فسّرت مجموعة من کبار المفسّرین الآیة (وجعلنا ذرّیته هم الباقین ) بأنّ کلّ أجیال البشر التی أتت بعد نوح هی من ذریته.
وقد نقل الکثیر من المؤرّخین بقاء ثلاثة أولاد من ذریّة نوح هم (سام)(حام) و (یافث) بعد الطوفان، وکلّ القومیات الموجودة الیوم على الکرة الأرضیة تنتهی إلیهم.
وقد أطلق على العرق العربی والفارسی والرومی العرق السامی، فیما عرف العرق الترکی ومجموعة اُخرى بأنّهم من أولاد «یافث»، أمّا «حام» فإنّ ذریّته تنتشر فی السودان والسند والهند والنوبة والحبشة، کما أنّ الأقباط والبربر هم من ذریّته أیضاً.
البحث فی هذه المسألة لیس المراد منه معرفة إلى أی من أولاد نوح ینتسب کلّ عرق، لأنّ المسألة بحدّ ذاتها هی مورد اختلاف بین الکثیر من المؤرخین والمفسّرین، ولکن المتوخّى من البحث هو: هل أنّ کلّ القومیات البشریة تعود فی أصلها إلى أولاد نوح الثلاثة.
وهنا یطرح هذا السؤال نفسه وهو: ماذا کان مصیر المؤمنین الذین رکبوا السفینة مع نوح خلال الطوفان؟ وهل أنّهم جمیعاً ماتوا من دون أن یترکوا أی خلف لهم وإن کان لهم ذریّة، فهل کانوا بنات تزوجن من أولاد نوح؟
هذه القضیّة من وجهة نظر التاریخ ما تزال غامضة.
على أیّة حال فإنّ هناک أحادیث وآیات قرآنیة تشیر إلى وجود أقوام واُمم على الکرة الأرضیة لا ینتهی أصلها إلى أولاد نوح.
منها ما ورد فی تفسیر علی بن إبراهیم عن الإمام الباقر (علیه السلام) فی توضیح الآیة المذکورة أعلاه: «الحقّ والنبوّة والکتاب والإیمان فی عقبه، ولیس کلّ من فی الأرض من بنی آدم من ولد نوح (علیه السلام) قال الله عزّوجلّ فی کتابه: (احمل فیها من کلّ زوجین إثنین وأهلک إلاّ من سبق علیه القول منهم ومن آمن وما آمن معه إلاّ قلیل )، وقال الله عزّوجلّ أیضاً: (ذریّة من حملنا مع نوح )» (1) .
وعلى هذا فإنّ إنتهاء کلّ الأعراق الموجودة على الأرض إلى أبناء نوح أمر غیر ثابت.