هذه السورة من السور المکّیة، لذا فهی من حیث النظرة الإجمالیة لها نفس المحتوى العام للسور المکّیة، فهی تتحدّث عن التوحید والمعاد والوحی والقرآن والإنذار والبشارة، ویلاحظ فی هذه السورة أربعة أقسام رئیسیّة:
1ـ تتحدّث السورة أوّلا عن رسالة النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) والقرآن المجید والهدف من نزول ذلک الکتاب السماوی العظیم وعن المؤمنین به، وتستمر بذلک حتى آخر الآیة الحادیة عشرة.
2ـ قسم آخر من هذه السورة یتحدّث عن رسالة ثلاثة من أنبیاء الله، وکیف کانت دعوتهم للتوحید، وجهادهم المتواصل المریر ضدّ الشرک، وهذا فی الحقیقة نوع من التسلیة والمواساة لرسول الإسلام (صلى الله علیه وآله) وتوضیح الطریق أمامه لتبلیغ رسالته الکبرى.
3ـ قسم آخر منها، والذی یبدأ من الآیة 33 وحتى الآیة 44، مملوء بالنکات التوحیدیة الملفتة للنظر، وهو عرض معبّر عن الآیات والدلائل المشیرة إلى عظمة الله فی عالم الوجود، کذلک فإنّ أواخر السورة أیضاً تعود إلى نفس هذا البحث التوحیدی والآیات الإلهیّة.
4ـ قسم مهمّ آخر من هذه السورة، یتحدّث حول المواضیع المرتبطة بالمعاد والأدلّة المختلفة علیه، وکیفیة الحشر والنشر، والسؤال والجواب فی یوم القیامة، ونهایة الدنیا، ثمّ الجنّة والنار، وهذا القسم یتضمّن مطالب مهمّة ودقیقة جدّاً.
وخلال هذه البحوث الأربعة ترد آیات محرّکة ومحفّزة لأجل تنبیه وإنذار الغافلین والجهّال، لها الأثر القوی فی القلوب والنفوس.
الخلاصة، أنّ الإنسان یواجه فی هذه السورة بمشاهد مختلفة من الخلق والقیامة، الحیاة والموت، الإنذار والبشارة، بحیث تشکّل بمجموعها نسخة الشفاء ومجموعة موقظة من الغفلة.