لایغرنّکم الشیطان والدنیا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 4 ـ 7 سورة فاطر / الآیة 8 ـ 10

ینتقل القسم الثانی من هذه المجموعة من الآیات ـ وبعد أن کان الحدیث حول توحید الخالقیة والرازقیة ـ إلى الحدیث فی تفصیل البرامج العملیة للرسول (صلى الله علیه وآله) ویوجّه الخطاب إلیه أوّلا، ثمّ لعموم الناس، وبیان المناهج العملیة لهم بعد تفصیل البرامج العقائدیة سابقاً.

فی البدایة تقدّم الآیات للرسول درس الإستقامة على الصراط السوی، والذی هو أهمّ الدروس له، فتقول الآیة الکریمة: (وإن یکذّبوک فقد کذبت رسل من قبلک ) فهؤلاء الرسل الذین سبقوک قاوموا، ولم یهدأ لهم بال فی أداء رسالتهم، وأنت أیضاً یجب أن تقف بصلابة، وتؤدّی رسالتک، والبقیة بعهدة الله: (وإلى الله ترجع الاُمور ) فهو الناظر والرقیب على کلّ شیء، وسوف یحاسب على جمیع الأعمال.

فهو تعالى لا یتغافل عن المشاق التی تتحمّلها فی هذا الطریق، کما أنّه لن یترک هؤلاء المکذّبین المخالفین المعاندین یمضون دون عقاب، فقد یکون للقلق محلّ لو لم یکن لیوم القیامة وجود، أمّا مع وجود تلک المحکمة الإلهیّة العظیمة، وتلک الکتابة لکلّ أعمال البشر لذلک الیوم العظیم، فأیّ داع للقلق بعد؟

ثمّ تنتقل الآیات لتوضیح أهم البرامج للبشریة، فتقول الآیة الکریمة: (یا أیّها النّاس إنّ

وعد الله حقّ ) فالقیامة والحساب والکتاب والمیزان والجزاء والعقاب والجنّة والنار کلّها وعود إلهیّة لا یمکن أن یُخلفها الله تعالى.

ومع الإنتباه إلى هذه الوعود الحقّة: (فلا تغرنّکم الحیاة الدنیا ولا یغرنّکم بالله الغَرور ) فلا ینبغی أن تخدعکم الحیاة الدنیا، ولا یخدعکم الشیطان بعفو الله ورحمته...

أجل، إنّ عوامل الإثارة، وزخارف الدنیا وزبارجها، إنّما ترید أن تملأ قلوبکم، وتلهیکم عن تلک الوعود الإلهیّة العظیمة، وکذلک فإنّ شیاطین الجنّ والإنس دائمة السعی بوساوسها وإغراءاتها وبمختلف وسائل الخداع والإحتیال، وهی أیضاً ترید إلفات إهتمامکم إلیها، وإلهائکم عن التفکیر فی ذلک الیوم الموعود، فإن تمکّنت أضالیلهم وخدعهم منکم، فقد ضاعت علیکم حیاتکم بأکملها، وکانت سعادتکم وآمالکم نقشاً على الماء، فالحذر الحذر!!

إنّ تکرار التنبیه للناس لکی لا یغترّوا بوساوس الشیاطین أو بزخارف الدنیا ـ فی الحقیقة ـ إشارة إلى أنّ للذنوب طریقین للولوج إلى النفس الإنسانیة:

مظاهر الدنیا الخدّاعة، کالجاه والمقام والمال والکبریاء وأنواع الشهوات.

الإغترار بعفو الله وکرمه، وهنا فإنّ الشیطان یزیّن الدنیا فی نظر الإنسان ویصوّرها له متاعاً مباحاً وجذّاباً ومحبّباً وقیّماً من جهة.

ومن جهة اُخرى فإنّه کلّما أراد الإنسان أن یتذکّر الآخرة ومحکمة العدل الإلهی ومقاومة الجاذبیة الشدیدة للدنیا وخِدعها، فانّه یغریه بعفو الله ورحمته، فیدفعه بالنتیجة إلى التسویف والطغیان وإرتکاب الذنوب. غافلا عن أنّ الله سبحانه مع کونه فی موضع الرحمة، «أرحم الراحمین» فهو تعالى فی موضع العقوبة «أشدّ المعاقبین»، فإنّ رحمته لا یمکن أن تکون أبداً باعثاً على المعصیة، کما أنّ غضبه لا یمکن أن یکون سبباً للیأس والقنوط.

«غَرور» صیغة مبالغة بمعنى الخدّاع أو المضلّل غیر العادی، والظاهر أنّه إشارة إلى جمیع عوامل الإغواء والخداع، کما أنّه قد یکون إشارة إلى خصوص الشیطان. وإن کان المعنى الثانی أکثر مناسبة للآیة الثانیة، خاصّة إذا علمنا أنّ القرآن الکریم نسب «الغرور» إلى الشیطان فی آیات مختلفة.

بعض المفسّرین، لهم تحلیل خاص هنا ملخّصه: أنّ الناس الذین یتعرضون لعوامل الخداع والإغراء ثلاثة أصناف:

صنف ضعیف ولیس له قدرة بحیث إنّه یخدع بأبسط الحیل.

صنف أقوى من الأوّل، لا یخدعون فقط بزخرف الدنیا وزبرجها، بل مع ضمّ وساوس الشیاطین الذین یعملون على تحریک شهواتهم ویهوّنون لهم مفاسد أعمالهم عندها یمکن خداعهم. فالملذّات الدنیویة من جهة، والوساوس الشیطانیة من جهة اُخرى، تدفعهم إلى إرتکاب أعمال قبیحة وسیّئة.

أمّا الصنف الثالث وهو الأقوى والأعلم، فهم لا یغترّون بأنفسهم ولا یمکن لأحد خداعهم.

وجملة (فلا تغرنّکم الحیاة الدنیا ) إشارة إلى الصنف الأوّل، وجملة (ولایغرنّکم بالله الغرور ) إشارة إلى الصنف الثانی، وأمّا الصنف الثالث فهم مصداق قوله: (إنّ عبادی لیس لک علیهم سلطان (1) ) (2) .

الآیة التالیة تنذر وتنبّه جمیع المؤمنین فیما یخصّ مسألة وساوس الشیطان ومکائده والتی تعرّضت لها الآیة السابقة فتقول: (إنّ الشیطان لکم عدو فاتّخذوه عدوّاً ).

تلک العداوة التی شرع بها الشیطان من أوّل یوم خُلق فیه آدم (علیه السلام)، وأقسم حین طرد من قرب الله وجواره بسبب عدم تسلیمه للأمر الإلهی بالسجود لآدم، أقسم وتوعّد بأن یسلک طریق العداء لآدم وبنیه، وحتى أنّه دعا من الله أن یمهله ویطیل فی عمره لذلک الغرض.

وقد التزم بما قال، ولم یفوّت أدنى فرصة لإبراز عدائه وإنزال الضربات بأفراد بنی آدم، فهل یصحّ منکم یابنی آدم أن لا تعتبروه عدوّاً لکم، أو أن تغفلوا عنه ولو لحظة واحدة، فکیف الحال باتّباعه وإقتفاء خطواته، أو تعدونه ولیّاً شفیقاً وصاحباً ناصحاً (أفتتخذونه وذریته أولیاء من دونی وهم لکم عدو ). (3)

مضافاً إلى أنّه عدو یهاجم من کلّ طرف وجانب، فهو نفسه «لعنه الله» یقول: على ما نقله القرآن الکریم: (ثمّ لآتینّهم من بین أیدیهم ومن خلفهم وعن أیمانهم وعن شمائلهم ). (4)

وهو یکمن لکم ویراکم ولا ترونه: (إنّه یراکم هو وقبیله من حیث لا ترونهم ). (5)

ومع ذلک، فهذا لا یعنی أنّکم لا تقدرون على الدفاع عن أنفسکم أمام مکائده ووساوسه، فقد ورد عن أمیر المؤمنین (علیه أفضل الصلوات والسلام): أنّ الله سبحانه وتعالى أوصى موسى (علیه السلام) أربع وصایا وطالبه بحفظها:

اُولاهنّ: ما دمت لاترى ذنوبک تغفر فلا تشتغل بعیوب غیرک!

والثانیة: ما دمت لاترى کنوزی قد نفذت فلا تهتم برزقک!

والثالثة: ما دمت لاترى زوال ملکی فلا ترج أحداً غیری!

والرابعة: ما دمت لاترى الشیطان میتاً فلا تأمن مکره (6) !

على کلّ حال، فقد وردت فی آیات کثیرة الإشارة إلى عداوة الشیطان لبنی آدم، وأطلقت علیه مراراً وتکراراً عبارة (عدوّ مبین ) (7) لذا یجب الحذر الدائم من هذا العدوّ.

فی آخر الآیة یضیف تعالى للتأکید أکثر: (إنّما یدعو حزبه لیکونوا من أصحاب السعیر ).

«حزب» فی الأصل بمعنى الجماعة التی لها فعالیة، ولکنّها تطلق عادةً على کلّ مجموعة تتبع برنامجاً وهدفاً خاصاً.

والمقصود (بحزب الشیطان) أتباعه.

طبیعی أنّ الشیطان لا یمکنه إدخال أیّ أحد من الناس لیکون عضواً رسمیاً فی حزبه ویقوده إلى جهنّم، فأعضاء حزبه هم الذین یتّصفون بالصفات المذکورة فی بعض الآیات القرآنیة.

* فهم الذین طوّقوا أنفسهم بطوق العبودیة للشیطان (إنّما سلطانه على الذین یتولّونه ). (8)

* وهم الذین (استحوذ علیهم الشیطان فأنساهم ذکر الله اُولئک حزب الشیطان ألا إنّ حزب الشیطان هم الخاسرون ). (9)

والملفت للنظر أنّ القرآن الکریم ذکر «حزب الله» فی ثلاثة مواضع وکذلک ذکر «حزب الشیطان» فی ثلاثة مواضع أیضاً، حتى یتّضح من الذین ینضمّون إلى حزب الله، ومن هم أعضاء حزب الشیطان؟

ولکن من الطبیعی أنّ الشیطان یدعو حزبه إلى المعاصی والذنوب ولوث الشهوات إلى الشرک والطغیان والإضطهاد، وبالنتیجة إلى جهنّم وبئس المصیر.

وسوف نستوفی الشرح حول خصائص «حزب الله» وخصائص «حزب الشیطان» فی تفسیر الآیة 22 من سورة «المجادلة» إن شاء الله.

آخر آیة من هذه الآیات توضّح عاقبة «حزب الله» السعیدة وخاتمة «حزب الشیطان» المریرة، فتقول: (الذین کفروا لهم عذاب شدید والذین آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر کبیر ).

من الجدیر بالملاحظة هنا أنّ القرآن الکریم اکتفى بذکر «الکفر» کسبب لإستحقاق العذاب، ولکنّه لم یکتف بذکر (الإیمان) وحده کسبب «للمغفرة والأجر الکبیر» بل أردف مضیفاً له «العمل الصالح». لأنّ الکفر وحده یکفی للخلود فی عذاب السعیر، بینما الإیمان بدون العمل لا یکفی لتحقیق النجاة، فإنّهما مقترنان.

وقد ورد فی الآیة ذکر (المغفرة) ثمّ ذکر «الأجر الکبیر» بعدها، باعتبار أنّ (المغفرة) تغسل المؤمنین فی البدء وتهیؤهم لتلقّی «الأجر الکبیر».


1. حجر، 42.
2. التفسیر الکبیر، ج 26، ص 5.
3. الکهف، 50.
4. الأعراف، 17.
5. الأعراف، 27.
6. سفینة البحار، ج 1، ص 501، مادّة ربع.
7. لاحظ الآیات 161 و208 من سورة البقرة، والآیة 142 من سورة الأنعام، والآیة 22 من سورة الأعراف، والآیة 5 سورة یوسف، والآیة 60 سورة یس، والآیة 62 من سورة الزخرف.
8. النحل، 100.
9. المجادلة، 19.
سورة فاطر / الآیة 4 ـ 7 سورة فاطر / الآیة 8 ـ 10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma