أدلّة القائلین بحجّیة القیاس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
أدلّة النافینالثانی: الاستحسان

وأمّا القائلون بجواز القیاس فاستدلّوا بالأدلّة الأربعة والمهمّ منها الذی یلیق ذکره إنّما هو السنّة وأمّا الآیات فضعفها فی الدلالة على مدّعاهم لا یحتاج إلى البیان، بل یشکل فهم أصل ربطها بهذه المسألة فضلا عن صحّة الاستدلال بها، وهذا یدلّ على وقوعهم فی ضیق شدید فی مقام إقامة الدلیل على ما دبّروها من قبل من صحّة القیاس.

أمّا الآیات المستدلّ بها قوله تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِی الاَْمْرِ مِنْکُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِی شَیْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ...)(1) ببیان أنّ القیاس أیضاً نوع إرجاع للأمر إلى سنّة الرسول حیث إن القائس یرجع فی استنباط حکم الفرع إلى الأصل الذی ثبت حکمه بالسنّة، أو یستنبطه من العلّة التی اکتشفها من السنّة.

ویرد علیه أوّلا: إنّ وجوب الرجوع إلى الکتاب والسنّة لا یحتاج إلى الاستدلال بهذه الآیة بل هو أمر واضح مستفاد من أدلّة حجّیة الظهور.

وثانیاً: إنّ الإشکال إنّما هو صغرى الردّ إلى الله وکشف العلّة، وإنّ القیاس الظنّی واستنباط الحکم من العلّة الظنّیة لیسا من الردّ إلى الله والرسول، لأنّ هذا هو موضع النزاع، وإلاّ لو کانت العلّة قطعیة وتامّة فلا کلام فی أنّ مقتضى حکمة الحکیم عدم التفریق بین الأصل والفرع وهو خارج عن محلّ الکلام.

ومنها: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا یَا أُولِی الاَْبْصَارِ) «بتقریب أنّ الاعتبار فی الآیة مأخوذ من العبور والمجاوزة وأنّ القیاس عبور من حکم الأصل ومجاوزة عنه إلى حکم الفرع فإذا کنا مأمورین بالاعتبار فقد أمرنا بالعمل بالقیاس وهو معنى حجّیته.

وهذا الاستدلال رکیک جدّاً یظهر بأدنى تأمّل.

ومنها: قوله تعالى: (قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة) ببیان أنّ الله عزّوجلّ استدلّ بالقیاس على ما أنکره منکرو البعث، فقاس عزّوجلّ إعادة المخلوقات بعد فنائها على إنشائها أوّل مرّة، وهذا الاستدلال بالقیاس إقرار لحجّیة القیاس وصحّة الاستدلال به.

وفیه: أوّلا: أنّها لا تدلّ على حجّیة القیاس إلاّ بضرب من القیاس، وهو قیاس عمل وهذا أیضاً واضح الفساد فإنّ العدل هو القیام بالقسط وإعطاء کلّ ذی حقّ حقّه کما یظهر من العرف واللغة ولا ربط له بالقیاس الظنّی.

هذا کلّه فی الآیات التی استدلّ بها لجواز القیاس.

وقد تلخّص من جمیع ما ذکرنا اُمور:

الأوّل: أنّ القیاس الظنّی لا دلیل على حجّیته بل قام الدلیل على عدم الحجیّة، وهو الذی وقع النزاع فیه بین العامّة والخاصّة بل بین العامّة أنفسهم.

الثانی: أنّ القیاس القطعی حجّة سواءً سمّی قیاساً أو لم یسمّ، وهو إمّا راجع إلى قیاس الأولویّة، أو قیاس المنصوص العلّة، أو تنقیح المناط، أو المستقلاّت العقلیّة وشبهها.

الثالث: أنّ العلّة المنصوصة فی الرّوایات الواردة فی علل الشرائع قد یراد بها العلّة التامّة، وقد یراد بها العلّة الناقصة، وتسمّى حکمة، ویتوقّف تعیین أحدهما على ملاحظة لحن الرّوایات وتعبیراتها المختلفة والقرائن الموجودة الحالیّة والمقالیّة.

الإنسان بعمل الله تعالى فیلزم الدور المحال.

وثانیاً: أنّ مورد الآیة خارج عن محلّ النزاع لأنّ حکم العقل بأنّ من قدر على بدأ خلق الشیء قادر على أن یعیده حکم قطعی لا ظنّی فإنّ حکم الأمثال فیما یجوز وما لا یجوز واحد.

ومنها: قوله تعالى (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) بتقریب أنّ العدل هو التسویة والقیاس هو التسویة بین مثلین فی الحکم فیتناوله عموم الآیة.

أمّا الرّوایات، فقد حکیت روایات من طرقهم فی هذا المجال أهمّها:

مرسلة معاذ بن جبل أنّه قال لمّا بعثه النبی (صلى الله علیه وآله) إلى الیمن قال: «کیف تقضی إذا عرض لک قضاء؟ قال: أقضی بکتاب الله قال: فإن لم تجد فی کتاب الله. قال: فبسنّة رسول الله قال: فإن لم تجد فی سنّة رسول الله ولا فی کتاب الله. قال: أجتهد رأیی ولا آلو، قال فضرب رسول الله (صلى الله علیه وآله)صدره وقال: الحمد لله الذی وفّق رسول الله لما یرضاه رسول الله»(2).

قوله: «لا آلو» أصله «لا أَأْلو» بمعنى لا أترک.

وفیه: أنّه قابل للمناقشة سنداً ودلالة، أمّا السند فلأنّها مرسلة مضافاً إلى ضعفها من ناحیة الحارث بن عمر.

وأمّا الدلالة فتقریب دلالتها: أنّ الظاهر کون الاجتهاد فیها بمعنى تقنین الفقیه وتشریعه من دون الإتّکاء على کتاب الله وسنّة نبیّه (صلى الله علیه وآله) لأنّ المفروض أنّ الاجتهاد بالرأی فیها یکون بعد عدم ورود الکتاب والسنّة وهو شامل للقیاس بإطلاقه.

لکن یرد علیه: أنّ شمول الاجتهاد لمطلق القیاس أوّل الکلام.

وما روی عن النبی (صلى الله علیه وآله) «من أنّه قال لمعاذ وأبی موسى الأشعری: بم تقضیان؟ فقالا: إن لم نجد الحکم فی الکتاب ولا السنّة قسنا الأمر بالأمر فما کان أقرب إلى الحقّ عملنا به»(3).

ووجه دلالتها أنّهما صرّحا بالأخذ بالقیاس عند فقدان النصّ، والنبی (صلى الله علیه وآله)أقرّهما علیه فکان حجّة.

وفیه: أنّه ضعیف سنداً أیضاً فلا یمکن الاعتماد علیه وإن تمّت دلالتها.

وحدیث الجاریة الخثعمیة أنّها قالت: «یارسول الله إنّ أبی أدرکته فریضة الحجّ شیخاً زمناً لا یستطیع أن یحجّ إن حججت عنه أینفعه ذلک؟ فقال لها: أرأیت لو کان على أبیک دین فقضیته أکان ینفعه ذلک؟ قالت: نعم. قال: فدین الله أحقّ بالقضاء».

وتقریب دلالته أنّه الحق دین الله بدین الآدمی فی وجوب القضاء ونفعه، وهو عین القیاس(4).

وفیه أوّلا: أنّ الاستدلال لحجّیة قیاساتنا بقیاس النبی(صلى الله علیه وآله) نوع من القیاس، واعتباره أوّل الکلام.

ثانیاً: أنّ ظاهر الحدیث تمسّکه (صلى الله علیه وآله) بالقیاس الأولویّة وهو خارج عن محلّ الکلام.

ثمّ أضف إلى ذلک کلّه أنّ هذه الرّوایات لو تمّت سنداً ودلالة لکنّها معارضة بما هو أقوى وأظهر، أی الرّوایات السابقة الدالّة على بطلان القیاس التی نقلنا بعضها عن طرقهم.

هذا کلّه فی الاستدلال بالسنّة على حجّیة القیاس.

أمّا الإجماع، فقد ادّعى اتّفاق الصحابة على حجّیة القیاس حیث إن طائفة منهم کانوا عاملین بالقیاس وطائفة اُخرى سکتوا عنه فلم ینکروا علیهم.

وفیه أوّلا: أنّ الصغرى لیست بثابتة لأنّ الکثیر من الصحابة لم یکونوا فی المدینة فی ذاک العصر بل کانوا فی مختلف بلاد الإسلام.

وثانیاً: لا دلیل على کون جمیع الصحابة داخلین فی إحدى هاتین الطائفتین ولیس لنا مدرک جمع فیه أقوال کلّ الصحابة.

ثالثاً: لعلّ منشأ السکوت هو الخوف عن السوط والسیف أو عدم العلم بذلک.

ورابعاً: أنّ هذا الإجماع على فرض ثبوته معلوم المدرک لا یکشف عن قول المعصوم.

أمّا الاستدلال بالعقل، فاللائق للطرح من الوجوه العقلیّة التی ذکروها فی هذا الباب وجهان:

الأوّل: أنّ الأحکام الشرعیّة مستندة إلى مصالح، وهی الغایات المقصودة من تشریع الأحکام، فإذا ساوت الواقعة المسکوت عنها الواقعة المنصوص علیها فی علّة الحکم التی هی مظنّة للمصلحة قضت الحکمة والعدالة بتساویهما فی الحکم تحقیقاً للمصلحة التی هی مقصود الشارع من التشریع.

وجوابه اتّضح ممّا ذکر، وهو أنّه إن کان استنباط العلّة استنباطاً ظنّیاً فحجّیته أوّل الکلام، والأصل عدمها، وإن کان قطعیّاً فلا إشکال فی حجّیته لأنّه حینئذ إمّا أن یکون من قبیل إلغاء الخصوصیّة وتنقیح المناط أو من قبیل المفهوم الموافق أو المستقلاّت العقلیّة، ولکنّها بأسرها خارجة عن محلّ النزاع.

الثانی: ما یرجع فی الحقیقة إلى مقدّمات الانسداد المذکورة سابقاً وقد عبّروا عنها ببیانات مختلفة.

منها: أنّ الحوادث والوقائع فی العبادات والتصرّفات ممّا لا یقبل الحصر والعدّ، ونعلم قطعاً أنّه لم یرد فی کلّ حادثة نص، ولا یتصوّر ذلک أیضاً، فإذا کانت النصوص متناهیّة، وما لا یتناهى لا یضبطه ما یتناهى، علم قطعاً أنّ الاجتهاد والقیاس معتبر حتّى یکون لکلّ حادثة اجتهاد.

والجواب عنه ما مرّ سابقاً من أنّه لو فرضنا کون باب العلم منسدّاً إلاّ أنّ باب العلمی مفتوح عندنا لأجل الرّوایات الواردة من ناحیة أهل بیت الوحی (علیهم السلام) عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)، هذا أوّلا.

وثانیاً: لو سلّمنا انسداد باب العلمی أیضاً لکن لا کلام فی بطلان خصوص القیاس للروایات الخاصّة الناهیّة عنه.


1. سورة النساء: الآیة59. 2. الاُصول العامّة: ص338; ومسند أحمد: ج5، ص230.
3. الاُصول العامّة: ص338.
4. المصدر السابق: ص 338.

 

أدلّة النافینالثانی: الاستحسان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma