المقام الأوّل: هل للأشیاء حسن وقبح ذاتاً؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الکلام فی مسألة الحسن والقبحالکلام فی مسألة الحسن والقبحبقی هنا اُمور

فلا بدّ فیه أوّلا من تعریف الحسن والقبح إجمالا، فنقول: المراد من حسن الفعل وقبحه ما یستحقّ المدح أو الذمّ على إتیانه، فالنزاع عنهما مقصور فی عالم الأفعال ولا یشمل عالم التکوین، فإنّه لا إشکال فی أنّ هناک أشیاء حسنة کحسن جمال یوسف وحسن صوت العندلیب وحسن کواکب السماء وغیرها، کما أنّ هناک أشیاء قبیحة من قبیل قبح صوت الحمیر وغیره، فالبحث فی المقام مرتبط بحسن الأفعال وقبحها لا حسن الأشیاء التکوینیّة وقبحها.

نعم، لا إشکال فی أنّ حسن الفعل أو قبحه ناش من شیء تکوینی حسن أو شیء تکوینی قبیح لا محالة، فالاحسان حسن لأنّه موجب لکمال الفرد والمجتمع خارجاً، والظلم قبیح لأنّه موجب لنقصانهما کذلک، وهذا هو الذی یعبّر عنه فی أیّامنا هذه بأنّ لزوم الأفعال ولزوم ترکها یرتبطان بالوجودات والاعدام الخارجیّة التکوینیّة، وینشآن منهما (ویعبّر عنه أیضاً بإرتباط معرفة الکون والایدئولوجی) فقتل النفس قبیح لأنّه یوجب حرمان إنسان من الوجود، وإشباع العطشان بالماء حسن لإیجابه إحیاء النفس، والأوّل نقص والثانی کمال فی عالم التکوین.

نعم، قد یختلف الکمال والنقص بحسب الآراء والأنظار، فالإنسان الإلهی یرى الکمال فی القرب إلى الله تعالى والنقص فی البعد عنه حینما یریهما الإنسان المادّی فی رفاه العیش وعدمه، وهناک اُمور مشترکة بین جمیع المذاهب البشریّة مثل حسن العدل والإحسان وقبح الظلم والعدوان.

إذا عرفت ما ذکرنا من معنى الحسن والقبح نقول: لا إشکال فی حسن الأفعال وقبحها ذاتاً ویدلّ علیه اُمور:

الأوّل: الوجدان، فإنّ وجدان کلّ إنسان یحکم بأنّ هناک أفعالا حسنة ذاتاً وأفعالا اُخرى قبیحة کذلک، والمنکر ینکره باللسان وقلبه مطمئن بالإیمان، نظیر ما یقال فی باب الجبر والاختیار فی علم الکلام فی قبال الجبریّة، وفی باب أصل وجود أشیاء فی عالم الخارج فی الفلسفة من أنّ الوجدان أصدق شاهد على اختیار الإنسان ووجود الواقع الخارجی، وبالجملة إنّا ندرک حسن العدل والإحسان وقبح الظلم والعدوان ولو لم تکن هناک شریعة.

وإن شئت فاختبر نفسک فیما إذا کنت عابر سبیل ومسافراً لمقصد بعید فنفد زادک وضللت عن الطریق مضطرباً حیران فإذا رجلان قد مرّا بک ولکن أحدهما استمر فی سیرةه ولم یَعتَنِ بک مع قدرته على نجاتک من هذه المهلکة بما عنده من الزاد والمرکب، وتوقّف الآخر وآثر بنفسه بقدر استطاعته وأنجاک من المهلکة ودلّک على الطریق وأوصلک إلى مقصدک، فهل هما حینئذ عندک سیّان؟ أفلا یحکم وجدانک بقبح عمل الأوّل وحسن فعل الثانی؟ وهکذا فی رجلین أحدهما أنقذ غریقاً من البحر والآخر ألقى رضیعاً فی البحر، فهل تجد فی نفسک إنّهما یستویان من حیث القدر والقیمة؟ کلاّ، بل یحکم وجدانک بحسن عمل الأوّل وقبح عمل الثانی بلا ریب، ولا ترتاب ولو للحظة واحدة فی هذا الحکم.

الثانی: أنّ إنکار الحسن والقبح یستلزم إنکار الشریعة وعدم إمکان إثباتها لأنّه متوقّف على إظهار المعجزة على ید النبی الصادق (صلى الله علیه وآله) وهو لا یدلّ على صحّة النبوّة إلاّ إذا قلنا بقبح إظهارها على ید الکاذب، وکذلک یستلزم عدم إمکان قبول الوعد والوعید الواردین فی کتاب الله لأنّه یتوقّف على قبح الکذب وعدم الوفاء بالوعد.

الثالث: إنّه یستلزم عدم وجوب النظر فی معجزة المدّعى مع أنّه لا إشکال فی وجوبه اتّفاقاً بحکم العقل لاحتمال کونه صادقاً، وهو یوجب احتمال وجود الضرر الاُخروی الذی یقبح قبوله، ولذلک یوجب حکم العقل بالاحتیاط ووجوب النظر وهکذا یستلزم عدم وجوب التحقیق فی أصل التوحید لأنّه متوقّف على قبح عدم دفع الضرر المحتمل وحسن شکر المنعم.

الرابع: أنّه یستلزم عدم إمکان إثبات وجوب الطاعة بعد ثبوت أصل وجود الباری تعالى وثبوت نبیّه والذی جاء به من الاُصول والفروع لأنّه متفرّع على ثبوت حسن لها فی الرتبة السابقة فیحکم العقل بوجوبها، وأمّا إثباته بالشرع وبقوله تعالى: «أطیعوا» یوجب التسلسل المحال کما مرّ غیر مرّة لأنّ وجوب الإطاعة عن نفس هذا الأمر (أطیعوا) أیضاً یحتاج إلى أمر آخر بالإطاعة إلى أن یتسلسل.

الخامس: ما یدلّ من الآیات على حسن بعض الأفعال وقبح بعض آخر قبل ورود الشرع من قبیل قوله تعالى: (الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الاُْمِّىَّ الَّذِی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْرَاةِ وَالاِْنجِیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمْ الطَّیِّبَاتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمْ الْخَبَائِثَ)(1) وقوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ کَالْمُفْسِدِینَ فِی الاَْرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِینَ کَالْفُجَّارِ)(2).

وقوله عزّ شأنه: (هَلْ جَزَاءُ الاِْحْسَانِ إِلاَّ الاِْحْسَانُ)(3) وقوله جلّ جلاله (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّی الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)(4) وقوله عظم قدره: (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَى وَیَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنکَرِ)(5) ففی هذه الآیات وأشباهها دلالة واضحة على ثبوت الحسن والقبح بحکم العقل، وقبل ورود الشرع، ولذا یحتجّ بها على إثبات الحقائق الواردة فی الکتاب الکریم.


1. سورة الأعراف: الآیّة 157.
2. سورة ص: الآیة 28.
3. سورة الرحمن: الآیة 60.
4. سورة الأعراف: الآیة 33.
5. سورة النحل: الآیة 90.

 

الکلام فی مسألة الحسن والقبحالکلام فی مسألة الحسن والقبحبقی هنا اُمور
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma