وأمّا الأمر الثانی: فی إمکان التعبّد بالظّن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
بقی هنا شیءنقد کلام المحقّق الخراسانی(رحمه الله):

وهو إثبات قابلیة الظنّ لأن یصیر حجّة وإمکان جعل الحجّیة له. فنقول: المراد من الإمکان هنا هو الإمکان الوقوعی، بمعنى أنّه لا یلزم من وقوعه محذور عقلی من أمر ممتنع ذاتی کاجتماع الضدّین أو أمر ممتنع عرضی کالقبیح الذی یستحیل صدوره من الحکیم.

توضیح ذلک: المعروف من معانی الإمکان أربعة:

أحدها: الإمکان الذاتی وفی مقابله الامتناع الذاتی کاجتماع النقیضین.

ثانیها: الإمکان الوقوعی وفی مقابله الامتناع الوقوعی وهو ما یلزم من وقوعه محال کامتناع اجتماع الآلهة فی العالم وهو مفاد قوله تعالى: (لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا).

ثالثها: الإمکان العادی بمعنى عدم الامتناع بحسب العادة فی مقابل الامتناع العادی کامتناع بلوغ عمر الإنسان إلى آلاف سنین عادةً.

رابعها: الإمکان الاحتمالی وهو ما أشا إلیه الشیخ الرئیس بقوله: کلّ ما قرع سمعک من الغرائب فذره فی بقعة الإمکان ما لم یضدّک عنه قاطع البرهان.

أمّا القسم الأخیر فلا شکّ فی عدم کونه مقصوداً فی المقام لأنّه إنّما یکون فی النظر البدوی،

وسیزول بالتأمّل ویرجع إلى أحد الأقسام الاُخر، ولذلک عبّر الشیخ بـ «کلّما قرأ سمعک».

وکذلک الإمکان العادی لأنّ العادة لا یمکن أن تقع موضوعاً للأدلّة العقلیّة، وأیضاً الإمکان الذاتی لأنّه لا شکّ لأحد فی أنّه لا مانع فی إمکان التعبّد بالظنّ ذاتاً وأنّ حجّیة الظنّ لیست کاجتماع النقیضین، فیتعیّن حینئذ الإمکان الوقوعی، فالمراد بالإمکان فی المقام هو الوقوعی فی مقابل من یدّعی الامتناع الوقوعی کابن قبّة(1) من قدماء الأصحاب.

ومن العجب أنّ المحقّق النائینی (رحمه الله) ذهب إلى «أنّ المراد من الإمکان المبحوث عنه فی المقام هو الإمکان التشریعی، بمعنى أنّ من التعبّد بالأمارات هل یلزم محذور فی عالم التشریع من تفویت المصلحة والإلقاء فی المفسدة، واستلزامه الحکم بلا ملاک، واجتماع الحکمین المتنافیین وغیر ذلک من التوالی الفاسدة المتوهّمة فی المقام، أو أنّه لا یلزم شیء من ذلک؟ ثمّ قال: ولیس المراد من الإمکان هو الإمکان التکوینی بحیث یلزم من التعبّد بالظنّ أو الأصل محذور فی عالم التکوین، فإنّ الإمکان التکوینی لا یتوهّم البحث عنه فی المقام وذلک واضح»(2).

ولکن لا یخفى ما فیه من أنّ کون موضوع الإمکان والاستحالة أمراً تشریعیاً لا یقتضی خروج إمکانه عن التکوین إذا کان المحذور على کلّ لزوم اجتماع الضدّین فی عالم التکوین أو صدور القبیح من الحکیم الذی یستحیل صدوره منه تکویناً أیضاً.

وبعبارة اُخرى: المحذورات الخمسة التی سیأتی فی بحث اجتماع الحکم الظاهری والواقعی وکذلک شبهة ابن قبّة، کلّها ترجع إلى محذورات تکوینیة ناشئة عن تشریع العمل بالظنّ فراجع وتدبّر.

والإنصاف أنّه لا معنى للإمکان التشریعی فی مقابل الامتناع التشریعی إلاّ حکم الشارع بالإباحة فی مقابل الحرمة، وأین هذا ممّا نحن بصدده.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ابن قبّة خالف إمکان حجّیة خبر الواحد واستدلّ له بدلیلین: أحدهما مختصّ بخبر الواحد، والآخر عام یشمل جمیع الأمارات الظنّیة.

أمّا الأوّل: فهو أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد فی الإخبار عن النبی (صلى الله علیه وآله) لجاز التعبّد به فی الإخبار عن الله تعالى، والتالی باطل إجماعاً، ووجه الملازمة أنّ حکم الأمثال فیما یجوز وفیما لا یجوز واحد.

والصحیح فی الجواب عنه (کما سیأتی فی مبحث خبر الواحد) أنّه قیاس مع الفارق، لأنّ التعبّد بخبر الواحد فی الإخبار عن الله تعالى ملازم لدعوى النبوّة، وهی من اُصول الدین، التی تحتاج إلى دلیل قطعی.

وأمّا الثانی: فهو أنّ جواز التعبّد بالظنّ موجب لتحلیل الحرام وتحریم الحلال إذ لا یؤمن أن یکون ما أخبر مثلا بحلّیته حراماً وبالعکس.

أقول: کلامه هذا مبهم یحتاج إلى مزید توضیح فنقول: إنّ تحلیل الحرام أو تحریم الحلال اللازم من جواز التعبّد بالظنّ یستبطن بنفسه محاذیر خمسة عقلیّة:

أحدها: اجتماع النقیضین فی صورة عدم إصابة الظنّ بالواقع، واجتماع المثلین فی صورة الإصابة، وهذا بالنسبة إلى نفس الحکم.

ثانیها: اجتماع الضدّین فی نفس المولى فی صورة الخطأ وهو اجتماع الإرادة والکراهة لأنّ الأمر ینشأ من الإرادة والنهی ینشأ من الکراهة وهذا یکون بالنسبة إلى مبادىء الحکم.

ثالثها: اجتماع الضدّین من المصلحة والمفسدة فی صورة الخطأ، ویکون بالنسبة إلى متعلّق الحکم.

رابعها: التکلیف بما لا یطاق، لأنّ الحکم الواقعی یکلّف الإنسان بالفعل فی مفروض الکلام، والظاهری یکلّفه بالترک مثلا، والأمر بهما یستحیل على الحکیم الخبیر.

خامسها: الإلقاء فی المفسدة وتفویت المصلحة فی صورة الخطأ.

ولا یخفى أنّ جمیع هذه المحاذیر مبنی على بقاء الحکم الواقعی فی مورد الأمارة على قوّته کما هو الصحیح لأنّ ارتفاع الحکم الواقعی یستلزم التصویب الباطل عندنا.

ولقد حاول جمیع العلماء بعد ابن قبّة رفع هذه المحاذیر، وکلّ سلک فی حلّها طریقاً خاصاً، وهذا هو الذی یسمّى عندهم بمسألة الجمع بین الحکم الظاهری والواقعی.

ومن الطرق طریق المحقّق الخراسانی (رحمه الله)، ومنها ثلاث طرق ذکرها فی درر الفوائد التی حکى اثنین منها من اُستاذه السیّد السند المحقّق الفشارکی (رحمه الله)، ومنها طریق المحقّق النائینی (رحمه الله)وطریق سادس ذکره فی تهذیب الاُصول، وهیهنا طریق سابع یستفاد من کلمات شیخنا الأنصاری(رحمه الله) وهو المختار.

ونحن نذکرها واحداً بعد واحد ثمّ نبیّن المختار فی المقام (وهو نفس ما یستفاد من کلمات شیخنا الأعظم):

1 ـ قال المحقّق الخراسانی (رحمه الله)ما حاصله: أنّ أغلب هذه المحاذیر نشأ من توهّم أنّ التعبّد بالأمارة واعتبار الأمارة شرعاً معناه أنّ للشارع أحکاماً ظاهریّة على طبق مؤدّیاتها، فإذا قامت الأمارة على وجوب شیء فیحکم الشارع ظاهراً بوجوب ذلک الشیء، وإذا قامت على حرمة شیء فیحکم ظاهراً بحرمة ذلک الشیء وهکذا، وبعبارة اُخرى: أنّ هذه المحاذیر نشأت من القول بجعل أحکام ظاهریّة على وفق مؤدّى الأمارة مع أنّنا لا نلتزم بإنشاء الأحکام الظاهریّة فی مورد الأمارات بل المجعول فیها هو نفس المنجزیّة والمعذّریّة عند الإصابة والخطأ، وهذا لا یستتبع إنشاء أحکام تکلیفیة ظاهریّة على طبق مؤدّیات الطرق فی قبال الأحکام الواقعیّة کی یلزم منها اجتماع المثلین عند إصابة الأمارات ومطابقتها للواقع، واجتماع الضدّین من إیجاب وتحریم وإرادة وکراهة ومصلحة ومفسدة بلا کسر وإنکسار فی البین عند خطأ الأمارات ومخالفتها للواقع، بل إنّما یلزم منها تنجّز التکلیف الواقعی بقیام الأمارة المعتبرة عند اصابتها وصحّة الاعتذار بها عند خطأها.

نعم، یبقى فی البین إشکال واحد وهو تفویت المصلحة والإلقاء فی المفسدة عند خطأ الأمارة، وهذا ممّا لا محذور فیه إذا کان فی التعبّد بالظنّ الذی إعتبره الشارع مصلحة غالبة على مفسدة التفویت أو الإلقاء کما لا یخفى.

أقول: الظاهر أنّ مراده من المصلحة الغالبة هو الوصول إلى الواقعیات غالباً مع تسهیل الأمر للمکلّفین ورفع التضییق عنهم، فحیث إنّها کانت أهمّ بنظر الشارع من تفویت المصلحة والإلقاء فی المفسدة عند خطأ الأمارة أحیاناً قدّمها علیه.

ثمّ قال: هذا کلّه إذا کانت الحجّیة بمعنى المنجّزیّة والمعذّریّة ولو فرضنا کونها بمعنى جعل الحکم المماثل فلا یلزم محذور أیضاً، لأنّ هذه الأحکام المجعولة على طبق مؤدّیات الأمارات أحکام طریقیّة مقدّمة للوصول إلى الواقعیات لا توجب إلاّ تنجّز التکلیف إذا أصابت الواقع، وصحّة الاعتذار إذا أخطأت، من دون أن تکون ناشئة عن مصلحة أو مفسدة.

ثمّ إنّه (قدس سره) نظر إلى أنّ هذا البیان کلّه یصحّ بالنسبة إلى الأمارات ولکن الإشکال باق بعدُ فی بعض الاُصول الشرعیّة مثل الإباحة الشرعیّة التی توجب جعل حکم ظاهری بلا ریب ولیست طریقاً إلى الواقع، لأنّ المفروض عدم کونها أمارة، فقال ما نصّه: «فلا محیص فی مثله (بعض الاُصول العملیّة کأصالة الإباحة الشرعیّة) إلاّ عن الالتزام بعدم إنقداح الإرادة أو الکراهة فی بعض المبادىء العالیة أیضاً کما فی المبدأ الأعلى لکنّه لا یوجب الالتزام بعدم کون التکلیف الواقعی بفعلی، بمعنى کونه على صفة ونحو لو علم به المکلّف لتنجّز علیه کسائر التکالیف الفعلیّة التی تنجّز بسبب القطع بها، وکونه فعلیاً إنّما یوجب البعث والزجر فی النفس النبویّة أو الأولویّة فیما إذا لم ینقدح فیها الإذن لأجل مصلحة».

وحاصل ما أفاده: أنّ الحکم الواقعی فی مورد هذه الاُصول لیس فعلیّاً تامّاً لأنّ الفعلیّة موقوفة على حصول الإرادة وهو موقوف على عدم صدور إذن من جانب الشارع على الخلاف، وإلاّ لو صدر إذن من ناحیته کما فی الاُصول العملیّة فالحکم فعلی تقدیری، بمعنى أنّه لو تعلّق به العلم أو قامت أمارة علیه لتنجّز، بخلاف الإنشائی الذی لا تنجّز وإن تعلّق به العلم خارجاً، وبهذا ترتفع المنافاة بین الحکم الواقعی والظاهری، لأنّ الحکم الواقعی فعلی تقدیری، والحکم الظاهری فعلی تحقیقی ولا منافاة بینهما.

فظهر إلى هنا أنّ المحقّق الخراسانی(رحمه الله) اختار لحلّ إشکال الجمع بین الحکم الظاهری والواقعی ثلاثة طرق:

الأوّل: إنکار أن یکون مؤدّى الأمارة حکماً بل هو مجرّد المنجّزیّة والمعذّریّة.

الثانی: کونه حکماً طریقیّاً.

الثالث: أنّ الواقعی فعلی تقدیری أی فعلی لولا الترخیص والإذن، والظاهری فعلی مطلقاً.

ولا یخفى أنّ هذا الکلام منه مبنی على ما ذهب إلیه من أن للأحکام مراتب أربعاً کما مرّت الإشارة إلیه منّا فی باب اجتماع الأمر والنهی، وکما أشار إلیه فی تعلیقته على رسائل شیخنا الأعظم(رحمه الله):

أحدها: الاقتضائیّة والشأنیة، وهی عبارة عن کون الشیء ذا ملاک یقتضی الحکم الفلان على طبق ذلک الملاک.

ثانیها: الحکم الإنشائی وهو عبارة عن إنشاء الحکم على طبق المصالح والمفاسد الکامنة فی الأشیاء ضرباً للقاعدة والقانون، من دون أن یکون فی البین إرادة أو کراهیّة فعلیة.

ثالثها: الحکم الفعلی، وهو عبارة عن تعلّق الإرادة الفعلیة أو الکراهة الفعلیة بشیء أی البعث والزجر.

رابعها: مرتبة التنجّز وهی عبارة عن حکم العقل باستحقاق العقاب على مخالفة حکم المولى وعصیانه بعد وصوله إلیه بعلم أو علمی.

هذا ـ وقد عرفت أنّه بعد تقسیمه الفعلی إلى الفعلی التامّ وغیر التامّ، أو الفعلی التقدیری والفعلی المطلق صارت الأقسام خمسة.

ولکنک قد عرفت سابقاً أنّ مرتبة الاقتضاء (التی یسمّیها بالحکم الاقتضائی أو الحکم الشأنی) ومرتبة التنجّز لا ینبغی أن یعدّا من الأحکام الشرعیّة ومجعولات الشارع، لأنّ الحکم الاقتضائی والشأنی لیس إلاّ مجرّد اقتضاء الحکم وشأنیته له ولیس هذا أمراً مجعولا، والتنجّز حکم عقلی لا حکم شرعی، فإطلاق الحکم الشرعی علیهما لا یخلو من مسامحة، فلم یبق للحکم إلاّ مرتبتین: مرتبة الإنشاء ومرتبة الفعلیّة.


1. هو من عیون الأصحاب وصالحیهم وکان معاصراً للشیخ المفید (رحمه الله) والشیخ کان یروی عنه وکان من تلامیذه وهو صاحب کتاب الإنصاف، وکان فقیهاً متکلّماً، وقیل أنّه کان معتزلیاً ثمّ استبصر.
2. فوائد الاُصول: ج3، ص88، طبع جماعة المدرّسین.

 

بقی هنا شیءنقد کلام المحقّق الخراسانی(رحمه الله):
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma