یرى الراغب فی مفرداته أنّ الخسران یعنی ذهاب رأس المال کلّه أو بعضه، وأحیاناً تنسب إلى الإنسان، عندما یقال: (الشخص الفلانی خسر) وأحیاناً تنسب إلى العمل عندما یقولون: (خسرت تجارته).
وتستخدم کلمة (خسران) أحیاناً فی حالة فقدان الثروة الظاهریة، کالمال والجاه الدنیوی، وأحیاناً اُخرى تستخدم فی حالة فقدان ثروة معنویة کالصحة والسلامة والعقل والإیمان والثواب، وهذا هو الشیء الذی سمّاه الباریء عزّوجلّ (الخسران المبین) فکلّ خسران ذکره الباریء عزّوجلّ فی القرآن الکریم إنّما یشیر إلى المعنى الثّانی ولیس إلى الخسران الخاص بثروات الدنیا وتجارته (1) .
وقد شبّه القرآن الإنسان بتجارة الأثریاء الذین یدخلون أسواق التجارة العالمیة برؤوس أموال کبیرة، فالبعض منهم یجنی أرباحاً کبیرة، والبعض الآخر یخسر خسارة فادحة.
آیات کثیرة فی القرآن المجید تطرّقت إلى مثل هذا التعبیر والتشبیه، حیث توضّح الحقیقة التالیة: إنّ النجاة من العذاب الإلهی لا تتحقق بالجلوس وانتظار هذا وذاک، وإنّ السبیل الوحید للنجاة هو الاستفادة من الثروة، وبذل الجهود والمساعی فی هذه التجارة الکبیرة، لأنّ کلّ شیء یعطى بثمن، ولا یعطى بالمعاذیر!
وقد یتساءل البعض: ما هی أسباب وصف خسارة المشرکین والمذنبین بالخسران المبین؟
الجواب هو:
أوّلا: لأنّهم باعوا أفضل ثروة لدیهم ـ أی العمر والعقل والإدراک والعواطف الانسانیة ـ بدون مقابل.
ثانیاً: لو أنّهم باعوا تلک الثروة من دون أن یشتروا العذاب والعقاب لکان أمراً هیّناً بعض الشیء، لکنّ الأمر لم یکن کذلک إذ أنّهم بخسرانهم لتلک الثروة العظیمة هیّأوا لأنفسهم عذاباً ألیماً وعظیماً.
ثالثاً: إنّ هذه الخسارة لا یمکن أن تعوّض بأیّ ثمن، وهذه هی (الخسران المبین).
1. مفردات الراغب مادة (خسر).
