إنقضاء مهلة النّجاة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
أسباب النّزولسورة ص / الآیة 4 ـ 7

مرّة اُخرى تمرّ علینا سورة تبدأ آیاتها الاُولى بحروف مقطّعة وهو حرف (ص ) ویطرح نفس السؤال السابق بشأن تفسیر هذه الحروف المقطّعة: هل هذه إشارة إلى عظمة القرآن المجید الذی یتألّف من مثل هذه الحروف المتیسّرة فی متناول الجمیع کالحروف الهجائیة، والذی غیّرت محتویاته مجرى حیاة الإنسانیة فی هذا العالم...

وأنّ قدرة الله العظیمة هی التی أوجدت من هذه الحروف البسیطة ترکیباً رائعاً عظیماً هو القرآن المجید کلام الله، أم أنّها إشارة إلى رموز وأسرار بین الله سبحانه وتعالى وأنبیائه...

أم أنّها تعنی اُموراً اُخرى؟

مجموعة من المفسّرین إعتبرت هنا حرف (ص) رمزاً یشیر إلى أحد أسماء الله، وذلک لأنّ الکثیر من أسمائه تبدأ بحرف الصاد مثل (صادق)، (صمد)، (صانع) أو أنّه إشارة إلى (صدق الله) التی إختصرت بحرف واحد.

ولابدّ أنّکم طالعتم تفسیر هذه الحروف المقطّعة بصورة مفصّلة فی تفسیر بدایات آیات سور (البقرة) و(آل عمران) و(الأعراف).

ثمّ یقسم الله تعالى بالقرآن ذی الذکر والذی هو حقّاً معجزة إلهیّة (والقرآن ذی الذّکر ) (1) .

فالقرآن ذکر ویشتمل على الذکر، والذکر یعنی التذکیر وصقل القلوب من صدأ الغفلة، تذکّر الله، وتذکّر نعمه، وتذکّر محکمته الکبرى یوم القیامة، وتذکّر هدف خلق الإنسان.

نعم، فالنسیان والغفلة هما من أهمّ عوامل تعاسة الإنسان، والقرآن الکریم خیر دواء لعلاجهما.

فالقرآن الکریم یقول بشأن المنافقین فی الآیة 67 من سورة التوبة: (نسوا الله فنسیهم )أی إنّهم نسوا الله، والله فی المقابل نسیهم وقطع رحمته عنهم.

ونقرأ فی نفس هذه السورة الآیة 26 عن الضالّین، قوله تعالى: (إنّ الّذین یضلّون عن سبیل الله لهم عذاب شدید بما نسوا یوم الحساب ).

نعم، فالنسیان هو الإبتلاء الکبیر الذی ابتلی به الضالّون والمذنبون، حتى أنّهم نسوا أنفسهم وقیمة وجودها، کما قال القرآن الکریم، کلام الله الناطق (ولا تکونوا کالّذین نسوا الله فأنساهم أنفسهم اُولئک هم الفاسقون ). (2)

فالقرآن خیر وسیلة لتمزیق حجب النسیان، وهو نور لإزالة الظلمات والغفلة والنسیان، حیث إنّ آیاته تذکّر الإنسان بالله وبالمعاد، وتعرّف الإنسان قیمة وجوده فی هذه الحیاة.

الآیة التالیة تقول لرسول الله (صلى الله علیه وآله): إذا رأیت هؤلاء لا یستسلمون لآیات الله الواضحة ولقرآنه المجید، فاعلم أنّ سبب هذا لا یعود إلى أنّ هناک ستاراً یغطّی کلام الحقّ، وإنّما هم مبتلون بالتکبّر والغرور اللذین یمنعان الکافرین من قبول الحقّ، کما أنّ عنادهم وعصیانهم ـ هما أیضاً ـ مانع یحول دون تقبّلهم لدعوتک (بل الّذین کفروا فی عزّة وشقاق ).

«العزّة» کما قال الراغب فی مفرداته، هی حالة تحول دون هزیمة الإنسان (حالة الذی لا یقهر) وهی مشتقّة من (عزاز) وتعنی الأرض الصلبة المتینة التی  لا ینفذ الماء خلالها، وتعطی معنیین، فأحیاناً تعنی (العزّة الممدوحة) المحترمة، کما فی وصف ذات الله الطاهر بالعزیز، وأحیاناً تعنی (العزّة بالإثم) أی الوقوف بوجه الحقّ والتکبّر عن قبول الواقع، وهذه العزّة مذلّة فی حقیقة الأمر.

«شقاق» مشتقّة من (شقّ)، ومعناه واضح، ثمّ استعمل فی معنى المخالفة، لأنّ الإختلاف یسبّب فی أن تقف کلّ مجموعة فی شقّ، أی فی جانب.

القرآن هنا یعدّ مسألة العجرفة والتکبّر والغرور وطیّ طریق الإنفصال والتفرقة من أسباب تعاسة الکافرین، نعم هذه الصفات القبیحة والسیّئة تعمی عین الإنسان وتصمّ آذانه، وتفقده إحساسه، وکم هو مؤلم أن یکون للإنسان عیون تبصر وآذان تسمع ولکنّه یبدو کالأعمى والأصم.

فالآیة 206 من سورة البقرة تقول: (وإذا قیل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم ولبئس المهاد ) أی عندما یقال للمنافق: اتّق الله، تأخذه العصبیة والغرور واللجاجة، وتؤدّی به إلى التوغّل فی الذنب والسقوط فی نار جهنّم وإنّها لبئس المکان.

ولإیقاظ اُولئک المغرورین المغفّلین، یرجع بهم القرآن الکریم إلى ماضی تأریخ البشر، لیریهم مصیر الاُمم المغرورة والمتکبّرة، کی یتّعظوا ویأخذوا العبر منها (کم أهلکنا من قبلهم من قرن ).

أی إنّ اُمماً کثیرة کانت قبلهم قد أهلکناها (بسبب تکذیبها الأنبیاء، وإنکارها آیات الله، وظلمها وإرتکابها للذنوب) وکانت تستغیث بصوت عال عند نزول العذاب علیها، ولکن ما الفائدة فقد تأخّر الوقت! ولم یبق أمامهم متّسع من الوقت لإنقاذ أنفسهم (فنادوا وّلات حین مناص ).

فعندما کان أنبیاء الله فی السابق یعظونهم ویحذّرونهم عواقب أعمالهم القبیحة، لم یکتفوا بصمّ آذانهم وعدم الإستماع، وإنّما کانوا یستهزئون ویسخرون من الأنبیاء ویعذّبون المؤمنین ویقتلونهم، فبذلک أضاعوا الفرصة ودمّروا کلّ الجسور التی خلفهم، فنزل العذاب الإلهی لیهلکهم جمیعاً، العذاب الذی رافقه إنغلاق باب التوبة والعودة، وفور نزوله تبدأ أصوات الإستغاثة تتعالى، والتی لا تغنی عنهم یومئذ شیئاً.

وکلمة (لات) جاءت للنفی، وهی فی الأصل (لا) نافیة اُضیفت إلیها (تاء) التأنیث، لتعطی معنى التأکید (3) .

«مناص» من مادّة (نوص) وتعنی الملاذ والملجأ، ویقال: إنّ العرب عندما کانت تقع لهم حادثة صعبة ورهیبة، وخاصّة فی الحروب کانوا یکرّرون هذه الکلمة ویقولون (مناص مناص) أی: أین الملاذ؟ أین الملاذ؟ لأنّ هذا المفهوم یتناسب مع معنى الفرار، وأحیاناً تأتی بمعنى إلى أین الفرار (4) .

على أیّة حال، فإنّ اُولئک المغرورین المغفّلین لم یستفیدوا من الفرصة التی کانت بأیدیهم للجوء إلى أحضان الرحمة واللطف الإلهی، وعندما أضاعوا الفرصة ونزل علیهم العذاب الإلهی، أخذوا ینادون ویستغیثون ویبذلون الجهد للعثور على طریق نجاة لهم، ولکن کلّ هذه الجهود تبوء بالفشل، حیث إنّهم مهما بذلوا من جهد ومهما إستغاثوا فإنّهم لا یصلون إلى مقصدهم.

هذه کانت سنّة الله مع کلّ الاُمم السابقة، وستبقى کذلک، لأنّ سنّة الله لا تتغیّر ولا تتبدّل.

ومن المؤسف أنّ الناس ـ على الأغلب ـ غیر مستعدّین للإتّعاظ من تجارب الآخرین، وکأنّهم راغبون فی تکرار تلک التجارب المُرّة، التجارب التی تقع أحیاناً مرّة واحدة فی طول عمر الإنسان، ولا تتکرّر ثانیة، وبصورة أوضح: إنّها الاُولى والأخیرة.


1. جملة ( والقرآن ذی الذّکر ) جملة قسم جوابها محذوف، وتقدیرها (والقرآن ذی الذکر إنّک صادق وإنّ هذا الکلام معجز).
2. الحشر، 19.
3. البعض قال: إنّ (التاء) زائدة وإعتبرها للمبالغة کما فی کلمة (علامة) کما إعتبر البعض أنّ (لا) هنا (نافیة للجنس) والبعض شبّهها بـ (لیس) وعلى أیّة حال إضافة (التاء) إلى (لا) یوجد أحکاماً خاصّة، منها من المؤکّد أنّها تستخدم للزمان، والاُخرى أنّ إسمها أو خبرها محذوف دائماً، وتذکر فی الکلام بإحدى الحالتین المذکورتین آنفاً، وطبقاً لهذا فإنّ عبارة ( ولات حین مناص ) تقدیرها (ولات الحین حین مناص).
4. مفردات الراغب، تفسیر فخر الرازی، تفسیر روح المعانی، کتاب مجمع البحرین مادّة (نوص).
أسباب النّزولسورة ص / الآیة 4 ـ 7
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma