المسلک الثانی: الإجماع اللطفی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
المسلک الأوّل: الإجماع الدخولیالمسلک الثالث: الإجماع التشرّفی

وصاحب هذا المسلک هو شیخ الطائفة (رحمه الله)فإنّه قال فیما حکی عنه: اجتماع الأصحاب على الباطل وعلى خلاف حکم الله الواقعی خلاف اللطف، فیجب لطفاً القاء الخلاف بینهم بإظهار الحقّ ولو لبعضهم، فلو حصل إجماع واتّفاق من الکلّ نستکشف بقاعدة اللطف إنّه حقّ وهو حکم الله الواقعی.

أقول: تنبغی الإشارة إجمالا إلى قاعدة اللطف التی تفیدنا هنا وفی أبواب العقائد أیضاً فنقول: قال العلاّمة(رحمه الله) فی شرح التجرید: «اللطف هو ما یکون المکلّف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصیة ولم یکن له حظّ فی التمکین (أی القدرة) ولم یبلغ حدّ الإلجاء (أی الإجبار)»(1)، وحاصله أنّ اللطف عبارة عمّا یقرّب العبد نحو الطاعة ویبعّده عن المعصیة ما دام لم یسلم العبد لقدرته فقط ولم یجبره أیضاً على الطاعة أو ترک المعصیة بل کان هناک مضافاً إلى قدرة العبد على الفعل أو الترک معاونة على الطاعة وترک المعصیة، مع عدم وصولها إلى حدّ الإلجاء والإجبار.

وقال بعض المحقّقین ممّن قارب عصرنا: أنّ مراد المتکلّمین من قاعدة اللطف هو ما یسمّى عند علماء الحقوق فی یومنا هذا بضمانة الإجراء، فإنّهم بعد وضع القوانین یضعون لإجرائها ضامناً من الحبس والجریمة وغیرها ممّا یوجب الحرکة نحو امتثال الواجبات والإجتناب عن المحرّمات، فهی بحسب الحقیقة لطف بالنسبة إلى من یکون مکلّفاً بهذه القونین، فکذلک فی ما نحن فیه.

ولکن الإنصاف أنّ المراد من اللطف فی کلماتهم معنى أوسع من ذلک، لأنّه یشمل أیضاً ما یوجب إیجاد ظروف ثقافیّة وفکریّة لتکمیل النفوس القابلة والإرشاد إلى مناهج الصلاح من بعث الرسل وإنزال الکتب والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والإنذار والتبشیر، ولذلک یعدّ من أهمّ أدلّة لزوم بعث الرسل قاعدة اللطف، ولا إشکال فی أن الغرض من إنزال الکتب السماویّة وإرسال الرسل الإلهیة لیس منحصراً فی الإنذار والوعد والوعید بل یعمّ إیجاد تلک الظروف التربویّة أیضاً.

وکیف کان، لا بدّ من البحث أوّلا: فی کبرى القاعدة وثانیاً: فی تطبیقها على المقام.

أمّا الکبرى فاستدلّ لها بلزوم نقض الغرض، لأنّ المولى أو المقنّن المشرّع علیه أن یوجد شرائط ومقدّمات إجراء أحکامه وقوانینه، ولو کان الغرض من الجعل إنفاذها فی الخارج فهو، وإلاّ لنقض غرضه، وهذا کمن یدعو رجلا إلى داره ویرید إکرامه ومع ذلک لا یهیىء مقدّماته من إرسال رسالة إلیه مثلا وغیرها من سائر المقدّمات التی یعلم أنّه لولاها لما استجاب دعوته فیعدّ عند العقلاء ناقضاً للغرض، کذلک فی المقام فإنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان لیوصله إلى الکمال بطاعته وترک معصیته، وهذا یحتاج إلى بعث الرسل وإنزال الکتب والإرشادات المستمرّة وجعل تکالیف کالصلاة والصّوم والحجّ، وإلاّ فقد نقض غرضه.

قلنا: أنّ هذا مقبول تامّ ولکنه بالنسبة إلى الشرائط والمقدّمات التی یوجب عدمها نقض الغرض لا غیر.

وبعبارة اُخرى: المقدّمات على ثلاثة أقسام: قسم منها یعدّ من شرائط القدرة، ولا إشکال فی لزوم حصول هذا القسم.

وقسم آخر منها یوجب حصولها الإجبار فی العمل أو الترک، ولا إشکال فی منافاته للتکلیف لأنّ المفروض کون العبد مختاراً.

وقسم ثالث لیس لا من هذا ولا من ذاک، وهو بنفسه على قسمین: قسم یرجع إلى العبد، وقسم یرجع إلى المولى، فالأوّل کالتعلّم إمّا اجتهاداً أو تقلیداً، ولا ریب فی أنّ تحصیل هذا یکون على عهدة العبد، فلو لم یحصّله یعدّ عند العقلاء مقصّراً، وأمّا الثانی فهو أیضاً یکون على قسمین: قسم منه یجب إیجاده من جانب المولى بحیث لو لم یفعله یعدّ مقصّراً وناقضاً لغرضه، وقسم آخر لیس إلى هذا الحدّ فلا یصدق علیه نقض الغرض.

وإن شئت فمثّل لهذین القسمین بالقوانین المجعولة للسیاقة وحرکة المرور حیث إنّه لا إشکال فی أنّها یمکن أن تکون على نوعین: منها ما یکون نظیر بسط الشوارع ورسم الخطوط وأخذ الغرامة ونصب العلامات فإنّها من المقدّمات التی لو لم یحقّقها المسؤولون وحصل من هذه الناحیة الهرج والمرج کانوا مقصّرین فی أداء وظائفهم، ومنها ما لیس على هذا المستوى کنصب مراقب على کلّ سیارة فلا ریب فی عدم لزومه علیهم.

کذلک فی ما نحن فیه، فإنّ إرسال الرسل وإنزال الکتب وتعیین الثواب والعقاب والحدود والتعزیرات وإیجاد ظروف التعلیم والتعلّم یکون من القسم الأوّل، وهی مقتضى قاعدة اللطف، فإنّ اللطف یقتضی إیجاد المقدار اللازم من المقدّمات، وأمّا الأکثر من ذلک فلا یستفاد لزومه من هذه القاعدة.

فتحصّل من جمیع ذلک أنّ اللطف الواجب هو ما یعدّ ترکه من المولى الحکیم نقضاً للغرض.

هذا کلّه بالنسبة إلى الکبرى.

أمّا الصغرى وتطبیق القاعدة على المقام فلم یقبلها أکثر الفقهاء لعدم وضوح المصلحة التی اقتضت اختفاء الإمام (علیه السلام)، فلعلّها هی إمتحان الناس بالغیبة کما اُمتحن قوم بنی إسرائیل بغیبة موسى (علیه السلام) وذهابه إلى جبل طور فی فترة من الزمان، أو أنّها حفظ نفس الإمام (علیه السلام) کما ورد فی بعض الرّوایات، واقتضت الحکمة الإلهیّة حصر عددهم فی اثنی عشر، أو عدم قابلیة الناس وعصیانهم، فلو صلحوا وأطاعوا أوامرهم لظهر الإمام (علیه السلام).

وعلى کلّ حال نفس المصلحة التی تقتضی خفاءه وغیبته قد تکون موجودة فی اختفاء بعض الأحکام فتقتضی عدم إظهارها على کلّ حال.

وبعبارة اُخرى: نفس السبب الذی أوجب غیبة الإمام (علیه السلام) یشمل بعض الأحکام الفرعیّة التی أجمع العلماء على الخطأ فیها فی عصر واحد.

ولقد أجاد المحقّق الطوسی(رحمه الله) حیث قال: «وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّاً»(2)یعنی أنّ لوجود الإمام (علیه السلام) ألطافاً عدیدة:

أحدها: أصل وجوده الشریف وقوام نظام الکون به، وهذا باق فی عصر الغیبة أیضاً فإنّه خزینة أسرار الشرع فی کلّ عصر وزمان، والعلّة الغائیّة لخلقة العالم لأنّه من أتمّ مصادیق الإنسان الکامل الذی خلق الکون لأجله، ونور الله الذی یهتدی به المهتدون بولایته على القلوب.

ثانیها: ظهوره وتصرّفه فإنّ حکومته وقیادته لطف آخر، ولکن عدم هذا اللطف وانقطاعه منّا، «فقوله: عدمه منّا» أی عدم تصرّفه لا عدم وجوده، ولا یلازم قطع هذا القسم من اللطف قطع القسم الأوّل منه.

وإن شئت قلت: من شؤون تصرّف الإمام وظهوره أن یمنع العباد عن الخطأ وإذا لم یکن عدم أصل الظهور والتصرّف مخالفاً للّطف على المفروض فلیکن عدم ما هو من شؤونه أیضاً کذلک. هذا أوّلا.

وثانیاً: سلّمنا أنّ مقتضى القاعدة، القاء الخلاف إلاّ أنّه لا تحلّ المشکلة ما لم یمنع الأکثر عن الوقوع فی الخطأ (على الأقل) لأنّ مجرّد إلقاء الخلاف لبعض شاذّ لا یهدی إلى سبیل، وهذا یستلزم حجّیة الشهرة أیضاً مع أنّ المستدلّ لا یلتزم به على الظاهر.


1. کشف المراد: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة الثانیة عشرة.
2. کشف المراد: المقصد الخامس، المسألة الاُولى.

 

المسلک الأوّل: الإجماع الدخولیالمسلک الثالث: الإجماع التشرّفی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma