ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 36 ـ 38 1ـ ما هو المقصود من «ذات الصدور»؟

القرآن الکریم یقرن (الوعید) (بالوعود) ویذکر «الإنذارات»، إلى جانب «البشارات» لتقویة عاملی الخوف والرجاء الباعثین للحرکة التکاملیة فی الإنسان، إذ إنّ الإنسان بمقتضى «حبّ الذات» یقع تحت تأثیر غریزتی «جلب المنفعة» و«دفع الضرر».

وعلیه فمتابعة للحدیث الذی کان فی الآیات السابقة عن المواهب الإلهیّة العظیمة وصبر «المؤمنین السابقین فی الخیرات» ینتقل الحدیث هنا إلى العقوبات الألیمة للکفّار، والحدیث هنا أیضاً عن العقوبات المادیة والمعنویة.

تبتدىء الآیات بالقول: (والذین کفروا لهم نار جهنّم )، فکما أنّ الجنّة دار المقامة والخلد للمؤمنین، فإنّ النار أیضاً مقام أبدی للکافرین.

ثمّ تضیف (لا یقضى علیهم فیموتوا ) (1) ، فمع أنّ تلک النار الحامیة وذلک العذاب المؤلم یستطیع القضاء علیهم فی کلّ لحظة، إلاّ أنّهم ولعدم صدور الأمر الإلهی ـ وهو المالک لکلّ شیء ـ بموتهم لا یموتون، یجب أن یبقوا على قید الحیاة لیذوقوا عذاب الله. فالموت بالنسبة إلى هؤلاء لیس سوى منفذ للخلاص من العذاب، لکن الله تعالى أوصد دونهم ذلک المنفذ.

یبقى منفذ آخر هو أن یبقوا على قید الحیاة ویخفّف عنهم العذاب شیئاً فشیئاً، أو أن یزداد تحمّلهم للعذاب فینتج عن ذلک تخفیف العذاب عنهم، ولکن تتمّة الآیة أغلقت هذا المنفذ أیضاً (ولا یخفّف عنهم من عذابها ).

ثمّ تضیف الآیة وللتأکید على قاطعیة هذا الوعد الإلهی (کذلک نجزی کلّ کفور ).

فقد کفر هؤلاء فی بادىء الأمر بنعمة وجود الأنبیاء والکتب السماویة، ثمّ أتلفوا رصیدهم الذی سخّره الله لمساعدتهم على نیل السعادة، نعم، فجزاء الکفّار لیس سوى الحریق والعذاب الألیم، الحریق بالنار التی أشعلوها بأیدیهم فی الحیاة الدنیا واحتطبوا لها من أفکارهم وأعمالهم ووجودهم.

وبما أنّ کلمة «کفور» صیغة مبالغة، فإنّ لها معنى أعمق من «کافر»، علاوة على أنّ لفظة «کافر» تستخدم فی قبال «مؤمن» ولکن «کفور» إشارة إلى اُولئک الذین کفروا بکلّ نعم الله، وأغلقوا علیهم جمیع أبواب الرحمة الإلهیّة فی هذه الدنیا، لذا فإنّ الله یغلق علیهم جمیع أبواب النجاة فی الآخرة.

وتنتقل الآیة التالیة إلى وصف نوع آخر من العذاب الألیم، وتشیر إلى بعض النقاط الحسّاسة فی هذا الخصوص، فتقول الآیة الکریمة: (وهم یصطرخون فیها ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً غیر الذی کنّا نعمل ) (2) .

نعم، فهم بمشاهدة نتائج أعمالهم السیّئة، یغرقون فی ندم عمیق، ویصرخون من أعماق قلوبهم ویطلبون المحال، العودة إلى الدنیا للقیام بالأعمال الصالحة.

التعبیر بـ «صالحاً» بصیغة النکرة إشارة إلى أنّهم لم یعملوا أقلّ القلیل من العمل الصالح، ولازم هذا المعنى أنّ کلّ هذا العذاب والألم إنّما هو لمن لم تکن لهم أیّة رابطة مع الله سبحانه فی حیاتهم، وکانوا غرقى فی المعاصی والذنوب، وعلیه فإنّ القیام بقسم من الأعمال الصالحة أیضاً یمکن أن یکون سبباً فی نجاتهم.

التعبیر بالفعل المضارع «نعمل» أیضاً له ذلک الإشعاع، ویؤیّد هذا المعنى، وهو تأکید أیضاً على «أنّنا کنّا مستغرقین فی الأعمال الطالحة».

قال بعض المفسّرین: إنّ الربط بین وصف «صالحاً» واللاحق لها «کنّا نعمل» یثیر نکتة لطیفة، وهی أنّ المعنى هو «إنّنا کنّا نعمل الأعمال التی عملنا بناءً على تزیین هوى النفس والشیطان، وکنّا نتوهّم أنّها أعمال صالحة، والآن قرّرنا أن نعود ونعمل أعمالا صالحة فی حقیقتها غیر التی ارتکبناها».

نعم فالمذنب فی بادىء الأمر ـ وطبق قانون الفطرة السلیمة ـ یشعر ویشخص قباحة أعماله، ولکنّه قلیلا قلیلا یتطبّع على ذلک فتقل فی نظره قباحة العمل، ویتوغّل أبعد من ذلک فیرى القبیح جمیلا، کما یقول القرآن الکریم: (زیّن لهم سوء أعمالهم ). (3)

وفی مکان آخر یقول تعالى: (وهم یحسبون أنّهم یحسنون صنعاً ). (4)

على کلّ حال، ففی قبال ذلک الطلب الذی یطلبه اُولئک من الله سبحانه وتعالى، یصدر ردّ قاطع عنه سبحانه وتعالى حیث یقول: (أو لم نعمّرکم ما یتذکّر فیه من تذکّر وجاءکم النذیر ) فإذا لم تنتفعوا بکلّ ما توفّر بین أیدیکم من وسائل النجاة تلک ومن کلّ الفرص الکافیة المتاحة (فذوقوا فما للظالمین من نصیر ).

هذه الآیة تصرّح: لم یکن ینقصکم شیء، لأنّ الفرصة اُتیحت لکم بما یکفی، وقد جاءتکم نُذر الله بالقدر الکافی، وبتحقّق هذین الرکنین یحصل الإنتباه والنجاة، وعلیه فلیس لکم أی عذر، فلو لم تکن لکم المهلة کافیة لکان لکم العذر، ولو کانت لکم مهلة کافیة ولم یأتکم نذیر ومرشد ومعلّم فکذلک لکم العذر، ولکن بوجود ذینک الرکنین فما هو العذر؟!

«نذیر» عادةً ترد فی الآیات القرآنیة للإشارة إلى وجود الأنبیاء، وبالأخصّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) ولکن بعض المفسّرین ذکروا لهذه الکلمة هنا معنى أوسع، بحیث تشمل الأنبیاء والکتب السماویة والحوادث الداعیة إلى الإنتباه کموت الأصدقاء والأقرباء، والشیخوخة والعجز، وکما یقول الشاعر:

رأیت الشیب من نذر المنایا *** لصاحبه وحسبک من نذیر (5)

من الجدیر بالملاحظة أیضاً أنّه قد ورد فی بعض الروایات أنّ هناک حدّاً من العمر یعتبر إنذاراً وتذکیراً للإنسان، وذلک بتعبیرات مختلفة، فمثلا فی حدیث عن ابن عبّاس مرفوعاً عن النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «من عمّره الله ستّین سنة فقد أعذر إلیه» (6) .

وعن أمیر المؤمنین علیه أفضل الصلاة والسلام أنّه قال: «العمر الذی أعذر الله فیه إلى ابن آدم ستّون سنة» (7) .

وعن الرّسول (صلى الله علیه وآله) أیضاً أنّه قال: «إذا کان یوم القیامة قیل: أین أبناء الستّین؟ وهو العمر الذی قال الله: (أو لم نعمّرکم ما یتذکّر فیه من تذکّر ) (8) .

ولکن ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: إنّ الآیة «توبیخ لابن ثمانی عشرة سنة» (9) .

طبعاً، من الممکن أن تکون الروایة الأخیرة إشارة إلى الحدّ الأقل، والروایات السابقة إشارة إلى الحدّ الأعلى، وعلیه فلا منافاة بینها، وحتى أنّه یمکن إنطباقها على سنین اُخرى أیضاً ـ حسب التفاوت لدى الأفراد ـ وعلى کلّ حال فإنّ الآیة تبقى محتفظة بسعة مفهومها.

فی الآیة الأخیرة ـ من هذه الآیات ـ یرد الجواب على طلب الکفّار فی العودة إلى الدنیا فتقول الآیة: (إنّ الله عالم غیب السموات والأرض وإنّه علیم بذات الصدور ).

الجملة الاُولى فی الحقیقة دلیل على الجملة الثانیة، أی إنّه کیف یمکن لعالم أسرار السموات والأرض وغیب عالم الوجود أن لا یکون عالماً بأسرار القلوب؟!

نعم، فهو سبحانه وتعالى یعلم أنّه لو استجاب لما طلبه منه أهل جهنّم، وأعادهم إلى الدنیا فسوف یعاودون نفس المسیرة المنحرفة التی کانوا علیها، کما أشارت إلى ذلک الآیة 28 من سورة الأنعام: (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لکاذبون ).

إضافةً إلى ذلک فالآیة تنبیه للمؤمنین على أن یسعوا لتحقیق الإخلاص فی نیّاتهم، وأن لا یأخذوا بنظر الاعتبار غیر الله سبحانه وتعالى، لأنّ أقلّ شائبة فی نوایاهم سیکون معلوماً لدیه وباعثاً لمجازاتهم على قدر ذلک.


1. ( لا یقضى علیهم ) بمعنى لا یحکم علیهم.
2. «یصطرخون» من مادّة «صرخ» بمعنى الصیاح الشدید الذی یطلقه الإنسان من القلب للإستغاثة وطلب النجدة، للتخلّص من الألم أو العذاب أو أی مشکل آخر.
3. التوبة، 37.
4. الکهف، 104.
5. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 410.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 410.
7. المصدر السابق.
8. تفسیر الدرّالمنثور، ج 5، ص 254.
9. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 410.
سورة فاطر / الآیة 36 ـ 38 1ـ ما هو المقصود من «ذات الصدور»؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma