هل یمکن قبول إله واحد بدلا من کلّ تلک الآلهة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
أسباب النّزولسورة ص / الآیة 8 ـ 11

المغرورون والمتکبّرون لا یعترفون بأمر لا یلائم أفکارهم المحدودة والناقصة، إذ یعتبرون أفکارهم المحدودة والناقصة مقیاساً لکلّ القیم. لذا فعندما رفع رسول الله (صلى الله علیه وآله) لواء التوحید فی مکّة، وأعلن الإنتفاضة ضدّ الأصنام الکبیرة والصغیرة فی الکعبة، والبالغ عددها 360 صنماً، تعجّبوا: لماذا جاءهم النذیر من بینهم؟ (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ).

کان تعجّبهم بسبب أنّ محمّد (صلى الله علیه وآله) رجل منهم... فلماذا لم تنزل ملائکة من السماء بالرسالة؟.. هؤلاء تصوّروا أنّ نقطة القوّة هذه نقطة ضعف، فالذی یبعث من بین قوم، هو أدرى بإحتیاجات وآلام قومه، کما أنّه أعرف بمشکلاتهم وتفصیلات حیاتهم، ویمکن أن یکون لهم اُسوة وقدوة، إلاّ أنّهم اعتبروا هذا الإمتیاز الکبیر نقطة سلبیة فی دعوة الرّسول (صلى الله علیه وآله) وتعجّبوا من أمر بعثته إلیهم.

وأحیاناً کانوا یجتازون مرحلة التعجّب إلى مرحلة إتّهام رسول الله بالسحر والکذب (وقال الکافرون هذا ساحر کذّاب ).

وقلنا عدّة مرّات: إنّ إتّهامهم الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) بالسحر، إنّما نتج من جرّاء رؤیتهم لمعجزاته التی لا تقبل الإنکار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفکار المجتمع، وإتّهامه بالکذب بسبب تحدّثه باُمور تخالف سنّتهم الخرافیة وأفکارهم الجاهلیة التی کانت جزءاً من الاُمور المسلّم بها فی ذلک المجتمع، وإدّعاء الرسالة من الله.

وعندما أظهر رسول الله (صلى الله علیه وآله) دعوته لتوحید الله، أخذ أحدهم ینظر للآخر ویقول له:

تعال واسمع العجب العجاب (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشیء عجاب ) (1) .

نعم، فالغرور والتکبّر إضافة إلى فساد المجتمع، تساهم جمیعاً فی تغیّر بصیرة الإنسان، وجعله متعجّباً من بعض الاُمور الواقعیة والواضحة، فی حین یصرّ بشدّة على التمسّک ببعض الخرافات والأوهام الواهیة.

وکلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطی معنى المبالغة، وتقال لأمر عجیب مفرط فی العجب.

فالسفهاء من قریش کانوا یعتقدون أنّه کلّما إزدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم وقدرتهم، ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد یعدّ قلیلا من وجهة نظرهم، فی حین ـ کما هو معلوم ـ أنّ الأشیاء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفیة تکون دائماً محدودة، والوجود اللامحدود واحد لا أکثر، ولهذا السبب فإنّ کلّ الدراسات فی معرفة الله تنتهی إلى توحیده.

وبعد أن یئس طغاة قریش من توسّط أبی طالب فی الأمر وفقدوا الأمل، خرجوا من بیته، ثمّ إنطلقوا وقال بعضهم لبعض، أو قالوا لأتباعهم: اذهبوا وتمسّکوا أکثر بآلهتکم، واصبروا على دینکم، وتحمّلوا المشاق لأجله، لأنّ هدف محمّد هو جرّ مجتمعنا إلى الفساد والضیاع وزوال النعمة الإلهیّة عنّا بسبب ترکنا الأصنام، وإنّه یرید أن یترأّس علینا (وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتکم إنّ هذا لشیء یراد ).

«إنطلق» مشتقّة من (إنطلاق) وتعنی الذهاب بسرعة والتحرّر من عمل سابق، وهنا تشیر إلى ترکهم مجلس أبی طالب وعلامات الضجر والغضب بادیة علیهم.

و (الملأ) إشارة إلى أشراف قریش المعروفین الذین ذهبوا إلى أبی طالب، وبعد خروجهم من بیته تحدّث بعضهم لبعض أو لأتباعهم أن لا تترکوا عبادة أصنامکم وأثبتوا على عبادة آلهتکم.

وجملة (لشیء یراد ) تعنی أنّ هناک أمراً یراد بنا. ولکونها جملة غامضة بعض الشیء، فقد ذکر المفسّرون لها تفاسیر عدیدة، منها: أنّها إشارة إلى دعوة الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)، إذ اعتبرت قریش هذه الدعوة مؤامرة ضدّها، وقالت: إنّ ظاهرها یدعو إلى الله، وباطنها یهدف إلى السیادة والرئاسة علینا وعلى العرب، وما هذه الدعوة إلاّ ذریعة لتنفیذ ذلک الأمر، أی السیادة والرئاسة، ودعت الناس إلى التمسّک أکثر بعبادة الأصنام، وترک تحلیل أمر هذه المؤامرة إلى زعماء القوم، وهذا الاُسلوب طالما لجأ إلیه أئمّة الضلال لإسکات أصوات السائرین فی طریق الحقّ، إذ یطلقون على الدعوة إلى الله لفظة (مؤامرة) المؤامرة التی یجب أن یتولّى رجال السیاسة تحلیلها بدقّة لوضع الخطط والبرامج المنظّمة لمواجهتها، وأن یمرّ بها عامة الناس مرّ الکرام من دون أن یعیروا لها أی إهتمام، وأن یتمسّکوا أکثر بما عندهم، أی بأصنامهم.

ونظیر هذا الحدیث ورد فی قصّة نوح، عندما قال الملأ من قوم نوح لعامّتهم (ما هذا إلاّ بشر مثلکم یرید أن یتفضّل علیکم ). (2)

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من هذه العبارة هو: یاعبدة الأصنام أثبتوا واستقیموا على آلهتکم، لأنّ هذا هو المطلوب منکم.

أمّا البعض الآخر فقد قال: المقصود هو أنّ محمّداً یستهدفنا نحن، وأنّه یرید جرّ مجتمعنا إلى الفساد من خلال ترکنا لآلهتنا، وفی نهایة الأمر ستزال النعم عنّا وینزل علینا العذاب!

فیما احتمل البعض الآخر أنّ المراد هو أنّ محمّداً لن یتوقّف عن دعوته وأنّه مصمّم على نشرها بعزم راسخ، ولهذا فإنّ المحادثات معه عقیمة، فاذهبوا وتمسّکوا أکثر بعقائدهم.

وأخیراً احتمل بعض المفسّرین أنّ المقصود هو أنّ المصیبة ستحلّ بنا، وعلى أیّة حال، علینا أن نتهیّأ لها وأن نتمسّک أکثر بسنّتنا.

وبالطبع، لکون هذه الجملة لها مفهوم عامّ، فإنّ أغلب التفاسیر یمکن أن تعطی المعنى المطلوب، رغم أنّ التّفسیر الأوّل یعدّ أنسب من بقیّة التفاسیر.

وعلى أیّة حال، فإنّ زعماء المشرکین أرادوا بهذا القول تقویة المعنویات المنهارة لأتباعهم، والحیلولة دون تزعزع معتقداتهم، ولکن کلّ مساعیهم ذهبت أدراج الریاح.

ولخداع عوامّ الناس وإقناع أنفسهم، قال زعماء المشرکین (ما سمعنا بهذا فی الملّة الآخرة إن هذا إلاّ اختلاق ).

فلو کان ادّعاء التوحید وترک عبادة الأصنام أمراً واقعیّاً لکان آباؤنا الذین کانوا بتلک العظمة والشخصیّة قد أدرکوا ذلک، وکنّا قد سمعنا ذلک منهم، لذا فهو مجرّد حدیث کاذب ولیست له سابقة.

وعبارة (الملّة الآخرة ) یحتمل أنّها تشیر إلى جیل آبائهم باعتباره آخر جیل بالنسبة لهم، ویمکن أن تکون إشارة إلى أهل الکتاب وخاصّة (النصارى) الذین کانوا آخر الملل، ودینهم کان آخر الأدیان قبل ظهور نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، أی إنّنا لم نعثر فی کتب النصارى على شیء ممّا یقوله محمّد، وذلک لأنّ کتب النصارى کانت تقول بالتثلیث، أمّا التوحید الذی دعا إلیه محمّد فإنّه أمر جدید.

ولکن یتّضح من آیات القرآن الکریم أنّ عرب الجاهلیة لم یکونوا معتمدین على کتب الیهود والنصارى، وإنّما إعتمادهم الأساس کان على سنن وشرائع أجدادهم وآبائهم، وهذا دلیل على صحّة التّفسیر الأوّل.

«إختلاق» مشتقّة من (خلق) وتعنی إبداء أمر لم تکن له سابقة، کما تطلق هذه الکلمة على الکذب، وذلک لأنّ الکذّاب غالباً ما یطرح مواضیع لا وجود لها، ولهذا فإنّ المراد من کلمة (إختلاق) فی الآیة ـ مورد البحث ـ أنّ التوحید الذی دعا إلیه هذا النبیّ مجهول بالنسبة لنا ولآبائنا الأوّلین، وهذا دلیل على بطلانه.


1. «الجعل» بمعنى التصییر، وهو ـ کما قیل ـ تصییر بحسب القول والإعتقاد والدعوى لا بحسب الواقع.
2. المؤمنون، 24.
أسباب النّزولسورة ص / الآیة 8 ـ 11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma