واضرب لهم مثلا أصحاب القریة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 13 ـ 19 سورة یس / الآیة 20 ـ 30

لمتابعة البحوث الماضیة فی الآیات السابقة حول القرآن ونبوّة الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)، والمؤمنین الصادقین، والکفّار المعاندین، تطرح هذه الآیات نموذجاً من موقف الاُمم السابقة بهذا الصدد، إنّ هذه الآیات وبعضاً من الآیات التالیة لها، والتی تشکّل بمجموعها ثمانی عشرة آیة، تتحدّث حول تأریخ عدد من الأنبیاء السابقین الذین بعثوا لهدایة المشرکین عبّاد الأوثان الذین سمّاهم القرآن الکریم (أصحاب القریة ) وکیف أنّهم نهضوا لمخالفة اُولئک الأنبیاء، وتکذیبهم، وکانت خاتمتهم أن أخذهم العذاب الألیم، لتکون تنبیهاً لمشرکی مکّة من جهة، وتسلیة للرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) ولفئة المؤمنین القلیلة به فی ذلک الیوم، على کلّ حال فإنّ التأکید على إیراد هذه القصّة فی قلب هذه السورة التی تعتبر هی بدورها قلب القرآن الکریم، بسبب تشابه ظروف تلک القصّة مع ظروف المسلمین فی ذلک الیوم.

أوّلا تقول الآیات الکریمة: (واضرب لهم مثلا أصحاب القریة إذ جاءها المرسلون ) (1) .

«القریة» فی الأصل اسم للموضع الذی یجتمع فیه الناس، وتطلق أحیاناً على نفس الناس أیضاً، لذا فمفهومها یتّسع حتى یشمل المدن والنواحی، وأطلقت فی لغة العرب وفی القرآن المجید مراراً على المدن المهمّة مثل «مصر» و«مکّة» وأمثالهما.

لکن ما اسم هذه القریة أو المدینة التی ذُکرت فی هذه الآیة؟

المشهور بین المفسّرین أنّها «أنطاکیة» إحدى مدن بلاد الشام. وهی إحدى المدن الرومیة المشهورة قدیماً، کما أنّها ضمن منطقة نفوذ ترکیا جغرافیاً فی الحال الحاضر، وسنتعرض إلى تفصیل الحدیث عنها فی البحوث الآتیة إن شاء الله، وعلى کلّ حال فإنّه یظهر جیداً من آیات هذه السورة الکریمة أنّ أهل تلک المدینة کانوا یعبدون الأصنام، وأنّ هؤلاء الرسل جاؤوا یدعونهم إلى التوحید ونبذ الشرک.

بعد ذلک العرض الإجمالی العام، تنتقل الآیات إلى تفصیل الأحداث التی جرت فتقول: (إذ أرسلنا إلیهم إثنین فکذّبوهما فعزّزنا بثالث فقالوا إنّا إلیکم مرسلون ) (2) .

أمّا من هم هؤلاء الرسل؟ هناک أخذ وردّ بین المفسّرین، بعضهم قال: إنّ أسماء الإثنین «شمعون» و«یوحنا» والثالث «بولس»، وبعضهم ذکر أسماء اُخرى لهم.

وکذلک هناک أخذ ورد فی أنّهم رسل الله تعالى، أم أنّهم رسل المسیح (علیه السلام) (ولامنافاة مع قوله تعالى: (إذ أرسلنا ) إذ إنّ رسل المسیح رسله تعالى أیضاً)، مع أنّ ظاهر الآیات أعلاه ینسجم مع التّفسیر الأوّل، وإن کان لا فرق بالنسبة إلى النتیجة التی یرید أن یخلص إلیها القرآن الکریم.

الآن لننظر ماذا کان ردّ فعل هؤلاء القوم الضالّین قبال دعوة الرسل، القرآن الکریم یقول: إنّهم تعلّلوا بنفس الأعذار الواهیة التی یتذّرع بها الکثیر من الکفّار دائماً فی مواجهة الأنبیاء (قالوا ما أنتم إلاّ بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شیء إن أنتم إلاّ تکذّبون ).

فإذا کان مقرّراً أن یأتی رسول من قبل الله سبحانه، فیجب أن یکون ملکاً مقرّباً ولیس إنساناً مثلنا. هذه هی الذریعة التی تذرّعوا بها لتکذیب الرسل وإنکار نزول التشریعات الإلهیّة، والمحتمل أنّهم یعلمون بأنّ جمیع الأنبیاء على مدى التاریخ کانوا من نسل آدم، من جملتهم إبراهیم الخلیل (علیه السلام)، الذی عرف برسالته، ومن المسلّم أنّه کان إنساناً، وناهیک عن أنّه هل یمکن لغیر الإنسان أن یدرک حاجات الإنسان ومشکلاته وآلامه؟

وثمّ لماذا أکّدت الآیة أیضاً على صفة «الرحمانیة» لله؟ لعلّ ذلک لأنّ الله سبحانه وتعالى ضمن نقله هذه الصفة فی کلامهم یشعر بأنّ الجواب کامن فی کلامهم، إذ إنّ الله الذی شملت رحمته العالم بأسره لابدّ أن یبعث الأنبیاء والرسل لتربیة النفوس والدعوة إلى الرشد والتکامل البشری.

کذلک یُحتمل أیضاً أن یکونوا قد أکّدوا على وصف الرحمانیة لله لیقولوا بذلک أنّ الله الرحمن العطوف لا یثیر المشاکل لعباده بإرسال الرسل والأنبیاء، بل إنّه یترکهم وشأنهم! وهذا المنطق الخاوی المتهاوی یتناسب مع مستوى تفکیر هذه الفئة الضالّة.

على کلّ حال، فإنّ هؤلاء الأنبیاء لم ییأسوا جرّاء مخالفة هؤلاء القوم الضالّین ولم یضعفوا، وفی جوابهم (قالوا ربّنا یعلم إنّا إلیکم لمرسلون ) ومسؤولیتنا إبلاغ الرسالة الإلهیّة بشکل واضح وبیّن فحسب.

(وما علینا إلاّ البلاغ المبین ).

من المسلّم به أنّهم لم یکتفوا بمجرّد الإدّعاء، أو القسم بأنّهم من قبل الله، بل إنّ ممّا یستفاد من تعبیر «البلاغ المبین» إجمالا أنّهم أظهروا دلائل ومعاجز تشیر إلى صدق ادّعائهم، وإلاّ فلا مصداقیة (للبلاغ المبین)، إذ إنّ البلاغ المبین یجب أن یکون بطریقة تجعل من المیسّر للجمیع أن یدرکوا مراده، وذلک لا یمکن تحقّقه إلاّ من خلال بعض الدلائل والمعجزات الواضحة.

وقد ورد فی بعض الرّوایات أیضاً أنّ هؤلاء الرسل کانت لهم القدرة على شفاء بعض المرضى المستعصی علاجهم ـ بإذن الله ـ کما کان لعیسى (علیه السلام).

ولکن الوثنیین لم یسلموا أمام ذلک المنطق الواضح وتلک المعجزات، بل إنّهم زادوا من

عنفهم فی المواجهة، وإنتقلوا من مرحلة التکذیب إلى مرحلة التهدید والتعامل الشدید (قالوا إنّا تطیّرنا بکم ) (3) .

ویحتمل حدوث بعض الوقائع السلبیة لهؤلاء القوم فی نفس الفترة التی بعث فیها هؤلاء الأنبیاء، وکانت إمّا نتیجة معاصی هؤلاء القوم، أو کإنذارات إلهیّة لهم، فکما نقل بعض المفسّرین فقد توقّف نزول المطر علیهم لمدّة (4) ، ولکنّهم لم یعتبروا من ذلک، بل إنّهم اعتبروا تلک الحوادث مرتبطة ببعثة هؤلاء الرسل، ولم یکتفوا بذلک، بل إنّهم أظهروا سوء نوایاهم من خلال التهدید الصریح والعلنی، وقالوا: (لئن لم تنتهوا لنرجمنّکم ولیمسنّکم منّا عذاب ألیم ).

هل أنّ «العذاب الألیم» هو تأکید على مسألة الرجم، أو زیادة المجازاة أکثر من الرجم وحده؟

یوجد إحتمالان، ولکن یبدو أنّ الإحتمال الثانی هو الأقرب، لأنّ الرجم من أسوأ أنواع العذاب الذی قد ینتهی أحیاناً بالموت، ومن الممکن أنّ ذکر (العذاب الألیم ) إشارة إلى أنّنا سنرجمکم إلى حدّ الموت، أو أنّه علاوة على الرجم فإنّنا سنمارس معکم أنواعاً اُخرى من التعذیب التی کانت تستعمل قدیماً کإدخال الأسیاخ المحمّاة فی العیون أو صبّ الفلز المذاب فی الفمّ وأمثالها.

بعض المفسّرین احتملوا أیضاً أنّ (الرجم) هو تعذیب جسمانی أمّا «العذاب الألیم» فهو عذاب معنوی روحی (5) . ولکن الظاهر أنّ التّفسیر الأوّل هو الأقرب.

أجل، فلأنّ أتباع الباطل وحماة الظلم والفساد لا یملکون منطقاً یمکنهم من المنازلة فی الحوار، فإنّهم یستندون دائماً إلى التهدید والضغط والعنف، غافلین عن أنّ سالکی طریق الله لن یستسلموا أمام أمثال هذه التهدیدات، بل سیزیدون من إستقامتهم على الطریق، فمنذ الیوم الأوّل الذی سلکت فیها أقدامهم طریق الدعوة إلى الله وضعوا أرواحهم على الأکف، واستعدوا لأىّ نوع من الفداء والتضحیة.

هنا ردّ الرسل الإلهیون بمنطقهم العالی على هذیان هؤلاء: (قالوا طائرکم معکم أئن ذکّرتم ).

فإذا أصابکم سوء الحظّ وحوادث الشؤم، ورحلت برکات الله عنکم، فإنّ سبب ذلک فی أعماق أرواحکم، وفی أفکارکم المنحطّة وأعمالکم القبیحة المشؤومة، ولیس فی دعوتنا، فها أنتم ملأتم دنیاکم بعبادة الأصنام وإتّباع الهوى والشهوات، وقطعتم عنکم برکات الله سبحانه وتعالى.

جمع من المفسّرین ذهبوا إلى أنّ جملة (أئن ذکّرتم ) جملة مستقلّة وقالوا: إنّ معناها هو «هل أنّ الأنبیاء إذا جاءوا وذکّروکم وأنذروکم یکون جزاؤهم تهدیدهم بالعذاب والعقوبة وتعتبرون وجودهم شؤماً علیکم؟ وما جلبوا لکم إلاّ النور والهدایة والخیر والبرکة. فهل جواب مثل هذه الخدمة هو التهدید والکلام السیء؟! (6) .

وفی الختام قال الرسل لهؤلاء (بل أنتم قوم مسرفون ).

فإنّ مشکلتکم هی الإسراف والتجاوز، فإذا أنکرتم التوحید وأشرکتم فسبب ذلک هو الإسراف وتجاوز الحقّ، وإذا أصاب مجتمعکم المصیر المشؤوم فبسبب ذلک الإسراف فی المعاصی والتلوّث بالشهوات، وأخیراً ففی قبال الرغبة فی العمل الصالح تهدّدون الهادفین إلى الخیر بالموت، وهذا أیضاً بسبب التجاوز والإسراف.

وسوف نعود إلى شرح قصّة اُولئک القوم، وما جرى لهؤلاء الرسل، بعد تفسیر الآیات الباقیة التی تکمل القصّة.


1. یعتقد البعض بأنّ ( أصحاب القریة ) مفعول للفعل «اضرب» و «مثلا» مفعول ثان مقدّم، والبعض یقول: إنّها بدل عن «مثلا»، ولکن الظاهر رجاحة الإحتمال الأوّل.
2. بعض المفسّرین قالوا بأنّ کلمة «إذ» هنا بدل عن ( أصحاب القریة )، وذهب آخرون بأنّها متعلّق لفعل محذوف تقدیره «اذکر».
3. تقدّم الکلام عن «التطیّر» بالتفصیل فی تفسیر سورة الأعراف، الآیة 131، وذیل الآیة 47 من سورة النمل.
4. تفسیر القرطبی، ذیل الآیات محلّ البحث.
5. وذلک فی حال کون «لنرجمنّکم» من مادّة «رجم» بمعنى السبّ والإتّهام والقذف.
6. التقدیر هو «أئن ذکّرتم قابلتمونا بهذه الاُمور» أو «أئن ذکّرتم علمتم صدق ما قلنا».
سورة یس / الآیة 13 ـ 19 سورة یس / الآیة 20 ـ 30
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma