6ـ الحجّ عبادة مهمّة لبناء الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
5ـ فلسفة التکبیرات فی (مِنى)5ـ فلسفة التکبیرات فی (مِنى)

السفر للحجّ ـ فی الحقیقة ـ هو سفر عظیم، إذ أنّه سفر إلهی، وساحة واسعة لبناء النفس والجهاد الأکبر.

مراسم الحجّ توضّح ـ فی الواقع ـ عبادة ممزوجة ـ بصورة عمیقة ـ بخاطرات جهاد إبراهیم وإبنه إسماعیل وزوجته هاجر، فلو أغفلنا عن هذه النقطة أثناء مطالعتنا الاُمور الخاصّة بأسرار الحجّ، فإنّ الکثیر من مراسمه ستبدو لنا کألغاز، نعم إنّ مفتاح حلّ هذه الألغاز هو الأخذ بنظر الإعتبار ذلک الإمتزاج العمیق.

فعندما نأتی إلى مکان ذبح الأضاحی فی أرض (منى) نتعجّب لأیّ شیء تذبح هذه الأضاحی؟ فهل أنّ ذبح الحیوان یمکن أن یکون حلقة من مجموعة حلقات العبادة؟

إلاّ أنّنا عندما نتذکّر إیثار إبراهیم (علیه السلام) الذی أراد ذبح أعزّ أعزّائه وأطیب ثمار عمره (إسماعیل) فی تلک الأرض فی سبیل الله، العملیة التی غدت سنّة فیما بعد وبعنوان ذبح الأضاحی فی منى، ندرک فلسفة هذا العمل.

فالذبح إشارة إلى اجتیاز کلّ شیء فی سبیل التوجّه إلى الله، وهو مظهر لإخلاء القلب من کلّ شیء عدا ذکر الله، ویمکن إستمداد التربیة الکافیة من هذه المناسک، إذا تجسّد لنا مشهد ذبح إسماعیل، ومعنویات الأب وابنه إسماعیل أثناء عملیة الذبح، وهذا المشهد یجعل معنویات الإنسان تسطع بأنواره (1) .

أمّا أثناء توجّهنا إلى رمی الجمرات (وهی ثلاثة أعمدة مبنیة من الحجر یرمیها الحجّاج أثناء تأدیتهم لمراسم الحجّ، وفی کلّ مرّة یرمون سبعة أحجار علیها وفق مراسم خاصّة) فیتبادر إلى أذهاننا السؤال التالی: ماذا یعنی رمی هذا المقدار من قطع الحجارة على عمود من الحجر لا روح فیه؟ وأی مشکلة سیحلّ هذا العمل؟

إلاّ أنّنا عندما نتذکّر أنّها تمثّل جهاد الموحّد إبراهیم ضدّ وساوس الشیطان الذی ظهر له ثلاث مرّات فی الطریق، وهو مصمّم على أن یثنی إبراهیم عن عزمه فی ساحة الجهاد الأکبر، وکلّما ظهر له رماه بالحجر، فإنّ محتوى هذه الشعیرة یتوضّح أکثر.

فمعنى هذه الشعیرة هو أنّکم طوال فترة عمرکم تعیشون فی ساحة الجهاد الأکبر ضدّ وساوس الشیطان، وإن لم ترموا هذا الشیطان وتبعدوه عنکم فلن تنتصروا أبداً.

وإن کنتم تنتظرون أن یشملکم الله بلطفه ورحمته، کما شمل إبراهیم بذلک وبعث إلیه بالسلام وأبقى رسالته وذکراه خالدتین فی العالمین، علیکم أن تسیروا على خطاه.

وفور ما نصل إلى الصفا والمروة ونشاهد أفواجاً أفواجاً من الناس تنساب من هذا التل الصغیر إلى ذلک التل الأصغر، وتعود مرّة اُخرى من هنا إلى هناک، وتکرّر هذا العمل من دون أن تحصل على شیء، وأحیاناً تهرول وأحیاناً اُخرى تمشی، ومن الطبیعی أن یثیر هذا العمل العجب، فماذا یفعل هؤلاء هنا، وما هی المفاهیم التی یحملها هذا العمل؟

إلاّ أنّنا لو رجعنا إلى الوراء، وإستذکرنا الجهود التی بذلتها تلک المرأة المؤمنة (هاجر) لإنقاذ حیاة إبنها الرضیع (إسماعیل) فی تلک الأرض القاحلة والحارقة، وکیف أنّ الله سبحانه وتعالى أعطاها ما ترید بعد جهدها وسعیها، عندما فجّر عین زمزم من تحت رجلی ولدها الرضیع، فجأة ترجع بنا عجلة الزمن إلى الوراء، ویکشف لنا عن الحجب، ونشاهد أنفسنا فی تلک اللحظة واقفین قرب هاجر (علیها السلام)، فنشترک معها فی السعی والجهد، لأنّ الذی لا یسعى ولا یبذل الجهد فی سبیل الله، لا یصل إلى نتیجة.

وبسهولة نستطیع تلخیص ما قلناه، وهو أنّ الحجّ یجب أن یقترن بتعلّم هذه الرموز، وتتجسّد ذکریات إبراهیم وإبنه وزوجته خطوة خطوة، کی یدرک الحاجّ فلسفة الحجّ وتشعّ أنوار آثاره الأخلاقیة العمیقة فی نفوس الحجیج، فبدون تلک المعانی والدروس یکون الحجّ مجرّد قشر لیس أکثر.


1. ممّا یؤسف له أنّ مراسم ذبح الأضاحی فی عصرنا الحالی لا تتمّ بالشکل المطلوب، ولذا على علماء الإسلام أن یبذلوا الجهد لإنقاذ هذه المراسم العظیمة، وبهذا الشأن وبخصوص فلسفة الحجّ أوردنا بحوثاً مفصّلة فی ذیل الآیة 38 من سورة الحجّ.
5ـ فلسفة التکبیرات فی (مِنى)5ـ فلسفة التکبیرات فی (مِنى)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma