هل نبعث من جدید؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 16 ـ 23 سورة الصافات / الآیة 24 ـ 32

الآیات هذه تتابع سرد أقوال منکری المعاد، وتواصل الردّ علیها، فالآیة الاُولى تعکس إستبعاد البعث من قبل منکریه، بهذا النصّ (ءإذا متنا وکنّا تراباً وعظاماً ءإنّا لمبعوثون ) (1) (2) .

وهل سیبعث آباؤنا الأوّلون أیضاً؟ (أو آباؤنا الأوّلون ). فمن یستطیع جمع تلک العظام النخرة وأکوام التراب المتفرّقة المتبقیّة من الإنسان؟ ومن یتمکّن من إعادة الحیاة إلیها؟

فهؤلاء ذوی القلوب العمیاء نسوا أنّهم کانوا تراباً فی الیوم الأوّل، ومن التراب خلقوا، وإذ کانوا یشکّکون فی قدرة الله، فعلیهم أن یعرفوا أنّ الله کان قد أراهم قدرته، وإن کانوا یشکّکون بإستحالة التراب، فقد أثبت ذلک من قبل، وعلاوةً على هذا فإنّ خلق السماوات والأرض بکلّ هذه العظمة لا تترک أی مجال للشکّ عند أحد فی قدرة الباری عزّوجلّ المطلقة.

ممّا یذکر أنّ منکری البعث صاغوا أقوالهم بشکل عبارات مؤکّدة (إذ إنّ جملة (أإنّا لمبعوثون ) هی جملة اسمیة استخدمت فیها (إن) و(لام) والتی تأتی کلّ منهما للتأکید) وذلک لجهلهم ولجاجتهم.

وممّا یلفت النظر أنّ کلمة (التراب) قدّمت على (العظام) وهذا الأمر یحتمل أنّه یشیر إلى إحدى النقاط الثلاث التالیة:

أوّلا: إنّ الإنسان بعد وفاته یصیر عظاماً فی بدایة الأمر، ثمّ یتحوّل إلى تراب، وبما أنّ إعادة التراب إلى الحیاة یعدّ شیئاً عجیباً، لهذا قدّمت کلمة التراب.

ثانیاً: عند إندثار أبدان الأموات، فی البدایة تتحوّل اللحوم إلى تراب وتبقى إلى جانب العظام، ولهذا فهناک تراب وعظام فی آن واحد.

ثالثاً: التراب یشیر إلى أجساد الأجداد الأوّلین، والعظام تشیر إلى أبدان الآباء والتی لم تتحوّل بعد إلى تراب.

ثمّ یردّ القرآن على تساؤلاتهم بلهجة شدیدة وعنیفة، عندما یقول للرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله): قل لهم: نعم أنتم وأجدادکم ستبعثون صاغرین مهانین أذلاّء، (قل نعم وأنتم داخرون ) (3) .

فهل تتصوّرون أنّ عملیة إحیائکم والأوّلین تعدّ مستحیلة، أو هی عمل عسیر على الله القادر والقوی؟ کلاّ، فانّ صرخة عظیمة واحدة ممّن کلّفهم الله سبحانه وتعالى بذلک کافیة لبعث الحیاة بمن فی القبور، ونهوض الجمیع فجأة من دون أیّ تمهید أو تحضیر من قبورهم لیشاهدوا بأعینهم ساحة المحشر التی کانوا بها یکذّبون (فإنّما هی زجرة واحدة فإذا هم ینظرون ).

«زجرة» مشتقّة من (زجر) وکما أشرنا إلیها سابقاً، فإنّها تعنی الطرد، وأحیاناً تأتی بمعنى الصرخة، وهنا تفید المعنى الثانی، وهی إشارة إلى النفخة والصیحة الثانیة لإسرافیل، والتی سنتحدّث بشأنها فی الآیات الأخیرة لسورة الزمر.

عبارة (ینظرون) تشیر إلى نظر منکری البعث لساحة المحشر وهم مدهوشون، أو النظر بعنوان إنتظار العذاب، وفی کلتا الحالتین فإنّ المقصود لیس ـ فقط ـ عودتهم إلى الحیاة، وإنّما عودتهم إلى الشعور والنظر فور سماعهم الصیحة.

وتعبیر (زجرة واحدة ) مع الإلتفات إلى معنى الکلمتین، یشیر إلى أنّ البعث یتمّ بسرعة وعلى حین غرّة، وإلى سهولته فی مقابل قدرة الباری عزّوجلّ، إذ بصرخة واحدة (لملک البعث) المأمور بها تعود الحیاة إلى حالتها الاُولى.

وهنا تتعالى صرخات المشرکین المغرورین وتبیّن ضعفهم وعجزهم وعوزهم، ویقولون: الویل لنا فهذا یوم الدین (وقالوا یاویلنا هذا یوم الدین ).

نعم، فعندما تقع أعینهم على محکمة العدل الإلهی وشهودها وقضاتها، وعلى علامات العقاب فإنّهم ـ من دون أن یشعروا ـ یصرخون ویبکون، ویعترفون بحقیقة البعث، الإعتراف الذی یعجز عن إنقاذهم من العذاب، أو تخفیف العقاب الذی ینتظرهم.

وهنا یوجّه إلیهم الخطاب من الباری عزّوجلّ أو من ملائکته: نعم، الیوم هو یوم الفصل الذی کنتم به تکذّبون، یوم فصل الحقّ عن الباطل، وفصل المجرمین عن المتّقین، ویوم المحکمة الإلهیّة الکبرى (هذا یوم الفصل الذی کنتم به تکذّبون ).

ومثل هذه العبارات وردت فی آیات اُخرى من آیات القرآن الکریم، والتی تتناول یوم القیامة، وتعتبره یوم الفصل، وهی عبارات عجیبة ورهیبة؟! (4)

الملاحظ، هو أنّ الکافرین یوم القیامة یطلقون على هذا الیوم اسم یوم الجزاء (یاویلنا هذا یوم الدین ).

فیما یطلق علیه الباری عزّوجلّ فی کتابه الحکیم اسم یوم الفصل (هذا یوم الفصل ).

إنّ الإختلاف بین التعبیرین یمکن أن یکون لهذا السبب، وهو أنّ المجرمین لا یفکّرون إلاّ بالجزاء والعقاب الذی سینالهم، ولکن الله سبحانه وتعالى یشیر إلى معنى أوسع من الجزاء الذی یعدّ أحد أبعاد ذلک الیوم، إذ یعتبر ذلک الیوم هو یوم الفصل، نعم یوم فصل صفوف المجرمین عن المتّقین، کما جاء فی الآیة 59 من سورة یس (وامتازوا الیوم أیّها المجرمون )فالأمر فی ذلک الیوم موجّه إلى المجرمین أن انفصلوا عن المؤمنین، فهنا لیست دار الدنیا التی تجمع بین المجرمین والمتّقین.

وکم یکون هذا المشهد رهیباً عندما یشاهدون أقاربهم وأبناءهم ینفصلون عنهم لإیمانهم بالله، ویتّجهون نحو جنان الخلد.

وعلاوةً على أنّ ذلک الیوم هو یوم فصل الحقّ عن الباطل، فیجب أن تتبیّن کلّ الخطوط المتضادّة والبرامج الحقیقیّة والکاذبة التی کانت مختلطة فی عالم الدنیا فی مکانها الخاصّ بها.

على أیّة حال، إنّ ذلک الیوم ـ أی یوم الفصل ـ یعنی أیضاً یوم المحاکمة، ففی ذلک الیوم یقضی الله العالِم العادِل بین عباده ویصدر أحکاماً دقیقة بحقّهم، وهنا یخزى المشرکون.

إذن، فطبیعة الدنیا هی إختلاط الحقّ بالباطل، فی حین أنّ طبیعة البعث هو فصل الحقّ عن الباطل، ولهذا السبب فإنّ أحد أسماء یوم القیامة فی القرآن المجید (یوم الفصل) والذی کرّر عدّة مرّات، الیوم الذی تظهر فیه کافّة الخفایا والأسرار، ولا یمکن تجنّب عملیة فصل الصفوف.

ثمّ یصدر الباری عزّوجلّ أوامره إلى ملائکته المکلّفین بإرسال المجرمین إلى جهنّم أن (احشروا الذین ظلموا وأزواجهم وما کانوا یعبدون ).

نعم احشروهم وما کانوا یعبدون (من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحیم ).

«احشروا» مشتقّة من (حشر) ویقول الراغب فی مفرداته: إنّها تعنی إخراج الجماعة عن مقرّهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها.

وهذه الکلمة تأتی بمعنى «تجمیع» فی الکثیر من الحالات.

على کلّ حال، فالخطاب هنا إمّا أن یکون من جانب الله عزّوجلّ، أو من طائفة من الملائکة إلى طائفة اُخرى مکلّفة بسوق المجرمین إلى الجحیم والنتیجة واحدة.

(أزواج) هنا إمّا أن تشیر إلى زوجات المجرمین والمشرکین، أو إلى من یعتقد إعتقادهم ویعمل عملهم ومن هو على شاکلتهم، لأنّ هذه الکلمة تشمل المعنیین، حیث نقرأ فی سورة الواقعة الآیة 7 (وکنتم أزواجاً ثلاثة ).

وبهذا یحشر المشرکون مع المشرکین والأشرار، وذوو القلوب العمیاء مع نظائرهم، ثمّ یساقون إلى جهنّم.

أو أنّ المقصود من الأزواج هم الشیاطین الذین کانوا یشابهونهم فی الشکل والعمل.

المهمّ، هو عدم وجود أی اختلاف بین هذه المعانی الثلاثة، ومن الممکن أن تجتمع فی مفهوم الآیة.

جملة (ما کانوا یعبدون ) تشیر إلى آلهة المشرکین، کالأصنام والشیاطین والطغاة المتجبّرین والفراعنة والنماردة، وعبّرت عنها بـ (ما کانوا یعبدون ) لکون أغلب تلک الآلهة

موجودات عدیمة الحیاة وغیر عاقلة، وقد إصطلح علیها بهذا التعبیر لأنّه یعطی طابع التغلیب.

(الجحیم) تعنی جهنّم، وهی من مادّة (جحمة) على وزن (ضربة) وتعنی شدّة تأجیج النار.

والملاحظ فی الآیة استخدامها عبارة (فاهدوهم إلى صراط الجحیم ) حقّاً کم هذه العبارة عجیبة؟ ففی أحد الأیّام اُرشدوا إلى الصراط المستقیم ولکنّهم لم یقبلوه، والیوم یجب أن یهدوا إلى صراط الجحیم، وهم مجبرون على القبول به، وهذا توبیخ عنیف لهم یجعلهم یتحرّقون ألماً فی أعماقهم.


1. تفسیر روح المعانی، ج 23، ص 77.
2. هذه الآیة هی جملة شرطیة وشرطها «أإذا متنا» بینما جزاءها محذوف وجملة «أإنّا لمبعوثون» قرینة علیها، لأنّ نفس هذه الجملة ـ طبقاً للقواعد الأدبیة ـ لا یمکن أن تکون جزاءً.
3. «داخر» من مادّة «دخر» على وزن فخر (دخور)، وکلتاهما تعطی معنى الذلّة والحقارة. الآیة أعلاه فیها جملة تقدیریة هی جوابها، والبقیّة شیء إضافی علیها کی یکتسب القول قاطعیة أکثر، فالتقدیر سیکون هکذا (نعم إنّکم مبعوثون حال کونکم داخرین).
4. الدخّان، 40; والمرسلات، 13، 14 و38; والنبأ، 17.
سورة الصافات / الآیة 16 ـ 23 سورة الصافات / الآیة 24 ـ 32
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma