الإدّعاءات الکاذبة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 161 ـ 170 سورة الصافات / الآیة 171 ـ 177

الآیات السابقة تحدّثت عن الآلهة المختلفة التی کان المشرکون یعبدونها، أمّا الآیات ـ مورد بحثنا الآن ـ فتتابع ذلک الموضوع، حیث توضّح فی کلّ بضع آیات موضوعاً یتعلّق بهذا الأمر.

بدایة البحث تؤکّد الآیات على أنّ وساوس عبدة الأصنام لا تؤثّر فی الطاهرین والمحسنین، وإنّما قلوبکم المریضة وأرواحکم الخبیثة هی التی تستسلم لتلک الوساوس، قال تعالى: (فإنّکم وما تعبدون ).

نعم، أنتم وما تعبدون لا تستطیعون خداع أحد بوسائل الفتنة والفساد عن الطریق المؤدّی إلى الله (ما أنتم علیه بفاتنین ) (1) إلاّ اُولئک الذین یریدون أن یحترقوا فی نار جهنّم (إلاّ من هو صالّ الجحیم ).

هذه الآیات ـ خلافاً لما یتصوّره أتباع مذهب الجبر ـ دلیل ضدّ هذا المذهب، وهی إشارة إلى أنّه لا یعذر أی أحد إنحرف عن الطریق المستقیم، مدّعیاً أنّه قد خدع، وإنحرافه وعبادته للأوثان بسبب هذه الوساوس، ولذا تقول الآیات المبارکة، أنتم ـ المشرکون ـ لا قدرة لدیکم على إضلال الأشخاص وخداعهم، إلاّ إذا کان اُولئک یتّجهون بإرادتهم نحو صراط الجحیم.

وعبارة (صال الجحیم ) شاهد على الکلام المذکور أعلاه، لأنّ کلمة (صالی) جاءت بصیغة اسم الفاعل، وعندما تستخدم أی کلمة بصیغة اسم الفاعل بشأن موجود عاقل فإنّها تعطی مفهوم تنفیذ العمل بإرادته واختیاره، مثل (قاتل)(جالس) و(ضارب)، إذن فإنّ (صال الجحیم ) تعنی رغبة الشخص فی الإحتراق بنار جهنّم، وبهذا تغلق کافّة طرق الأعذار أمام کلّ المنحرفین.

والذی یثیر العجب أنّ بعض المفسّرین المعروفین فسّروا الآیة بالمعنى التالی: (إنّکم لا تستطیعون خداع أحد، إن لم یکن مقدّراً له الإحتراق بنار جهنّم).

إن کان حقّاً هذا هو معنى الآیة، فلِمَ یبعث الأنبیاء؟ ولأی سبب تنزل الکتب السماویة؟ وما معنى محاسبة ولوم وتوبیخ عبدة الأوثان یوم القیامة التی نصّت علیها الآیات القرآنیة؟ وأین ذهب عدل الباری عزّوجلّ؟

نعم، یجب قبول هذه الحقیقة، وهی أنّ الإقرار بمبدأ الجبر ضدّ مبدأ الأنبیاء تماماً، ویمسخ کلّ المفاهیم التی بعثوا من أجل ترسیخها، ویقضی على کلّ القیم الإلهیّة والإنسانیة.

ومن الضروری الإلتفات إلى هذه النقطة وهی أنّ (صالی) مشتقّة من (صلى) وتعنی إشعال النار والدخول فیها أو الإحتراق بها و(فاتن) إسم فاعل مشتقّة من (فتنة) وتعنی الذی یثیر الفتن والذی یضلّ الآخرین.

بعد إنتهاء بحثنا حول الآیات الثلاث السابقة التی وضّحت مسألة إختیار الإنسان فی مقابل فتن وإغراءات عبدة الأصنام، نواصل بحثنا حول الآیات الثلاث التالیة والتی تتناول المرتبة العالیة لملائکة الله، وتقول مخاطبة عبدة الأصنام: إنّ الملائکة التی کنتم تزعمون أنّها بنات الله لها مقام معیّن، والجمیل فی هذه العبارة أنّ الملائکة هی التی تتحدّث عن نفسها (وما منّا إلاّ له مقام معلوم ) (2) .

وتضیف ملائکة الرحمن: وإنّنا جمیعاً مصطفون عند الله فی إنتظار أوامره، (وإنّا لنحن الصافّون ).

وإنّنا جمیعاً نسبّحه، وننزّه عمّا لا یلیق بساحة کبریائه (وإنّا لنحن المسبّحون ).

نعم، نحن عباد الله، وقد وضعنا أرواحنا على الأکف بإنتظار سماع أوامره، إنّنا لسنا أبناء الله، إنّنا ننزّه الباری عزّوجلّ من تلک المزاعم الکاذبة والقبیحة وإنّنا منزعجین ومشمئزّین من خرافات وأوهام المشرکین.

فی الحقیقة، إنّ الآیات المذکورة أعلاه أشارت إلى ثلاث صفات من صفات الملائکة:

الاُولى: أنّ لکلّ واحد منهم مقام معیّن ومشخّص لیس له أن یتعدّاه.

والثانیة: أنّهم مستعدّون دائماً لإطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى وتنفیذها فی عالم الوجود، وهذا الشیء مشابه لما ورد فی الآیتین 26 و27 من سورة الأنبیاء (بل عباد مکرمون * لا یسبقونه بالقول وهم بأمره یعملون ).

والثالثة: أنّهم یسبّحون الله دائماً وینزّهونه عمّا لا یلیق بساحة کبریائه.

الآیتان (إنّا لنحن الصافّون * وإنّا لنحن المسبّحون ) تعطیان مفهوم الحصر فی الأدب العربی، وبعض المفسّرین قالوا فی تفسیر هاتین الآیتین: إنّ الملائکة ترید أن تقول: نحن فقط المطیعون لأوامر الله والمسبّحون الحقیقیون له، وهذه إشارة إلى أنّ طاعة الإنسان لله تعالى وتسبیحه یعدّ لا شیء بالنسبة لطاعة وتسبیح الملائکة لله، ولا یمکن المقارنة بینهما.

والذی یلفت الإنتباه أنّ مجموعة من المفسّرین نقلوا فی نهایة هذه الآیات حدیثاً عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)، قال فیه: «ما فی السموات موضع شبر إلاّ وعلیه ملک یصلّی ویسبّح» (3) .

وجاء فی روایة اُخرى: «ما فی السماء موضع قدم إلاّ علیه ملک ساجد أو قائم» (4) .

وفی روایة ثالثة ورد أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) کان جالساً مع مجموعة من أصحابه، فقال لهم: «أطت السماء وحقّ لها أن تأط! لیس فیها موضع قدم إلاّ علیه ملک راکع أو ساجد، ثمّ قرأ: (وإنّا لنحن الصافّون * وإنّا لنحن المسبّحون )» (5) .

العبارات المختلفة کنایة لطیفة عن أنّ عالم الوجود مکتظّ بالمطیعین لأوامر الله والمسبّحین له.

الآیات الأربع الأخیرة من هذا البحث تشیر إلى أحد الأعذار الواهیة التی تذرّع بها المشرکون فیما یخصّ هذه القضیّة وعبادتهم للأصنام، وتجیب علیهم قائلة: (وإن کانوا لیقولون ) (6) .

(لو أنّ عندنا ذکراً من الأوّلین * لکنّا عباد الله المخلصین ).

یقول المشرکون: لا تتحدّثوا کثیراً عن عباد الله المخلصین الذین أخلصهم الله لنفسه، وعن الأنبیاء العظام أمثال نوح وإبراهیم وموسى، لأنّه لو کان الله قد شملنا بلطفه وأنزل علینا أحد کتبه السماویة لکنّا فی زمرة عباده المخلصین.

وهذا مشابه لما یقوله الطلاب الکسالى الراسبون فی دروسهم، من أجل التغطیة على کسلهم وعدم مثابرتهم، لو کان لدینا معلّم واُستاذ جیّد لکنّا من الطلبة الأوائل.

الآیة التالیة تقول: لقد تحقّق ما کانوا یأملونه، إذ أنزل علیهم القرآن المجید الذی هو أکبر وأعظم الکتب السماویة، إلاّ أنّ هؤلاء الکاذبین فی إدّعاءاتهم کفروا به، ولم یفوا بما قالوا، واتّخذوا موقفاً معادیاً إزاءه، فسیعلمون وبال کفرهم (فکفروا به فسوف یعلمون ) (7) .

کفاکم کذباً وإدّعاءً، ولا تعتقدوا أنّکم أکفّاء للإنضمام إلى صفوف عباد الله المخلصین، فکذبکم واضح، وادّعاءاتکم غیر صادقة، فلیس هناک کتاب خیر من القرآن المجید، ولا یوجد هناک نهج تربوی خیر من نهج الإسلام، فکیف کان موقفکم من هذا الکتاب السماوی؟ فانتظروا العواقب الألیمة لکفرکم وعدم إیمانکم.


1. المشهور أنّ الترکیب النحوی لهذه الآیة وما قبلها وما بعدها بهذه الصورة: (ما) فی جملة (ما تعبدون) هی (ما) الموصولة معطوفة على اسم أنّ، وجملة ( ما أنتم علیه بفاتنین ) خبرها. و (ما) فی (ما أنتم) نافیة، وضمیر (علیه) یعود على الله سبحانه وتعالى، وفی مجموعها نحصل على ما یلی (إنّکم وآلهتکم التی تعبدونها لا تقدرون على إضلال أحد على الله بسببها إلاّ من یحترق بنار الجحیم بسوء إختیاره).
والبعض الآخر إعتبر الآیة ( إنّکم وما تعبدون ) کلاماً تامّاً مستقلا وتعنی أنّکم وآلهتکم، ثمّ تقول فی الآیة التالیة: ما أنتم بحاملین على عبادة ما تعبدونه إلاّ من هو صال الجحیم.
2. نقرأ فی بعض الرّوایات التی نقلت عن أهل البیت (علیهم السلام) أنّ الأئمّة المعصومین هم المقصودون فی هذه الآیة، ومن الممکن أن یکون هذا التّفسیر من قبیل تشبیه مقام الأئمّة بالملائکة، أی کما أنّ للملائکة مقاماً وتکلیفاً معیّناً، فإنّ لنا مقاماً وتکلیفاً معیّناً أیضاً.
3. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5581.
4. المصدر السابق.
5. تفسیر الدرّالمنثور، نقلا عن تفسیر المیزان، ج 17، ص 188.
6. «إن» مخفّفة من الثقیلة وتقدیرها (وإنّهم کانوا لیقولون).
7. فی الکلام حذف تقدیره (فلمّا آتاهم الکتاب وهو القرآن کفروا به فسوف یعلمون عاقبة کفرهم).
سورة الصافات / الآیة 161 ـ 170 سورة الصافات / الآیة 171 ـ 177
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma