من الاُمور الحسّاسة جدّاً التی تلفت النظر فی قضیّة طرد إبلیس من رحمة الله، هو مدى
تأثیر عاملی الأنانیة والغرور على سقوط وتعاسة الإنسان، إذ یمکن القول بأنّهما من أهمّ وأخطر عوامل الإنحراف. وقد تسبّبا ـ فی لحظة واحدة ـ فی هدم عبادة ستّة آلاف سنة، وإنّهما کانا السبب وراء تدنّی موجود کان فی صفّ ملائکة السماء الکبار إلى أدنى درجات الشقاء، ویستحقّ لعنة الله الأبدیة.
الأنانیة والغرور یحجبان الحقیقة عن بصر الإنسان، فالأنانیة مصدر الحسد، والحسد مصدر العداوة والبغضاء، والعداوة والبغضاء سبب إراقة الدماء وإرتکاب الجرائم.
الأنانیة تدفع الإنسان إلى الإستمرار فی إرتکاب الخطأ، وتحبط ـ فی نفس الوقت ـ مفعول أیّ عامل للصحوة من الغفلة، أی تحول بین ذلک العامل وبین الإنسان.
الأنانیة والعناد یسلبان فرصة التوبة وإصلاح الذات من الإنسان، ویغلقان أمامه کلّ أبواب النجاة، وخلاصة الأمر فإنّ کلّ ما نقوله حول خطر هذه الصفات القبیحة والمذمومة یعدّ قلیلا.
وکم هو جمیل قول أمیر المؤمنین (علیه السلام): «فعدو الله إمام المتعصّبین، وسلف المستکبرین، الذی وضع أساس العصبیة، ونازع الله رداء الجبریة، وادّرع لباس التعزّز، وخلع قناع التذلّل ألا ترون کیف صغّره الله بتکبّره؟ ووضعه بترفّعه؟ فجعله فی الدنیا مدحوراً، وأعدّ له فی الآخرة سعیراً». (1)