الله سبحانه یتوفى الأنفس:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 41 ـ 44 1ـ عجائب عالم الرؤیا؟

بعد ذکر دلائل التوحید، وبیان مصیر المشرکین والموحدین، تبیّن الآیة الاُولى ـ فی هذا البحث ـ حقیقة، مفادّها أنّ قبول ما جاء فی کتاب الله أو عدم قبوله إنّما یعود بالفائدة أو الضرر علیکم، وإن کان رسول الله (صلى الله علیه وآله) یصرّ علیکم فی هذا المجال، فإنّه لم یکن یبتغی جنی الأرباح من وراء ذلک، وإنّما کان یؤدّی واجباً إلهیّاً: (إنّا أنزلنا علیک الکتاب للنّاس بالحقّ ) (1) .

وتضیف الآیة (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنّما یضلّ علیها ).

على أیّة حال، فإنّک لست مکلّفاً بإدخال الحق إلى قلوبهم بالإجبار، وإنّما علیک إبلاغهم وإنذارهم فقط (وما أنت علیهم بوکیل ).

هذه القاعدة، بأنّ کلّ من اتبع طریق الحق عاد بالربح على نفسه، ومن اتبع سبیل الضلال عاد بالخسارة على نفسه، تکررت عدّة مرّات فی آیات القرآن الکریم، کما أنّها تأکید على حقیقة أنّ الله غیر محتاج لإیمان عباده ولا یخاف من کفرهم ،وکذلک رسوله، وإنّه لم یدع عباده إلى عبادته کی یجنی من وراء ذلک الأرباح، وإنّما لیجود على عباده.

قو له تعالى: (وما أنت علیهم بوکیل ) ـ التی وردت فیها کلمة (وکیل) بمعنى الشخص المکلف بهدایة الضالین وجعلهم یؤمنون بالله ـ وردت عدّة مرات فی آیات القرآن، وبنفس التعبیر أو ما یشابهه، والغرض من تکرارها هو بیان أنّ الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) لیس مسؤولا عن إیمان الناس، لأنّ أساس الإیمان لا یأتی عن طریق الإجبار، وإنّه مکلّف بإبلاغ الأمر الإلهی إلى الناس من دون أن یظهر أدنى تقصیر أو عجز، فإمّا أن یستجیبوا لدعوته وإمّا أن یرفضوها.

ثمّ لتوضّح أنّ الحیاة والموت وکلّ شؤون الإنسان هی بیدالله سبحانه وتعالى، قالت الآیة: (الله یتوفّى الأنفس حین موتها والّتی لم تمت فی منامها ) (2) .

وبهذا الشکل فإنّ (النوم) یعد شقیق (الموت) لکن بأحد أشکاله الضعیفة، لأنّ العلاقة بین الروح والجسد تصل إلى أدنى درجاتها أثناء النوم، وتقطع الکثیر من العلاقات والوشائج بینهما.

وتضیف الآیة (فیمسک الّتی قضى علیها الموت ویرسل الاُخرى إلى أجل مسمّى ) نعم (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یتفکّرون ).

من هذه الآیة یمکن استنتاج عدّة اُمور:

إنّ الإنسان عبارة عن روح وجسد، والروح هی جوهر غیر مادی، یرتبط بالجسد فیبعث فیه النور والحیاة.

عند الموت یقطع الله العلاقة بین الروح والجسد، ویذهب بالروح إلى عالم الأرواح، وعند النوم یخرج الباریء عزّوجلّ الروح من الجسد، ولکن لیس بتلک الحالة التی تقطع فیها العلاقات بصورة کاملة، ووفقاً لهذا فإنّ الروح لها ثلاث حالات بالنسبة للجسد، وهی: إرتباط کامل (حالة الحیاة والیقظة) وإرتباط ناقص (حالة النوم) وقطع الإرتباط بصورة کاملة (حالة الموت).

النوم هو أحد الصور الضعیفة (للموت)، و(الموت) هو نموذج کامل (للنوم).

النوم هو أحد دلائل استقلال وأصالة الروح، خاصة عندما یرافق بالرؤیا الصادقة التی توضّح المعنى أکثر.

إنّ العلاقة التی تربط بین الروح والجسد تضعف أثناء النوم، وأحیاناً تقطع تماماً ممّا یؤدّی إلى عدم یقظة النائم إلى الأبد، أی موته.

إنّ الإنسان عندما ینام فی کلّ لیلة یشعر وکأنّه وصل إلى أعتاب الموت، وهذا الشعور بحدّ ذاته درساً یمکن الاعتبار منه، وهو کاف لإیقاظ الإنسان من غفلته.

کلّ هذه الاُمور تجری بقدرة الباریء عزّوجلّ، وإن کان قد ورد فی بعض الآیات ما یشیر إلى أنّ ملک الموت هو الذی یقبض الأرواح، فهذا لا یعنی سوى أنّه ینفّذ أوامر الباریء عزّوجلّ.

وعلى أیّة حال، فإنّ المراد من قوله تعالى: (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یتفکّرون ) هو إثبات دلائل قدرة الباریء عزّوجلّ، ومسألة الخلق، والمعاد، وضعف وعجز الإنسان مقابل إرادة الله عزّوجلّ.

وبعدما أصبحت حاکمیة (الله) على وجود الإنسان وتدبیر أمره عن طریق نظام الحیاة والموت والنوم والیقظة، أمراً مسلّماً من خلال الآیات السابقة، تناولت الآیة اللاحقة خطأ اعتقاد المشرکین فیما یخص مسألة الشفاعة، کی تثبت لهم أنّ مالک الشفاعة هو مالک حیاة وموت الإنسان، ولیس الأصنام الجامدة التی لا شعور لها (أم اتّخذوا من دون الله شفعاء ) (3) .

وکما هو معروف فإنّ إحدى الأعذار الواهیة لعبدة الأوثان بشأن عبادتهم للأوثان، هی ما ورد فی مطلع هذه السورة (ما نعبدهم إلاّ لیقرّبونا إلى الله زلفى ) (4) ، إذ أنّهم کانوا یعدّونها تماثیل وهیاکل للملائکة و الأرواح المقدّسة، ویزعمون أنّ هذه الأحجار والأخشاب المیتة لها قدرة هائلة.

ولکون الشفاعة تحصل من الشفیع الذی هو، أوّلا: یشعر ویدرک ویفهم، وثانیاً: قدیر ومالک وحکیم، فإنّ تتمة الآیة تجیبهم (قل أولو کانوا لا یملکون شیئاً ولا یعقلون ) (5) .

إذا کنتم تتخذون من الملائکة والأرواح المقدّسة شفعاء لکم، فإنّهم  لا یملکون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، لأنّ کلّ ما عندهم هو من الله، وإذا کنتم تتخذون من الأصنام المصنوعة من الخشب والحجارة شفعاء لکم، فإنّهم علاوة على عدم امتلاکهم شیئاً لأنفسهم، فهم لا یمتکلون أدنى عقل أو شعور، فاترکوا هذه الأعذار، وعودوا إلى الذی یملک ویحکم کلّ هذا العالم، وإلى من إلیه تنتهی کلّ الأمور.

لذا فإنّ الله جلّ وعلا یضیف فی الآیة التالیة (قل لله الشّفاعة جمیعاً ) لأنّه (له ملک السّماوات والأرض ثمّ إلیه ترجعون ).

وبهذا الشکل لم یبق لدیهم شیء، لأنّ النظام المسیطر والحاکم على کلّ العالم یقول: لا شفاعة هناک ما لم یأذن الباریء عزّوجلّ بذلک (من ذا الّذی یشفع عنده إلا بإذنه ) (6) .

أو کما یقول بعض المفسّرین: إنّ حقیقة الشفاعة، هی التوسل بأسماء الله الحسنى، التوسل برحمته وغفرانه وستره، طبقاً لهذا فإنّ کافة أشکال الشفاعة تعود فی النهایة إلى ذاته المقدّسة، إذن کیف یمکن طلب الشفاعة من غیره وبدون إذنه (7) .

وبشأن إرتباط عبارة (ثمّ إلیه ترجعون ) بما قبلها، أظهر المفسّرون عدّة آراء مختلفة منها:

هذه العبارة إشارة إلى أنّ شفاعة الباریء عزّوجلّ لا تقتصر على هذه الدنیا، وإنّما تتعداها إلى الشفاعة فی الآخرة، ولذا یجب عدم اللجوء إلى غیر الله لحلّ المشاکل ورفع المصائب کما کان یفعل المشرکون.

هذه العبارة هی دلیل ثان على اختصاص الشفاعة بالله، لأنّ الدلیل الأوّل اعتمد على (مالکیة) الله، وهنا تمّ الاعتماد على (عودة جمیع الأشیاء إلیه).

هذه الجملة هی بمثابة تهدید للمشرکین، إذ تقول لهم: إنّکم سترجعون إلى الله، وستشاهدون نتیجة أفکارکم وأعمالکم السیئة والقبیحة.

کلّ هذه التفاسیر مناسبة إلاّ أنّ التّفسیرین الأوّل والثّانی أنسب.


1. «بالحق» من الممکن أن تکون حالا ل (کتاب)أو للفاعل فی (أنزلنا )، مع أنّ المعنى الأوّل أنسب، ولذا فإنّ مفهوم الآیة یکون: (إنا أنزلنا علیک القرآن مترافقاً بالحق).
2. کلمة «توفى» تعنی قبض الشیء بالتمام، کلمة (أنفس) تعنی الأرواح. وکلمة (منام) لها معنى مصدری وتعنی النوم.
3. «أم» هنا منقطعة وتعنی (بل) ولو کانت متصلة، لکان یجب تقدیر القسم الثّانی لها، وهذا خلاف الظاهر.
4. الزمر، 3.
5. عبارة (أولو کانوا لا یملکون شیئاً ) فیها محذوف، والتقدیر: (أیشفعون لکم ولو کانوا لا یملکون شیئاً).
6. البقرة، 255.
7. تفسیر المیزان، ج 17، ص 286.
سورة الزّمر / الآیة 41 ـ 44 1ـ عجائب عالم الرؤیا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma