1ـ دروس مهمّة فی قصّة أیّوب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
حیاة أیّوب الملیئة بالحوادث والعبر:2ـ أیّوب (علیه السلام) فی القرآن والتوراة

رغم أنّ قصّة هذا النّبی الصابر أدرجت فی أربع آیات فی هذه السورة، إلاّ أنّها وضّحت حقائق مهمّة، منها:

أ) الإمتحان الإلهی واسع وکبیر جدّاً ویشمل حتى الأنبیاء الکبار، إذ یکون إمتحانهم أشدّ وأصعب من الآخرین، لأنّ طبیعة الحیاة فی هذه الدنیا بنیت على هذا الأساس، ومن دون هذا الإمتحان فإنّ الإمکانیات والطاقات الکامنة فی الإنسان لا تتفجّر.

ب) الفرج بعد الشدّة نقطة اُخرى تکمن فی مجریات هذه القصّة، فعندما تشتدّ أمواج الحوادث والبلاء على الإنسان وتحیط به من کلّ جانب، علیه أن لا ییأس ویفقد الأمل، وإنّما علیه أن یدرک أنّها بدایة تفتح أبواب الرحمة الإلهیّة علیه، کما یقول أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام): «عند تناهی الشدّة تکون الفرجة، وعند تضایق حلق البلاء یکون الرخاء» (1) .

ج) مجریات هذه القصّة توضّح بصورة جیّدة بعض غایات البلاء والحوادث الصعبة فی الحیاة، وتجیب على من یرى فی وجود الآفات والبلایا تناقضاً مع برهان النظم فی بحوث التوحید، لأنّ وجود مثل هذه الحوادث الصعبة والشدیدة فی حیاة الإنسان ـ من أنبیاء الله الکبار وحتى عموم الناس ـ یعدّ أمراً ضروریاً، فالامتحان ـ کما ذکرنا ـ یفجّر طاقات الإنسان الکامنة، ویوصله فی آخر الأمر إلى التکامل فی وجوده.

لذا فقد ورد فی الروایات الإسلامیة عن الإمام الصادق (علیه السلام): «إنّ أشد الناس بلاءاً الأنبیاء، ثمّ الذین یلونهم، الأمثل فالأمثل» (2) .

کما ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام): «إنّ فی الجنّة منزلة لا یبلغها عبد إلاّ بالإبتلاء» (3) .

د) أحداث هذه القصّة تعطی درساً فی الصبر لکلّ المؤمنین الواقعیین الرسالیین، الصبر والتحمّل الذی یعقبه الظفر والإنتصار فی کلّ المجالات، ونیل المقام المحمود والمنزلة الرفیعة عند الباریء عزّوجلّ.

هـ) أحیاناً یکون إمتحان شخص ما، هو إمتحان فی نفس الوقت لأصدقائه وللمحیطین به، کی یعرف حجم صداقتهم ومحبّتهم إیّاه، ومقدار وفائهم له، فعندما فقد أیّوب أمواله وثرواته وصحّته تفرّق عنه أصحابه، ولم یکتفوا بالإبتعاد عنه، وإنّما اتّحدت ألسنتهم مع ألسنة أعدائه فی الشماتة به وإلقاء اللائمة علیه، وکشفوا بفعلتهم هذه عن حقیقة أنفسهم، وکما لاحظنا فإنّ أیّوب کان یتألّم من جراح ألسنتهم أکثر من تألّمه من مرضه، والشعر المعروف یقول:

جراحات السنان لها التیام *** ولا یلتام ما جرح اللسان

جراح الکلام لیس له التئام.

و) أحبّاء الله لیسوا من یذکر الله عند الرخاء، وإنّما أحبّاء الله الواقعیون هم اُولئک الذین یذکرون الله دائماً فی السرّاء والضرّاء، وفی البلاء والنعمة، وفی المرض والعافیة، وفی الفقر والغنى، وإنّ تأثیرات الحیاة المادیّة لا تترک على إیمانهم وأفکارهم أدنى أثر.

قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی خطبته الخاصّة بوصف المتّقین التی بیّنها لصاحبه المخلص «همام» وإستعرض فیها أکثر من 100 صفة للمتّقین، قال فی إحدى تلک الصفات: «نزلت أنفسهم منهم فی البلاء کالتی نزلت فی الرخاء».

ز) هذه القصّة أکّدت مرّة اُخرى حقیقة أنّ فقدان الإمکانات المادیّة، ونزول المصائب، وحلول المشاکل والفقر، لا تعنی عدم شمول الإنسان بلطف الباریء عزّوجلّ، کما أنّ إمتلاک الإمکانات المادیّة لیس دلیلا على بُعد الإنسان عن الله سبحانه وتعالى، وإنّما یمکن أن یکون الإنسان عبداً مقرّباً لله مع إمتلاکه للکثیر من الإمکانات المادیّة، بشرط أن لا یکون عبداً لأمواله وأولاده ومقامه الدنیوی، وإن فقدها لا یفقد الصبر معها.


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 351.
2. سفینة البحار، ج 1، ص 105، مادّة (بلاء).
3. المصدر السابق.
حیاة أیّوب الملیئة بالحوادث والعبر:2ـ أیّوب (علیه السلام) فی القرآن والتوراة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma