إنّما أنا نذیر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة ص / الآیة 65 ـ 70 سورة ص / الآیة 71 ـ 83

البحوث السابقة التی تناولت موضوع العقاب الألیم الذی سینال أهل جهنّم، والاُخرى التی إستعرضت العذاب والعقاب الدنیوی الذی نزل بالاُمم الظالمة البائدة، کلّها کانت تحمل طابع إنذار وتهدید للمشرکین والعاصین والظالمین.

أمّا آیات بحثنا فتتابع ذلک البحث، إذ جاء فی اُولى آیاتها (قل إنّما أنا منذر ).

صحیح أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) مبشّر أیضاً، وأنّ القرآن الکریم یحوی کلا الأمرین، أی الإنذار والبشرى، ولکن بما أنّ البشرى تخصّ المؤمنین فإنّ الإنذار یخصّ المشرکین والمفسدین، والحدیث هنا یخصّ المجموعة الأخیرة، وإعتمد فیه على الإنذار.

ثمّ یضیف (وما من إله إلاّ الله الواحد القهّار ).

کلمة (القهّار) وردت فی هذه العبارة، کی لا یغترّ أحد بلطف الله، ویظنّ أنّه یعیش فی مأمن من قهر الله، ولکی لا یغرق فی مستنقع الکفر وإرتکاب الذنب.

وتطرح دلائل توحید الخالق جلّ وعلا فی الاُلوهیّة والعبودیّة بشکل مباشر، وتضیف (ربّ السّماوات والأرض وما بینهما العزیز الغفّار ).

فی الواقع هناک ثلاث صفات من صفات الباریء عزّوجلّ ذکرت فی هذه الآیة، وکلّ واحدة منها جاءت لإثبات مفهوم ما.

الصفة الاُولى «ربوبیته» لعالم الوجود، ومالکیته لکلّ هذا العالم، المالک المدبّر لشؤون عالم الوجود، فهو الوحید الذی یستحقّ العبادة والأصنام لا تملک من اُمورها شیئاً ولو بمقدار ذرّة.

والصفة الثانیة (عزّته) وکما هو معروف فإنّ کلمة (العزیز) تطلق فی اللغة على من لا یغلب، وعلى من بإمکانه فعل ما یشاء، وبعبارة اُخرى: هو الغالب الذی  لا یمکن لأحد التغلّب علیه.

فمن یمتلک مثل هذه القدرة کیف یمکن الفرار من قبضة قدرته؟! وکیف یمکن النجاة من عذابه؟!

الصفة الثالثة هی (غفّار) وکثیر الرحمة، بحیث إنّ أبواب رحمته مفتوحة أمام المذنبین، کی لا یتصوّروا أنّ کلمتی (القهّار والعزیز) تعطیان مفهوم غلق أبواب الرحمة والتوبة أمام عباده. إذ إنّ إحداهما جاءت لبیان (الخوف) والثانیة لبیان (الرجاء)، وإنعدام حالة التوازن بین الحالتین السابقتین (أی الخوف والرجاء) یؤدّی إلى عدم تکامل الإنسان، وإبتلائه بالغرور والغفلة والغرق فی دوّامة الیأس وفقدان الأمل.

وبعبارة اُخرى فإنّ وصف الباری عزّوجلّ بـ (العزیز) و(الغفّار) دلیل آخر على توحّده تعالى فی الاُلوهیة، لأنّه الوحید الذی یستحقّ العبادة والطاعة، وإضافة إلى ربوبیته فإنّه یمتلک القدرة على المعاقبة، وإضافةً إلى إمتلاکه للقدرة على المعاقبة، فإنّ أبواب رحمته ومغفرته مفتوحة للجمیع.

ثمّ یخاطب الباریء عزّوجلّ نبیّه الأکرم فی عبارة قصیرة وقویّة (قل هو نبأ عظیم * أنتم عنه معرضون ).

فما هو هذا النبأ الذی أشارت إلیه الآیة ووصفته بأنّه عظیم؟

هل هو القرآن المجید...

أم أنّه رسالة النبیّ...

أم هو یوم القیامة ومصیر المؤمنین والکافرین...

أم هو توحید الله...

أم کلّ هذه الاُمور؟

ولکون القرآن مشتملا على کلّ تلک الاُمور، وهو الجامع بینها، وأنّ المشرکین أعرضوا

عنه، لذا فإنّ المعنى الأوّل أنسب.

نعم، فهذا الکتاب السماوی العظیم هو نبأ عظیم، وعظمته کعظمة الکون، وهو نازل من قبل خالق هذا الکون، أی من الله الخالق العزیز الغفّار والواحد القهّار.

النبأ الذی لم یتقبّل عظمته الکثیر من الناس حین نزوله، فمجموعة سخرت منه واستهزأت به، واُخرى اعتبرته سحراً، ومجموعة ثالثة إعتبرته شعراً، ولکن لم یمض بعض الوقت حتى کشف هذا النبأ العظیم عن أسراره، لیغیّر مسیرة التاریخ البشری، ویظلّ العالم بظلّه، ولیوجد حضارة عظیمة ومضیئة فی کلّ المجالات، وممّا یسترعی الإنتباه أنّ الإعلان عن «النبأ العظیم» تمّ فی هذه السورة المکیّة فی وقت کان فیه المسلمون ـ على ما یبدو ـ فی أشدّ حالات الضعف والعجز، وکأنّ أبواب النصر والنجاة مغلقة أمامهم.

وممّا ینبغی ذکره أنّ عظمة هذا النبأ العظیم لیست واضحة حتى یومنا هذا للعالم بصورة عامّة، وللمسلمین بصورة خاصّة، والمستقبل سیوضّح تلک العظمة.

وقوله تعالى: (أنتم عنه معرضون ) ما زال صادقاً حتى یومنا الحاضر، فإعراض المسلمین عنه تسبّب فی عدم ارتوائهم من هذا المنبع العذب الذی یطفح بالفیض الإلهی الکامل، وإلى عدم التقدّم على الآخرین بالإستفادة من أنواره المشعّة، وإلى عدم الرقی إلى قمم الفخر والشرف.

ثمّ تقول الآیة، مقدّمةً لسرد قصّة خلق آدم، والمکانة الرفیعة التی یحتلّها الإنسان الذی سجدت له کافّة الملائکة: (ما کان لى من علم بالملإ الأعلى إذ یختصمون ).

أی لا علم لی بالمناقشات التی دارت بین الملأ الأعلى وملائکة العالم العلوی بخصوص خلق الإنسان، حیث إنّ العلم یأتینی عن طریق الوحی، والشیء الوحید الذی یوحى إلیّ هو أنّنی نذیر مبین (إن یوحى إلیّ إلاّ أنّما أنا نذیر مبین ).

ورغم أنّ الملائکة لم تناقش وتجادل الباریء عزّوجلّ، ولکنهم قالوا عندما أخبرهم الباریّ عزّوجلّ بأنّه سیجعل فی الأرض خلیفة، فقالوا: أتخلق فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء؟ فأجابهم قائلا: إنّی أعلم ما  لا تعلمون: (وإذ قال ربّک للملائکة إنّی جاعل فی الأرض خلیفة قالوا أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدّماء ونحن نسبّح بحمدک ونقدّس لک قال إنّی أعلم ما لا تعلمون )، (1) مثل هذا النقاش أطلق علیه اسم (التخاصم) وهی تسمیة مجازیة، وقد کانت هذه مقدّمة للآیات التالیة التی تتحدّث عن خلق آدم.

وثمّة إحتمال وارد أیضاً هو أنّ عبارة (الملإ الأعلى ) لها مفهوم أوسع یشمل حتى الشیطان، لأنّ الشیطان کان حینئذ فی زمرة الملائکة، ونتیجة تخاصمه مع الباریء عزّوجلّ وإعتراضه على إرادة الله طرد إلى الأبد من رحمة الله.

وقد وردت روایات متعدّدة فی کتب الشیعة والسنّة بهذا الخصوص; جاء فی إحداها أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) سأل أحد أصحابه: «أتدری فیما یختصم الملأ الأعلى؟ فقال: کلاّ، فأجاب رسول الله «اختصموا فی الکفّارات والدرجات، فأمّا الکفّارات فإسباغ الوضوء فی السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وإنتظار الصلاة بعد الصلاة، وأمّا الدرجات فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة فی اللیل والناس نیام» (2) .

وبالطبع فإنّ هذا الحدیث لم یذکر أنّه ناظر إلى تفسیر الآیة المذکورة أعلاه، رغم تشابه بعض عباراته مع عبارات الآیة، وعلى أیّة حال، یستفاد من الحدیث أنّ المراد من (اختصموا) هو أنّهم تباحثوا وتناقشوا، ولا یعنی الجدال فی الحدیث... فهم تباحثوا وتناقشوا بشأن أعمال الإنسان والأعمال التی تکون کفّارة لذنوبهم وتزید من درجات الإنسان وترفع من شأنه، ویمکن أن یکون بحثهم حول عدد من الأعمال التی تعدّ مصدراً لتلک الفضائل، أو بشأن تعیین حدّ ومیزان للدرجات الناتجة عن تطبیق الإنسان لتلک الأعمال، وبهذا الشکل یکون الحدیث تفسیراً ثالثاً للآیة، وهو مناسب من عدّة جوانب، ولکنّه لا یتناسب مع الآیات التالیة، إذ ربّما کان المقصود هو بحث ومناقشات الملائکة فی موارد اُخرى، ولیس بمتعلّق الآیة.

والجدیر بالذکر أنّ معنى عدم علم النّبی (صلى الله علیه وآله) هو أنّی لم أکن أعلم ذلک من نفسی، لأنّ علمی لیس من قبل نفسی وإنّما ینزل علیّ عن طریق الوحی.


1. البقرة، 30.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیات مورد البحث، وبحارالانوار، ج 18، ص 375، کما ورد هذا الحدیث فی تفسیر الدرّ المنثور نقلا عن مجموعة کبیرة من صحابة رسول الله (صلى الله علیه وآله) مع بعض الإختلافات.
سورة ص / الآیة 65 ـ 70 سورة ص / الآیة 71 ـ 83
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma