هل یمکن حقّاً أن تحبط الأعمال الصالحة للإنسان بسبب أعمال سیئة یرتکبها؟ وهل أنّ هذه المسألة لا تتعارض مع عدالة الباریء عزّوجلّ من جهة، ومع ظواهر الآیات التی
تقول: (فمن یعمل مثقال ذرّة خیراً یره * ومن یعمل مثقال ذرّة شرّاً یره )؟ (1)
البحث فی هذه المسألة طویل وعریض سواء من حیث الادلة العقلیة أو النقلیة، وقد أوردنا جزءاً منه فی ذیل الآیة 217 من سورة البقرة، وسنذکره فی نهایة بعض الآیات التی تتناسب مع الموضوع فی المجلدات القادمة إن شاء الله.
وممّا تجب الإشارة إلیه هنا هو: إذا کان هناک شک فی مسألة (إحباط الأعمال) بسبب المعاصی، فإنّه لا ینبغی أن یشکّ أبداً فی تأثیر الشرک على إحباط الأعمال، لأنّ آیات کثیرة فی القرآن المجید ـ أشیر إلى بعضها آنفاً ـ تقول وبصراحة (إنّ الوفاة على الإیمان) هی شرط قبول الأعمال، وبدونها لا یقبل من الإنسان أىّ عمل.
فقلب المشرک کالأرض السبخة التی مهما بذرت فیها أنواع بذور الورد، ومهما هطل علیها المطر الذی هو مصدر الحیاة، فإنّ تلک البذور سوف لن تنبت أبداً.