الکلام فی النسخ والبداء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الکلام فی حالات العام والخاصّبقی هنا شیء

والوجه فی التعرّض لهذه المسألة فی ما نحن فیه أمران:

أحدهما: ربط مسائل العام والخاصّ بالنسخ کما ظهر ممّا سبق.

ثانیهما: کونها من المبادىء الأحکامیّة التی تبحث عنها فی علم الاُصول کالبحث عن تضادّ الأمر والنهی، هذا بالنسبة إلى النسخ، وأمّا البداء فلأنّ له صلة قریبة وعلاقة شدیدة بالنسخ کما سیتّضح لک إن شاء الله.

وکیف کان: لابدّ أوّلا: أن نبحث فی المعنى اللغوی للنسخ، قال الراغب فی مفرداته: «النسخ إزالة الشیء بشیء یتعقّبه کنسخ الشمس الظلّ والظلّ الشمس والشیب الشباب، فتارةً یفهم منه الإزالة وتارةً یفهم منه الإثبات وتارةً الأمران» (أی الإزالة والإثبات کلاهما) ثمّ قال بعد فصل: «ونسخ الکتاب نقل صورته المجرّدة إلى کتاب آخر وذلک لا یقتضی إزالة الصورة الاُولى بل یقتضی إثبات مثلها فی مادّة اُخرى کالمناسخة فی المیراث» فیستفاد من هذه العبارة إنّه أشرب فی ماهیّة النسخ أمران: الإزالة والإثبات، ولذلک قد یستعمل النسخ فی خصوص معنى الإزالة وقد یستعمل فی خصوص معنى الإثبات، ومن هنا أخذ معنى التناسخ فی القول بتناسخ الأرواح لأنّ القائل به یقول: أنّ الروح یزول عن بدن ویثبت فی بدن آخر. هذا فی معنى النسخ لغةً.

وأمّا فی الاصطلاح فذکر له معان مختلفة، فقال المحقّق الخراسانی (رحمه الله): «إنّ النسخ دفع الحکم الثابت إثباتاً إلاّ أنّه فی الحقیقة دفع الحکم ثبوتاً».

وقال المحقّق النائینی (رحمه الله): «النسخ انتهاء أمد الحکم المجعول لانتهاء الحکمة الداعیة إلى جعله» وقال فی المحاضرات: «النسخ رفع أمر ثابت فی الشریعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه».

أقول: لو حاولنا النقاش فی هذه التعاریف فیمکن المناقشة فی کلّ منها، فمثلا بالنسبة إلى التعریف الأخیر (وهو للمحاضرات) یمکن أن یقال: إنّ الصحیح هو التعبیر برفع الحکم لا رفع الأمر، وأیضاً لا وجه لتخصیصه النسخ بالشریعة المقدّسة بل إنّه ثابت بین العرف والعقلاء أیضاً فی أحکامهم، کما أنّ هذا الإشکال یرد على تعریف المحقّق الخراسانی (رحمه الله)أیضاً لأنّ تعبیره بالدفع یتصوّر فی دائرة الشرع، وأمّا فی دائرة الموالی العرفیّة وعبیدهم فإنّ النسخ هو الرفع لا الدفع کما لا یخفى، وهکذا بالنسبة إلى کلام المحقّق النائینی(رحمه الله) حیث إنّه أیضاً خصّص النسخ فی تعریفه بدائرة الشرع، والأحسن أن یقال: النسخ، رفع حکم تکلیفی أو وضعی مع بقاء موضوعه (ثبوتاً أو إثباتاً).

ثمّ إنّه هل یجوز النسخ فی حکم الله تعالى أو لا؟ المشهور أو المجمع علیه بین المسلمین جوازه ونسب إلى الیهود والنصارى أنّه مستحیل، واستدلّ لذلک بأنّه إمّا إن کان الحکم المنسوخ ذا مصلحة فلا بدّ من دوامه وبقائه ولا وجه لنسخه وإزالته، وأمّا إن لم یکن ذا مصلحة فاللازم عدم جعله ابتداءً إلاّ إذا کان الجاعل جاهلا بحقائق الاُمور، تعالى الله عن ذلک علوّاً کبیراً، کما أنّ النسخ فی الأحکام العرفیّة أیضاً یرجع إلى أحد الأمرین: إمّا إلى جهل الجاهل من أوّل الأمر بعدم وجود المصلحة فی الحکم، وإمّا إلى جهله بعدم دوام المصلحة وعدم کونه عالماً بالمستقبل، وبما أن الله تعالى لا یتصوّر فیه الجهل بالمستقبل حدوثاً وبقاءً یستحیل النسخ بالنسبة إلیه کما لا یخفى.

والجواب عن هذا معروف، وهو أنّه لا إشکال فی أن یکون لشیء مصلحة فی زمان دون زمان آخر کالدواء الذی نافع للمریض یوماً وضارّ یوماً آخر، کما أنّ الرجوع إلى التاریخ وشأن نزول الآیات فی قصّة القبلة یرشدنا إلى هذه النکتة، وحینئذ یکون النسخ بمعنى انتهاء أمد الحکم وزوال المصلحة، ومن هنا ذهب المشهور إلى أنّ النسخ دفع الحکم لا رفعه، کما أنّ المعروف کون النسخ تخصیصاً للعموم الأزمانی لأحکام الشرع ظاهراً، ولکنّ الإنصاف أنّ بقاء الأحکام مستفاد من طبیعتها وأنّ النسخ فی الحقیقة رفع لا دفع.

توضیح ذلک: أنّ الأحکام الإنشائیّة على أقسام فتارةً یکون من الأحکام التکلیفیّة کالوجوب والحرمة، واُخرى من قبیل الأحکام الوضعیّة کالملکیّة والزوجیّة، وثالثة من قبیل المناصب المجعولة کمنصب القضاوة والوزارة، وکلّ واحد من هذه الثلاثة قد یکون موقتاً کالواجبات الموقّتة مثل الصّوم والحجّ فی القسم الأوّل، وکالإجارة فی القسم الثانی وکبعض مناصب الحکومة فی عصرنا هذا فی القسم الثالث، وقد یکون مطلقاً کوجوب تطهیر المسجد من النجاسة وأداء الدَین فی القسم الأوّل وکالملکیّة الحاصلة من البیع فی القسم الثانی حیث إن البیع ینعقد مطلقاً وإن کان البائع أو المشتری عازماً على الفسخ، ولذا لا یصحّ أن یقول: «ملکتک إلى شهر» ولا أن یقول: «ملکتک إلى الأبد» بل الملکیّة إذا حصلت بقیت بذاتها، وکالقضاوة والوزارة فی القسم الثالث لأنّه ما لم یعزل القاضی أو الوزیر عن منصب القضاوة والوزارة یکون باقیاً على منصبه بمقتضى طبیعة ذاتهما.

إذا عرفت هذا فنقول: لا إشکال فی أنّ الحکم الذی اُنشأ على نحو الإطلاق وکان من القسم الثانی والثالث یدوم ویستمرّ بمقتضى طبعه وذاته ولذلک یعبّر فیهما بالفسخ والعزل، فإنّ الفسخ أو العزل هو رفع ما یکون ثابتاً باقیاً حتّى فی مقام الثبوت، ثمّ نقول: کذلک فی القسم الأوّل، أی الأحکام التکلیفیّة التی تصدر وتنشأ من جانب الشارع مطلقاً ویکون مقتضى طبعها وذاتها الدوام والاستمرار بلا فرق بینها وبین الأحکام الوضعیّة والمناصب المجعولة، وبلا فرق بین مقام الثبوت ومقام الإثبات فیکون وزان النسخ فیها وزان الفسخ والعزل فیهما، أی أنّ النسخ أیضاً رفع الحکم الثابت لا الدفع، فکما أنّ الأحکام الوضعیّة المطلقة والمناصب المجعولة المطلقة کان مقتضى طبعها وذاتها الدوام والبقاء فتکون باقیة ما لم یفسخ وما لم یعزل کذلک الأحکام التکلیفیّة المطلقة یکون مقتضى طبعها الدوام والبقاء وتکون باقیّة ما لم ینسخ، فوزانها وزانهما کما أنّ وزان النسخ وزان الفسخ والعزل، ولذلک نقول: کذلک فی الشرائع السابقة فإنّ مقتضى طبعها أیضاً الدوام ما لم تأت شریعة اُخرى، فمثلا شریعة عیسى (علیه السلام) لم تکن مقیّدة بمقدار خمسمائة سنة بل إنّها بأحکامها کانت مطلقة فی مقام الثبوت والإنشاء، مقتضیة للبقاء والاستمرار، وهکذا مسألة القبلة فی شریعتنا کانت بذاتها مقتضیة للدوام والاستمرار ما لم تنسخ من ناحیة الشارع.

إن قلت: فما الفرق بین الشارع وغیره فی النسخ؟

قلنا: لا فرق بینهما بالنسبة إلى ماهیّة النسخ وحقیقته، فإنّه رفع الحکم ثبوتاً وإثباتاً فی کلا الموردین، إنّما الفرق من جهتین:

الاُولى: جهل العقلاء بعدم المصلحة حدوثاً ومن أوّل الأمر فیما إذا کانت المصلحة مفقودة منذ البدایة، فقد یستکشف لهم بعد جعل الحکم فقدان المصلحة من بدو الأمر.

الثانیة: جهلهم بانتهاء مصلحة الحکم وعدم دوامها فیما إذا انتهت المصلحة بعد فترة، فیستکشف لهم عدم دوامها، ولا إشکال فی أنّه لا یتصوّر شیء من الأمرین بالنسبة إلى الشارع العلیم الحکیم کما لا یخفى، لکن هذا لا ینافی أن یکون جعل الشارع وإنشائه بحسب الظاهر والواقع مطلقاً کما مرّ بیانه.

وممّا یؤیّد ما ذکرنا أنّه لو کان النسخ تخصیصاً أزمانیاً ودفعاً فی مقام الثبوت فکان الزمان مأخوذاً فی الحکم یستلزم تخصیص الأکثر المستهجن لأنّ فی نسخ حکم واحد یستثنى أکثر الزمان، هذا أوّلا.

وثانیاً: لا خلاف ولا إشکال فی تقدیم التخصیص على النسخ عند دوران الأمر بینهما، وهذا ممّا یشهد بأنّ النسخ عندهم هو نزع الحکم من الأصل والأساس، ولذلک یحتاج إلى مؤونة زائدة على التخصیص الذی یکون أساس الحکم فیه باقیاً على حاله، وإلاّ لو لم یکن النسخ هکذا بل کان فی الواقع من مصادیق التخصیص فلا وجه لتقیم التخصیص علیه.

ثالثاً: أنّ عدم جواز النسخ بخبر الواحد وجواز التخصیص به أیضاً شاهد لما ذکرنا حیث إنّه أیضاً یدلّ على زیادة المؤونة فی النسخ وأنّه رفع الحکم من الأساس.

الکلام فی حالات العام والخاصّبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma