الأمر الثالث: فی تأسیس الأصل فی المسألة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
بیان المختار فی المقامکلام فی التشریع

إنّ الأمارة الظنّیة قد یعلم حجّیتها وقد یعلم عدم حجّتها، وقد یقع الشکّ فیها فإذا وقع الشکّ، فهل الأصل حجّیتها إلاّ ما خرج بالدلیل أو العکس، أی أنّ الأصل عدم حجّیتها إلاّ ما خرج؟

لا خلاف فی أنّ الأصل هو الثانی، أی عدم الحجّیة، إنّما الخلاف فی طریق الاستدلال علیه، فذکر شیخنا الأعظم الأنصاری (رحمه الله) له طریقاً، وللمحقّق الخراسانی(رحمه الله) طریق آخر، فاستدلّ الشیخ (رحمه الله) بأنّ أصالة حجّیة الظنّ معناها جواز الاستناد إلى الظنّ والالتزام بکون مؤدّاه حکم الله فی حقّه، مع أنّ هذا الاستناد عند الشکّ حرام بالأدلّة الأربعة ما لم یدلّ دلیل على جوازه.

وقال المحقّق الخراسانی (رحمه الله) تضعیفاً لذلک ما ملخّصه: أنّ صحّة الالتزام بما أدّى إلیه الظنّ من الأحکام وصحّة نسبته إلیه تعالى لا دخل لهما بمسألة الحجّیة کی إذا لم تصّح الالتزام والنسبة کشف ذلک آناً عن عدم الحجّیة، وذلک کما فی الظنّ على الانسداد والحکومة فإنّه حجّة عقلا کالعلم فی حال الانفتاح مع عدم صحّة الالتزام بما أدّى إلیه وعدم صحّة نسبته إلیه تعالى، إذ المفروض عدم القول بالکشف وأنّ الظنّ طریق منصوب من الشرع، بل هو حجّة عقلا یجب العمل على طبقه والحرکة على وفقه، أی یقبح عقاب العبد على أزید من ذلک، ولو فرض صحّة الالتزام والنسبة فیما شکّ فی اعتباره لم یُجد فی إثبات حجّیته ما لم یترتّب علیه آثار الحجّیة من المنجّزیّة والمعذّریّة، ومع فرض ترتّب آثار الحجّیة لم یضرّ عدم صحّتهما کما عرفت فی الظنّ على الانسداد والحکومة فالمدار فی الحجّیة وعدمها على ترتّب آثارها وعدم ترتّبها لا على صحّة الالتزام والنسبة وعدمهما.

أقول: إنّه إشکال وارد فی بدء النظر، بل یمکن تأییده بأنّ مسألة صحّة الإسناد والالتزام من الأحکام الفرعیّة الفقهیّة، ومسألة الحجّیة مسألة اُصولیّة لا ربط بینهما، ولکن عند الدقّة والتأمّل یمکن الجواب عنه والدفاع عن مقالة الشیخ (قدس سره)بأنّ مراده من صحّة الإسناد والالتزام وعدمها هو مدلولها الالتزامی أی الحجّیة، حیث إن الحجّیة الشرعیّة تلازم جواز الإسناد والالتزام، والبحث فی الحجّیة الشرعیّة لا الحجّیة العقلیّة، وطرح المسألة بهذا النحو وإن کان یجعلها من المسائل الفقهیّة لکن تثبت به الحجّیة آناً.

وإن شئت قلت: أنّ صحّة الالتزام والنسبة وإن لم یکونا من آثار الحجّیة لما عرفت من جواز انفکاک الحجّة عنهما کما فی الظنّ الانسدادی على الحکومة ولکن لا یکاد یجوز تحقّقهما فی غیر الحجّة، فلیس کلّ حجّة ممّا صحّ الالتزام بکون مؤدّاه حکم الله وصحّ نسبته إلیه تعالى، ولکن کلّما صحّ الالتزام بکون مؤدّاه حکم الله وصحّ نسبته إلیه تعالى کان حجّة قطعاً.

أضف إلى ذلک أنّه لا حاجة بناءً على مبنى المحقّق الخراسانی (رحمه الله)فی تفسیر الحجّیة إلى التمثیل بالظنّ الانسدادی على الحکومة، لأنّه بناءً على ذلک المبنى فی تمام الحجج الشرعیّة لا یجوز الإسناد والالتزام لأنّ الحجّیة عنده بمعنى المنجّزیّة والمعذّریّة، وهما فی الواقع قضیتان شرطیتان، أی لو وافق مؤدّى الأمارة الواقع کان منجزاً ولو خالفه کان عذراً، ولیستا حاکیتین عن حکم واقعی أو ظاهری حتّى یصحّ الإسناد، فظهر أنّ مآل الطریقین إلى أمر واحد.

ثمّ إنّ المحقّق الخراسانی (رحمه الله)استدلّ للمسألة بالضرورة فقال: «ضرورة أنّه بدونه لا یصحّ المؤاخذة على مخالفة التکلیف بمجرّد إصابته ولا یکون عذراً لدى مخالفته مع عدمها ولا یکون مخالفته تجرّیّاً ولا یکون مخالفته بما هی موافقة انقیاداً».

ومقصوده من الضرورة هنا هو الضرورة العقلیّة والبداهة الوجدانیّة، وهو کذلک، لأنّ الوجدان حاکم على عدم ترتّب آثار الحجّیة على أمارة ما لم تتّصف بالحجیة الفعلیّة فی مقام الإثبات.

وأمّا شیخنا الأنصاری (رحمه الله) فاستدلّ لحرمة الإسناد والإلزام التی یستفاد منها عدم الحجّیة بالدلالة الالتزامیّة کما مرّ بالأدلّة الأربعة وقال: «التعبّد بالظنّ الذی لم یدلّ على التعبّد به دلیل، محرّم بالأدلّة الأربعة ویکفی من الکتاب قوله تعالى: (قُلْ أَاللهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)دلّ على أنّ ما لیس بإذن من الله من إسناد الحکم إلى الشارع فهو افتراء، ومن السنّة قوله (صلى الله علیه وآله)فی عداد القضاة من أهل النار «رجل قضى بالحقّ وهو لا یعلم»(1)، ومن الإجماع ما ادّعاه الفرید البهبهانی فی بعض رسائله من کون عدم الجواز بدیهیّاً عند العوام فضلا عن العلماء، ومن العقل تقبیح العقلاء من یتکلّف من قبل مولاه بما لا یعلم بوروده من المولى ولو کان جاهلا مع التقصیر».

أقول: أمّا الإجماع فلا یخفى أنّه فی مثل المقام مدرکی یرجع إلى سائر الأدلّة فلا اعتبار به مستقلا، وأمّا السنّة فقد نوقش فیها بأنّ مقام القضاء مقام خاصّ، وللشارع اهتمام خاصّ به، فیکون الدلیل أخصّ من المدّعى، کما ناقش فیها فی تهذیب الاُصول بأنّ مقام القضاء مقام إنشاء الحکم لا إسناده إلى الله تعالى، أی أنّ القاضی إنّما یقول: «حکمت وقضیت بکذا وکذا» ولا یقول: «الله یقول کذا وکذا»(2).

لکن یرد علیه (على مناقشة تهذیب الاُصول): أنّ القضاء إنشاء یلازم الإخبار عن الشارع، لأنّ القاضی قام على منصب القضاء الشرعی، وکأنّه یقول: أنّی أحکم بکذا وکذا لأنّی من قضاة الشرع ومنصوباً من قبل الشارع، فإنشاؤه حینئذ لا ینفکّ عن الإخبار.

ولکن الأنسب والأولى للشیخ (قدس سره) أن یستدلّ بما ورد فی نفس الباب (أی الباب4 من أبواب صفات القاضی) من دون أن یکون مختصّاً بباب القضاء، وهی ثلاث روایات:

أوّلها: ما رواه زیاد بن أبی رجاء عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «ما علمتم فقولوا: وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، أنّ الرجل ینتزع الآیة یخرّ فیها أبعد ما بین السماء»(3).

ثانیها: ما رواه مفضّل بن فرید (یزید) قال: قال أبو عبدالله (علیه السلام): «أنهاک عن خصلتین فیهما هلک الرجال: أنهاک أن تدین الله بالباطل وتفتی الناس بما لا تعلم»(4).

ثالثها: ما رواه عبدالرحمن بن الحجّاج قال: قال لی أبو عبدالله (علیه السلام): «إیّاک وخصلتین ففیهما هلک من هلک: إیّاک أن تفتی الناس برأیک أو تدین بما لا تعلم»(5).

وأمّا دلیل العقل فهو شبیه بما استدلّ به المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، یعنی ضرورة العقل والوجدان، وعلى أی حال فقد ظهر ممّا ذکر أنّ الأصل هو عدم حجّیة الظنّ إلاّ ما خرج بالدلیل.


1. وسائل الشیعة: الباب4، من أبواب صفات القاضی، ح6.
2. راجع تهذیب الاُصول: ج2، ص85، طبع جماعة المدرّسین.
3. وسائل الشیعة: الباب4، من أبواب صفات القاضی، ح5.
4. المصدر السابق: ح2.
5. المصدر السابق: ح3.

 

بیان المختار فی المقامکلام فی التشریع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma