المسألة السابعة: هل القطع الحاصل من المقدّمات العقلیّة، هو حجّة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
المسألة السادسة: فی قطع القطاعأمّا الطائفة الاُولى: النهی عن العمل بالرأی

قد مرّ فی ما تقدّم أنّ القطع الطریقی حجّة، والحجّیة ذاتیّة له، وقلنا إنّه بحسب الحقیقة لیس طریقاً للوصول إلى الواقع بل هو نفس الوصول إلى الواقع والمشاهدة له سواء کان قطع القطاع أو غیره، ومن أی سبب حصل، ولأی شخص کان وفی أی مورد من موارد الفقه.

لکن نسب إلى الأخباریین إنکار حجّیة القطع الحاصل من المقدّمات العقلیّة وعدم عدّ العقل من الأدلّة الشرعیّة، والذی یظهر من کلماتهم اُمور: أحدها: إنکار الملازمة بین حکم العقل والشرع، والثانی: عدم حصول القطع من المقدّمات العقلیّة، والثالث: منع الشارع عن الرجوع إلیها وإن حصل منها القطع، هذا من أهمّ وجوه الاختلاف بین المسلکین (المسلک الأخباری ومسلک الاُصولی) ولازمها سقوط دلیل العقل من بین الأدلّة الأربعة الشرعیّة، فصارت الأدلّة عندهم ثلاثة بل صارت دلیلا واحداً لعدم أخذهم بالکتاب بغیر طریق السنّة وعدم اعتمادهم على الإجماع إذا لم یکن فی المجمعین معصوم.

أمّا المقام الأوّل: أی إنکار الملازمة بین حکم العقل والشرع فیتصوّر فیه احتمالات أربع، لتعیین مرادهم:

الأوّل: أن یکون المقصود إنکار الحسن والقبح العقلیین.

الثانی: إنکار کبرى الملازمة بین الحکم العقلی والحکم الشرعی فی سلسلة التشریع.

الثالث: إنکاره قدرة العقل على إدراک المصالح والمفاسد.

الرابع: عدم قدرته على إدراک الموانع والمعارضات.

أمّا الاحتمال الأوّل، وهو عزل العقل بالمرّة عن إدراک الحسن والقبح کما ذهب إلیه الأشاعرة فیردّه بداهة العقل، ومراجعة الوجدان أدلّ دلیل على إدراک العقل للحسن والقبح، حیث لا إشکال فی أنّ العقل یحکم بحسن بعض الأفعال کالإحسان وإعانة المظلوم وإغاثة الملهوف، وقبح بعضها الآخر کالظلم وقتل النفوس الأبریاء والتجاوز على الحقوق والأموال المحترمة.

أمّا الاحتمال الثانی (وهو إنکار حکم العقل بالملازمة بین ما استقلّ العقل بحسنه ووجود المصلحة الملزمة فیه وبین حکم الشارع بوجوبه، وهکذا بین ما إستقلّ بقبحه ووجود المفسدة وبین حکم الشارع بحرمته) فقد نقل المحقّق النائینی (رحمه الله) عن صاحب الفصول وجوهاً لعدم الملازمة:

أحدها: وجود الأوامر الإمتحانیة فی الشرع مع عدم وجود الملاک فی متعلّقاتها، فیمکن وجود الحکم الشرعی مع عدم وجود الحکم العقلی لعدم الملاک والمصلحة فی مورده.

وجوابه: أنّ مورد البحث فی المقام هو الأوامر الجدّیة غیر الإمتحانیة.

ثانیها: موارد التقیّة إذا کانت فی نفس الحکم دون المتعلّق کما إذا أمر الإمام (علیه السلام) بشیء لحفظ دم نفسه سلام الله علیه بنفس الأمر من دون أن یکون هناک مصلحة فی المأمور به فقد تخلّف الحکم عن الملاک.

وفیه: ما مرّ من الجواب عن الوجه الأوّل من أنّ مورد البحث ما إذا کان الأمر بداعی الجدّ، وإن شئت قلت: أنّ المصلحة إذا کانت فی نفس الإنشاء بأن تکون التقیّة فی نفس الأمر لا أن تکون التقیّة فی المأمور بها، فهو لا یکون بأمر حقیقة بل هو مجرّد تکلّم بلفظ، والمصلحة فی نفس التکلّم، وأین ذلک من تخلّف الحکم عن الملاک؟

ثالثها: أنّه لا ریب فی أنّ الملاک ربّما یکون فی بعض الأفراد دون بعض، ومع ذلک یجعل الحکم على کلّی یشملهما، وهذا کما فی باب العدّة، فإنّ مصلحة حفظ الأنساب وعدم اختلاط المیاه اقتضت تشریع حکم العدّة مطلقاً حتّى فیما لا یلزم فیه من عدم العدّة اختلاط المیاه فقد تخلّف الحکم فی تلک الموارد عن الملاک.

وجوابه: أنّ المصلحة على قسمین: مصلحة نفس الحکم التی یمکن أن یکون نوعیّة غالبیة ولا تکون موجودة فی جمیع الأفراد والمصادیق، ومصلحة کلّیة الحکم، فیمکن أن لا یوجد فی فرد مصلحة نفس الحکم، وفی نفس الحال لا یستثنى ولا یخصّص ذلک الفرد لوجود المصلحة الثانیة، أی مصلحة کلّیة الحکم فیه، وذلک مثل حرمة الخمر الجاریة فی جمیع مصادیقها مع أنّ مفسدتها وهی السکر لا یوجد فی قطرة واحدة منها مثلا، ومع ذلک یکون شربها حراماً حفظاً لکلّیة الحکم، وأین ذلک من الالتزام بعدم تبعیة الحکم للملاک کما هو المدّعى؟

رابعها: أنّه لا ریب فی أنّ الملاک والمصلحة فی العبادات إنّما یترتّب على إتیانها بقصد قربى لا على مجرّد وجوداتها فی الخارج، ومن المعلوم أنّ الأوامر فیها لا تتعلّق إلاّ بأنفسها لما ذکر فی محلّه من عدم جواز قصد القربة فی متعلّق الأمر، فما فیه الملاک یستحیل تعلّق الأمر به، وما تعلّق به الأمر لا یکون واجداً للملاک على الفرض.

وجوابه: أنّه قد مرّ فی محلّه إمکان أخذ قصد القربة فی المأمور به بلا إشکال فراجع.

خامسها: أنّه ثبت لنا فی الشریعة موارد لم یحکم الشارع فیها على طبق الملاکات الموجودة فیها کما هو مقتضى قوله (صلى الله علیه وآله) «لولا أن أشقّ على اُمّتی لأمرتهم بالسواک» بل أمرنا بالسکوت فیما سکت الله عنه فی قوله (صلى الله علیه وآله)«اسکتوا عمّا سکت الله عنه فإنّ الله لم یسکت عنها نسیاناً الخ» فإذا أمکن تخلّف الحکم الشرعی عن الملاک ولو فی مورد واحد فبمجرّد إدراک العقل لحسن شیء أو قبحه لا یمکن استکشاف الحکم الشرعی فی ذلک المورد بل لابدّ من السکوت فیه.

وجوابه واضح: لأنّ المقصود فی هاتین الروایتین أنّ عدم الحکم الشرعی مع وجود الملاک یکون لوجود مصلحة أهمّ التی تمنع عن الحکم، وإن شئت قلت: إنّ مصلحة الحکم هنا معارضة مع مفسدة العسر والحرج وأشباهه، وبعبارة اُخرى: أنّ محلّ الکلام إنّما هو فی مورد لا یتطرّق فیه احتمال المزاحم مثل المشقّة ونحوها، إذ معه لا یمکن استقلال العقل حتّى یستکشف منه الحکم الشرعی.

إذا عرفت عدم صحّة الوجوه التی استدلّ بها لعدم وجود الملازمة فنقول:دلیلنا على الملازمة وعلى أنّ الأحکام الشرعیّة تابعة للمصالح والمفاسد أمران:

الأوّل: أنّ العقل یحکم بأنّه قبیح على الحکیم أن یأمر بغیر مصلحة وینهى بغیر مفسدة.

الثانی: الآیات والرّوایات التی علّلت الأحکام وإشارات إلى مصالحها أو مفاسدها: فمن الآیات قوله تعالى فی الصّیام: (کُتِبَ عَلَیْکُمْ الصِّیَامُ کَمَا کُتِبَ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ)(1) وقوله فی الحجّ: (لِیَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)(2) وقوله فی الزّکاة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِهَا)(3) وقوله فی الصّلاة: (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ)(4) وقوله فی القصاص: (وَلَکُمْ فِی الْقِصَاصِ حَیَاةٌ یَا أُوْلِی الاَْلْبَابِ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ)(5) وقوله فی الجهاد: (کُتِبَ عَلَیْکُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ کُرْهٌ لَکُمْ وَعَسى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئاً وَهُوَ خَیْرٌ لَکُمْ)(6).

ومن الرّوایات ما ورد فی روایة تحف العقل وحاصله: أنّ کلّ ما هو مأمور به على العباد وقوام لهم فی اُمورهم من وجوه الصلاح الذی لا یقیمهم غیره ممّا یأکلون ویشربون ویلبسون وینکحون ویملکون ویستعملون فهذا کلّه حلال بیعه وشراؤه وهبته وعاریته، وکلّ أمر یکون فیه الفساد ممّا قد نهى عنه من جهة أکله وشربه ولبسه ... فحرام، هذا هو المستفاد من مجموع ما ورد فی تلک الرّوایة الطویلة، فإنّ هذه الرّوایة تنادی بأعلى صوتها بأنّ الحلال تابع للمصلحة والحرام تابع للمفسدة وکذلک غیرها من الرّوایات الکثیرة المذکورة فی کتاب علل الشرائع وغیره.

أمّا الاحتمال الثالث (وهو أن یکون المراد إنکار قدرة العقل على إدراک المصالح والمفاسد) والاحتمال الرابع (وهو أن یکون مرادهم عدم إدراک العقل لموانعها ومعارضاتها) فجوابهما واضح لأنّه لا إشکال فی أنّ العقل ولو بنحو الموجبة الجزئیّة یمکن أن یدرک المصالح الملزمة وحسن الأشیاء أو المفاسد وقبحها لما مرّ من حکمه بحسن الإحسان وإعانة المظلومین وقبح الظلم وقتل النفس المحترمة، والمنکر ینکره باللسان وقلبه مطمئن بالإیمان.

هذا کلّه هو المقام الأوّل، وهو إنکارهم الملازمة بین حکم العقل والشرع.

أمّا المقام الثانی: وهو عدم حصول القطع من المقدّمات العقلیّة النظریّة فنسب إلى بعض الأخباریین أنّه لا یحصل القطع من المقدّمات العقلیّة لکثرة وقوع الخطأ فیها.

والجواب عنه:

أوّلا: أنّ ما ذهبوا إلیه بنفسه دلیل وبرهان عقلی اُقیم على نفی العقل.

ثانیاً: أنّه ینتقض بوقوع الخطأ والاختلاف الکثیر بین الذین لا یعتمدون إلاّ على الأدلّة النقلیّة، وحیث إن بعضهم تفطّن لذلک ـ أجاب عنه بأنّه إنّما نشأ ذلک من ضمّ مقدّمة عقلیّة باطلة بالمقدّمة النقلیّة الظنّیة أو القطعیّة، ولکنّه خلاف الإنصاف لانتقاضه بوقوع الاختلاف بین الأخباریین المنکرین لحجّیة العقل أیضاً فإنّهم کثیراً ما یختلفون فی ظهورات الأدلّة النقلیّة واستظهاراتهم منها.

ثالثاً: أنّ هذا أیضاً خروج عن المفروض فی محلّ النزاع لأنّ البحث هنا فی حجّیة القطع على فرض حصوله من المقدّمات العقلیّة.

رابعاً: أنّ عزل العقل عن الإدراک والحجّیة بالمرّة یوجب سدّ باب إثبات الصانع وسائر الاُصول الاعتقادیّة، وإثباتها بالأدلّة النقلیّة دور واضح.

ثمّ إنّ للمحدّث الاسترابادی (رحمه الله) فی المقام کلاماً لإثبات عدم حصول القطع من المقدّمات العقلیّة، ونقله شیخنا الأعظم(رحمه الله) فی رسائله، وحاصله ببیان منّا: أنّ العلوم مطلقاً على ثلاثة أقسام:

الأوّل: ما ینتهی إلى الحسّ کالعلوم التجربیّة.

الثانی: ما ینتهی إلى مادّة هی قریبة من الإحساس، ومن هذا القسم علم الهندسة والحساب وأکثر أبواب المنطق.

الثالث: ما ینتهی إلى مادّة بعیدة عن الإحساس ومن هذا القسم الحکمة الإلهیة والطبیعیة وعلم الکلام وعلم اُصول الفقه والمسائل النظریّة الفقهیّة وبعض القواعد المذکورة فی کتب المنطق.

ومن المعلوم عدم وقوع الخلاف بین العلماء أو الخطأ فی نتائج الأفکار فی القسمین الأوّلین، بخلاف القسم الثالث حیث وقعت الاختلافات والمشاجرات الکثیرة الشدیدة بین الفلاسفة فی الحکمة الإلهیة والطبیعیة وبین علماء الإسلام فی اُصول الفقه ومسائل الفقه وعلم الکلام وغیر ذلک، والسبب فی ذلک بُعد هذه العلوم عن الإحساس فلا بدّ فی إثباتها من المنطق، والقواعد الفقهیّة عاصمة من الخطأ من جهة الصورة لا من جهة المادّة.

ویمکن أن نضیف إلى ما ذکره: أنّ العلم الإجمالی بوقوع الخطأ فی هذا القسم مانع عن حصول القطع فی مسائله، لأنّ الموجبة الکلّیة لا تجتمع مع السالبة الجزئیّة کما مرّ، وهذا یقتضی أن یتبدّل علمنا التفصیلی بکلّ واحد من تلک المسائل إلى الظنّ ویرجع هذا إلى عدم حجّیة إدراکات العقل فی غیر المحسوسات وما تکون مبادئه قریبة من الإحساس.

والمحقّق الخراسانی (رحمه الله)تجاوز هذا الوجه إتّکالا على أنّ النزاع مع هذا المحدّث نزاع صغروی، لکننا نعتقد بأهمیّته لأنّه على أی حال سواء کان النزاع فی الصغرى أم فی الکبرى یوجب عزل العقل بالمرّة عن الإدراک والحجّیة، فلا بدّ من حلّه والجواب عنه.

فنقول یرد علیه:

أوّلا: إنّ ما ذهب إلیه من عدم وقوع الخطأ فی الحسیّات وما ینتهی إلى مادّة قریبة من الإحساس ممنوع بالوجدان لوقوع الخطأ الکثیر فی المبصرات والمسموعات وغیرها الحواس، فیقطع الإنسان مثلا بوصول الماء إلى البشرة فی الوضوء ثمّ ینکشف خلافه تفصیلا أو إجمالا، وهکذا فی الریاضیات فینکشف الخلاف مثلا فی جمعه وتفریقه وإن لم یظهر الخطأفی قواعده.

ثانیا: أنّ کلامه یوجب بطلان نفسه، لأنّ استدلاله لیس من الحسّیات ولا من الریاضیات بل داخل فی القسم الثالث الذی لا یحصل القطع فیه عنده.

ثالثاً: ما مرّ سابقاً من أنّ القطع الحقیقی وإن لم یکن فی بعض العلوم النظریّة إلاّ أنّه لا إشکال فی حصول القطع العادی العرفی الذی استقرّت سیرة العقلاء على حجّیته وقد أمضاها الشارع أیضاً.

هذا کلّه فی المقام الثانی.

أمّا المقام الثالث: فهو فی روایات استدلّوا بها على عدم حجّیة العقل، وهی المهمّ فی المقام بل هو الأساس فی إنکارهم حجّیة العقل وهی على طوائف:

الطائفة الاُولى: ما تنهى عن العمل بالرأی، وفسّر الرأی عندهم بحکم العقل.

الطائفة الثانیة: ما تدلّ على غایة بعد العقول عن دین الله.

الطائفة الثالثة: ما تدلّ على أنّ المدرک الوحید للأحکام هو روایات أهل البیت (علیهم السلام).


1. سورة البقرة: الآیة 183.
2. سورة الحجّ: الآیة 28.
3. سورة التوبة: الآیة 103.
4. سورة العنکبوت: الآیة 45.
5. سورة البقرة: الآیة 179.
6. سورة البقرة: الآیة 216.

 

المسألة السادسة: فی قطع القطاعأمّا الطائفة الاُولى: النهی عن العمل بالرأی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma