المسلک الرابع:الإجماع الحدسی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
المسلک الثالث: الإجماع التشرّفیالأمر الثانی: حجّیة الخبر المنقول ...

وهو کما قال فی الفصول: «أن یستکشف عن قول المعصوم (علیه السلام) أو عن دلیل معتبر باتّفاق علمائنا الأعلام الذین کان دیدنهم الانقطاع إلى الأئمّة (علیهم السلام) فی الأحکام، وطریقتهم التحرّز عن القول بالرأی ومستحسنات الأوهام فإنّ اتّفاقهم على قول وتسالمهم علیه مع ما یرى من اختلاف أنظارهم وتباین أفکارهم ممّا یؤدّی بمقتضى العقل والعادة عند أُولی الحدس الصائب والنظر الثاقب إلى العلم بأنّ ذلک قول أئمّتهم ومذهب رؤسائهم وأنّهم إنّما أخذوه منهم إمّا بتنصیص أو بتقریر»(1).

وقال شیخنا العلاّمة الحائری(رحمه الله) فی الدرر: «ولا اختصاص لهذه الطریقة باستکشاف قول المعصوم (علیه السلام) بل قد یستکشف بها عن رأی سائر الرؤساء المتبوعین، مثلا إذا رأیت تمام خدمة السلطان (الذین لا یُصدرون إلاّ عن رأیه) اتّفقوا على إکرام شخص خاصّ یستکشف منه إنّ هذا إنّما هو من توصیته»(2).

أقول: یمکن تقریب هذا المسلک بثلاثة وجوه:

الوجه الأوّل: ما ذهب إلیه المحقّق النائینی (رحمه الله) فی فوائد الاُصول وهو أن نقول بوجود الملازمة العادیة بین اتّفاق المرؤوسین على أمر ورضا الرئیس إن کان نشأ الاتّفاق عن تواطئهم على ذلک(3) فکما یکشف قول الشافعی من العلماء الشافعیین وقول أبی حنیفة من تلامذته وکذا غیرهم، کذلک یکشف من إجماع علماء الشیعة قول الإمام المعصوم (علیه السلام).

ویرد علیه: إنّ هذا ثابت فی زمان الحضور ولا یفیدنا الیوم لأنّ کشف قول الرئیس أو الإمام أو الاُستاذ من أقوال المرؤوسین أو المأمونین أو التلامذة مبنی على وجود صلة بین الطرفین، وهی حاصلة فی خصوص عصر الحضور.

لکن الحقّ هو وجود هذه الملازمة فی زمن الغیبة أیضاً، لأنّ الصلة مع الواسطة حاصلة، ویکفی فی ذلک الفترة التی کان دیدنهم فی الفتوى على التعبّد بمتون الرّوایات وعلى أساس الکتب المتلقّاة من کلمات المعصومین من دون تفریع واستنباط.

الوجه الثانی: ما حکی عن السیّد محمّد المجاهد صاحب مفاتیح الاُصول وهو: أنّ تراکم الظنون من الفتاوى تنتهی بالأخرة إلى القطع، فمن فتوى کلّ واحد منهم یحصل ظنّ ما بحکم الله الواقعی، فإذا کثرت فمن تراکم تلک الظنون یحصل القطع بالحکم الواقعی الصادر عن الإمام (علیه السلام) کما هو الوجه فی حصول القطع من الخبر المتواتر.

أقول: إنّ هذا ممکن فی نفسه ولکن لا یندرج تحت ضابط کلّی، إذ یختلف ذلک باختلاف مراتب الظنون والموارد والأشخاص، فقد یحصل القطع من تراکم الظنون لشخص ولا یحصل لآخر، إذن فیمکن قبول الصغرى والکبرى فی الجملة لا بالجملة.

الوجه الثالث: ما مرّ بیانه من صاحب الفصول، ونقول توضیحاً لذلک: أنّ اتّفاق العلماء کاشف على وجود دلیل معتبر عندهم، لکن هذا إذا لم یکن فی مورد الإجماع أصل أو قاعدة أو دلیل على وفق ما اتّفقوا علیه، فإنّه مع وجود ذلک یحتمل أن یکون مستند الإجماع أحد هذه الاُمور، فلا یکشف اتّفاقهم عن وجود دلیل آخر وراء ذلک.

کما إذا اتّفقوا على أنّ حدّ الکرّ فی باب المیاه ثلاثة أشبار ونصف فی ثلاثة أشبار، والمفروض فی هذا الفرع عدم وجود أصل أو قاعدة عقلیّة أو دلیل معتبر نقلی یدلّ على ذلک، فإنّ هذا الاتّفاق یکشف عن وجود دلیل آخر معتبر عند الکلّ، سیّما إذا لاحظنا دیدن قدماء أصحابنا فإنّه کان على التعبّد بالرجوع إلى الإخبار والإفتاء على وفق متون الرّوایات حتّى کانوا معرضین عن النقل بالمعنى إلاّ بمقدار ثبت جوازه فی نقل الرّوایة.

ویشهد على هذا ما ورد فی مقدّمة کتاب المبسوط(4) لشیخ الطائفة (رحمه الله) الذی کانت لسیّدنا الاُستاذ البروجردی (رحمه الله) عنایة خاصّة بها وکان یقول: إنّ هذه المقدّمة تمثّل لنا الجوّ الفکری والاجتماعی الموجود فی عصر الشیخ الطوسی(رحمه الله)، وإلیک نصّها: «أمّا بعد فإنّی لا أزال أسمع معاشر مخالفینا من المتفقّهة والمنتسبین إلى علم الفروع یستحقرون فقه أصحابنا الإمامیّة ویستنزرونه وینسبونهم إلى قلّة الفروع وقلّة المسائل، ویقولون: إنّهم حشو ومناقضة، وإنّ من ینفی القیاس والاجتهاد لا طریق له إلى کثرة المسائل ولا التفریع على الاُصول، لأنّ جلّ ذلک وجمهوره مأخوذ من هذین الطریقین، وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلّة تأمّل لاُصولنا، ولو نظروا فی أخبارنا لعلموا أنّ جلّ ما ذکروه من المسائل موجود فی أخبارنا ومنصوص علیه تلویحاً من أئمّتنا ... (إلى أن قال): وکنت على قدیم الوقت وحدیثه مشوق النفس إلى عمل کتاب یشتمل على ذلک (التفریعات) تتشوّق نفسی إلیه فیقطعنی عن ذلک القواطع وتشغلنی الشواغل وتضعف نیّتی أیضاً فیه قلّة رغبة هذه الطائفة فیه وترک عنایتهم به لأنّهم ألفوا الأخبار وما رووه من صریح الألفاظ حتّى أنّ مسألة لو غیّر لفظها وعبّر عن معناها بغیر اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها، وکنت عملت على قدیم الوقت کتاب النهایة وذکرت جمیع ما رواه أصحابنا فی مصنّفاتهم واُصولها من المسائل وفرّقوه فی  کتبهم، ورتّبته ترتیب الفقه وجمعت من النظائر، ورتّبت فیه الکتب على ما رتّبت للعلّة التی بیّناها هناک ولم أتعرّض للتفریع على المسائل ولا لتعقید الأبواب وترتیب المسائل وتعلیقها والجمع بین نظائرها بل أوردت جمیع ذلک أو أکثره بالألفاظ المنقولة حتّى لا یستوحشوا من ذلک»(5)(انتهى).

فالمستفاد من هذه العبارات وصریحها أنّ المقبول من التألیفات فی ذلک العصر وما تقدّمه إنّما هو ما کان مأخوذاً من متون الرّوایات وصریح ألفاظها، فإذا اتّفق علماء ذلک الزمان على مسألة فالإنصاف أنّه یمکن الحدس القطعی من ذلک عن وجود دلیل معتبر سنداً ودلالة (أمّا من ناحیة السند فلو فرض ضعفه لجبر بعملهم، وأمّا من ناحیة الدلالة فلأنّه لو کان له من هذه الناحیة خفاء لخالف بعضهم على الأقل) أو یکشف ذلک عن أخذ هذا الحکم عن المعصوم (علیه السلام)جیلا بعد جیل وإن لم یذکر فی روایاتهم.

فقد ظهر ممّا ذکرناه أوّلا: أنّ ثلاثة من الأقسام الأربعة للإجماع تامّة کبرى، وهی الإجماع الدخولی والحدسی والتشرفی، وأمّا الإجماع اللطفی فلا یتمّ من ناحیة الکبرى فضلا عن الصغرى، وأنّ قسمین من هذه الثلاثة وهما: الدخولی والتشرّفی لیس لهما صغرى معروفة، فالذی یکون تاماً صغرى وکبرى هو الإجماع الحدسی، وهو المقصود من الإجماعات المنقولة فی الکتب الفقهیّة بین المتأخّرین.

ثانیاً: لابدّ فی کشف مراد ناقل الإجماع من ملاحظة التعبیر الذی ذکره، فلو قال مثلا: «مخالفة فلان لا تضرّ بالإجماع لأنّه معلوم النسب» فنعلم أنّ مبناه على الإجماع الدخولی، وإذا قال مثلا: «مخالفة الفلان لا تضرّ لانقراض عصره حین الإجماع» أو قال: «إنعقد الإجماع قبله وبعده» فنعلم أنّ مبناه على الإجماع اللطفی لاعتبارهم اتّفاق أهل عصر واحد على حکم، وإن قال: «لا أصل ولا قاعدة فی هذه المسألة»(6) فنستکشف کون المبنى على الحدس، نعم لا یوجد تعبیر یناسب الإجماع التشرّفی فی الکلمات.

ثالثاً: أنّه لا یعدّ الإجماع دلیلا مستقلا فی مقابل الأدلّة الثلاثة الاُخرى بناءً على مذاق الإمامیّة.

هذا تمام الکلام فی الأمر الأوّل من الاُمور التی نذکرها بعنوان المقدّمة للبحث عن الإجماع المنقول.


1. حکی عنه فی عنایة الاُصول: ج3، ص153.
2. درر الفوائد: ج2، ص372.
3. راجع فوائد الاُصول: ج3، ص150، طبع جماعة المدرّسین.
4. وهو کتاب کثیر الفروع فی فقه الشیعة، ویدلّ على تسلّط مؤلّفه على فقه الإمامیّة والمذاهب الأربعة، ولا نجد قبله کتاباً یحتوی على هذه الکثرة من التفریعات.
5. المبسوط: ج1، ص1 ـ 3، الطبعة الثانیة، طبع المطبعة الحیدریة.
6. کما أنّه کذلک فی کثیر من المسائل الفقهیّة فلا یوجد فیها دلیل معتبر غیر الإجماع بل إنّها انتهت إلى خمسمائة مورد على ما سمعته من السیّد الاُستاذ المحقّق البروجری (رحمه الله).

 

المسلک الثالث: الإجماع التشرّفیالأمر الثانی: حجّیة الخبر المنقول ...
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma