الثقافة التوحیدیة تمنح عباد الله المؤمنین طریقة خاصّة فی الحیاة، تبعدهم عن السُبل الملوّثة بالشرک القائمة على أساس عبادة الأوثان، أو اللجوء إلى بعض البشر الضعاف.
وبصراحة ووضوح أکثر نقول: فی عالمنا الیوم وحیث تتحکّم فی البشریة قدرتان من الشرق والغرب، فإنّ الدول الصغیرة ـ عادةً ـ وکلّ ما عدا تلکم القدرتین ستفکّر لأجل حفظ نفسها والبقاء بالإتّکاء على إحدى تلک القدرتین الصنمین، وتطلب حمایتها والإفادة من قدرتها، فی حال أنّ التجارب أثبتت أنّ هاتین القدرتین عند بروز المشاکل والحوادث المستعصیة والإضطرابات لا تستطیع حلّ مشکلاتها ولا مشکلات من یدور فی فلکها.
وما أجمل ما یقوله القرآن واصفاً هذه الحالة: (لا یستطیعون نصرهم ولا أنفسهم ینصرون )، وهذا تحذیر لجمیع المسلمین وسالکی طریق التوحید الخالص، بأن یبتعدوا عن تلک الأصنام، ویلجأوا إلى ظلّ اللطف الإلهی، وأن یعتمدوا على أنفسهم، وعلى طاقة الإیمان، وأن لا یدعوا طریقاً لهذه الأفکار الإشراکیة الملوّثة تصل إلى فکرهم بحیث یلجأون إلى تلک القدرات ویستنجدونها فی الملمّات، وأن یطهّروا الثقافة الإسلامیة والمجتمعات الإسلامیة من هذه الأفکار، وأن یعلموا بأنّهم قد نالوا ضربات عدیدة حتى الآن نتیجة هذا المنطق ـ سواء أمام إسرائیل الغاصبة أو الأعداء الآخرین ـ فی حال أنّه لو
کان هذا الأصل القرآنی الأصیل یحکم فیهم فإنّ حالهم لم تکن لتبلغ هذا المستوى من الهزیمة والإنکسار، آملین أن نصل إلى الیوم الذی نعید فیه بناء أفکارنا حسب المفاهیم والمبادىء القرآنیة، وأن نعتمد على أنفسنا، ونلجأ إلى ظلّ اللطف الإلهی فنعیش أعزّاء مرفوعی الرؤوس أحراراً إن شاء الله.