نتعلّم من القصّة التی عرضتها الآیات السابقة اُموراً عدیدة منها:
أ) أنّ المؤمنین لا یستوحشون أبداً من سلوک طریق الله سبحانه وتعالى منفردین کما هو حال المؤمن «حبیب النجّار» الذی لم ترهبه کثرة المشرکین فی مدینته.
یقول أمیر المؤمنین علی علیه أفضل الصلاة والسلام: «لا تستوحشوا من طریق الهدى لقلّة أهله» (1) .
ب) المؤمن عاشق لهدایة الناس، ویتألّم لضلالهم، وحتى بعد شهادته یتمنّى أن یرى الآخرون مقامه لیکون سبباً فی إیمانهم!
ج) محتوى دعوة الأنبیاء بحدّ ذاتها دلیل على هدایتهم وحقّانیتهم (وهم مهتدون ).
د) الدعوة إلى الله یجب أن تکون خالیة من أىّ ترقّب للأجر لکی تکون مؤثّرة.
هـ ) تارةً یکون الضلال مکشوفاً وواضحاً، أی أنّه ضلال مبین، وعبادة الأوثان تعدّ مصداقاً واضحاً لـ «الضلال المبین».
و) أهل الحقّ یستندون إلى الواقعیات، والضالّون یستندون إلى أوهام وظنون.
ز) إذا کان هناک شؤم ونکبات فإنّ سببها نفس الإنسان وأعماله.
ح) الإسراف سبب لکثیر من الإنحرافات والنکبات.
ط) وظیفة الأنبیاء وأتباعهم «البلاغ المبین» والدعوة العلنیة، سواء إستجاب الناس أو لم یستجیبوا.
ی) التجمّع والکثرة من العوامل المهمّة للنصرة والعزّة والقوّة (وعزّزناهما بثالث ).
ک) إنّ الله لا یحتاج لتدمیر أئمّة التمرّد والعصیان إلى تجنید طاقات الأرض والسماء، بل تکفی الإشارة.
ل) لا فاصلة بین الشهادة والجنّة، والشهید قبل أن یغادر الدنیا یقع فی أحضان الحور العین (2) .
م) إنّ الله یطهّر الإنسان من الذنوب أوّلا ثمّ یقرّبه إلى جوار رحمته (بما غفر لی ربّی وجعلنی من المکرمین ).
ن) یجب على مرید الحقّ أن لا یستوحش من مخالفة الأعداء، لأنّ ذلک دیدنهم على مدى الدهور (یاحسرة على العباد ما یأتیهم من رسول إلاّ کانوا به یستهزئون ).
وأىّ حسرة أکبر وأشدّ من أن یغلق الإنسان ـ لمجرّد تعصّبه وغروره ـ عینیه، فلا یبصر الشمس المضیئة الساطعة.
س) کان المستضعفون یؤمنون بالأنبیاء قبل جمیع الناس (وجاء من أقصى المدینة رجل... ).
ع) وهم الذین لم یتعبوا ولم یکلّوا من طریق الحقّ، ولم یکن لسعیهم وإجتهادهم حدّ (یسعى ).
ف) یجب تعلّم طریقة التبلیغ والدعوة إلى الله من الرسل الإلهیین الذین استفادوا من جمیع الأسالیب والطرائق المؤثّرة لأجل النفوذ فی قلوب الغافلین، وفی الآیة أعلاه والروایات التی أدرجناها نموذج على ذلک.
1. نهج البلاغة، الخطبة 201.
2. ذکرنا روایة شریفة مفصّلة عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی هذا المجال عند تفسیر سورة آل عمران ذیل الآیة 169.
