المقام الثالث: فی دلالة المطلق على الشمول والسریان وبیان مقدّمات الحکمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
المقام الثانی: فی أنّ استعمال المطلق فی المقیّد حقیقة أو مجاز؟الأوّل: فی نتیجة مقدّمات الحکمة؟

 

نسب إلى مشهور القدماء أنّ دلالته علیه بمقتضى الوضع، فوضع لفظ الإنسان مثلا للشمول والسریان فی أفراده، لکن ذهب سلطان العلماء (رحمه الله) إلى أنّه ناش من مقدّمات الحکمة وتبعه مشهور المتأخّرین.

وحاصل ما ذکره المحقّق الخراسانی (رحمه الله) فی المقام عدم صحّة النسبة المذکورة إلى المشهور بل أنّهم أیضاً کانوا یستفیدون الشیاع من مقدّمات الحکمة، ولعلّ وجه هذه النسبة ملاحظة تمسّکهم بالإطلاقات مع قطع النظر عن إحراز کون المتکلّم فی مقام البیان بینما الوجه فی تمسّکهم هذا أنّ الأصل عندهم فیما إذا شکّ فی أنّ المتکلّم فی مقام بیان تمام المراد أو لا ـ کونه بصدد بیان تمام المراد، فإنّهم لم یعتبروا هذه المقدّمة اعتماداً على هذا الأصل.

أقول: ویشهد لصحّة هذه النسبة أمران: أحدهما: ما جاء فی تعریفهم للمطلق بأنّه ما دلّ على الشیاع بنفسه، فالظاهر من کلمة «ما دلّ» أنّ الدالّ على الشیاع هو اللفظ کما لا یخفى. ثانیهما: ما نسب إلیهم من أنّ المطلق مجاز فیما إذا استعمل فی المقیّد.

وکیف کان، فالإنصاف فی المسألة بطلان ما نسب إلیهم وأنّ الصحیح کون الشیاع مستفاداً من مقدّمات الحکمة وذلک لوجهین:

أحدهما: التبادر فإنّ المتبادر من إطلاق اسم الجنس مثل لفظ الإنسان مثلا صرف الطبیعة مجرّدة عن سریانها فی أفرادها، وکذلک فی النکرة کقولک «رأیت إنساناً».

ثانیهما: أنّ الوضع یستلزم المجاز فیما إذا استعمل المطلق فی المقیّد نحو «جئنی برجل عالم» مع أنّه خلاف الوجدان.

وأمّا «مقدّمات الحکمة فما هی؟» فاختلفت کلمات الأصحاب فی تعدادها فقیل أنّها أربعة: أحدها: کون المتکلّم فی مقام بیان تمام المراد ثانیها: عدم بیان القید، ثالثها: عدم الانصراف، رابعها: عدم وجود القدر المتیقّن فی مقام التخاطب.

والمحقّق الخراسانی (رحمه الله) جعلها ثلاث مقدّمات بادغام المقدّمة الثالثة فی الثانیة. بقوله: «ثانیها انتفاء ما یوجب التعیین» فإنّ الانصراف أیضاً ممّا یوجب التعیین کالقید کما لا یخفى.

وحذف المحقّق النائینی (رحمه الله) المقدّمة الأخیرة (وهی عدم وجود القدر المتیقّن) فالمقبول من المقدّمات الأربعة عنده اثنتان: إحدیهما: کون المتکلّم فی مقام البیان، ثانیهما: انتفاء ما یوجب التعیین، لکنّه أضاف إلیهما مقدّمة اُخرى وهی أن یکون متعلّق الحکم أو موضوعه قابلا للتقیید، وهو ناظر فیها إلى التقسیمات اللاحقة عن الأمر کانقسام الواجب إلى ما یقصد به امتثال أمره وما یقصد فیه ذلک وإنقسام المکلّف إلى العالم والجاهل بالحکم، فحیث إنّه لا یمکن مثلا تقیید متعلّق الأمر بقصد الأمر على رأیه لما هو معروف من إشکال الدور لا یمکن الأخذ بإطلاقه أیضاً.

وهنا مذهب آخر یستفاد من کلمات شیخنا الحائری فی الدرر وهو حذف المقدّمة الاُولى أیضاً، فاللازم البحث عن کلّ واحد من هذه المقدّمات الخمسة حتّى یعلم ما یصحّ اعتباره وما لا یصحّ.

فنقول: أمّا المقدّمة الاُولى: فهی لازمة بالوجدان حیث إن الوجدان أقوى شاهد على عدم صحّة الأخذ بإطلاق کلام المولى إذا لم یکن فی مقام بیان تمام المراد، فإذا قال مثلا، «اشتر لی ثوباً» أو «اشتر أثاثاً للبیت» فلا یصحّ للعبد أن یشتری من السوق لباساً أو أثاثاً أیّاماً کان ویتمسّک عند الاحتجاج بإطلاق کلامه، نعم إذا شکّ فی أنّ المتکلّم هل کان فی مقام بیان تمام المراد أو لا؟ فإنّ الأصل هو کونه بصدد بیان تمام المراد کما أفاده المحقّق الخراسانی (رحمه الله)وغیره، فیکون کونه فی مقام الإجمال والإهمال أمراً استثنائیاً خلاف الأصل.

لکن شیخنا الحائری (رحمه الله) خالف فی ذلک فی درره (بعد قبوله فی صدر کلامه) وإلیک نصّ بیانه: «أنّ المهملة مردّدة بین المطلق والمقیّد ولا ثالث، ولا إشکال أنّه لو کان المراد المقیّد یکون الإرادة متعلّقة به بالأصالة وإنّما ینسب إلى الطبیعة بالتبع لمکان الاتّحاد، فنقول: لو قال القائل «جئنی بالرجل» أو «برجل» یکون ظاهراً فی أنّ الإرادة أوّلا وبالذات متعلّقة بالطبیعة لا أنّ المراد هو المقیّد ثمّ أضاف إرادته إلى الطبیعة لمکان الاتّحاد، وبعد تسلیم هذا الظهور تسری الإرادة إلى تمام الأفراد وهذا معنى الإطلاق»(1).

أقول: توضیح کلامه: أنّ الطبیعة المهملة لا تخلو فی الواقع من حالتین، فإمّا هی مطلقة، أو مقیّدة لعدم الإهمال فی مقام الثبوت، فإن کان المراد فی الواقع مطلقاً فهو المطلوب، وإن کان مقیّداً فیستلزم کون تعلّق الحکم والإردة بالمطلق تبعیّاً مع أنّ المولى إذا قال: «اعتق رقبة» ولم یقیّده بقید المؤمنة فإنّ ظاهره أنّ الإرادة تعلّقت بطبیعة الرقبة استقلالا، وهذا الظهور یسری إلى تمام الأفراد، وهذا هو معنى الإطلاق.

لکن یرد علیه أمران:

الأوّل: (وهو العمدة)، أنّ حدیث الأصالة والتبعیّة فی الإرادة یتصوّر فی لوازم الماهیّة کالزوجیّة بالنسبة إلى الأربعة فإنّه إذا تعلّقت الإرادة بالأربعة تتعلّق بالزوجیّة تبعاً، ولا یتصوّر فی ما نحن فیه حیث إن طبیعة الرقبة المهملة فی المقام متّحدة مع الرقبة المقیّدة بقید المؤمنة فی الخارج فلیست إحدیهما لازمة للاُخرى کما لا یخفى.

الثانی: ما مرّ من أنّه خلاف الوجدان، فلا یأخذ عبد بإطلاق کلام مولاه إذا لم یکن فی مقام البیان.

أمّا المقدّمة الثانیة: (وهی عدم بیان القید) فإنّ لزومها من الواضحات حیث إن المفروض فی جواز التمسّک بالإطلاق وعدمه عدم وجود قید بالنسبة إلى الجهة التی نحاول التمسّک بإطلاق الکلام فیها، ولذلک لم یتکلّم حولها فی عباراتهم ولم ینکر اعتبارها أحد.

أمّا المقدّمة الثالثة: (وهی وجود القابلیة للإطلاق والتقیید التی أفادها المحقّق النائینی(رحمه الله)) فیرد علیها أوّلا: أنّها ترجع إلى المقدّمة الاُولى لأنّ من لم یقدر على التقیید لم یکن فی مقام البیان، ولا فرق فی عدم جواز التمسّک بالإطلاق بین أن یکون عدم کون المتکلّم فی مقام البیان ناشئاً من عدم حضور وقت البیان أو من استلزامه أمراً محالا کالدور.

ثانیاً: قد مرّ فی البحث عن التوصّلی والتعبّدی من أنّ التقسیمات اللاحقة تکون کالتقسیمات السابقة لأنّها وإن کان وجودها لاحقاً عن وجود المتعلّق إلاّ أنّه یمکن تصوّرها سابقاً وأخذها فی المتعلّق فنقول: «صلّ مع قصد أمرها» وتمام الکلام فی محلّه.

فظهر أنّ المقدّمة الثالثة على حدّها لیست مقدّمة بل إنّها ترجع حقیقة إلى المقدّمة الاُولى، نعم ینبغی التنبیه بها والتوجّه إلیها على فرض وجود مصداق لها.

أمّا المقدّمة الرابعة: (وهی عدم الانصراف) فنقول فی توضیحها: أنّ الانصراف هو أن توجد من ناحیة کثرة الاستعمال بین لفظ ومعنى علاقة فی الأذهان بحیث توجب انسباق ذلک المعنى من اللفظ حین إطلاقه، ولیس المراد منه صیرورة اللفظ حقیقة ثانویّة فی ذلک المعنى، وهو نظیر انصراف کلمة «أهل العلم» فی یومنها هذا إلى العالم الدینی مع أنّ غیره أیضاً من أهل العلم.

وهو على خمسة أنواع: أحدها: الانصراف البدوی وهو یزول بالتأمّل، مثل أن یقال: «من المفطّرات الأکل والشرب» الذی ینصرف إلى الأغذیّة والمشروبات المتعارفة، لکنّه بدوی لا اعتبار به، ولذا أفتى الأصحاب بحصول الإفطار بالمأکولات غیر المتعارفة کأوراق الأشجار.

ثانیها: الانصراف الذی منشأه کثرة الاستعمال وهو لا یزول بالتأمّل کالمثال المتقدّم وهو أهل العلم الذی ینصرف إلى العالم الدینی لکثرة استعماله فیه.

ثالثها: الانصراف إلى الفرد الأکمل من أفراد الماهیّة المشکّکة نحو ما مرّ فی البحث عن مفهوم الشرط من انصراف العلّیة المستفادة من أداة الشرط إلى العلّیة المنحصرة لکونها أکمل أفراد العلّیة، ولکن هذا الانصراف غیر ثابت بل حیث إن الفرد الأکمل یکون نادراً لا ینصرف إلیه اللفظ قطعاً.

رابعها: الانصراف إلى القدر المتیقّن وهذا أیضاً غیر ثابت.

خامسها: الانصراف الحاصل من کثرة الاستعمال حیث یکون المعنى السابق مهجوراً وصار اللفظ حقیقة فی المنصرف إلیه.

هذا ـ والإنصاف أنّ الانصراف ینقسم فی الواقع إلى قسمین بدوی وثابت مستمرّ، والانصراف البدوی هو ما یزول بالتأمّل، والثابت ما لا یزول به وأمّا هذه الأقسام الخمسة فالخامس منها خارج عن ما نحن فیه لصیرورة اللفظ فیه حقیقة فی المعنى الجدید، وأمّا الباقی ففی الحقیقة بیان لمنشأ الانصراف.

إذا عرفت هذا فنقول: والذی عدّ من مقدّمات الحکمة هو عدم الانصراف بالمعنى الثانی، أی عدم الانصراف الثابت، لکنّ الحقّ أنّ هذه المقدّمة أیضاً ترجع حقیقة إلى المقدّمة الثانیة، وهی انتفاء ما یوجب التعیین حیث إن الانصراف هو ممّا یوجب تعیین المعنى کما لا یخفى.

أمّا المقدّمة الخامسة: (وهی انتفاء القد المتیقّن فی مقام التخاطب) فحاصل بیان المحقّق الخراسانی (رحمه الله)فیها: أنّه إذا کان المتیقّن تمام مراد المولى وهو لم یذکر القید اعتماداً على ذلک المتیقّن لم یخلُ بغرضه.

والتحقیق فی المسألة: أنّ القدر المتیقّن على قسمین: تارةً یکون المتیقّن متیقّناً بحسب مقام التخاطب، واُخرى بحسب الخارج، فالقسم الأوّل مثل أن یسأل العبد من مولاه: «هل أکرم النحویین؟» وأجاب المولى بقوله: «أکرم العالم» فلا ریب فی أنّ النحویین بقرینة ذلک السؤال هو القدر المتیقّن فی مقام التخاطب، بینما القدر المتیقّن بحسب الخارج هو الفقهاء والمجتهدین مثلا للقطع بوجود الملاک فیهم، فالمیزان فی القدر المتیقّن بحسب مقام التخاطب هو وجود سؤال أو قرینة یکون بمنزلة شأن نزول کلام المولى، والمیزان فی القدر المتیقّن بحسب الخارج القطع بوجود الملاک.

وکیف کان، فإنّ المختار فی المقام هو عدم اعتبار هذه المقدّمة کما صرّح به جماعة من الأعلام أیضاً.

ویدلّ علیه وجوه ثلاثة: أحدها: استلزامها عدم إمکان التمسّک بکثیر من الإطلاقات الواردة فی الکتاب والسنّة مع أنّ السیرة العملیّة للفقهاء والمتشرّعین قامت على خلافه فإنّهم لا یعتنون بشأن نزول الآیات ومورد السؤال فی الرّوایات إذا کان الجواب مطلقاً.

ثانیها: أنّ وجود القدر المتیقّن لیس من قبیل القیود الإحترازیّة التی یأخذها المتکلّم فی کلامه ویکون لها لسان إثبات ولسان نفی، إثبات الحکم لنفسها ونفی الحکم عن غیرها، بل غایة ما یستفاد من وجوده ثبوت الحکم بالنسبة إلى نفسه، وأمّا عدم ثبوته بالنسبة إلى غیره فهو ساکت عنه وغیر مفید له، وحینئذ لا مانع من التمسّک بالإطلاق وإسراء الحکم إلى ذلک الغیر، وإلاّ یلزم إهمال المولى بالنسبة إلى غیر القدر المتیقّن وسکوته عن بیان حکمه، مع أنّ المفروض أنّه فی مقام بیان تمام المراد.

ثالثها: أنّه لو کان المتیقّن مزاحماً للأخذ بالإطلاق فما هو الفرق بین المتیقّن بحسب التخاطب والمتیقّن بحسب الخارج؟ مع أنّ ما ذکره المحقّق الخراسانی (رحمه الله)فی مقام إثبات اعتبار هذه المقدّمة (وهو أنّ المولى لم یخلّ بغرضه إذا لم یبیّن القید اعتماداً على القدر المتیقّن) جار فی القسم الثانی أیضاً وهو یستلزم عدم جواز التمسّک بالإطلاق فی ما إذا وجد فی البین قدر متیقّن بحسب الخارج أیضاً مع أنّ هذا ممّا لا یلتزم به الخصم.

إلى هنا ثبت أنّ المعتبر فی الأخذ بالإطلاق بین المقدّمات الخمسة مقدّمتان: إحدیهما: کون المتکلّم فی مقام البیان، وثانیهما: انتفاء ما یوجب التعیین.


1. درر الفوائد: ج1، ص234، طبع جماعة المدرّسین.

 

 

 

 

المقام الثانی: فی أنّ استعمال المطلق فی المقیّد حقیقة أو مجاز؟الأوّل: فی نتیجة مقدّمات الحکمة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma