الخطوط الرئسیة لمناهج العباد المخلصین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 10 ـ 16 1ـ حقیقة الخسران!

تتمة لما جاء فی بحث الآیات السابقة التی قارنت بین المشرکین المغرورین والمؤمنین المطیعین لله، وبین العلماء والجهلة، فإنّ آیات بحثنا هذا تبحث الخطوط الرئیسیة لمناهج عباد الله الحقیقیین المخلصین وذلک ضمن سبعة مناهج وردت فی عدّة آیات تبدأ بکلمة (قل).

الآیة الاُولى تحثّ النّبی (صلى الله علیه وآله) على التقوى: (قل یا عباد الّذین آمنوا اتّقوا ربّکم ) (1) .

نعم، فالتقوى هی الحاجز الذی یصدّ الإنسان عن الذنوب، وتجعله یحسّ بالمسؤولیة وبتکالیفه أمام الباریء عزّوجلّ، وهی المنهج الأوّل لعباد الله المؤمنین والمخلصین، فالتقوى هی الدرع الذی یقی الإنسان من النّار، والعامل الرئیسی الذی یردعه عن الانحراف، فالتقوى هی ذخیرته الکبیرة فی سوق القیامة، وهی میزان شخصیة وکرامة الإنسان عند الباریء عزّوجلّ.

المنهج الثّانی یختص بالإنسان والعمل الصالح فی هذه الدنیا التی هی دار العمل، وقد شجعت الآیة الناس وحثّتهم على عمل الإحسان، من خلال بیان نتیجة ذلک العمل: (للّذین أحسنوا فی هذه الدّنیا حسنة ) (2) .

نعم فالإحسان بصورة مطلقة فی هذه الدنیا ـ سواء کان فی الحدیث، أو فی العمل، أو فی نوع التفکّر والتفکیر بالأصدقاء والغرباء ـ یؤدّی إلى نیل ثواب عظیم فی الدنیا والآخرة، لأنّ جزاء الإحسان هو الإحسان.

وفی الواقع فإنّ التقوى عامل ردع، والإحسان عامل صلاح، وکلاهما یشمل (ترک الذنب) و(أداء الفرائض والمستحبات).

المنهج الثّالث یدعو إلى الهجرة من مواطن الشرک والکفر الملوّثة بالذنوب، قال تعالى: (و أرض الله واسعة ).

هذه الآیة ـ فی الحقیقة ـ ردّ على ذوی الإِرادة الضعیفة والمتذرعین بمختلف الذرائع الذین یقولون: إنّنا عاجزون عن أداء الأحکام الإلهیّة، لأنّنا فی أرض مکّة التی یحکمها المشرکون. والقرآن یردّ علیهم بأنّ أرض الله لا تقتصر على مکّة، فإن لم تتمکنوا من أداء فرائضکم فی مکّة فالمدینة موجودة، بل إنّ الأرض کلها لله، هاجروا من المواطن الملوّثة بالشرک والکفر والظلم التی  لا یمکنکم فیها أداء الأحکام الإلهیّة بحریة إلى آخر.

مسألة الهجرة هی إحدى أهم المسائل التی لم تلعب دوراً أساسیاً فی صدر الإسلام بانتصار الحکومة الإسلامیة فحسب، بل إنّ لها أهمّیة فی کلّ زمان، لأنّها من جهة تمنع مجموعة من المؤمنین أن یستسلموا لضغط وکبت محیطهم، ومن جهة اُخرى تکون عاملا مساعداً لتصدیر الإسلام إلى نقاط مختلفة فی أنحاء العالم.

والقرآن المجید یقول: (إنّ الّذین توفّاهم الملائکة ظالمی أنفسهم قالوا فیم کنتم قالوا کنّا مستضعفین فی الأرض قالوا ألم تکن أرض الله واسعة فتهاجروا فیها فاُولئک مأواهم جهنّم وساءت مصیراً ) (3) .

وهذا یوضّح ـ بصورة جیدة ـ أنّ المؤمن الذی تحیط به الضغوط والکبت، ویستطیع أن یهاجر فی سبیل الله علیه أن یهاجر، وإلاّ فإنّه غیر معذور أمام الله.

(بشأن أهمیة الهجرة فی الإسلام وأبعادها المختلفة کانت لنا بحوث مختلفة و مفصلة فی ذیل الآیة 100 من سورة النساء، وفی ذیل الآیة 72 من سورة الانفال).

ولأنّ الهجرة ترافقها بصورة طبیعیة مشکلات کثیرة فی مختلف جوانب الحیاة، فالمنهج الرابع إذن یتعلّق بالصبر والإستقامة، قال تعالى: (إنّما یوفّى الصّابرون أجرهم بغیر حساب ) (4) .

وعبارة (یوفى) مشتقّة من (وفى) وتعنی إعطاؤه حقّه تاماً کاملا. وعبارة (بغیر حساب) تبیّن أنّ للصابرین أفضل الأجر والثواب عند الله، ولا یوجد عمل آخر یبلغ ثوابه حجم ثواب الصبر والإستقامة.

والشاهد على هذا القول ما جاء فی الحدیث المعروف الذی رواه الإمام الصادق (علیه السلام)عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) والذی جاء فیه: «إذا نشرت الدواوین ونصبت الموازین لم ینصب لأهل البلاء میزان، ولم ینشر لهم دیوان، ثمّ تلا هذه الآیة: (إنّما یوفّى الصّابرون أجرهم بغیر حساب )» (5) .

والبعض یعتقد أنّ هذه الآیة تخصّ الهجرة الاُولى للمسلمین، أی هجرة مجموعة کبیرة من المسلمین إلى أرض الحبشة تحت قیادة جعفر بن أبی طالب (علیه السلام)، وکما قلنا مراراً رغم أنّ أسباب النّزول توضّح مفهوم الآیة، إلاّ أنّها لا تحددها.

أمّا المنهج الخامس فقد ورد فیه أمر بالإخلاص والتوحید الخالی من شوائب الشرک، وهنا تتغیر لهجة الکلام بعض الشیء، ویتحدّث الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) عن وظائفه ومسؤولیاته، إذ یقول: (قل إنّی أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدّین ).

ثم یضیف: (وأمرت لأن أکون أوّل المسلمین ). وهذا هو المنهج السادس الذی یعترف بأنّ النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) هو أوّل الناس إسلاماً وتسلیماً لأوامر الباریء عزّوجلّ.

أمّا المنهج السابع والأخیر فیتناول مسألة الخوف من عقاب الباریء عزّوجلّ یوم القیامة، قال تعالى: (قل إنّی أخاف إن عصیت ربّی عذاب یوم عظیم ).

التأمل فی هذه الآیات یکشف بوضوح عن أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) هو عبد من عباد الله، وهو مکلف أیضاً بعبادة الله بإخلاص، لأنّه ـ هو أیضاًـ یخاف العذاب الإلهی، وهو مکلّف بإطاعة الأوامر الإلهیّة، کما أنّه مکلّف بتکالیف وواجبات أثقل وأعظم من تکالیف الآخرین، ولذا یجب أن یکون أفضل وأسمى من الآخرین.

إنّه لم یدّع الألوهیة أبداً، ولم یخط خطوة واحدة خارج مسیر العبودیة، بل إنّه یفتخر ویتباهى بهذا المقام، ولهذا السبب کان قدوة وأسوة، وهو (صلّى الله علیه وآله وسلّم) لم یفضّل نفسه على الآخرین، وهذا دلیل على عظمته وأحقّیته، فهو لیس کالمدّعین الکذّابین الذین کانوا یدعون الناس إلى عبادتهم، ویعتبرون أنفسهم أرقى من البشر، وأنّهم من معدن ثمین أفضل من الناس، وأحیاناً یدعون أتباعهم إلى التبرع سنویاً بالذهب والجواهر بقدر وزنهم .

إنّه یقول: إنّی لست مثل السلاطین المتجبرین على رقاب الناس الذین یکلفون الناس ببعض التکالیف ویعتبرون أنفسهم «فوق تلک التکالیف» وهذا فی الواقع إشارة إلى موضوع تربوی هامّ، وهو أنّ کلّ إنسان ـ مربیاً کان أم قائداً ـ علیه أن یکون السبّاق فی تنفیذ ما یملیه علیه نهجه، فیجب أن یکون أوّل مؤمن بشریعته أو سنته وأکثر الساعین والمضحّین کی یؤمن الناس بصدقه، ویتخذونه أسوة وقدوة لهم فی کلّ الأمور، ومن هنا یتضح أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) لم یکن أوّل مسلم من حیث الزمان وحسب، وإنّما کان أوّل إسلاماً من کلّ النواحی، من ناحیة الإیمان والإخلاص، والعمل، والتضحیة، والجهاد، والصمود، والمقاومة، وتاریخ حیاة الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) یؤیّد هذه الحقیقة بصورة جیدة.

بعد استعراض المناهج السبعة المذکورة فی الآیات أعلاه (التقوى، الإحسان، الهجرة، الصبر، الإخلاص، التسلیم، الخوف).

ولکون مسألة الإخلاص لها میزات خاصة فی مقابل العلل المختلفة للشرک، تعود الآیات لتؤکّد علیها مرّة اُخرى، إذ تقول وبنفس اللهجة السابقة: (قل الله أعبد مخلصاً له دینی ) (6) .

أمّا أنتم فاعبدوا ما شئتم من دون الله: (فاعبدوا ما شئتم من دونه ).

ثمّ تضیف: (قل إنّ الخاسرین الّذین خسروا أنفسهم وأهلیهم یوم القیامة ). أی إنّهم لم یستثمروا طاقاتهم وعمرهم، ولا استفادوا من عوائلهم وأولادهم لإنقاذهم، ولا لإعادة ماء الوجه المراق إلیهم، وهذا هو الخسران العظیم: (ألا ذلک هو الخسران المبین ).

الآیة الأخیرة فی بحثنا هذا تصف إحدى صور الخسران المبین، إذ تقول: (لهم من فوقهم ظلل من النّار ومن تحتهم ظلل ).

وبهذا الشکل فإنّ أعمدة النیران تحیط بهم من کلّ جانب، فهل هناک أعظم من هذا؟ وهل هناک عذاب أشدّ من هذا؟

«ظلل» جمع (ظلّة)على وزن «سنّة» وتعنی الستر الذی ینصب فی الجهة العلیا، وطبقاً لهذا فإنّ إطلاق هذه الکلمة على ما یفرش تحت اهل النّار اطلاق مجازیومن باب التوسّع فی معنى الکلمة.

بعض المفسّرین قالوا: بما أنّ أصحاب النّار یتقلبون بین طبقات جهنم، فإنّ ستائر النّار محیطة بهم من فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم. والآیة (55) من سورة العنکبوت تشبه هذه الآیة: (یوم یغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ویقول ذوقوا ما کنتم تعملون ).

هذا فی الحقیقة تجسید لأحوالهم وأوضاعهم فی هذه الدنیا، إذ أنّ الجهل والکفر والظلم محیط بکلّ وجودهم، ومستحوذ علیهم من کلّ جانب، ثمّ تضیف الآیة مؤکّدة وواعظة إیاهم: (ذلک یخوّف الله به عباده یا عباد فاتّقون ).

إضافة کلمة (العباد)إلى لفظ الجلالة فی هذه الآیة، ولعدّة مرّات اشارة إلى أنّ تهدید الباریء عزّوجلّ لعباده بالعذاب إنّما هو لطف ورحمة منه، وذلک کی  لا یبتلى عباده بمثل هذا المصیر المشؤوم، ومن هنا یتضح أنّه لا حاجة لتفسیر کلمة (العباد) هنا على أنّها تخصّ المؤمنین، فهی تشمل الجمیع، کی لا یأمن أحد من العذاب الإلهی.


1. من البدیهی أنّ الخطاب بعبارة «یا عبادی» هو من الله، وإن کان المخاطب هو رسول الله (صلى الله علیه وآله) فالمقصود هنا أن أبلغهم خطابی.
2. أغلب المفسّرین اعتبروا عبارة (فی هذه الدنیا ) تعود على عبارة (أحسنوا)، واستناداً لهذا فإنّ «حسنة» مطلقة تشمل کل حسنة فی الدنیا والآخرة، ومع إنتباه إلى أنّ استعمال التنوین فی مثل هذه الموارد إنّما هو لإعطاء الکلمة طابع التفخیم والعظمة، فإنّه یفید بیان عظمة الثواب.
3. النساء، 97.
4. (بغیر حساب ) من الممکن أن تکون متعلقة بـ (یوفى)، أو أنّها (حال)ل (أجرهم) لکن الإحتمال الأوّل أنسب.
5. تفسیر مجمع البیان، ج 8، ص 492، ذیل الآیات مورد البحث، ونفس المعنى مع اختلاف بسیط ورد فی تفسیر القرطبی نقلا عن الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) عن جدّه رسول الله (صلى الله علیه وآله).
6. تقدیم (اسم الجلالة) والذی هو مفعول (اعبد) یفید الحصر هنا، وقوله (مخلصاً له دینی) التی هی حال، یؤکّد معنى الحصر.
سورة الزّمر / الآیة 10 ـ 16 1ـ حقیقة الخسران!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma