فوائد الأنعام للإنسان!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 71 ـ 76 بحث

یعود القرآن الکریم مرّة اُخرى فی هذه الآیات إلى مسألة التوحید والشرک، ویشیر ـ ضمن تعداد قسم من آثار عظمة الله فی حیاة البشر، وحلّ مشکلاتهم ورفع حاجاتهم ـ إلى ضعف وعجز الأصنام، وبمقارنة واضحة یشطب على الشرک ویثبت بطلانه، وفی نفس الوقت یثبت حقّانیة خطّ التوحید.

تقول الآیة الکریمة الاُولى: (أو لم یروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أیدینا أنعاماً فهم لها مالکون ) (1) .

ولکی یستفیدوا بشکل جیّد من هذه الحیوانات: (وذلّلناها لهم فمنها رکوبهم ومنها یأکلون ).

ولا تنتهی منافعها إلى هذا الحدّ، بل (ولهم فیها منافع ومشارب ) وعلیه (أفلا یشکرون )الشکر الذی هو وسیلة معرفة الله وتشخیص ولیّ النعمة.

هنا یجب الإلتفات إلى بعض الاُمور:

من بین النعم المختلفة التی تغمر الإنسان، أشارت الآیة إلى نعمة وجود الأنعام، لأنّها تشکّل حضوراً دائماً فی حیاة الإنسان الیومیة، إلى حدّ أنّ حیاة الإنسان إقترنت بها، بحیث لو أنّها حذفت من صفحة حیاة الإنسان فإنّ ذلک سیشکّل عقدة ومشکلة بالنسبة إلى معیشته وأعماله، غیر أنّ الإنسان لا یلتفت إلى أهمّیتها لأنّه تعوّد رؤیتها یومیاً.

جملة (عملت أیدینا ) کنایة عن إعمال القدرة الإلهیّة بشکل مباشر، إذ إنّ أهمّ الأعضاء التی یمارس بها الإنسان قدرته ویعبّر عنها هی یداه، لهذا السبب کانت «الید» کنایة عن القدرة، کأن یقول أحدهم: «إنّ المنطقة الفلانیة فی یدی» کنایة عن أنّها تحت سیطرته ونفوذه، ویقول القرآن فی هذا الصدد (ید الله فوق أیدیهم ). (2)

وذکر «الأیدی» هنا بصیغة الجمع إشارة إلى مظاهر متنوّعة لقدرة الباری عزّوجلّ.

جملة (فهم لها مالکون ) المبتدأة بفاء التفریع، إشارة إلى أنّ الخلق مرتبط بقدرتنا، وأمّا المالکیة فقد فوّضناها إلى الإنسان، وذلک منتهى اللطف الإلهی، وعلیه فلا محلّ للإشکال الذی ظهر لبعض المفسّرین نتیجة وجود «فاء التفریع»، فالمعنى تماماً کما نقول لشخص: هذا البستان زرعناه وأعمرناه، انتفع منه أنت، وهذا منتهى إظهار المحبّة والإیثار.

جملة (وذلّلناها لهم ) إشارة إلى مسألة فی غایة الأهمّیة، وهی تذلیل هذه الحیوانات للإنسان. فتلک الحیوانات القویة والتی تنسى فی بعض الأحیان ذلک التذلیل الإلهی، وتثور وتغضب وتعاند فتصبح خطرة إلى درجة أنّ عشرات الأشخاص لا یمکنهم الوقوف أمامها وفی حالاتها الاعتیادیة فإنّ قافلة کاملة من الجمال یقودها تارةً صبی لم یبلغ الحلم، ویدفعها فی الطریق الذی یرتئیه!

إنّه لأمر عجیب حقّاً، فإنّ الإنسان غیر قادر على خلق ذبابة، ولا حتى ترویضها وتذلیلها لخدمته، أمّا الله القادر المنّان فإنّه خلق ملایین الملایین من الحیوانات المختلفة، وذلّلها للإنسان لتکون فی خدمته دوماً.

جملة (فمنها رکوبهم ومنها یأکلون ) ـ مع الإلتفات إلى أنّ (رکوبهم) صفة مشبّهة بمعنى (مرکوبهم) ـ إشارة إلى أنّ الإنسان ینتخب قسماً منها للرکوب وقسماً آخر للتغذّی، وإن کان لحم أغلب الحیوانات المشهورة حلال بنظر الإسلام، إلاّ أنّ الإنسان استفاد عملیّاً من بعضها فقط للتغذیة، فمثلا لحم الحمیر لا یستفاد منه إلاّ فی الضرورة القصوى.

ومن الواضح انّ ذلک إذا اعتبرنا «منها» فی کلا الجملتین «للتبعیض الإفرادی»، أمّا لو اعتبرنا الاُولى «للتبعیض الافرادی» والثانیة «للتبعیض الأجزائی» یکون معنى الآیة (بعض الحیوانات تنتخب للرکوب وینتخب جزء من أجسامها للتغذیة (إذ إنّ العظام وأمثالها غیر قابلة للأکل).

(لهم فیها منافع ) إشارة إلى فوائد الحیوانات الکثیرة الاُخرى التی تتحقّق للإنسان، ومن جملتها الأصواف والأوبار التی تصنع منها مختلف الملابس والخیم والفرش، والجلود التی تصنع منها الحقائب والملابس والأحذیة ووسائل اُخرى مختلفة، وحتى فی عصرنا الحاضر الذی تمیّزت فیه الصناعات التقلیدیة من منتجات الطبیعة لا زال الإنسان فی مسیس الحاجة إلى الحیوانات من حیث التغذیة ومن حیث الفوائد الاُخرى کالألبسة ووسائل الحیاة الاُخرى، وحتى بعض أنواع الأمصال واللقاحات ضدّ الأمراض التی یستفاد فیها من دماء بعض الحیوانات، بل حتى أنّ أتفه الأشیاء الحیوانیة وهی روثها أصبح ومنذ وقت طویل مورد إستفادة الإنسان لتسمید المزارع وتغذیة النباتات المثمرة.

(مشارب ) إشارة إلى الحلیب الذی یؤخذ من تلک الدواب ویؤمّن مع منتجاته قسماً مهمّاً من المواد الغذائیة للإنسان، بشکل أضحت فیه صناعة الحلیب ومنتجاته تشکّل الیوم رقماً مهمّاً فی صادرات وواردات الکثیر من الدول، ذلک الحلیب الذی یشکّل غذاء للإنسان، ویخرج من بین دم وفرث لبناً سائغاً یلتذّ به الشاربون، ویکون عاملا لتقویة الضعفاء.

جملة (أفلا یشکرون ) جاءت بصیغة الاستفهام الاستنکاری، وتهدف إلى تحریک الفطرة والعواطف الإنسانیة لشکر هذه النعم التی لا تحصى، والتی ورد جانب منها فی الآیات أعلاه، وکما نعلم فإنّ «لزوم شکر المنعم» أساس لمعرفة الله، إذ إنّ الشکر لا یمکن أن یکون إلاّ بمعرفة المنعم، إضافةً إلى أنّ التأمّل فی هذه النعم وإدراک أنّ الأصنام لیس لها أدنى تأثیر أو دخل فیها، سیؤدّی إلى إبطال الشرک.

لذا فإنّ الآیة التالیة، تنتقل إلى الحدیث عن المشرکین ووصف حالهم فتقول: (واتّخذوا من دون الله آلهة لعلّهم ینصرون ).

فیا له من خیال باطل وفکر ضعیف؟ ذلک الذی یعتقد بهذه الموجودات الضعیفة التافهة التی لا تملک لنفسها ـ ناهیک عن الآخرین ـ ضرّاً ولا نفعاً، ویجعلونها إلى جانب الله

سبحانه وتعالى ویقرنونها به تعالى، ویلجأون إلیها لحلّ مشاکل حیاتهم؟ نعم، فهم یلجأون إلیها لتکون عزّاً لهم: (واتّخذوا من دون الله آلهة لیکونوا لهم عزّاً ). (3)

ویتوهّمون أنّها تشفع لهم عند الله (ویعبدون من دون الله ما لا یضرّهم ولا ینفعهم ویقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ). (4)

على کلّ حال، فإنّ جمیع هذه الأوهام نقش على الماء، وکما یقول القرآن الکریم فی الآیة 192 من سورة الأعراف: (ولا یستطیعون لهم نصراً ولا أنفسهم ینصرون ).

وعلیه تضیف الآیة التالیة: إنّ المعبودات لا تستطیع نصرة المشرکین، وسیکون هؤلاء المشرکون جنوداً مجنّدة یتقدّمونها إلى جهنّم: (لا یستطیعون نصرهم وهم لهم جند محضرون ).

ویا له من أمر ألیم أن یصطف هؤلاء المشرکون بصفوف تتقدّمها تلک الأصنام لیدخلوا جهنّم زمراً فی ذلک الیوم العظیم، دون أن یستطیعوا حلّ عقدة مشکلة واحدة من مشکلات هؤلاء المشرکین فی ذلک الموقف الرهیب.

التعبیر بـ (محضرون ) یکون عادةً للتحقیر، لأنّ إحضار الأفراد دون أن یکون لموافقتهم أو عدمها أثر إنّما یدلّل على حقارتهم، وبناءً على هذا التّفسیر فإنّ الضمیر الأوّل «هم» فی جملة (وهم لهم جند محضرون ) یعود على «المشرکین»، والضمیر الثانی یعود على «الأصنام»، فی حال أنّ بعض المفسّرین احتملوا العکس بحیث تکون الأصنام والأوثان هی التابعة للمشرکین فی یوم القیامة. وفی نفس الوقت فإنّهم ـ المشرکین ـ لیس لهم فی الأوثان أدنى أمل، والظاهر أنّ التّفسیر الأوّل أنسب.

وعلى کلّ حال، فإنّ هذه التعابیر تصدق ـ فقط ـ على المعبودات الحیّة ذات الشعور کالشیاطین والعصاة من الجنّ والإنس، ولکن یحتمل أیضاً أنّ الله سبحانه وتعالى یبعث الروح فی تلک الأصنام والأوثان ویعطیها العقل والشعور لکی توبّخ هی اُولئک الذین عبدوها فی الدنیا، وضمناً نقول إنّ هذه الأوثان الحجریة والخشبیة ستکون هی الحطب الذی یؤجّج على اُولئک المشرکین نار جهنّم (إنّکم وما تعبدون من دون الله حَصَب جهنّم أنتم لها واردون ). (5)

أخیراً ـ وفی آخر آیة من هذه الآیات، ولمواساة الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) وتثبیت فؤاده إزاء مکر المشرکین، والفتن والأعمال الخرافیة ـ تقول الآیة الکریمة:

(فلا یحزنک قولهم ) تارةً یقولون شاعر، واُخرى ساحر وأمثال ذلک من التهم (إنّا نعلم ما یسّرون وما یعلنون ).

فلا تخفى علینا نوایاهم، ولا مؤامراتهم فی الخفاء، ولا جحودهم وتکذیبهم لآیاتنا فی العلن، نعلم بکلّ ذلک، ونحفظ لهم جزاءهم إلى یوم الحساب، وستکون أنت أیضاً فی أمان من شرّهم فی هذه الدنیا.

وبهذا الحدیث الإلهی المواسی یمکن لکلّ مؤمن أیضاً ـ مضافاً إلى الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)ـ أن یکون مطمئن القلب بأنّ کلّ شیء فی هذا العالم هو بعین الله، وسوف لن یصیبه شیء من مکائد الأعداء، فهو تعالى لا یترک عباده المخلصین فی اللحظات والمواقف العصیبة، وهو دوماً حام لهم وحافظ.


1. جملة «أو لم یروا...» جملة معطوفة على سابقتها بواو العطف، ولکن حین دخول الهمزة الاستفهامیة على الجملة فإنّها تتصدّرها، (والرؤیة) هنا بمعنى المعرفة، أو الإبصار.
2. الفتح، 10.
3. مریم، 81.
4. یونس، 18.
5. الأنبیاء، 98.
سورة یس / الآیة 71 ـ 76 بحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma