التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 80 1ـ شجر أخضر لماذا؟

تتابع هذه الآیة البحوث المختلفة حول المعاد والإشارات العمیقة المعنى حول مسألة إمکان المعاد ورفع أی إستبعاد لذلک، والآیة أعلاه شرح أوسع وأوضح حول هذه المسألة، تقول: (الذی جعل لکم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ) ویا له من تعبیر رائع ذلک الذی کلّما دقّقنا فیه أفاض علینا معانی أعمق وأدقّ؟!

وکما نعلم فإنّ الآیات القرآنیة لها معان متعدّدة من أبعاد مختلفة، فبعض معانیها واضح للغالبیة من الناس فی کلّ زمان ومکان، وبعضها عمیق یختّص بفهمه البعض، وأخیراً فإنّ بعضها الآخر یتمثّل فیه العمق الذی لا یستطیع سبر غوره إلاّ الخواص من العبّاد، وفی نفس الوقت فإنّ تلک المعانی لا تنافی بعضها البعض، بل إنّها تجمع کلّها فی قالب واحد وفی آن واحد. والآیة مورد البحث هکذا تماماً.

التّفسیر الأوّل الذی قال به الکثیر من المفسّرین القدماء. وهو بسیط وواضح یمکن فهمه وإستیعابه من قبل الغالبیة وهو: أنّ المراد هو شجر «المرخ والعفار» الذی کان العرب قدیماً یأخذون منهما على خضرتهما، فیجعل العفار زنداً أسفل ویجعل المرخ زنداً أعلى، فیسحق الأعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله. وفی الواقع فهو یمثّل الکبریت فی عصرنا الحالی. والله سبحانه وتعالى یرید القول بأنّ الذی یستطیع إشعال النار من هذا الشجر الأخضر له القدرة على إلباس الموتى لباس الحیاة.

فالماء والنار شیئان متضادّان، فمن یستطیع جعلهما معاً فی مکان واحد، قادر على جعل الحیاة والموت معاً فی مکان واحد. فالذی یخلق (النار) فی قلب (الماء) و(الماء) فی قلب (النار) فمن المسلّم أنّ إحیاء بدن الإنسان المیّت  لا یشکّل بالنسبة له أدنى صعوبة.

وإذا خطونا خطوة أبعد من هذا التّفسیر فسوف نصل إلى تفسیر أدقّ وهو: أنّ خاصیّة تولید النار بواسطة خشب الأشجار، لا تنحصر بخشب شجرتی «المرخ والعفار» بل إنّ هذه الخاصیة موجودة فی جمیع الأشجار وجمیع الأجسام الموجودة فی هذا العالم وإن کان لشجرتی المرخ والعفار ـ لتوفّر خصائص فیها ـ إستعداد أکثر من غیرهما على هذا الأمر.

خلاصة القول، إنّ جمیع خشب الأشجار إذا حُکّ ببعضه بشکل متواصل فإنّه سیطلق شرر النار وحتى (خشب الشجر الأخضر).

لهذا السبب تقع فی بعض الأحیان حرائق هائلة فی بعض الغابات الملیئة بالأشجار، لا یعرف لها سبب من قبل الإنسان، إلاّ أنّ هبوب الریح الشدیدة التی تضرب أغصان الأشجار ببعضها بشدّة ممّا یؤدّی إلى إنقداح شرر منها یؤدّی إلى إشتعال النار فیها، وتساعد الریح الشدیدة على سرعة إنتشارها، فالعامل الأصلی کان تلک الشرارة الناتجة عن الإحتکاک.

هذا التّفسیر الأوسع، هو الذی یوضّح عملیة جمع الأضداد فی الخلق. ویفسّر مفهوم وجود (البقاء) فی (الفناء) وبالعکس.

لکن ثمّة تفسیر ثالث یعتبر أعمق بکثیر من التّفسیرین السابقین. والذی ظهر إلى الواقع نتیجة جهود العلماء فی عصرنا الحاضر وقد اخترنا أن نطلق علیه تسمیة «إنبعاث الطاقة».

وتوضیح ذلک کما یلی: إنّ من أهمّ الوظائف التی تقوم بها النباتات هی عملیة «الترکیب الضوئی» والتی تعتمد أساساً على أخذ غاز «ثانی اُوکسید الکربون» من الهواء، والإفادة منه بواسطة «المادّة الخضراء» أو ما یسمّى «بالکلورفیل» لصنع الغذاء بمساعدة الماء وضوء الشمس. ذلک الغذاء الذی یؤدّی إلى تکوّن حلقات السلیلوز فی النباتات من ذوات الفلقتین، ویکون ناتج عملیة الترکیب الضوئی الأوکسجین الذی یطلق فی الهواء مرّة اُخرى.

ولو نظرنا إلى العملیة بطریقة اُخرى فإنّ النباتات تأخذ الغاز (ثانی أوکسید الکاربون) وتجزّئه أثناء عملها لتحتفظ بالکاربون مرکّباً مع غیره من الماء لتکوّن الخشب وتطلق الأوکسجین.

والمهمّ هنا أنّ العلماء یقولون: بأنّ أیّة عملیة ترکیب کیمیاوی تحتاج إلى طاقة ما لکی یتمّ ذلک التفاعل الکیمیاوی، أو أنّ ذلک التفاعل یؤدّی إلى إطلاق طاقة کناتج عنه، وبناءً علیه فإنّ التفاعل الذی یتمّ نتیجة الترکیب الضوئی إنّما یستفید من الشمس کمصدر للطاقة لإتمام التفاعل.

وعلیه فالشجرة إنّما تقوم بإدّخار هذه الطاقة فی الخشب الذی یتکوّن نتیجة لهذه العملیة. وعندما نقوم نحن بحرق هذا الخشب فإنّنا إنّما نقوم بإطلاق عقال هذه الطاقة المدّخرة. وبذا فإنّنا نقوم بإعادة ترکیب (الکاربون) مع (الأوکسجین) لینتج (ثانی أوکسید الکاربون) الذی ینطلق فی الهواء مرّة اُخرى، بالإضافة إلى بخار الماء.

ولو تحدّثنا بلغة اُخرى لقلنا: إنّ تلک الحرارة الناجمة عن إشتعال الحطب فی المواقد البیتیة القرویة أو مواقد الفحم التی نستعملها فی بیوتنا أحیاناً للتدفئة فی فصل الشتاء، هی فی الحقیقة حرارة ونور الشمس التی ادّخرت فی خشب هذه الأشجار لسنوات، وما جمعته الشجرة على مدى عمرها من الشمس تعیده دفعةً واحدة بدون نقص.

ویقال إنّ کلّ الطاقات فی الکرة الأرضیة تعود إلى الشمس أساساً، وواحد من مظاهره ما ذکرنا.

وهنا وحیث بلغنا «إنبعاث الطاقات» نلاحظ أنّ النور والحرارة المبعثرة فی الجو والتی تقوم الأشجار بجمعها فی أخشابها لتنمو فإنّها لا تفنى أبداً، بل إنّها تتبدّل شکلا. وتختفی بعیداً عن أعیننا فی کلّ ذرّة من ذرّات الخشب، وعندما نقوم بإیقاد النار بقطعة من الحطب، فإنّ إنبعاثها یبدأ، وجمیع ما کان فی ذرّات الخشب من النور والحرارة وطاقة الشمس، فی تلک اللحظة ـ لحظة الحشر والنشر ـ تظهر من جدید. بدون أن ینقص منه حتى بمقدار إضاءة شمعة واحدة (تأمّل بدقّة).

لا شکّ أنّ هذا المعنى کان خافیاً على عوام الناس حین نزول الآیة، ولکن ـ کما قلنا ـ فإنّ هذا الموضوع لا یشکّل أدنى مشکلة، لأنّ آیات القرآن لها معان متعدّدة وعلى مستویات مختلفة، لإستعدادات متفاوتة، ففی یوم یفهم من الآیة معنى، والیوم یفهم منها معنى أوسع، ویمکن أنّ الأجیال القادمة تفهم منها معنى أوسع وأعمق، وفی نفس الوقت فکلّ هذه المعانی صحیحة ومقبولة بشکل کامل ومجموعة کلّها فی معنى الآیة.

سورة یس / الآیة 80 1ـ شجر أخضر لماذا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma