هو المالک والحاکم على کلّ شیء!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 81 ـ 83 بحوث

بعد ذکر دلائل المعاد والفات الأنظار إلى الخلق الأوّل، ونشوء النار من الشجر الأخضر فی الآیات السابقة، تتابع الآیة الاُولى هنا بحث ذلک الموضوع من طریق ثالث وهو قدرة الله اللامتناهیة، فتقول الآیة الاُولى: (أو لیس الذی خلق السماوات والأرض بقادر على أن یخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العلیم ).

الجملة الاُولى بشروعها (بالإستفهام الإنکاری) تطرح سؤالا على الوجدان الیقظ والعقل السلیم کالآتی: ألم تتطلّعوا إلى تلک السماء المترامیة العظیمة بکلّ ثوابتها وسیّاراتها العجیبة، وبکلّ تلک المنظومات والمجرّات التی تشکّل کلّ زاویة منها دنیا واسعة هائلة؟ فالذی هو قادر على خلق کلّ هذه العوالم الخارقة فی العظمة والمتناهیة التنظیم والدقّة فی قوانینها، کیف لا یکون قادراً على إحیاء الموتى؟

ولکون الجواب على هذا السؤال واضحاً، وکامناً فی کلّ قلب وروح، فإنّ الآیة لا تنتظر الجواب، إنّما تردف مضیفة «بلى» وتتابع مؤکّدة على صفتین لله سبحانه وتعالى ـ الخالقیة والعلم المطلق ـ وذلک فی حقیقته دلیل على الکلام المتقدّم، فإذا کنتم تشکّون فی قدرته على الخلق فهو «الخلاّق» (وهی صیغة مبالغة).

وإذا کان جمع هذه الذرّات یحتاج إلى علم أو معرفة فهو «العلیم» المطلق.

أمّا على ماذا یعود الضمیر فی «مثلهم» فقد احتمل المفسّرون احتمالات عدیدة، ولکن أشهرها هو القول بعودة الضمیر على «البشر» والمعنى: إنّ خالق السماء والأرض قادر على خلق مثل البشر.

وهنا یأتی السؤال التالی وهو لماذا لم یقل: قادر على أن یخلقهم من جدید، بل قال: (قادر على أن یخلق مثلهم

وللإجابة على هذا السؤال ذکرت أجوبة کثیرة، یبدو أقربها: أنّ بدن الإنسان عندما یتحوّل ـ أو بالأحرى یتحلّل ـ إلى تراب، فإنّه یفقد الصورة النهائیة التی کان علیها، وفی یوم القیامة عندما یعاد خلق هذا الإنسان من جدید، فإنّه سیخلق من نفس المواد ولکن بصورة جدیدة تشبه الصورة القدیمة، بلحاظ أنّ عودة نفس الصورة القدیمة ـ بالأخصّ إذا أخذنا فی الاعتبار قید الزمن ـ غیر ممکن، وخصوصاً إذا علمنا ـ مثلا ـ أنّ الإنسان لا یحشر بجمیع المواصفات والکیفیة التی کان علیها سابقاً، فإنّ الشیبة والشیوخ ـ مثلا ـ یحشرون شبّاناً، والمعلولین یحشرون سالمین، وهکذا.

وبتعبیر آخر، فإنّ بدن الإنسان کالطابوق الطینی غیر المفخور ـ اللبن ـ الذی یمرّ علیه الزمان فیتهدّم ویصبح تراباً، ثمّ یجمع من جدید وتصنع منه خمیرة الطین ویوضع فی قالب مرّة اُخرى ویصنع لَبِناً جدیداً مرّة اُخرى. فهذا «اللَبِن» هو من جانب نفس «اللَبِن» القدیم ومن جانب آخر «مثله» «مادّته هی نفس المادّة والصورة مثل الصورة السابقة» «دقّق النظر» (1) .

الآیة اللاحقة تأکید على ما ورد فی الآیات السابقة، وتأکید على حقیقة أنّ أی خلق وإیجاد بالنسبة لله سبحانه وتعالى وقدرته سهل وبسیط، وخلق السموات العظیمة والکرة الأرضیة یعادل فی سهولته إیجاد حشرة صغیرة، فکلاهما بالنسبة له تعالى أمر هیّن بسیط، یقول تعالى: (إنّما أمره إذا أراد شیئاً أن یقول له کن فیکون )، فکلّ شیء مرتبط بأمره وإشارته فقط، وذات بهذه القدرة کیف یشکّ فی تمکّنها فی إحیاء الموتى؟!

وبدیهی أنّ الأمر الإلهی هنا لیس أمراً لفظیاً، کما أنّ جملة «کن» لیست جملة یبیّنها الله سبحانه وتعالى بصورة لفظ، لأنّه تعالى لا یحتاج إلى تلک الألفاظ، بل المقصود هو مجرّد إرادته لإیجاد وإبداع شیء، وإنّما استخدم التعبیر بـ «کن» لأنّه لیس هناک تعبیر أقصر وأصغر وأسرع یمکن تصوّره فی التعبیر عن تلک الحقیقة.

نعم فإرادته لإیجاد شیء ووجود هذا الشیء هی عملیة واحدة.

وبتعبیر آخر: فإنّ الله سبحانه وتعالى ما إن یرد شیئاً إلاّ تحقّق فوراً، ولیس بین إرادته ووجود ذلک الشیء أیّة فاصلة، وعلیه فإنّ «أمره» و«قوله» وجملة «کن» کلّها توضیح لمسألة الخلق والإیجاد. وکما ذکرنا فإنّ الأمر لیس لفظیّاً أو قولیاً، بل کلّها توضیح للتحقّق السریع بوجود کلّ ما أراده سبحانه وتعالى.

وببیان أوضح، إنّ أفعال الله سبحانه وتعالى تمرّ بمرحلتین لا ثالث لهما، مرحلة الإرادة ومرحلة الإیجاد، وهی التی عبّرت عنه الآیة بشکل أمر فی جملة «کن».

بعض المفسّرین القدماء توهّموا أنّ المعنى یشیر إلى وجود قول ولفظ فی عملیة الإیجاد والخلق، واعتبروا ذلک من أسرار الخلق غیر المعروفة، والظاهر أنّهم وقعوا فی عقدة اللفظ، وبقوا بعیدین عن المعنى، وقاسوا أعمال الله على مقاییسهم البشریة.

وما أجمل ما قاله أمیر المؤمنین علیه أفضل الصلاة والسلام فی واحدة من خطبه التی أوردت فی نهج البلاغة: «یقول لما أراد کونه کن فیکون (2)  لا بصوت یقرع، ولا بنداء یسمع، وإنّما کلامه سبحانه فعل منه أنشأه، ومثله لم یکن من قبل ذلک کائناً، ولو کان قدیماً لکان ثانیاً» (3) .

ناهیک عن أنّنا لو افترضنا وجود لفظ أو قول فی عملیة الخلق فسنواجه إشکالین أساسیین:

الأوّل: أنّ (اللفظ) بحدّ ذاته مخلوق من مخلوقات الله ولأجل إیجاده یحتاج سبحانه إلى «کن» اُخرى، ونفس الکلام ینطبق على «کن» الثانیة بحیث نصبح فی عملیة تسلسل غیر منتهیة.

الثانی: أنّ کلّ خطاب یحتاج إلى مخاطب، وفی الوقت الذی لم یوجد فیه شیء حینذاک فکیف یخاطبه الله سبحانه وتعالى بالقول «کن»، فهل أنّ المعدوم یمکن مخاطبته؟!

وقد ورد فی آیات اُخرى من القرآن الکریم نفس هذا المعنى بتعبیرات اُخرى، کما فی الآیة 117 من سورة البقرة: (وإذا قضى أمراً فإنّما یقول له کن فیکون )، وکذا فی الآیة 40 من سورة النحل: (إنّما قولنا لشیء إذا أردناه أن نقول له کن فیکون ) (4) .

الآیة الأخیرة من هذه الآیات وهی فی ذات الوقت آخر آیة من سورة «یس» تنهی البحث فی مسألة المبدأ والمعاد بشکل جمیل وبطریقة الإستنتاج الکلّی فتقول: (فسبحان الذی بیده ملکوت کلّ شیء وإلیه ترجعون ).

ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ «ملکوت» من أصل «ملک» ـ على وزن حکم ـ بمعنى الحکومة والمالکیة، وإضافة (الواو) و(التاء) إلیها للتأکید والمبالغة، یتّضح أنّ معنى الآیة کما یلی: إنّ الحاکمیة والمالکیة المطلقة بدون أدنى قید أو شرط بید قدرته المطلقة، وکذلک فإنّ الله سبحانه منزّه ومبرّأ عن أی عجز أو نقص فی القدرة، وبهذا الشکل فإنّ إحیاء الموتى وإلباس العظام المتفسّخة لباس الحیاة من جدید، کلّ ذلک لن یشکّل لدیه أیّة مشکلة، ولذلک فاعلموا یقیناً أنّکم إلیه ترجعون وأنّ المعاد حقّ.


1. بعض المفسّرین أعادوا الضمیر فی «مثلهم» على السموات والأرض، وقالوا بأنّ إستعمال ضمیر الجمع العاقل لوجود الموجودات العاقلة فی الأرض والسماء کثیر.
البعض الآخر إستنتج من إستخدام کلمة «مثلهم» عدم ضرورة عودة عین الجسم بمواده التی کان یتشکّل منها فی الدنیا، لأنّ شخصیة الإنسان تتعلّق بروحه، وهذه الروح بأی مادّة تعلّقت تکون مثل الإنسان.
ولکن یجب الإلتفات إلى أنّ الکلام لا ینسجم مع ظاهر آیات القرآن الکریم ـ حتى أنّه لا ینسجم مع ظاهر الآیات مورد البحث ـ لأنّ القرآن الکریم یقول بصراحة فی هذه الآیات: إنّه یخلق نفس تلک العظام المتفسّخة من جدید ویلبسها ثوب الحیاة. «تأمّل!!».
2. ورد فی بعض النسخ «لمن أراد» ویبدو أنّ الأنسب هو النص الذی أوردناه «لما أراد».
3. نهج البلاغة، الخطبة 186.
4. هناک بحث آخر فی تفسیر جملة «کن فیکون» فی تفسیر الآیة 117 من سورة البقرة.
سورة یس / الآیة 81 ـ 83 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma