علیک الاخلاص فی الدین!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 1 ـ 3 الفرق بین التنزیل والإنزال:

هذه السورة تبدأ بآیتین تتحدّثان عن نزول القرآن المجید: الأولى تقول: إنّ الله هو الذی أنزل القرآن، والثانیة: تبیّن محتوى وأهداف القرآن.

فی البدایة تقول: (تنزیل الکتاب من الله العزیز الحکیم ) (1) .

من الطبیعی أنّ کلّ کتاب تتمّ معرفته من خلال مؤلفه أو منزله، وعندما ندرک أنّ هذا الکتاب السماوی الکبیر مستلهم من علم الله القادر والحکیم، الذی لا یقف أمام قدرته المطلقة شیء، ولا یخفى على علمه المطلق أمر، لأیقنّا بلا عناء أنّ محتویاته حقّ وکلّها حکمة ونور وهدایة.

مثل هذه العبارات عندما ترد فی بدایات سور القرآن، ترشد المؤمنین إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ کلّ ما هو موجود فی القرآن المجید هو کلام الله ولیس بکلام الرّسول (صلى الله علیه وآله)، رغم کون کلامه (صلى الله علیه وآله) بلیغاً وحکیماً أیضاً.

ثم تنتقل السورة إلى عرض محتویات هذا الکتاب السماوی وأهدافه (إنّا أنزلنا إلیک الکتاب بالحقّ ).

لا یوجد فیه غیر الحقّ، ولهذا السبب یتبعه طلاب الحقّ، والباحثون عن الحقیقة مشغولون بالبحث فی محتویاته، من هنا، ولکون هدف نزول القرآن یتحدد فی إعطاء الدین الخالص للبشریة، فإنّ آخر الآیة یقول: (فاعبد الله مخلصاً له الدّین ).

قد یکون المراد هنا من کلمة (دین) هو عبادة الله، لأنّ الجملة التی وردت قبلها (فاعبدالله ) فیها أمر بالعبادة، ولذا فإنّ العبارة التی تلیها (مخلصاً له الدّین )تبیّن شروط صحة العبادة والتی تتمثل فی الإخلاص واجتناب الشرک والریاء.

على کلّ حال فإنّ اتساع مفهوم (الدین) وعدم ذکر قید أو شرط له، یعطی معنى واسعاً، بحیث یشمل العبادات وبقیة الأعمال، إضافة إلى العقائد، وبعبارة اُخرى فإنّ (الدین) یتناول مجموعة شؤون الحیاة المادیة والمعنویة للإنسان، ویجب على عباد الله المخلصین أن یخلصوا کلّ حیاتهم لله وأن یطهّروا قلوبهم وأرواحهم وساحة عملهم ودائرة حدیثهم عن کل ما هو لغیر اللّه، وأن یفکّروا به ویعشقوه، وأن یتحدّثوا عنه ویعملوا من أجله، وأن یسیروا دائماً فی سبیل رضاه، وهذا هو (إخلاص الدین).

ولذا لا یوجد أیّ داع أو دلیل واضح لتحدید مفهوم الآیة فی شهادة (لا إله إلا الله) أو بخصوص (العبادة والطاعة).

الآیة التّالیة تؤکّد مرّة اُخرى على مسألة الإخلاص، وتقول: ( ألا لله الدّین الخالص )وهذه العبارة ذات معنیین:

الأوّل: هو أنّ البارىء عزّوجلّ لا یقبل سوى الدین الخالص، والاستسلام الکامل له من دون أیّ قید أو شرط، ولا یقبل أىّ عمل فیه ریاء أو شرک، أو خلط للقوانین الإِلهیّة بغیرها من القوانین الوضعیة.

والثّانی: هو أنّ الدین والشریعة الخالصة یجب أخذها من الله فقط، لأنّ أفکار الإنسان ناقصة وممزوجة بالأخطاء والأوهام.

ولکن وفق ما جاء فی ذیل الآیة السابقة فإنّ المعنى الأوّل أنسب، لأنّ الذین یؤدّون المطلوب منهم بإخلاص، هم العباد، ولهذا فإنّ هذا الخلوص فی الآیة مورد بحثنا یجب أن یراعى من جانب اُولئک.

وهناک دلیل آخر على هذا الکلام، وهو حدیث ورد عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)، جاء فیه أنّ رجلا قال لرسول الله: یا رسول الله! إنّا نعطی أموالنا التماس الذکر، فهل لنا من أجر؟ فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله): لا، قال: یا رسول الله! إنّا نعطی التماس الأجر والذکر، فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله): «إنّ الله تعالى لا یقبل إلاّ من أخلص له، ثمّ تلا هذه الآیة: (ألا لله الدّین الخالص ) (2) .

وعلى أیّة حال، فإنّ هذه الآیة فی الواقع استدلال للآیة التی جاءت قبلها، فهناک تقول: (فاعبدالله مخلصاً له الّدین ) وهنا تقول: (ألا لله الدّین الخالص ).

مسألة الإخلاص تناولتها الکثیر من الآیات القرآنیة والأحادیث الإسلامیة، وبدء الجملة مورد بحثنا بـ (ألا) التی تستعمل عادة لجلب الإنتباه، هو دلیل آخر على أهمیة هذا الموضوع.

ثم تنتقل الآیة إلى إبطال المنطق الواهی الضعیف للمشرکین الذین ترکوا طریق الإخلاص، وضاعوا فی طرق الشرک والإنحراف: (و الّذین اتّخذوا من دونه أولیاء ما نعبدهم إلاّ لیقرّبونا إلى الله زلفى إنّ الله یحکم بینهم فیما هم فیه یختلفون ) (3) ، وهنا سیتّضح للجمیع فساد أفکارهم وأعمالهم وبطلان عقائدهم.

هذه الآیة هی تهدید قاطع للمشرکین فی أنّ البارىء عزّوجلّ سیحاکمهم فی یوم القیامة، الیوم الذی تنکشف فیه الإلتباسات وتظهر فیه الحقائق، لیجزوا ویعاقبوا على ما ارتکبوه من الأعمال المحرّمة، إضافة إلى فضیحتهم أمام الجمیع فی ساحة المحشر.

منطق عبدة الأصنام واضح هنا، فأحد أسباب عبادة الأصنام هی أنّ مجموعة کانت تزعم أنّ الله سبحانه وتعالى أجلّ من أن یحیط به الإدراک الإنسانی من عقل أو وهم أو حس، فهو منزّه عن أن یکون مورداً للعبادة مباشرة، فلذا قالوا: من الواجب أن نتقرّب إلیه بالتقرّب إلى مقربیه من خلقه، وهم الذین فوّض إلیهم تدبیر شؤون العالم، فنتخذهم أرباباً من دون الله ثمّ آلهة نعبدهم ونتقرّب إلیهم لیشفعوا لنا عند الله ویقربونا إلیه زلفى، وهؤلاء هم الملائکة والجن وقدّیسو البشر.

ولمّا أحسّوا بأن لیس باستطاعتهم الوصول إلى أولئک المقدّسین، بنوا تماثیل لهم، وأخذوا یعبدونها، وهذه التماثیل هی نفسها الأصنام، ولأنّهم کانوا یزعمون أن لا فرق بین التماثیل واُولئک المقدّسین وأنّ لهما نوعاً من التوحّد، لذا عمدوا إلى عبادة الأصنام واتخاذها آلهة لهم.

وبهذا الشکل فإنّ الأرباب فی نظرهم، هم اُولئک الذین خلقهم الله وقرّبهم إلى نفسه، وفوّض إلیهم تدبیر شؤون العالم حسب زعمهم، وکانوا یعتبرون البارىء عزّوجلّ هو (رب الأرباب) وهو خالق عالم الوجود، ومن النادر أن یوجد من الوثنیین من یقول بأنّ هذه الأصنام المصنوعة من الحجر والخشب، أو حتى آلهتهم الوهمیة ـ أی الملائکة والجن وأمثالهم ـ هی التی خلقت هذا الکون وأوجدته (4) .

وبالطبع فإنّ هناک أسباباً اُخرى لعبادة الأصنام، منها أنّ الإحترام الفائق الذی یکنّونه فی بعض الأحیان للأنبیاء والصالحین یتسبب فی احترام حتى التمثال الذی ینحت أو یصنع لهم بعد وفاتهم، ومع مرور الزمن تأخذ هذه التماثیل طابعاً استقلالیاً، ویتبدّل الإحترام إلى عبادة، ولهذا فإنّ الإسلام نهى بشدّة عن صنع التماثیل.

وقد ورد فی کتب التاریخ أنّ عرب الجاهلیة کانوا یکنّون إحتراماً فائقاً للکعبة الشریفة ولأرض مکّة المکرّمة، ولهذا کانوا یأخذون معهم قطعة حجر صغیرة من تلک الأرض عندما یذهبون إلى مکان آخر، ویضفون علیها الإحترام والتقدیس، ومن ثمّ یعمدون إلى عبادتها.

وما ورد فی قصّة (عمرو بن لحی) ـ التی جاء فیها، أنّ عمراً فی إحدى رحلاته إلى بلاد الشام شاهد بعض مشاهد عبدة الأصنام، وفی طریق عودته إلى الحجاز، اصطحب معه صنماً من بلاد الشام، ومنذ ذلک الحین بدأت عبادة الأصنام فی الحجاز ـ لایتعارض مع ما ذکرناه، لأنّه یبیّن بعض جذور عبادة الأصنام، وعمل أهل الشام من عبادة الأصنام کان مأخوذاً من أحد تلک الأمور أو نظائرها.

عبادة الأصنام ـ بأىّ شکل کانت ـ ما هی إلاّ أوهام وخیالات لا صحة لها ترشّحت من أفکار ضعیفة وعاجزة، حرفت الناس عن الطریق الرئیسی الأصیل لمعرفة الله.

والقرآن المجید یؤکّد بصورة خاصّة على أنّ الإنسان یستطیع أن یتصل بالله من دون أىّ واسطة، وأن یتحدّث معه ویناجیه ویطلب منه حاجته، ویطلب العفو والتّوبة، فکلّ هذه الاُمور من الله وتحت تسلّط قدرته. وسورة الحمد توضّح هذه الحقیقة، لانّ قراءة المسلم المستمرة لهذه السورة فی صلواته الیومیة، تجعله على اتصال مباشر مع البارىء عزّوجلّ، إذ أنّه یقرؤها ویطلب من الله ـ دون أی واسطة ـ حاجاته.

سبل الإستغفار والتوبة، وکذلک طلب العون من البارىء عزّوجلّ وما ورد فی الأدعیة المأثورة، کلها تبیّن أنّ الإسلام لا یرى وجود واسطة فی هذا الأمر، وهذه هی حقیقة التوحید. حتى أنّ مسألة الشفاعة والتوسل بأولیاء الله مشروطة باذن البارىء عزّوجلّ وسماحه، وهذا تأکید على مسألة التوحید.

ویجب أن تکون العلاقة هکذا، لأنّ الله سبحانه وتعالى أقرب إلینا من أیّ شیء، کما یقول بذلک القرآن: (ونحن أقرب إلیه من حبل الورید ) (5) ، (واعلموا أنّ الله یحول بین المرء وقلبه ) (6) .

وبهذا الشکل فالبارىء عزّوجلّ لیس ببعید عنّا، ولسنا بعیدین عنه کی تکون هناک حاجة للوساطة بین الطرفین، إنّه أقرب إلینا من کلّ قریب، وموجود فی کل مکان وفی أعماق قلوبنا.

وفقاً لهذا فإنّ عبادة الوسطاء من الملائکة والجنّ ونظائرهم، أو الأصنام الحجریة والخشبیة، عمل باطل لا صحّة له، إضافة إلى أنّه یعدّ کفراً بنعمة اللّه، لأنّ الذی یهب النعم أجدر بالعبادة من تلک الموجودات المیتة، أو المحتاجة إلى الآخرین من أعلى رأسها إلى أخمص قدمها. لذا یقول القرآن المجید فی نهایة الآیة: (إن الله لا یهدی من هو کاذب کفّار ).

فلا یهدیه إلى الطریق الصحیح فی هذا العالم، ولا إلى الجنّة فی العالم الآخر، لأنّه أوصد بکلتا یدیه أبواب الهدایة أمامه، ولأنّ البارىء عزّوجلّ یبعث فیض هدایته إلى من یراه لائقاً ومستعداً لإستقبالها، ولا یبعثها إلى الذین تعمّدوا قتل الإستعدادات الموجودة فی قلوبهم وذاتهم.


1. (تزیل الکتاب ) خبر لمبتدأ محذوف والتقدیر «هذا تنزیل الکتاب»، واحتمل بعض المفسّرین أنّ «تنزیل الکتاب» مبتدأ و«من الله» خبر. لکن الرأی الأوّل أصحّ، و«تنزیل» مصدر بمعنى المفعول. فتکون إضافته إلى الکتاب من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، والمعنى (هذا الکتاب منزل من الله).
2. تفسیر روح المعانی، ج 23، ص 212، ذیل الآیات مورد البحث.
3. من الواضح أنّ فی الآیة المذکورة أعلاه وقبل عبارة (ما نعبدهم ) جملة تقدیرها «و یقولون ما نعبدهم».
4. تفسیر المیزان، ج 17، ص 247، مع بعض التغییرات.
5. ق، 16.
6. الأنفال، 24.
سورة الزّمر / الآیة 1 ـ 3 الفرق بین التنزیل والإنزال:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma