1ـ الإعتقاد بالمعاد أمر فطری

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
بحوث2ـ أثر الإعتقاد بالمعاد على حیاة البشر

إذا کان الإنسان قد خلق للفناء فیجب أن یکون عاشقاً للفناء، وأن یلتذّ بنهایة عمره وبموته فی حین أنّنا نرى أنّ الموت بمعنى الفناء لم یکن سارّاً للإنسان فی أی وقت، وهو یفرّ منه بکلّ وجوده.

إنّ السعی لإبقاء أجسام الموتى عن طریق التحنیط، وبناء المقابر الخالدة کأهرام مصر، والجری وراء ما یسمّى بماء الحیاة ودواء الشباب وما یطیل العمر، کلّ ذلک دلیل على عشق الإنسان لمفهوم البقاء.

فإذا کنّا قد خلقنا للفناء فما معنى حبّ البقاء سوى أنّها علاقة شاغلة بلا جدوى ولا فائدة.

لا تنسوا أنّنا نتابع البحث فی مسألة المعاد بعد الإتّفاق على الإعتقاد بوجود الله الحکیم العالم، ونحن نعتقد بأنّ کلّ ما خلقه الله سبحانه وتعالى فی وجودنا إنّما هو وفقاً لحساب وغرض، وبناءاً علیه فإنّ عشق البقاء لابدّ أن یکون له حساب خاصّ، منسجم مع الخلق والعالم بعد الدنیا.

وبتعبیر آخر: فلو أنّ نظام الخلق أوجد فینا عطشاً، فإنّ ذلک دلیل على أنّ للماء وجوداً فی العالم الخارجی، کذلک فإنّ وجود الغریزة الجنسیة والمیل إلى الجنس الآخر یدلّل على وجود الجنس الآخر فی العالم الخارجی، وإلاّ فإنّ الإنجذاب بدون أن یکون له مدلول وموضوع خارجی لا یتّفق مع حکمة الخلق.

ومن جهة اُخرى فعندما نبحث فی التاریخ البشری منذ أیّام نشأة ذلک التاریخ فإنّنا نجد دلائل کثیرة على الإعتقاد الراسخ لدى الإنسان بالحیاة بعد الموت، فالآثار التی وصلت إلینا من البشر الغابرین ـ وحتى إنسان ما قبل التاریخ ـ وبالأخصّ طریقة دفن الموتى، وکیفیة بناء القبور، وحتى دفن الأشیاء المختلفة مع الموتى، کلّها دلیل على ما ترسّخ فی وجدانهم من الإعتقاد بالحیاة بعد الموت.

«صاموئیل کنیک» أحد علماء النفس المعروفین یقول: «إنّ التحقیقات الدقیقة تشیر إلى أنّ المجموعات البشریة الاُولى على سطح الأرض، کانت لهم إعتقادات معیّنة، لأنّهم کانوا یلحدون موتاهم بطریقة معیّنة فی الأرض، ویضعون معهم وسائل وآلات أعمالهم التی کانوا یمارسونها قبل الموت إلى جانبهم، وبهذه الطریقة فإنّهم یثبتون إعتقادهم بوجود عالم ما بعد الموت» (1) .

فهؤلاء اعتقدوا بالحیاة بعد الموت، وإن کانوا قد سلکوا طریقاً خاطئاً فی إعتقادهم کتوهّمهم أنّ تلک الحیاة شبیهة بهذه الحیاة تماماً.

على کلّ حال، فلا یمکن قبول أنّ ذلک الإعتقاد القدیم مجرّد وهم أو نتیجة للتلقین والعادة.

ومن جهة ثالثة، فإنّ وجود محکمة «الوجدان»، دلیل آخر على فطریة الإعتقاد بالمعاد. فکلّ إنسان عندما ینجز عملا حسناً فإنّه یستشعر فی أعماقه وفی وجدانه الطمأنینة التی لا یمکن أحیاناً وصفها بأی بیان أو کلام.

وعلى العکس عندما یرتکب الذنوب وخصوصاً الجنایات الکبرى، فإنّه یستشعر عدم الراحة، إلى حد تصل الحالة فی البعض إلى الإنتحار، أو یسلّموا أنفسهم إلى المحاکم لنیل العقاب والتعلّق على أعواد المشانق.

کلّ ذلک دلیل على عذاب الضمیر والوجدان.

وللإنسان أن یسأل نفسه: کیف یمکن أن یکون عالم صغیر کعالم النفس له تلک المحکمة، ولا یکون لهذا العالم العظیم مثل هذا الوجدان وهذه المحکمة؟!

وبهذا الشکل یتّضح أنّ الإعتقاد بمسألة المعاد والحیاة بعد الموت أمر فطری، ومن عدّة طرق:

من طریق العشق البشری العام للبقاء.

ومن طریق وجود ذلک الإعتقاد بالحیاة بعد الموت على طول التاریخ البشری.

ومن طریق وجود النموذج المصغّر لها فی داخل الإنسان.


1. علم الإجتماع (ساموئیل کنیک)، ص 192 (مع قلیل من التلخیص).
بحوث2ـ أثر الإعتقاد بالمعاد على حیاة البشر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma