهؤلاء لم یلتفتوا فی هذه الدنیا إلى بریقها وزخرفها، ولم یجعلوا أنفسهم أسرى لزبرجها، ولم یکونوا أسرى التفکیر باللباس الفاخر، والله سبحانه وتعالى یعوّضهم عن کلّ ذلک، فیلبسهم فی الآخرة أفخر الثیاب.

هؤلاء زیّنوا حیاتهم الدنیا بالخیرات، فزیّنهم الله سبحانه وتعالى فی یوم تجسّد الأعمال یوم القیامة بأنواع الزینة.

لقد قلنا مراراً بأنّ الألفاظ التی وضعت لهذا العالم المحدود لا یمکنها أن توضّح مفاهیم ومفردات عالم القیامة العظیم، فلأجل بیان نِعم ذلک العالم الآخر نحتاج إلى حروف اُخرى وثقافة اُخرى وقاموس آخر، على أیّة حال، فلأجل توضیح صورة وإن کانت باهتة عن النعم العظیمة فی ذلک العالم لابدّ لنا أن نستعین بهذه الألفاظ العاجزة.

بعد ذکر تلک النعمة المادیّة، تنتقل الآیة مشیرة إلى نعمة معنویة خاصّة فتقول: (وقالوا الحمد لله الذی أذهب عنّا الحزن ).

فهؤلاء یحمدون الله بعد أن أصبحت تلک النعمة العظیمة من نصیبهم، وتلاشت عن حیاتهم جمیع عوامل الغمّ والحسرة ببرکة اللطف الإلهی، وتبدّدت سحب الهمّ المظلمة عن سماء أرواحهم، فلا خوف من عذاب إلهی، ولا وحشة من موت وفناء، ولا قلق، ولا أذى الماکرین، ولا إضطهاد الجبابرة القساة الغاصبین.

اعتبر بعض المفسّرین ذلک الغمّ والحسرة إشارة إلى نظیر ما یتعرّض له فی الدنیا، واعتبره البعض الآخر إشارة إلى الحسرة فی المحشر على نتائج أعمالهم، ولا تضادّ بین هذین التّفسیرین، ویمکن جمعهما فی إطار المفهوم العام للآیة.

«الحزن»: (على وزن عدم)، و«الحزن» ـ على وزن عُسر ـ کلیهما لمعنىً واحد کما ذهب إلیه أرباب اللغة، وأصله الوعورة والخشونة فی الأرض واطلق على الخشونة فی النفس لما یحصل فیها من الغمّ ویضادّه الفرح (2) .

ثمّ یضیف أهل الجنّة هؤلاء (إنّ ربّنا لغفور شکور ).

فبغفرانه أزال عنّا حسرة الزلاّت والذنوب، وبشکره وهبنا المواهب الخالدة التی لن یلقى علیها الغمّ بظلاله المشؤومة. غفر وستر بغفرانه الکثیر الکثیر من ذنوبنا، وبشکره أعطانا الکثیر الکثیر على أعمالنا البسیطة القلیلة القلیلة!

أخیراً تنتقل الآیة مشیرة إلى آخر النعم، وهی عدم وجود عوامل الإزعاج والمشقّة والتعب والعذاب، فتحکی عن ألسنتهم (الذی أحلّنا دار المقامة من فضله لا یمسّنا فیها نصب ولا یمسّنا فیها لغوب ).

الدار الآخرة هناک دار إقامة لا کما فی الدنیا حیث إنّ الإنسان ما أن یألف محیطه ویتعلّق به حتى یقرع له جرس الرحیل! هذا من جانب... ومن جانب آخر فمع أنّ العمر هناک متّصل بالأبد، إلاّ أنّ الإنسان لا یصیبه الملل أو الکلل، أو التعب أو النصب مطلقاً، لأنّهم فی کلّ آن أمام نعمة جدیدة، وجمال جدید.

«النصب» بمعنى التعب، و«اللغوب» بمعنى التعب والنصب أیضاً. هذا على ما تعارف علیه أهل اللغة والتّفسیر، فی حین أنّ البعض فرّق بین اللفظتین فقال بأنّ (النصب) یطلق على المشاقّ الجسمانیة، و«اللغوب» یطلق على المشاقّ الروحیة (3) ، أو أنّه الضعف والنحول الناجم عن المشقّة والألم، وبذا یکون «اللغوب» ناجماً عن «النصب» (4) .

وبذا فلا وجود هناک لعوامل التعب والمشقّة، سواء کانت نفسیة أو جسمانیة.


1. ( جنّات عدن ): یمکن أن تکون خبراً لمبتدأ محذوف تقدیره «جزائهم» أو «اُولئک لهم جنّات عدن»، نظیر الآیة 31 ـ سورة الکهف بعضهم أیضاً قال: إنّها (بدل) عن «الفضل الکبیر»، ولکن باعتبار أنّ «الفضل الکبیر» إشارة إلى میراث الکتاب السماوی، فلا یمکن أن تکون «جنّات» بدلا عنها، إلاّ إذا اعتبرنا المسبّب فی مقام السبب.
2. مفردات الراغب.
3. اُنظر تفسیر روح المعانی، ج 22، ص 184.
4. المصدر السابق.
سورة فاطر / الآیة 33 ـ 35 سورة فاطر / الآیة 36 ـ 38
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma