الملائکة المستعدّة لتنفیذ المهام:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 1 ـ 5 سورة الصافات / الآیة 6 ـ 10

هذه السورة هی أوّل سورة فی القرآن الکریم تبدأ بالقسم، القَسَم الملیء بالمعانی والمثیر للتفکّر، القَسم الذی یجوب بفکر الإنسان فی آفاق و أجواء هذا العالم، ویجعله متهیّئاً لتقبّل الحقائق.

من المسلّم به أنّ الله تبارک وتعالى هو أصدق الصادقین، ولیس بحاجة إلى القسم، إضافةً إلى أنّ قَسمه إن کان للمؤمنین، فإنّهم مؤمنون به من دون قسم، وإن کان للناکرین، فإنّ اُولئک لا یعتقدون بالقسم الإلهی.

ونلفت الإنتباه إلى نقطتین لحلّ مشکلة القسم فی کلّ آیات القرآن التی سنتناولها من الآن فما بعد.

الاُولى: أنّ القَسَم یأتی دائماً بالنسبة إلى اُمور مهمّة وذات قیمة، ولذلک فإنّ أقسام القرآن تشیر إلى عظمة وأهمیّة الأشیاء المقسم بها، وهذا الأمر یدعو إلى التفکّر أکثر بالشیء المقسم به، التفکّر الذی یکشف للإنسان عن حقائق جدیدة.

الثانیة: أنّ القسم یأتی للتأکید، وللدلالة على أنّ الاُمور التی یقسم من أجلها هی اُمور جدیّة ومؤکّدة.

وعلاوةً على ذلک أنّ المتحدّث لو تحدّث بصورة حازمة ومؤکّدة، فإنّ تأثیر کلامه من الناحیة النفسیة سیکون أوقع على قلب المستمع، کما أنّه یقوّی المؤمنین ویضعّف الکافرین.

على کلّ حال، فإنّ بدایة هذه السورة تذکر أسماء ثلاثة طوائف أقسم بها الله تعالى (1) .

الاُولى: (والصافات صفّاً ).

الثانیة: (فالزاجرات زجراً ).

الثالثة: (فالتالیات ذکراً ).

فمن هی تلک الطوائف الثلاث؟ وعلى من أطلقت تلک الصفات؟ وما الهدف النهائی منها؟

المفسّرون قالوا الکثیر بهذا الشأن، إلاّ أنّ المعروف والمشهور هو أنّ هذه الصفات تخصّ طوائف من الملائکة...

طوائف اصطفّت فی عالم الوجود بصفوف منظمة، وهی مستعدّة لتنفیذ الأمر الإلهی.

وطوائف من الملائکة تزجر بنی آدم عن إرتکاب المعاصی والذنوب، وتحبط وساوس الشیاطین فی قلوبهم، أو الملائکة الموکّلة بتسییر السحاب فی السماء وسوقها نحو الأرض الیابسة لإحیائها.

وأخیراً طوائف من الملائکة تتلو آیات الکتب السماویة حین نزول الوحی على الرسل (2) .

وممّا یلفت النظر أنّ «الصافات» هی جمع کلمة «صافّة» وهی بدورها تحمل صفة الجمع أیضاً، وتشیر إلى مجموعة مصطفّة، إذن فـ «الصافات» تعنی الصفوف المتعدّدة (3) .

وأمّا کلمة «الزاجرات» فإنّها مأخوذة من (الزجر) ویعنی الصرف عن الشیء بالتخویف والصراخ، وبمعنى أوسع فإنّها تشمل کلّ منع وطرد وزجر للآخرین.

إذن فالزاجرات تعنی مجامیع مهمّتها نهی وصرف وزجر الآخرین.

و «التالیات» من (التلاوة) وهی جمع کلمة (تال) وتعنی طوائف مهمّتها تلاوة شیء م (4) .

ونظراً لکثرة وإتّساع مفاهیم هذه الألفاظ، فلیس من العجب أن یطرح المفسّرون تفاسیر مختلفة لها دون أن یناقض بعضها الآخر، بل من الممکن أیضاً أن تجتمع لتوضیح مفهوم هذه الآیات، فمثلا المقصود من کلمة «الصافات» هو صفوف الملائکة المستعدّة لتنفیذ الأوامر الإلهیّة فی عالم الخلق، أو الملائکة النازلون بالوحی إلى الأنبیاء فی عالم التشریع، وکذلک صفوف المقاتلین والمجاهدین فی سبیل الله، أو صفوف المصلّین والعباد.

رغم أنّ القرائن تشیر إلى أنّ المراد من کلمة «الصافات» هو الملائکة، إضافةً إلى أنّ بعض الروایات قد أشارت إلى ذلک المعنى (5) .

ولیس هناک أی مانع من أن تشمل کلمة «الزاجرات» الملائکة الذین یطردون وساوس الشیاطین من قلوب بنی آدم، والإنسان الذی یؤدّی واجب النهی عن المنکر.

و «التالیات» إشارة إلى کلّ الملائکة والجماعات المؤمنة التی تتلو آیات الله، وتلهج بذکره تبارک وتعالى على الدوام.

هنا یطرح هذا السؤال: ظاهر هذه الآیات ـ وبمقتضى وجود العطف بحرف (الفاء) بین الجمل الثلاث ـ یبیّن أنّ الطوائف الثلاث جاءت الواحدة بعد الاُخرى، فهل أنّ هذا الترتیب جاء بحکم الواجب المترتّب على کلّ طائفة؟ أم کلّ حسب مقامه؟ أم لکلا الأمرین؟

من الواضح أنّ الإصطفاف والإستعداد قد جاءا کمرحلة اُولى، ثمّ جاءت ـ کمرحلة ثانیة ـ عملیة إزالة العراقیل من الطریق، أمّا إعلان الأوامر وتنفیذها فقد کانت بمثابة المرحلة الثالثة.

ومن جهة اُخرى فإنّ المستعدّین لتنفیذ الأوامر الإلهیّة لهم مرتبة، والذین یزیلون العراقیل لهم مرتبة أعلى، أمّا الذین یتلون الأوامر وینفّذونها فلهم مرتبة أسمى من الجمیع.

على أیّة حال فإنّ قَسم الله سبحانه وتعالى بتلک الطوائف یوضّح عظم منزلتهم عند الباری عزّوجلّ، ویشیر إلى حقیقة مفادها أنّ سالکی طریق الحقّ علیهم للوصول إلى غایتهم أن یجتازوا تلک المراحل الثلاث والتی تبدأ بتنظیم الصفوف ووقوف کلّ مجموعة فی الصفّ المخصّص لها، ومن ثمّ العمل على إزالة العراقیل من الطریق، ورفع الموانع بالصوت العالی، الصوت الذی یتناسب مع مفهوم الزجر، ومن بعد تلاوة الآیات الإلهیّة والأوامر الربّانیة على القلوب المتهیّئة لتنفیذ مضامین تلک الأوامر.

فالمجاهدون السالکون لطریق الحقّ لیس أمامهم من سبیل سوى اجتیاز تلک المراحل الثلاث، وبنفس الصورة على العلماء العاملین أن یستوحوا فی جهودهم الجماعیة ذلک البرنامج.

وممّا یذکر أنّ بعض المفسّرین فسّروا الآیات على أنّها تعود على المجاهدین، والبعض الآخر أکّد عودتها على العلماء، ولکن حصر مفهوم الآیات بالمجاهدین والعلماء فقط مستبعد بعض الشیء، وإن اُعطیت الآیات طابعاً عامّاً فإنّها ستکون أقرب للواقع، وإذا اعتبرناها تخصّ الملائکة فإنّ الآخرین یمکنهم تنظیم حیاتهم وفق مناهج الملائکة.

أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) عندما یصف بخطبته فی نهج البلاغة الملائکة، فإنّه یقسّمهم إلى مجموعات مختلفة، ویقول: «وصافون لا یتزایلون، ومسبّحون  لا یسأمون، لا یغشاهم نوم العیون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسیان، ومنهم اُمناء على وحیه، وألسنة إلى رسله» (6) .

أمّا آخر حدیثنا عن الآیات الثلاث هذه، فهو أنّ البعض یعتقد بأنّ القسم فی هذه الآیات یعود إلى ذات الله، وکلمة (ربّ) مقدّرة فی جمیع تلک الآیات، حیث یکون المعنى کالتالی: وربّ الصافات صفّاً، وربّ الزاجرات زجراً، وربّ التالیات ذکراً.

والذین فسّروا الآیات على هذا النحو، فالظاهر أنّهم یعتقدون بأنّ العباد لا یحقّ لهم القسم بغیر الله، لذا فإنّ الله لا یقسم إلاّ بذاته، إضافةً إلى أنّ القسم یجب أن یکون بشیء مهمّ، ألا وهو ذات الله المقدّسة.

إلاّ أنّ هؤلاء غفلوا عن هذه الحقیقة، وهی أنّ حساب الله لا علاقة له بالعباد، فالله تعالى ـ من أجل توجیه الإنسان ـ یقسم بآیات «الآفاق» و«الأنفس» ودلائل قدرته فی الأرض والسماء، وذلک لکی یتفکّر الإنسان بتلک الآیات، وعن طریقها یعرف ربّه.

وجدیر بالذکر أنّ بعض آیات القرآن المجید، ومنها آیات سورة الشمس تقسم بموجودات الکون إلى جانب القسم بذات الله المقدّسة، إذن فالتقدیر هنا غیر سدید، إذ یقول القرآن الکریم: (والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سوّاها ) (7) .

على أیّة حال، فإنّ ظاهر الآیات ـ محلّ البحث ـ یدلّ على أنّ المجموعات الثلاث هی المقسم بها، وتقدیر الشیء هنا خلاف للظاهر، ولا یمکن قبوله بغیر دلیل.

الآن نرى ما هو المراد من هذه الأقسام المفعمة بالمعانی، أی القسم بالملائکة والإنس؟

الآیة التالیة توضّح ذلک وتقول: (إنّ إلهکم لواحد ).

قسم بتلک المقدّسات التی ذکرناها فإنّ الأصنام ستزول وتدمّر، وإنّه لیس هناک من شریک ولا شبیه ولا نظیر لله سبحانه وتعالى.

ثمّ یضیف (ربّ السماوات والأرض وما بینهما وربّ المشارق ).

وهنا نطرح سؤالین:

ما هی الضرورة لذکر «المشارق» بعد ذکر السماوات والأرض وما بینهما، رغم أنّ المشارق هی جزء منهما؟

الجواب: ویتّضح الجواب من خلال الإلتفات إلى هذه النقطة وهی: إنّ المراد من «المشارق» هو الإشارة إلى مواقع شروق الشمس فی أیّام السنة، أو إلى مشارق النجوم المختلفة فی السماء، حیث إنّها جمیعاً لها نظام وبرنامج خاصّ بها، إضافةً إلى النظام السماوی والأرضی الذی یوضّح العلم والقدرة والتدبیر المطلق للخالق.

فالشمس فی کلّ یوم تشرق من مکان غیر المکان الذی أشرقت منه قبل یوم أو بعد یوم، والفواصل الموجودة بین هذه النقاط منظمة ودقیقة للغایة، حیث إنّها  لا تزید ولا تقلّ بمقدار 10001 من الثانیة، وهذا التنظیم الدقیق موجود منذ ملایین السنین.

 

کما أنّ هذا النظام ینطبق على ظهور وغروب النجوم.

إضافةً إلى ذلک فإنّ الشمس لو لم تکن تتحرّک ضمن مسیر تدریجی طوال العام، لم یعد هناک وجود للفصول الأربعة وللنعم المختلفة التی تظهر خلال تلک الفصول، وهذا دلیل آخر على عظمة وتدبیر الخالق عزّوجلّ.

ومن المعانی الاُخرى لکلمة «المشارق»، هو أنّ الأرض لکونها کرویة الشکل، فإنّ کلّ نقطة علیها تعتبر بالنسبة إلى النقطة الاُخرى إمّا مشرقاً أو مغرباً، وبهذا فإنّ الآیة تؤکّد کرویة الأرض ووجود المشارق والمغارب (ولا مانع من تحقّق المعنیین فی الآیة المذکورة).

2- أمّا السؤال الثانی الذی یطرح نفسه فهو: لماذا لم تأت کلمة «مغارب» فی الآیة فی مقابل «المشارق» کما جاء فی الآیة 40 من سورة المعارج (فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب

الجواب: والجواب على هذا السؤال، هو أنّ قسماً من الکلام ینسخ قسماً آخر لوجود القرینة، وفی بعض الأحیان یأتیان معاً، وهنا ذکر کلمة «المشارق» قرینة على «المغارب» وهذا التنوّع یوضّح فصاحة القرآن وبلاغته.

فیما قال بعض المفسّرین: إنّ ذکر کلمة (المشارق) یتناسب مع شروق الوحی بواسطة الملائکة (فالتالیات ذکراً ) على قلب النّبی الطاهر (صلى الله علیه وآله) (8) .


1. هذه العبارات الثلاث من جهة هی ثلاثة أقسام، ومن جهة اُخرى هی قسم واحد له ثلاث صفات.
2. بالطبع وردت احتمالات اُخرى فی تفسیر الآیات المذکورة أعلاه، «منها» ما یشیر إلى صفوف جند الإسلام فی ساحات الجهاد، الذین یصرخون بالأعداء ویزجرونهم عن الإعتداء على حرمة الإسلام والقرآن، والذین یتلون کتاب الله دائماً ومن دون أی إنقطاع، وینوّرون قلوبهم وأرواحهم بنور تلاوته، ومنها: أنّ بعض هذه الأوصاف الثلاثة هو إشارة إلى ملائکة إصطفّت بصفوف منظمة، والقسم الآخر یشیر إلى آیات القرآن التی تنهى الناس عن إرتکاب القبائح، والقسم الثالث یشیر إلى المؤمنین الذین یتلون القرآن فی أوقات الصلاة وفی غیرها من الأوقات. ویستبعد الفصل بین هذه الأوصاف، لأنّها معطوفة على بعضها البعض بحرف (الفاء)، وهذا یوضّح أنّها أوصاف لطائفة واحدة.
وقد ذکر العلاّمة «الطباطبائی» فی تفسیره المیزان هذا الاحتمال، فی أنّ الأوصاف الثلاثة هی تطلق على ملائکة مکلّفة بتبلیغ الوحی الإلهی، والإصطفاف فی طریق الوحی لتودیعه، وزجر الشیاطین التی تقف فی طریقه، وفی النهایة تلاوة آیات الله على الأنبیاء.
3. ولا ضیر فی التعبیر عن الملائکة بلفظ الإناث «الصافات والزاجرات والتالیات» لأنّ موصوفها الجماعة، وهی مؤنّث لفظی.
4. ممّا یذکر أنّ بعض اللغویین قالوا بأنّ جمع کلمة (تال) هو (تالیات) وجمع (تالیة) (توال).
5. تفسیر البرهان، ج 4، ص 15; تفسیر الدرّالمنثور، ج 7، ص 77.
6. نهج البلاغة، الخطبة 1.
7. الشمس، 5 ـ 7.
8. تفسیر المیزان، ج 17، ص 122.
سورة الصافات / الآیة 1 ـ 5 سورة الصافات / الآیة 6 ـ 10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma