الله خالق کلّ شیء وحافظه:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 60 ـ 64 سورة الزّمر / الآیة 65 ـ 67

الآیات السابقة تتحدّث عن المشرکین الکذّابین والمستکبرین الذین یندمون یوم القیامة على ما قدّمت أیدیهم ویتوسلون لإعادتهم إلى الدنیا، ولکن هیهات أن یستجاب لهم طلبهم، وآیات بحثنا هذه تواصل الحدیث عن هذا الأمر، إذ تقول: (ویوم القیامة ترى الّذین کذبوا على الله وجوههم مسودّة ).

ثم تضیف (ألیس فی جهنّم مثوىً للمتکبّرین ).

لا شکّ أنّ عبارة (کذبوا على الله ) لها مفاهیم ومعان واسعة وعمیقة، لکن الآیة ـ هناـ تستهدف اُولئک الذین قالوا بوجود شریک لله، أو باتخاذ الله ولداً من الملائکة، أو الذین یزعمون أنّ المسیح (علیه السلام) هو ابن الله، وأمثال هذه المزاعم والإدعاءات.

و کلمة «مستکبر» تطلق دائماً على اُولئک الذین یرون أنفسهم ذات شأن وقدر کبیر، ولکن المراد منها ـ هناـ اُولئک الذین یستکبرون على الأنبیاء، والذین یترکون إتّباع الشریعة الحقة، ویرفضون قبولها وإتّباعها.

اسوداد وجوه الکاذبین یوم القیامة دلیل على ذلّتهم وهوانهم وافتضاحهم، وکما هو

معروف فإنّ ساحة القیامة هی ساحة ظهور الأسرار والخفایا وتجسید أعمال وأفکار الإنسان، فالذین کانت قلوبهم سوداء ومظلمة فی الدنیا، وأعمالهم وأفکارهم سوداء ومظلمة أیضاً، یخرج هذا السواد والظلام من أعماقهم إلى خارجهم فی یوم القیامة لیطفح على وجوههم التی تکون فی ذلک الیوم مسودّة ومظلمة.

وبعبارة اُخرى فإنّ ظاهر الإنسان یطابق باطنه یوم القیامة، ولون الوجه یکون بلون القلب، فالذی قلبه أسود ومظلم، یکون وجهه مظلماً وأسود، والذی قلبه ساطع بالنور یکون وجهه کذلک ساطعاً بالنور.

وهو ما ورد فی الآیتین 106 و107 من سورة آل عمران (یوم تبیضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذین أسودّت وجوههم أکفرتم بعد إیمانکم فذوقوا العذاب بما کنتم تکفرون * وأمّا الّذین إبیضّت وجوههم ففی رحمة الله هم فیها خالدون ).

والملفت للنظر أنّه قد ورد فی بعض روایات أهل البیت علیهم السلام، أنّ الکذب على الله، الذی هو أحد أسباب اسوداد الوجه یوم القیامة، له معان واسعة تشمل حتى الادعاء بالإمامة والقیادة کذباً، کما ذکر ذلک الشیخ الصدوق فی کتاب (الاعتقادات) نقلا عن الإمام الصادق (علیه السلام) عندما أجاب الإمام على سؤال یتعلّق بتفسیر هذه الآیة، وقال: «من زعم أنّه إمام ولیس بإمام. قیل: وإن کان علویاً فاطمیاً؟ قال: وإن کان علویاً فاطمیاً» (1) .

وهذا فی الحقیقة بیان لمصداق بارز، لأنّ الادّعاء المزیّف بالإمامة والقیادة الإلهیّة هو أوضح مصادیق الکذب على الله.

وکذلک فإنّ من نسب إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) أو إلى الإمام المعصوم حدیثاً مختلقاً، اعتبر کاذباً على الله، لأنّهم لا ینطقون عن الهوى.

لهذا فقد ورد فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام): «من تحدث عنّا بحدیث فنحن سائلوه عنه یوماً فإن صدق علینا فإنّما یصدق على الله وعلى رسوله، وإن کذب علینا فإنّه یکذب على الله ورسوله، لأنّا إذا حدثنا لا نقول قال فلان وقال فلان، إنّما نقول قال الله وقال رسوله ثمّ تلا هذه الآیة (ویوم القیامة ترى الّذین کذبوا على الله وجوههم مسودّة... ) (2) .

الحدیث المذکور یبیّن بصورة واضحة أنّ أئمة أهل البیت الأطهار، لم یقولوا شیئاً من عندهم، وإنّ کلّ الأحادیث التی وردت عنهم، صحیحة وموثوقة، لأنّها تعود إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)، وهذه الحقیقة مهمّة جداً، وعلى علماء الإسلام أن یلتفتوا إلیها، فالذین لا یقبلون بإمامة أهل البیت علیهم السلام، علیهم أن یقبلوا بأنّ الأحادیث التی یرویها أئمّة أهل البیت (علیهم السلام)، إنّما هی منقولة عن رسول الله (صلى الله علیه وآله).

وبهذا الشأن ورد فی کتاب الکافی حدیث آخر عن الإمام الصادق (علیه السلام): «حدیثی حدیث أبی، وحدیث أبی حدیث جدی، وحدیث جدی حدیث الحسین، وحدیث الحسین حدیث الحسن، وحدیث الحسن حدیث أمیر المؤمنین، وحدیث أمیر المؤمنین حدیث رسول الله، وحدیث رسول الله قول الله عزّوجلّ» (3) .

هذا الکلام یدعو إلى الإمعان والتأمل أکثر فی آیات القرآن المجید، لأنّ التکبّر هو المصدر الرئیسی للکفر، کما نقرأ ذلک بشأن الشیطان (أبى واستکبر وکان من الکافرین ) (4) . ولهذا السبب فلا یمکن أن یکون للمستکبرین مکان آخر غیر جهنم لیحترقوا بنارها، وقد ورد فی حدیث لرسول الله (صلى الله علیه وآله): «إنّ فی جهنم لواد للمتکبرین یقال له سقر، شکى إلى الله عزّوجلّ شدة حرّه، وسأله أن یتنفس فأذن له فتنفس فاحرق جهنم» (5) .

الآیة التالیة تتحدّث عن طائفة تقابل الطائفة السابقة، حیث تتحدّث عن المتقین وابتهاجهم فی یوم القیامة، إذ تقول: (وینجّی الله الّذین اتّقوا بمفازتهم ) (6) .

ثم توضّح فوزهم وانتصارهم من خلال جملتین قصیرتین مفعمتین بالمعانی، (لا یمسّهم السّوء ولا هم یحزنون ).

نعم، إنّهم یعیشون فی عالم لا یوجد فیه سوى الخیر والطهارة والسرور، وهذه العبارة القصیرة جمعت ـ حقّاً ـ کلّ الهبات الإلهیّة فیها.

الآیة التالیة تتطرق من جدید إلى مسألة التوحید والجهاد ضدّ الشرک، وتواصل مجادلة المشرکین، حیث تقول: (الله خالق کلّ شیء وهو على کلّ شیء وکیل ).

العبارة الاُولى فی هذه الآیة تشیر إلى (توحد الله فی الخلق) والثانیة تشیر إلى (توحده فی الربوبیة).

فمسألة (توحده فی الخلق) هی حقیقة اعترف بها حتى المشرکون، کما ورد فی الآیة 38 من السورة هذه (ولئن سألتهم من خلق السّماوات والأرض لیقولنّ الله ).

ولکنّهم ابتلوا بالانحراف فیما یتعلّق بمسألة (توحده فی الربوبیة)، ففی بعض الأحیان اعتبروا الأصنام هی التی تحفظهم وتحمیهم وتدبّر أمرهم، وکانوا یلجؤون إلیها عندما یواجهون أىّ مشکلة. والقرآن المجید ـ من خلال الآیة المذکورة أعلاه ـ یشیر إلى حقیقة أنّ تدبیر اُمور الکون وحفظه هی بید خالقه، ولیس بید أحد آخر، ولهذا یجب اللجوء إلیه دائماً.

وقد ذکر «ابن منظور» فی کتاب (لسان العرب) معانی متعددة لکلمة (وکیل) منها: الکفیل، والحافظ، والمدبر للأمر.

ومن هنا یتضح أنّ الأصنام لیست مصدر خیر أو شر، وأنّها عاجزة عن حلّ أبسط عقدة، حیث إنّها موجودات ضعیفة وعاجزة، ولا یمکن أن تقدّم أدنى فائدة للإنسان.

وقد عمد بعض المؤیّدین للمذهب الجبری إلى الاستدلال على بعض الأمور من عبارة (الله خالق کلّ شیء ) لتأکید ما جاء فی معتقداتهم المنحرفة، إذ قالوا: إنّ هذه الآیة تشمل الأعمال أیضاً، ولهذا فإنّ أعمالنا تعدّ من خلق الله، رغم أنّ أعضاءنا هی التی تقوم بها.

إنّ خطأ اُولئک هو أنّهم لم یدرکوا هذه الحقیقة جیّداً، وهی أنّ خالقیة الله سبحانه وتعالى لا یوجد فیها أىّ تعارض مع حریة الإرادة والاختیار لدینا، لأنّ التناسب فیما بینهما طولی ولیس عرضی.

فأعمالنا تتعلّق بالله، وتتعلّق بنا أیضاً، لأنّه لا یوجد هناک شیء فی هذا الکون یمکن أن یکون خارج إطار سلطة الباریء عزّوجلّ، وعلى هذا الأساس فإنّ أعمالنا هی من خلقه، وإنّه أعطانا القدرة والعقل والاختیار والإرادة وحریة العمل، ومن هذه الناحیة یمکن أن ننسب أعمالنا إلیه، حیث إنّه أراد أن نکون أحراراً وننفّذ الأعمال باختیارنا، کما أنّه وضع کلّ ما نحتاجه تحت تصرّفنا.

لکنّنا فی الحال ذاته أحرار مخیّرون فی تنفیذ الأعمال، وعلى ذلک فإنّ أفعالنا منسوبة إلینا ونحن المسؤولون عنها.

فإذا قال أحد: إنّ الإنسان یخلق أعماله، ولا دخل لله عزّوجلّ فیها، فإنّه قد أشرک لأنّه فی هذه الحالة یعتقد بوجود خالقین، خالق کبیر وخالق صغیر، وإذا قال آخر: إنّ أعمالنا هی من خلق الله ولا دخل لنا فیها، فقد انحرف، لأنّه أنکر بقوله هذا حکمة وعدالة الله، إذ لا یصح أن یجبرنا فی الأعمال، ثمّ یحمّلنا مسؤولیتها! لأنّ فی هذه الحالة، یصبح الجزاء والثواب والحساب والمعاد والتکلیف والمسؤولیة کلّها عبثاً.

لذا فإنّ الاعتقاد الإسلامی الصحیح والذی یمکن أن یستشف من مجموع آیات القرآن المجید، هو أنّ کلّ أعمالنا منسوبة لله وإلینا، وهذه النسبة لا یوجد فیها أىّ تعارض، لأنّها طولیة ولیست عرضیة.

أمّا الآیة التالیة فقد تطرّقت إلى (توحید الله فی المالکیة) لتکمل بحث التوحید الذی ورد فی الآیات السابقة، إذ تقول: (له مقالید السّماوات والأرض ).

«مقالید»: کما یقول أغلب اللغوین، جمع (مقلید) (مع أنّ الزمخشری یقول فی الکشاف: إنّ هذه الکلمة لیس لها مفرد من لفظها) و(مقلید) و(إقلید) کلاهما تعنی المفتاح، وعلى حدّ قول صاحب کتاب (لسان العرب) وآخرین غیره فإنّ کلمة (مقلید) مأخوذة من (کلید) الفارسیة الأصل، وفی العربیة تستعمل بنفس المعنى، ولذا فإنّ (مقالید السّماوات والأرض )تعنی مفاتیح السماوات والأرض.

هذه العبارة تستخدم ککنایة عن امتلاک شیء ما أو التسلّط علیه کأن یقول أحد: مفتاح هذا العمل بید فلان. لذا فإنّ الآیة المذکورة أعلاه یمکن أن تشیر إلى (وحدانیة الله فی الملک) وفی نفس الوقت تشیر إلى وحدانیته فی التدبیر والربوبیة والحاکمیة على هذا العالم الکونی.

ولهذا السبب قررت الآیة المذکورة بمثابة استنتاج: (والّذین کفروا بآیات الله اُولئک هم الخاسرون ).

لأنّهم ترکوا المصدر الرئیسی والمنبع الحقیقی لکل الخیرات والبرکات وتاهوا فی صحاری الضلال عندما أعرضوا بوجوههم عن مالک مفاتیح السماوات والأرض، وتوجّهوا نحو موجودات عاجزة تماماً عن تقدیم أدنى عمل لهم.

وقد ورد فی حدیث عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنّه طلب من رسول الله (صلى الله علیه وآله) توضیح معنى کلمة (مقالید) فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله): «یا علی، لقد سئلت عن عظیم المقالید، هو أن تقول عشراً

إذا أصبحت، وعشراً إذا أمسیت، لا إله الاّ الله والله أکبر وسبحان الله والحمد لله واستغفر الله ولا قوة إلا بالله (هو) الأوّل والآخر والظاهر والباطن له الملک وله الحمد (یحیی ویمیت) بیده الخیر وهو على کلّ شیء قدیر» (7) .

ثم أضاف: «من قالها عشراً إذا أصبح، وعشراً إذا أمسى، أعطاه الله خصالا ستاً... أوّلها یحرسه من الشیطان وجنوده فلا یکون لهم علیه سلطان».

أمّا من ردد هذه الکلمات بصورة سطحیة فإنّه ـ حتماًـ لا یستحق کل هذه المکافآت، فیجب الإیمان بمحتواها والتخلّق بها.

هذا الحدیث یمکن أن یشیر إلى أسماء الله الحسنى التی هی أصل الحاکمیة والمالکیة لهذا العالم الکونی.

من مجموع کلّ الاُمور التی ذکرناها فی الآیات السابقة بشأن فروع التوحید، یمکن الحصول على نتیجة جیّدة، وهی أنّ التوحید فی العبادة هو حقیقة لا یمکن نکرانها وعلى کلّ إنسان عاقل أن لا یسمح لنفسه بالسجود للأصنام، ولهذا فإنّ البحث ینتهی بآیة تتحدّث بلهجة حازمة ومتشددة (قل أفغیر الله تأمرونّی أعبد أیّها الجاهلون ).

هذه الآیة ـ وبالنظر الى أنّ المشرکین والکفرة کانوا أحیاناً یدعون رسول الله (صلى الله علیه وآله) إلى احترام آلهتهم وعبادتها، أو على الأقل عدم الانتقاص منها أو النهی عن عبادتها ـ أعلنت وبمنتهى الصراحة أنّ مسألة توحید الله وعدم الإشراک به هی مسألة لا تقبل المساومة والاستسلام أبداً، إذ یجب أن تزال کافة أشکال الشرک وتمحى من على وجه الأرض.

فالآیة تعنی أنّ عبدة الأصنام على العموم هم أناس جهلة، لأنّهم لا یجهلون فقط الباریء عزّوجلّ، بل یجهلون حتى مرتبة الإنسان الرفیعة.

إنّ التعبیر بـ «تأمرونی» ـ الذی ورد فی الآیة الآنفة ـ یشیر إلى أنّ الجهلة کانوا یأمرون رسول الله (صلى الله علیه وآله) بأن یعبد أصنامهم بدون أیّ دلیل منطقی، وهذا الموقف لیس بعجیب من أفراد جهلة.

ألیس من الجهل والغباء أن یترک الإنسان عبادة الباریء عزّوجلّ رغم مشاهدته للکثیر من الأدلّة فی هذا العالم والتی تدلّ على علمه وقدرته وتدبیره وحکمته، ثمّ یتمسّک بعبادة موجودات تافهة لا قیمة لها وعاجزة عن تقدیم أدنى مساعدة وعون لعبدتها.


1. الإعتقادات الإمامیة، نقلا عن تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 496، ونفس المعنى نقل عن تفسیر علی بن إبراهیم وأصول الکافی، ج 1 (باب من ادعى الإمامة ولیس لها بأهل، ح 1 و3).
2. تفسیر مجمع البیان، ج 8، ص 505، ذیل الآیة مورد البحث.
3. أصول الکافی، ج 1، ص 51، (باب روایة الکتب والأحادیث) ح 14.
4. البقرة، 34.
5. تفسیر علی بن إبراهیم، نقلا عن تفسیر نور الثقلین، ج 4، ص 496، کما ورد نفس المعنى فی تفسیر الصافی فی ذیل الآیات مورد البحث.
6. «مفازة» مصدر میمی بمعنى الفوز والظفر، و(الباء) فی (بمفازتهم) للملابسة أو السببیة، وبالنسبة إلى الحالة الاُولى یکون المعنى إنّ الله یعطیهم النجاة المقترنة بالاخلاص والفلاح، أمّا بالنسبة إلى الحالة الثانیة فالمعنى یکون (إن الله أنقذهم ونجاهم بسبب إخلاصهم) کنایة عن الأعمال الصالحة والإیمان.
7. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5719، وتفسیر روح الجنان، ج 9، ص 417، ذیل الآیات مورد البحث (مع اختصار ذیل الحدیث).
سورة الزّمر / الآیة 60 ـ 64 سورة الزّمر / الآیة 65 ـ 67
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma