الأمر الثانی: فی أقسام العام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الأمر الأوّل: فی تعریف العام والخاصّالأمر الثالث: فی الفرق بین العام والمطلق

قد ذکروا للعام أقساماً ثلاثة: العام الافرادی (الاستغراقی) والعام المجموعی، والعام البدلی، أمّا الافرادی فهو ما یلاحظ فیه کلّ فرد موضوعاً مستقلا للحکم کقوله: «أکرم کلّ عالم» فقد لوحظ فیه کلّ فرد من العالم موضوعاً مستقلا لوجوب الإکرام، بحیث لا یرتبط فرد من أفراده فی تعلّق الحکم به بفرد آخر، فإذا أکرم بعض العلماء دون بعض فقد أطاع وعصى، لأنّ لکلّ فرد حکماً مستقلا.

وأمّا المجموعی فهو ما یلاحظ فیه مجموع الأفراد موضوعاً واحداً لحکم واحد بحیث یکون کلّ واحد من الافراد جزءاً من الموضوع، ویحصل الامتثال بالإتیان بجمیع الأفراد، فلو أتى بها إلاّ واحداً مثلا لم یتحقّق الامتثال، وبعبارة اُخرى: یکون المجموع من حیث هو المجموع مشمولا للحکم، فیکون له إطاعة واحدة وعصیان واحد، والإطاعة تحصل بالإتیان بالجمیع والعصیان یحصل بترک أی فرد من الافراد.

أمّا العام البدلی فهو ما یلاحظ فیه واحد من الأفراد على البدل موضوعاً للحکم کما لو قال: «أکرم عالماً» فإنّه یحصل الامتثال فیه بإکرام واحد من العلماء وبعبارة اُخرى: یکون له إطاعة واحدة وعصیان واحد لکن الإطاعة تحصل بإتیان أی فرد من الأفراد.

ولا یخفى علیک الثمرة التی تترتّب على الفرق الموجود بین هذه الأقسام خصوصاً فی حنث النذر إذا تعلّق على عنوان عام، فإنّه لو نذر أحد مثلا على أن یترک التدخین فإن کان الملحوظ فیه کلّ فرد من أفراد التدخین مستقلا (أی على نحو العام الافرادی) یتحقّق الحنث بتعداد کلّ من الأفراد التی تحقّق فی الخارج، ولا یوجب حنثه بالنسبة إلى فرد حنث سائر الأفراد، وإن کان الملحوظ المجموع من حیث المجموع (أی على نحو العام المجموعی) فله حنث واحد یحصل بالتدخین ضمن أی فرد من الافراد ویسقط سائر الافراد عن الوجوب، وإن کان الملحوظ ترک التدخین على نحو العام البدلی یحصل الوفاء بترک فرد من الأفراد ویتحقّق الحنث إذا أتى بجمیع الأفراد.

بقی هنا اُمور

الأمر الأوّل: فی أنّ تفاوت هذه الأقسام الثلاثة هل هو باعتبار الحکم أو باعتبار ذات العام؟ ذهب المحقّق النائینی (رحمه الله)إلى أنّ التفاوت یکون باعتبار الحکم لا بحسب الذات، والنتیجة عدم إمکان تصوّر هذه الأقسام قبل تصوّر الحکم، وذهب بعض إلى أنّ التفاوت بحسب الذات وإنّ لنا ثلاث تصوّرات مختلفة قبل ورود الحکم.

أقول: الصحیح هو الأوّل، لأنّ العام فی جمیع هذه الأقسام بمعنى واحد وهو الشمول، وهذا المعنى موجود فی الثلاثة على وزن واحد، والتفاوت یحصل بتصوّر الحکم المتعلّق به ولو إجمالا، حتّى أنّ من یتوهّم أنّه یتصوّر کلّ واحد منها مستقلا یتصوّر ابتداءً (وبنحو الإجمال) حکماً ثمّ بملاک التفاوت فی أقسام ذلک الحکم یقسّم العام إلى أقسامه الثلاثة کما یظهر عند التأمّل، والشاهد على ذلک أنّا نقوّم التفاوت بین العام الاستغراقی والعام المجموعی بوحدة الطاعة والعصیان فی أحدهما وتعدّدهما فی الآخر، وتعدّد الطاعة والعصیان ووحدتهما تترتّبان على استغراقیّة الحکم ومجموعیته.

إن قلت: کیف؟ ولکلّ واحد منها لفظ غیر ما للآخر، مثل کلمة «أی» للعموم البدلی وکلمة «کلّ» للعموم الاستغراقی.

قلت: نعم ولکنّه أیضاً بملاحظة اختلاف کیفیة تعلّق الأحکام لأنّه لا یمکن تطرّق هذه الأقسام إلاّ بهذه الملاحظة، کما یکون کذلک فی باب الحروف، فإنّ الواضع فیه وضع الألفاظ لمعانیها بملاحظة الأحکام المختلفة التی تتعلّق بها کما لا یخفى.

الأمر الثانی: قال المحقّق النائینی (رحمه الله): «لا یخفى أنّ فی عدّ القسم الثالث (العموم البدلی) من أقسام العموم مسامحة واضحة، بداهة أنّ البدلیّة تنافی العموم فإنّ متعلّق الحکم فی العموم البدلی لیس إلاّ فرداً واحداً، أعنی به الفرد المنتشر وهو لیس بعام، نعم البدلیّة عامّة، فالعموم إنّما هو فی البدلیّة لا فی الحکم المتعلّق بالفرد على البدل»(1).

أقول: لا یصحّ التفکیک بین البدلیّة ومتعلّق الحکم، لأنّ المتعلّق فی العموم البدلی هو نفس البدلیّة لا شیء آخر، وبالنتیجة یکون لمتعلّق الحکم هنا أیضاً شمول، لکن شمول کلّ شیء بحسبه، وهو فی هذا العموم کفایّة إتیان المأمور به ضمن أیّ فرد من الأفراد، ولا وجه لأن نتوقّع تلوّنه فی جمیع الأشیاء بلون واحد.

إن قلت: إذاً لا فرق بین العام البدلی والمطلق.

قلنا: الفرق بینهما إنّ الشمول والبدلیّة فی الأوّل یستفاد من اللفظ وهو لفظ «أیّ» مثلا، وأمّا فی المطلق فالشمول فیه إنّما یستند إلى مقدّمات الحکمة کما لا یخفى.

الأمر الثالث: إذا شکّ فی أنّ المراد من العموم هل هو استغراقی أو مجموعی کما إذا نذر على أن یترک التدخین مثلا ثمّ شکّ فی أنّه نذر على نهج العموم الاستغراقی أو المجموعی قال المحقّق النائینی (رحمه الله): إنّ الأصل یقتضی کونه استغراقیاً لأنّ العموم المجموعی یحتاج إلى اعتبار الاُمور الکثیرة أمراً واحداً، لیحکم علیها بحکم واحد وهذه عنایة زائدة تحتاج إفادتها إلى مؤونة زائدة.

والجواب عنه یتمّ بذکر أمرین:

الأوّل: إنّ المؤونة الزائدة فی خصوص أحدهما دون الآخر تتصوّر فیما إذا کان أحد العامّین لا بشرط والآخر بشرط لا کما أنّه کذلک فی المطلق والمقیّد. وأمّا إذا کان أحدهما بشرط شیء والآخر بشرط لا فالعنایة الزائدة موجودة فی کلیهما کما لا یخفى، وفی ما نحن فیه نحتاج فی العموم الاستغراقی أیضاً إلى لحاظ کلّ فرد من الأفراد مستقلا عن غیره، أی لحاظ کلّ فرد من الأفراد فی العموم الاستغراقی مشروط بعدم لحاظ الغیر معه فیکون بشرط لا.

وإن شئت قلت: إنّه مشروط بشرط الاستقلال، فیکون هو أیضاً بشرط شیء، فلا فرق بین الاستغراقی والمجموعی فی هذه الحیثیّة، والنتیجة حینئذ إجمال الدلیل وعدم إمکان التمسّک بالاُصول اللفظیّة، نعم یتصوّر الشکّ هذا بالنسبة إلى لفظ «کلّ» فی اللغة العربیّة حیث إنّه فیها مشترک بین المجموعی والاستغراقی بخلافه فی اللغة الفارسیّة حیث وضع فیها بإزاء کلّ واحد من المعنیین لفظ خاصّ، فوضع لفظ «همه» للعام المجموعی ولفظ «هو» للعام الاستغراقی، نعم قد یستعمل لفظ «همه» للافرادی أیضاً.

مضافاً إلى أنّ کلمة «کل» فی لغة العرب فی الاستغراقی أکثر من استعمالها فی المجموعی، ولعلّ کثرة الاستعمال هذه توجب ظهوراً لها فی العموم الاستغراقی، والشاهد على الکثرة ملاحظة استعمالات هذا اللفظ فی القرآن الکریم وهی بالغة إلى ثلاثمائة وخمس وعشرین (325) مرّة فإنّه استعمل فی جمیع الموارد إلاّ نادراً فی العموم الاستغراقی کما لا یخفى على المتتبّع فیها، وبهذا یظهر إمکان التمسّک بأصل لفظی فی المقام لکن لا کما ذهب إلیه المحقّق النائینی(رحمه الله)بل بأن نقول: إنّ لفظ «کلّ» صار حقیقة فی العام الاستغراقی ولابدّ لاستعماله فی المجموعی إلى نصب قرینة، وحین الشکّ فیها نرجع إلى معناه الحقیقی وهو العموم الاستغراقی.

الثانی: أنّ ما أفاده (قدس سره) یتصوّر فیما إذا کان الدالّ على العموم لفظاً من ألفاظ العموم، أمّا إذا استفدنا العموم من دلیل لبّی فلا یمکن التمسّک بأصل لفظی وحینئذ إذا شککنا فی أنّ العموم استغراقی أو مجموعی یکون المرجع هو الأصل العملی، وقد توهّم بعض أنّه هو أصل البراءة لأنّ الشکّ فی المقام یرجع إلى الشکّ فی الشرطیّة والجزئیّة (فهو فی الواقع شکّ فی اشتراط الجمیع بالجمیع) والأصل فیهما هو البراءة کما قرّر فی محلّه.

لکن الإنصاف أنّ الأصل فی مثل هذه الموارد قاعدة الاشتغال لأنّ البراءة تجری فیما إذا کان فی البین قدر متیقّن وشککنا فی وجوب الزائد عنه، وأمّا فی المقام فیکون أصل تعلّق الوجوب بجمیع الأفراد یقینیاً وإنّما الشکّ فی کیفیة التعلّق، کما إذا شککنا فی شهر رمضان مثلا فی أنّ کلّ یوم من أیّامه یکون الصّیام فیه واجباً مستقلا أو یکون مشروطاً بإتیان الباقی فیکون المجموع واجباً واحداً؟ مع کون أصل تعلّق الوجوب بکلّ فرد یقینیاً، فحینئذ الأصل هو قاعدة الاشتغال لا البراءة کما لا یخفى.

هذا إذا کان العبد قادراً على إتیان الجمیع، أمّا إذا کان قادراً على بعض دون بعض من بدایة الأمر کما إذا قال المولى أکرم العلماء وکان الإکرام واجباً موسّعاً والعبد لا یقدر على إکرام الجمیع من أوّل الأمر فالأصل هو البراءة، لأنّه إن کان الوجوب على نهج العام المجموعی یکون التکلیف ساقطاً، وإن کان استغراقیاً یکون وجوب البعض المقدور علیه ثابتاً، فیصیر الشکّ بالنسبة إلى وجوب البعض الآخر بدویّاً، والأصل عندئذ هو البراءة، وأمّا إذا کان قادراً على الجمیع من البدایة فطرأ العجز بعد ثبوت التکلیف فالأصل هو الاستصحاب إذا لم یصل البعض غیر المقدور إلى حدّ یوجب خروج موضوع المستصحب عن الوحدة العرفیّة وکانت وحدة الموضوع محفوظةً.


1. أجود التقریرات: ج1، ص443.

 

الأمر الأوّل: فی تعریف العام والخاصّالأمر الثالث: فی الفرق بین العام والمطلق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma