مقتطفات من قصّة نوح:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 75 ـ 82 هل أنّ البشر الموجودین على الأرض هم من ذریّة نوح؟

من هنا یبدأ سرد قصص تسعة أنبیاء من أنبیاء الله الکبار، والذین کانت الآیات السابقة قد تطرّقت إلیهم بصورة خفیّة، وتشرع الآیات بنوح شیخ الأنبیاء وأوّل اُولی العزم من الرسل.

بدأ البحث بالإشارة إلى دعاء نوح الشدید على قومه بعد أن یئس من هدایتهم (ولقد نادانا نوح فلنعم المجیبون ) (1) .

هذا الدعاء یمکن أن یکون إشارة إلى الدعاء الذی ورد فی سورة نوح (وقال نوح ربّ لا تذر على الأرض من الکافرین دیّاراً * إنّک إن تذرهم یضلّوا عبادک ولا یلدوا إلاّ فاجراً کفّاراً ). (2)

أو إشارة إلى الدعاء الذی دعا به الله أثناء صعوده السفینة (ربّ أنزلنی منزلا مبارکاً وأنت خیر المنزلین ). (3)

أو أنّه إشارة إلى الدعاء الذی جاء فی الآیة 10 من سورة القمر: (فدعا ربّه انّی مغلوب فانتصر ).

وبالطبع فإنّه لیس هناک أی مانع من أن تشیر الآیة إلى کلّ هذه الأدعیة، وإنّ الله سبحانه وتعالى إستجابها بأحسن وجه.

ولذا فإنّ الله سبحانه وتعالى یجیبه فی الآیة التی تلیها بالقول: (ونجّیناه وأهله من الکرب العظیم ) (4) .

فما هو هذا الغمّ الذی وصفته الآیة المبارکة بأنّه غمّ کبیر آلم نوحاً بشدّة؟

یمکن أن یکون ذلک الغمّ نتیجة إستهزاء قومه الکافرین المغرورین به، وتجریحهم إیّاه بکلمات نابیة وساخرة تستهدف إهانته وأتباعه المؤمنین، أو نتیجة تکذیب قومه اللجوجین إیّاه، إذ کانوا یقولون له أحیاناً: (وما نراک اتّبعک إلاّ الذین هم أراذلنا ). (5)

وأحیاناً اُخرى یقولون له: (یانوح قد جادلتنا فأکثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن کنت من الصادقین ). (6)

أو یسخرون منه (ویصنع الفلک وکلّما مرّ علیه ملأ من قومه سخروا منه ). (7)

وقد وصل إزعاجهم لنبی الله نوح ـ المعروف بصبره الکبیر ـ وإساءتهم الأدب إتّجاهه وإتّهامه بالجنون إلى درجة لا تطاق، بحیث دعا نوح ربّه بالقول: (ربّ انصرنی بما کذّبون ). (8)

وعلى أیّة حال، فإنّ مجموع هذه الحوادث السیّئة وأذاهم له کان یحزّ فی قلبه الطاهر بشدّة حتى لحظة وقوع الطوفان، إذ أنقذه الله سبحانه وتعالى من قبضة قومه الطغاة، وأزال عنه الکرب العظیم والغمّ الشدید.

واحتمل بعض المفسّرین أنّ المراد من (الکرب العظیم ) هو الطوفان الذی لم ینج منه سوى نوح وأتباعه المؤمنین، ولکن هذا المعنى مستبعد.

ویضیف القرآن الکریم (وجعلنا ذرّیته هم الباقین ).

أحقّاً أنّ کلّ بنی الإنسان الذین یعیشون الیوم على ظهر الکرة الأرضیة هم من ذریّة نوح؟ الآیة المذکورة أعلاه تصرّح بذلک ..

أم المقصود هو أنّ مجموعة کبیرة من الأنبیاء والأولیاء والصالحین هم من ذریته، ولیس کلّ الناس؟ بهذا الشأن لدینا بحث، سنتطرّق إلیه بعون الله.

وإضافةً إلى ذلک یقول القرآن: أنّنا جعلنا لنوح ثناءً وذکراً جمیلا فی الأجیال والاُمم اللاحقة: (وترکنا علیه فی الآخرین ).

فقد وصفه القرآن المجید بالنّبی المقاوم والشجاع والصبور والرحیم والعطوف، وأطلق علیه لقب شیخ الأنبیاء. وتاریخه اُسطورة للمقاومة والثبات، کما یمکن أن یستلهم سالکو طریق الحقّ من برامجه عبراً ودروساً تمکّنهم من إجتیاز العراقیل التی یضعها الأعداء والجهلة أمامهم.

فبعد تحمّله کافّة الصعاب والآلام، منحه الله سبحانه وتعالى وساماً خالداً یفتخر به فی العالمین (سلام على نوح فی العالمین ).

نعم، فهل هناک فخر أکبر من هذا، وهو أنّ الله یبعث بالسلام والتحیّات لنبیّه نوح، السلام الذی سیبقى یُهدى إلیه من قبل الاُمم الإنسانیة لحین قیام الساعة، والملفت للنظر أنّه من النادر أن یوجد فی القرآن سلام بهذه السعة على أحد، خاصّة وأنّ المراد بالعالمین جمیعها لکونه جمعاً محلّى بالألف واللام (مفیداً للعموم) فیتّسع المعنى لیشمل عوالم البشر واُممهم وجماعاتهم إلى یوم القیامة ویتعدّاهم إلى عوالم الملائکة والملکوتیین.

ولکی تکون خصوصیات نوح (علیه السلام) مصدر إشعاع للآخرین، أضاف القرآن الکریم (إنّا کذلک نجزی المحسنین ) و (إنّه من عبادنا المؤمنین ).

فی الحقیقة، إنّ درجة عبودیة نوح لله وإیمانه به ـ إضافةً إلى إحسانه وعمله الصالح الذی ذکرته الآیتان الأخیرتان ـ کانت السبب الرئیسی وراء اللطف الإلهی الذی شمل نوحاً وأنقذه من الغمّ الکبیر، وبعث إلیه بالسلام، السلام الذی یمکن أن یشمل کلّ من عمل بما عمل به نوح، لأنّ معاییر الألطاف الإلهیّة لا تتخلّف،  ولا تختّص بشخص دون آخر.

أمّا الآیة الأخیرة فی بحثنا فقد وضّحت بعبارة قصیرة شدیدة اللهجة مصیر تلک الاُمّة الظالمة الشریرة الحاقدة (ثمّ أغرقنا الآخرین ).

إذ إنهمر المطر سیلا من السماء، وتفجّرت الأرض عیوناً، وغطّت المیاه الیابسة کبحر هائج دکّ بأمواجه المتلاطمة الشامخة عروش الطغاة ودمّرها، لافظاً إیّاهم بعدئذ أجساداً هامدة لا حیاة فیها ولا روح.

والذی یلفت النظر أنّ الله سبحانه وتعالى إستعرض ألطافه على نوح فی عدّة آیات، فیما بیّن عذابه لقوم نوح العاصین فی عبارة واحدة قصیرة یرافقها التحقیر وعدم الإهتمام بهم، لأنّ حالة نصر المؤمنین وعزّتهم وتأیید الباری سبحانه لهم جدیرة بالتوضیح، وبیان حال المعاندین والعاصین لا یجدر بالإهتمام والإعتناء.


1. «مجیبون» جاءت بصیغة الجمع فی حین أنّ المقصود منها الله سبحانه وتعالى والذی إستجاب لدعاء نوح، هذا بسبب أنّ صیغة الجمع تأتی أحیاناً للتعظیم، کما أنّ ضمیر جمع المتکلّم فی (نادانا) لذلک الغرض أیضاً.
2. نوح، 26 و27.
3. المؤمنون، 29.
4. «کرب» طبق قول الراغب فی مفرداته هی: «الغم الشدید»، ووصفه هنا بالعظیم للتأکید أکثر على هذا المعنى.
5. هود، 27.
6. هود، 32.
7. هود، 38.
8. المؤمنون، 26.
سورة الصافات / الآیة 75 ـ 82 هل أنّ البشر الموجودین على الأرض هم من ذریّة نوح؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma