وهذه هی عاقبة الطغاة!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة ص / الآیة 55 ـ 61 سورة ص / الآیة 62 ـ 64

الآیات السابقة إستعرضت النعم السبع وغیرها من النعم التی یغدقها الباریء عزّوجلّ على عباده المتّقین، أمّا آیات بحثنا فإنّها تستخدم اُسلوب المقارنة الذی کثیراً ما استخدمه القرآن الکریم، لتوضیح المصیر المشؤوم والعقوبات المختلفة التی ستنال الطغاة والعاصین، قال تعالى: (هذا وإنّ للطّاغین لشرّ مآب ) (1) .

فالمتّقون لهم (حسن مآب)، ولهؤلاء العاصین الطغاة (شرّ مآب).

ثمّ تعمد آیات القرآن المجید إلى الاستفادة من اُسلوب الإیجاز والتفصیل، إذ تقول: (جهنّم یصلونها فبئس المهاد ) (2) . أی إنّ جهنّم هی المکان المشؤوم الذی سیردونه، وإنّهم سیحترقون بنیرانها، فیا لها من فراش سیء.

والظاهر أنّ عبارة (یصلونها) (أی یدخلون فی جهنّم ویحترقون بنیرانها) یراد منها بیان أن لا یتصوّر أحدهم أنّه سیرى جهنّم من مسافة بعیدة، أو أنّه سیستقرّ بالقرب منها، کلاّ، بل إنّه سیرد إلى داخلها، ولا یتصوّر أحدهم أنّه سیعتاد على نار جهنّم ومن ثم یستأنس بها، کلاّ، فإنّه یحترق فیها على الدوام.

«مهاد» کما قلنا من قبل، تعنی الفراش المهیّأ للنوم والإستراحة، کما تطلق على سریر الطفل.

وبالطبع فإنّ الفراش هو مکان إستراحة، ویجب أن یکون مناسباً ـ فی کلّ الأحوال ـ لوضع الشخص وملائماً لرغبته، ولکن کیف سیکون حال الذین خصّصت لهم نار جهنّم فراشاً؟!

ثمّ تتطرّق الآیات إلى أنواع اُخرى من العذاب الإلهی، إذ تقول: (هذا فلیذوقوه حمیم وغسّاق ) (3) . أی یجب علیهم أن یشربوا الحمیم والغسّاق.

«الحمیم» هو الماء الحارّ الشدید الحرارة، والذی هو أحد أنواع أشربة أهل جهنّم، ویقابل (الشراب الطهور) الذی ذکرته الآیات السابقة المخصّص لأهل الجنّة.

وکلمة (غسّاق) من (غسق) على وزن (رمق) وتعنی شدّة ظلمات اللیل، أمّا ابن عبّاس فقد فسّرها بأنّها شراب بارد جدّاً (بحیث إنّ برودته تحرق وتجرح أحشاء الإنسان) ولکن لیس فی مفهوم هذه الکلمة ما یدلّ على هذا المعنى، غیر مقارنتها بالحمیم وهو الماء الحارّ الشدید الحرارة، وهذه المقارنة قد تکون منشأ هذا الإستنباط.

وقال الراغب فی مفرداته: إنّ (غسّاق) تعنی القیح الذی یسیل من جلود أهل جهنّم ومن الجراحات الموجودة فی أجسامهم.

ولابدّ أن یکون لونه الغامق هو السبب فی إطلاق هذه الکلمة علیه، لأنّ الذی یحترق فی نار جهنّم لا یبقى منه سوى هیکل محروق وقیح أسود اللون.

على أیّة حال، فإنّ ما یستشفّ من بعض الکلمات هو أنّ (غسّاق) تعنی الرائحة الکریهة النتنة التی تزعج الآخرین.

وفسّره البعض الآخر بأنّه أحد أنواع العذاب الذی لم یطلع علیه أحد سوى الله، وذلک لأنّهم إرتکبوا ذنوباً ومظالم شدیدة لم یطلع علیها أحد سوى الله، فلذلک جعل عقوبتهم سریّة وغیر معروفة، مثلما وعد الباریء عزّوجلّ المتّقین بنعم لم یکشف عنها وأخفاها عنهم، لإخفائهم أعمالا صالحة کانوا یقومون بها فی الحیاة الدنیا، وذلک ما ورد فی الآیة 17 من سورة السجدة: (فلا تعلم نفس ما اُخفی لهم من قرّة أعین ).

آیات بحثنا تشیر مرّة اُخرى إلى نوع آخر من أنواع العذاب الألیم (وآخر من شکله أزواج ) (4) . أی أنّ هناک عذاب آخر غیر ذلک العذاب.

«أزواج» تعنی الأنواع والأقسام، وهذه إشارة موجزة إلى أنواع اُخرى من العذاب لا تختلف عن أنواع العذاب السابقة، ولکن آیات القرآن لم تفصح هنا عن أنواعها وقد لا یستطیع أحد فی هذه الدنیا فهمها وإدراکها.

وفی الحقیقة فإنّ هذه تقابل عبارة (فاکهة کثیرة ) الواردة فی الآیات السابقة، التی تشیر إلى أنواع مختلفة من النعم وفواکه الجنّة. ویمکن أن یکون هذا التشابه فی الشدّة والألم، أو من جمیع الجهات.

وآخر عذاب لهم أنّ جلساءهم فی جهنّم ذوو ألسنة بذیئة لا تنطق إلاّ بالقبیح من الکلام، فعندما یرد رؤساء الضلال النار، ویرون بأعینهم تابعیهم یساقون نحو جهنّم یخاطب بعضهم البعض ویقول له: (هذا فوج مقتحم معکم ) (5) .

فیجیبونهم (لا مرحباً بهم ).

ثمّ یضیفون (إنّهم صالوا النّار ).

وعبارة (هذا فوج مقتحم معکم ) مقترنة بالآیات التالیة، وتنقل أحادیث أئمّة الضلال، إذ یخاطب بعضهم البعض فور ما یرون أتباعهم یساقون إلى جهنّم، بالقول: اُولئک سیحشرون معکم.

بعض المفسّرین قال: إنّه خطاب توجّهه الملائکة إلى أئمّة الکفر والضلال.

إلاّ أنّ المعنى الأوّل أکثر تناسباً.

«مرحباً» کلمة ترحیب للضیف، وضدها «لا مرحباً» ومصدر هذه الکلمة «رحب» ـ على وزن محو ـ بمعنى المکان الواسع، والمراد هو: اُدخل فالمکان وسیع ومناسب.

«مقتحم» من (إقتحام) وتعنی الدخول فی شیء بمشقّة وبصعوبة وخوف، وغالباً ما تعطی معنى الدخول فی شیء من دون أی إطلاع وعلم مسبق.

وتوضّح هذه العبارة أنّ متّبعی سبیل الضلال یردون نار جهنّم الرهیبة نتیجة ترکهم البحث والتفکیر، واتّباعهم لأهوائهم، إضافة إلى تقلیدهم الأعمى لآبائهم الأوّلین.

وعلى أیّة حال، فإنّ الصوت یصل إلى مسامع الأتباع الذین یغضبون من کلام أئمّة الضلال، ویلتفتون إلیهم قائلین: (قالوا بل أنتم لا مرحباً بکم أنتم قدّ متموه لنا فبئس القرار ).

الجملة الأخیرة (بئس القرار ) تقابل (جنّات عدن ) الواردة بحقّ المتّقین، وهی إشارة إلى المصاب العظیم الذی حلّ بهم، وهو أنّ جهنّم لیست بمکان مؤقت لهم، وإنّما هی مقرّ دائم. وأراد الأتباع من جوابهم القول: بأنّ من حسن الحظّ أنّکم (أی أئمّة الضلال والشرک) مشترکون معنا فی هذا الأمر. وهذا یشفی غلیل قلوبنا (وکأنّهم شامتون بأئمّتهم) أو هی إشارة إلى أنّ جریمتکم بحقّنا جریمة عظیمة، لأنّ جهنّم ستکون مقرّاً دائماً لنا ولیست مکاناً مؤقتاً.

لکن الأتباع لا یکتفون بهذا المقدار من الکلام، لأنّ أئمّة الضلال هم الذین کانوا السبب المباشر لإرتکابهم الذنوب، ولذا فإنّهم یعتبرونهم أصحاب الجریمة الحقیقیین، وهنا یلتفتون إلى الباریء عزّوجلّ قائلین: (قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً فی النّار ).

العذاب الأوّل لأنّهم أضلّوا أنفسهم، والثانی لأنّهم أضلّونا.

ما ورد فی هذه الآیة مشابه لما ورد فی الآیة 38 من سورة الأعراف التی تقول: (ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النّار ) رغم أنّ تتمّة هذه الآیة أی الآیة 38 من سورة الأعراف تقول: إنّ لکلیهما عذاباً مضاعفاً (لأنّ الأتباع هم الأداة التنفیذیة لأئمّة الضلال، وهم الذین هیّأوا الأرضیة لنشر الفساد والضلال).

على أیّة حال، لا یوجد شکّ فی أنّ عذاب أئمّة الضلال أکبر بکثیر من عذاب الآخرین، رغم أنّ للجمیع عذاباً مضاعفاً.

نعم، هذه هی نهایة کلّ من عقد الصداقة مع المنحرفین وبایعهم على السیر فی طرق الضلال والإنحراف، فإنّهم عندما یرون نتائج أعمالهم الوخیمة یلعن بعضهم بعضاً ویتخاصمون فیما بینهم.

والملفت للنظر هنا أنّ الآیات التی تذکر النعم التی یغدقها الباریء عزّوجلّ على المتّقین کانت أکثر تنوّعاً من الآیات التی إستعرضت عذاب الطغاة المتجبّرین، إذ أشارت آیات القسم الأوّل إلى سبع نعم، بینما أشارت آیات القسم الثانی إلى خمسة أنواع من العذاب، یحتمل أن یکون السبب هو سبق رحمة الله لغضبه، «یامن سبقت رحمته غضبه».


1. کلمة (هذا) مبتدأ وخبرها محذوف، وتقدیرها هو (هذا الذی ذکرناه للمتّقین).
2. (جهنّم) عطف بیان أو بدل من (شرّ مآب)، و(یصلونها) حال لها.
3. هذه الجملة فی الأصل کانت هکذا (هذا حمیم وغسّاق فلیذوقوه)، وللتأکید وضعت عبارة (فلیذوقوه) بین المبتدأ والخبر. بعض المفسّرین احتملوا أنّ (هذا) خبر لمبتدأ محذوف کما أنّ (حمیم وغسّاق) کذلک، ولکن یبدو أنّ الإحتمال الأوّل أدقّ وألطف.
4. (آخر) هی صفة لموصوف محذوف یکون مبتدأ و(أزواج) مبتدأ ثان، و(من شکله) خبرها، وتقدیرها (وعذاب آخر أزواج من شکله).
5. هنا یوجد محذوف تقدیره: (یقول رؤساء الضلال بعضهم لبعض هذا فوج مقتحم معکم).
سورة ص / الآیة 55 ـ 61 سورة ص / الآیة 62 ـ 64
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma