الأصنام لا تسمع دعاءکم!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 13 ـ 14 الدین أصل التحوّلات:

تعاود هذه الآیات الإشارة إلى قسم آخر من آیات التوحید والنعم الإلهیّة اللامتناهیة، لکی تدفع الإنسان مع تعریفه بتلک النعم إلى شکرها ومعرفة المعبود الحقیقی، ولیرجع عن أیّ شرک أو عبادة خرافیة، یقول تعالى: (یولج اللیل فی النهار ویولج النهار فی اللیل ).

«یولج» من مادّة «إیلاج» بمعنى الدخول فی مضیق. ویمکن أن یکون إشارة إلى أحد المعنیین أو کلیهما، أی: الزیادة والنقص التدریجی فی اللیل والنهار على مدار السنة، ممّا یؤدّی إلى حصول الفصول المختلفة بکلّ آثارها وبرکاتها، أو الإنتقال التدریجی من اللیل إلى النهار وبالعکس، وذلک بواسطة الشفق والغسق الذی یقلّل من مخاطر الإنتقال المفاجىء من النور إلى الظلام وبالعکس (1) .

ثمّ یشیر إلى مسألة تسخیر الشمس والقمر فیقول تعالى: (وسخّر الشمس والقمر ). وأیّ تسخیر أفضل من حرکة هذین الکوکبین باتّجاه تحقیق المنافع المختلفة للبشر، وهذا التسخیر یعتبر مصدراً لمختلف أنواع البرکات فی حیاة البشر، فإنّ السحاب والریح والقمر والشمس والأفلاک فی حرکة دائبة لکی یستطیع الإنسان إدامة حیاته، ولیفیق من غفلته فیذکر الواهب الأصلی لهذه المواهب (بالنسبة إلى تسخیر الشمس والقمر عرضنا شرحاً فی تفسیر الآیة الثانیة من سورة الرعد والآیة 33 من سورة إبراهیم).

ومع ما تتمتّع به الشمس والقمر فی أفلاکها من مسیر دقیق ومنتظم لتؤدّی المنفعة المناسبة والجیّدة للبشر، فإنّ النظام الذی یحکمها لیس بخالد، فحتّى هذه السیارات العظیمة بکلّ ذلک النور والإشراق ستصیبها العتمة فی النهایة. وتتوقّف عن العمل. لذا یشیر تعالى إلى ذلک بعد ذکر التسخیر فیقول: (کلّ یجری لأجل مسمّى ).

فبمقتضى (إذا الشمس کوّرت * وإذا النجوم إنکدرت ) (2) ، فإنّها جمیعاً ستواجه مصیر الإنطفاء والفناء.

بعض المفسّرین ذکر تفسیراً آخر لجملة (أجل مسمّى )، وذلک أنّها تعبیر عن حرکة دوران الشمس والقمر حول محوریهما، والتی تتمّ فی الاُولى فی عام، وفی الثانیة فی شهر واحد (3) .

ولکن بملاحظة الموارد التی استعمل فیها هذا التعبیر فی القرآن الکریم ـ بمعنى إنتهاء العمر ـ یتّضح أنّ التّفسیر المشار إلیه صحیح، کما أنّ التّفسیر الأوّل أیضاً ـ أی نهایة عمر الشمس والقمر ـ ورد فی الآیات (61 ـ النحل 45 ـ فاطر 42 ـ الزمر 4 ـ النور 67 ـ غافر).

ثمّ یقول تعالى مسلّطاً الضوء على نتیجة هذا البحث التوحیدی (ذلکم الله ربّکم ) الله الذی قرّر نظام النوم والظلام والحرکات الدقیقة للشمس والقمر بکلّ برکاتها. (له الملک والذین تدعون من دونه ما یملکون من قطمیر ) (4) .

«قطمیر»: على ما یقول الراغب: هو الأثر فی ظهر النواة، وذلک مثل للشیء الطفیف، ویقول «الطبرسی» فی مجمع البیان والقرطبی فی تفسیره: هو الغشاء الرقیق الشفّاف الذی یغلف نواة التمر بکاملها. وعلى کلّ حال فهو کنایة عن موجودات حقیرة تافهة.

نعم فهذه الأصنام لا تضرّ ولا تنفع، لا تدفع عنکم ولا حتى عن نفسها، لا تحکم ولا تملک حتى غلاف نواة تمر! فإذا کانت حالها کذلک، فکیف تعبدونها أیّها المغفّلون، وتریدون منها حلا لمشکلاتکم.

ثمّ تضیف الآیة: (إن تدعوهم لا یسمعوا دعاءکم )، لأنّها قطع من الحجر والخشب لا أکثر، جمادات لا شعور لها، (ولو سمعوا ما استجابوا لکم ).

إذ اتّضح أنّها لا تملک نفعاً ولا ضرّاً حتى بمقدار (قطمیر) وعلى هذا فکیف تنتظرون منها أن تعمل لکم شیئاً أو تحلّ لکم عقدة؟!

وأدهى من ذلک (ویوم القیامة یکفرون بشرککم ). ویقولون: اللهمّ إنّهم لم یعبدوننا، بل إنّهم عبدوا أهواءهم فی الحقیقة.

هذه الشهادة إمّا بلسان الحال الذی یدرکه کلّ شخص بآذان وجدانه، أو أنّ الله فی ذلک الیوم یعطی جوارح الإنسان وأعضاءه إمکانیة التکلّم فتنطق هذه الأصنام أیضاً، ویشهدن بأنّ هؤلاء المشرکین المنحرفین إنّما عبدوا فی الحقیقة أوهامهم وشهواتهم.

ما ورد فی هذه الآیة شبیه بما ورد فی الآیة 28 من سورة یونس حیث یقول تعالى: (ویوم نحشرهم جمیعاً ثمّ نقول للذین أشرکوا مکانکم أنتم وشرکاؤکم فزیّلنا بینهم وقال شرکاؤهم ما کنتم إیّانا تعبدون ).

احتمل جمع من المفسّرین أنّ أمثال هذه التعبیرات وردت بخصوص معبودات من أمثال الملائکة أو حضرة المسیح (علیه السلام)، لأنّ الحدیث والتکلّم من خصوصیة هؤلاء فقط، وجملة (إن تدعوهم لا یسمعوا دعاءکم ) إشارة إلى أنّهم مشغولون بأنفسهم إلى درجة أنّکم لو خاطبتموهم لا یسمعون دعائکم (5) .

ولکن ـ مع الإلتفات إلى سعة مفهوم (الذین تدعون من دونه ) ـ یظهر أنّ المقصود هو الأصنام، وأنّ جملة (إن تدعوهم لا یسمعوا دعاءکم ) ترتبط بالدنیا خاصّة، ثمّ یقول تعالى فی ختام الآیة من أجل تأکید أکثر: أن لا أحد یخبرک عن جمیع الحقائق کما یخبرک الله تعالى: (ولا ینبئک مثل خبیر ).

فإذا قالت الآیة أنّ الأصنام تتنکّر لکم فی یوم القیامة، وتتضایق منکم، فلا تتعجّبوا من هذا القول، فإنّ من یخبرکم هو الذی یعلم بکلّ ما فی هذا الکون بالتفصیل، فهو المحیط علماً بالمستقبل والماضی والحاضر.


1. بحثنا موضوع التغییر التدریجی للیل والنهار فی تفسیر الآیة 27 من سورة آل عمران.
2. التکویر، 1 و2.
3. تفسیر روح البیان وتفسیر روح الجنان.
4. التعبیر بـ «الذین» الذی هو عادةً لجمع المذکّر العاقل، ذکرت هنا للأصنام بسبب إعتقاد المشرکین الوهمی بهذه الموجودات الجامدة، وقد ذکره القرآن هکذا، ثمّ ردّ علیه بشدّة.
5. ورد هذا التّفسیر فی تفسیر مجمع البیان، وتفسیر روح المعانى، وتفسیر القرطبی.
سورة فاطر / الآیة 13 ـ 14 الدین أصل التحوّلات:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma