فاتح مغالیق الأبواب!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 1 ـ 3 بحوث

تبدأ هذه السورة ـ کما هو الحال فی سورة الفاتحة وسبأ والکهف ـ بحمد الله والثناء علیه لخلقه هذا الکون الفسیح، یقول تعالى: (الحمد لله فاطر السموات والأرض ).

«فاطر» من مادّة «فطر» وأصله الشقّ طولا، لأنّ خلق الموجودات یشبه شقّ ظلمة العدم وظهور نور الوجود، استخدم هذا التعبیر فیما یخصّ الخلق، خصوصاً إذا لاحظنا ما یقوله العلم الحدیث من نظریات تشیر إلى أنّ مجموعة عالم الوجود کانت فی البدء کومة واحدة ثمّ انشقّت تدریجیّاً عن بعضها.

وإطلاق کلمة «فاطر» على الله سبحانه وتعالى، یعطی للکلمة مفهوماً جدیداً وأکثر وضوحاً. نعم فنحن نحمد الله ونشکره على خالقیته، لأنّ کلّ ما هو موجود منه تعالى، ولیس لأحد ممّن سواه شیء من ذاته (1) .

ولأنّ تدبیر اُمور هذا العالم قد نیطت من قبل الباری عزّوجلّ ـ بحکم کون عالمنا عالم أسباب ـ بعهدة الملائکة، فالآیة تنتقل مباشرةً إلى الحدیث فی خلق الملائکة وقدراتها العظیمة التی وهبها الله إیّاها!

(جاعل الملائکة رسلا اُولی أجنحة مثنى وثلاث ورباع یزید فی الخلق ما یشاء إنّ الله على کلّ شیء قدیر ).

هنا تطرح ثلاثة أسئلة:

الأوّل: ما هی رسالة الملائکة التی ورد ذکرها فی الآیة؟ هل هی رسالة تشریعیة وجلب الأوامر من الباری إلى الأنبیاء، أم انّها رسالة تکوینیة، أی تحمّل مسؤولیة المأموریات المختلفة فی عالم الخلق، کما سترد الإشارة إلیه لاحقاً، أم یُقصد منه الاحتمالان؟

یتّضح من ملاحظة ما ورد فی الجملة الاُولى، من الحدیث حول خلق السموات والأرض، وما ورد فی الجملة الأخیرة من الحدیث حول الأجنحة المتعدّدة للملائکة، والتی تدلّ على قدرتهم، وکذلک بملاحظة إطلاق مفهوم «الرسالة» بالنسبة إلى جمیع الملائکة (یلاحظ أنّ الملائکة لفظة جمع لإقترانها بالألف واللام وتدلّ على العموم) یتّضح من ذلک کلّه أنّ المقصود من الرسالة مفهوم واسع یشمل کلا من «الرسالة التشریعیّة» و«الرسالة التکوینیة».

إنّ إطلاق لفظة الرسالة على «الرسالة التشریعیة» وإبلاغ الوحی إلى الأنبیاء ورد فی القرآن بکثرة، وإطلاق هذه اللفظة أیضاً على «الرسالة التکوینیة» لیس بالقلیل کذلک.

فی الآیة 21 من سورة یونس نقرأ (إنّ رسلنا یکتبون ما تمکرون ).

وفی الآیة 61 من سورة الأنعام نقرأ (حتى إذا جاء أحدکم الموت توفته رسلنا ).

وفی الآیة 31 من سورة العنکبوت ورد (ولمّا جاءت رسلنا إبراهیم بالبشرى قالوا إنّا مهلکوا أهل هذه القریة إنّ أهلها کانوا ظالمین ).

وفی آیات اُخرى من القرآن نرى أنّه قد عهد إلى الملائکة أیضاً بمأموریات مختلفة عدّت من رسالاتهم أیضاً، وعلیه فإنّ للرسالة مفهوماً واسعاً.

الثانی: ما هو المقصود بالأجنحة التی عبّر عنها بـ (مثنى وثلاث ورباع

لیس من المستبعد أن یکون المقصود بالأجنحة هنا هو القدرة على الإنتقال والتمکّن من الفعل، بحیث یکون بعضهم أفضل من بعض وله قدرة أکبر.

وعلیه فقد ذکرت لهم سلسلة من المراتب بالأجنحة، فبعضهم له أربعة أجنحة (مثنى = إثنان إثنان)، والبعض له ستّة أجنحة، والبعض ثمانیة، وهکذا.

«أجنحة» جمع (جناح) ما یستعین به الطائر على الطیران، وهو بمثابة الید فی الإنسان، ولأنّ الجناح فی الطائر یستخدم کوسیلة مساعدة على الإنتقال والحرکة والفعّالیة، فقد استخدمت هذه الکلمة کنایة عن وسیلة الحرکة ذاتها وعامل القدرة والاستطاعة، فمثلا یقال: إنّ فلاناً إحترقت أجنحته، کنایة عن فقدانه قدرة الحرکة والسعی، أو یقال أنّ الإنسان یجب أن یطیر بجناحی العلم والعمل، والکثیر من هذه التعبیرات التی تشیر إلى المعنى المستعار لهذه الکلمة.

کما یلاحظ أنّ المقصود من تعبیرات مثل «العرش» و«الکرسی» و«اللوح» و«القلم» هی المفاهیم المعنویة لها، ولیس واقعها المادّی.

من الطبیعی أنّه لا یمکن حمل ألفاظ القرآن على غیر معانیها الظاهریة بدون قرینة، ولکن حیثما ظهر أثر لتلک القرائن فلیس هناک مشکلة.

ورد فی بعض الروایات أنّ «جبرئیل» رسول الوحی الإلهی، له ستمائة جناح، وکان یملأ ما بین الأرض والسماء حینما یلتقی به الرّسول (صلى الله علیه وآله) (2) .

أو ما ورد فی «نهج البلاغة» حینما تحدّث أمیر المؤمنین (علیه السلام) عن عظمة الملائکة. فقال: «ومنهم الثابتة فی الأرضین السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العلیا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أرکانهم، والمناسبة لقوائم العرش أکتافهم» (3) .

أو أنّ هناک ملائکة ما بین شحمة آذانهم وعیونهم مسیرة خمسمائة عام من الطیران (4) .

ومن الواضح أنّ هذه التعبیرات لا یمکن حملها على البعد الجسمانی والمادّی، بل المراد بیان العظمة المعنویة وأبعاد القدرة.

ونعلم أنّ الجناح ـ عادةً ـ یُستفاد منه فی جو الأرض، لأنّ الأخیرة محاطة بغلاف غازی من الهواء الضاغط، والطیور إنّما تستفید من أمواج الهواء للطیران، والإرتفاع والإنخفاض، ولکن بمجرد خروجنا من المحیط الغازی للأرض حیث ینعدم الهواء فانّ الجناح لیس له أدنى تأثیر فی تحقیق الحرکة، ویکون حاله حال سائر الأعضاء.

ناهیک عن أنّ المَلَک الذی تکون أقدامه فی أعماق الأرض ورأسه أعلى من أعلى السموات، لیس له حاجة إلى الطیران الجسمانی!!

والبحث فی هل أنّ «الملائکة» أجسام لطیفة أو من المجردات بحث آخر، سنشیر له فی البحوث ان شاء الله. المقصود الآن هو أن نعلم أنّ الجناح والریش بالنسبة لها وسیلة الفعّالیة والحرکة والقدرة، والذی عبّرت عنه القرائن المشار إلیها أعلاه بقدر کاف، بالضبط کما قلناه بالنسبة لـ «العرش» و«الکرسی»، فانّ هاتین الکلمتین تشیران إلى قدرة الله فی العالم من أبعاد مختلفة!!

وفی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) «الملائکة لا یأکلون ولا یشربون ولا ینکحون، وإنّما یعیشون بنسیم العرش» (5) .

السؤال الثالث: هل أنّ عبارة (یزید فی الخلق ما یشاء ) إشارة إلى زیادة أجنحة الملائکة؟ کما قال به بعض المفسّرین؟ أم أنّ لها معنى أوسع من ذلک بحیث یشمل عدا الزیادة فی أجنحة الملائکة الزیادات التی تحصل فی خلق الموجودات الاُخرى؟

إطلاق الجملة من جهة، ودلالة بعض الروایات التی جاءت فی تفسیر هذه الآیات من جهة اُخرى، یشیر إلى أنّ المعنى الثانی هو الأنسب.

فمن جملة ما ورد، حدیث عن الرّسول (صلى الله علیه وآله) فی تفسیر هذه الجملة أنّه قال: «هو الوجه الحسن، والصوت الحسن، والشعر الحسن». (6)

ونقرأ فی حدیث آخر عنه (صلى الله علیه وآله): «حسّنوا القرآن بأصواتکم فإنّ الصوت الحسن یزید القرآن حسناً» وقرأ (یزید فی الخلق ما یشاء ). (7)

بعد الحدیث عن خالقیة الله سبحانه وتعالى، ورسالة الملائکة الذین هم واسطة الفیض الإلهی، تنتقل الآیات إلى الحدیث عن رحمة الله سبحانه، والتی هی الأساس لکلّ عالم الوجود، تقول الآیة الکریمة: (ما یفتح الله للناس من رحمة فلا ممسک لها وما یمسک فلا مرسل له من بعده وهو العزیز الحکیم ).

الخلاصة أنّ تمام خزائن الرحمة عنده، وهو یفیض منها على کلّ من یراه أهلا لها، ویفتح أبوابها حیثما إقتضت حکمته، ولن یستطیع الناس بأجمعهم أن یغلقوا ما فتح ولو کان بعضهم لبعض ظهیراً، أو أن یفتحوا باباً أغلقه سبحانه وتعالى، وهذا المفهوم فی الحقیقة فرع مهم من بحث التوحید حیث یتفرّع عنه فروع اُخرى، «تأمّل».

وقد ورد شبیه هذا المعنى فی الآیات القرآنیة الاُخرى، ففی الآیة 107 من سورة یونس یقول تعالى: (وإن یمسسک الله بضرّ فلا کاشف له إلاّ هو وإن یردک بخیر فلا رادّ لفضله یصیب به من یشاء من عباده وهو الغفور الرحیم ).


1. فیما یخصّ معنى «فاطر» و «فطر» تحدّثنا فی ذیل الآیة 10 من سورة إبراهیم; وکذلک فی تفسیر الآیة 14 من سورة الأنعام.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 349، ح 20.
3. نهج البلاغة، خطبة 1.
4. تفسیر علی بن إبراهیم طبقاً لما نقله نور الثقلین، ج 4، ص 349.
5. فی معنى «العرش» راجع شرحنا لهذه الکلمة فی تفسیر الآیة 54 من سورة الأعراف.
6. تفسیر مجمع البیان، وتفسیر القرطبى، ذیل الآیة مورد البحث.
7. بحارالانوار، ج 92، ص 193.
سورة فاطر / الآیة 1 ـ 3 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma