الهبات التی منّ الله تعالى بها على أهل الجنّة ـ المذکورة فی الآیات السابقة ـ هی مجموعة من الهبات المادیّة والمعنویة، ونستشف من عبارة (اُولئک لهم رزق معلوم ) أنّ أوّل هبة هی تلک المتعلّقة بالهبات المعنویة والروحیة التی یعجز اللسان عن وصفها.
أمّا الأقسام الستّة الاُخرى وهی الفواکه، والشراب الطاهر، والزوجات الصالحات، والإحترام الکامل، والمسکن الحسن، والأصدقاء الجیدون فی الجنّة، فقد أعطت أبعاداً مختلفة لنعم الجنّة، والتی غالباً ما تمزج بالعطایا والمنح المادیة والمعنویة.
لکن کلّ ما طرحناه کان بلغتنا التی لا تستطیع أبداً أن تعکس کلّ جوانب النعم فی الجنّة، ومن الطبیعی فإنّنا نحتاج إلى حواس سمع ونظر وإدراک اُخرى، إضافةً إلى ألفاظ وجمل وکلام آخر، کی نتمکّن من شرح هذه الاُمور.
وبعبارة اُخرى، فإنّ حقیقة النعم التی تغدق على أهل الجنّة خفیّة عن أهل الدنیا، إلاّ إذا ذهبوا إلى هناک وشاهدوها عن قرب لیدرکوها.
على أیّة حال، فإنّ (عباد الله المخلصین ) (1) والذین وصلوا فی علومهم وإیمانهم إلى مرحلة الکمال، أعزّاء عند الله، ویشملهم اللطف الإلهی بصورة غیر محدودة، ومهما تصوّرنا علو مقامهم، فإنّهم أفضل وأعلى من ذلک.