إثبات صغرى الظهور (حجّیة قول اللغوی)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
بقی هنا شیء2 ـ حجّیة الإجماع المنقول وفیه بحث حول الإجماع المحصّل أیضاً

إلى هنا قد فرغنا عن البحث عن کبرى حجّیة ظواهر الألفاظ، وتصل النوبة إلى بحث صغروی، وهو إثبات صغرى الظهور وأنّ هذا اللفظ ظاهر فی هذا المعنى أو لا؟ فبأیّ شیء یثبت الظهور؟ وما هو المرجع عند الشکّ فیه؟

فنقول: للمسألة خمس صور لا بدّ من التمییر بینها والبحث عن کل منها مستقلا:

الاُولى: إذا کان الشکّ فی مادّة اللغة کمادّة الکنز أو الغنیمة.

الثانیة: إذا کان الشکّ فی هیئة المفرد، کما إذا شککنا فی معنى الطهور، فهل هی بمعنى الطاهر فی نفسه والمطهّر لغیره، أو بمعنى شدید الطهارة فی نفسه بمقتضى صیغة المبالغة.

الثالثة: إذا کان الشکّ فی هیئة الجملة کالشکّ فی الجملة الشرطیّة وأنّها هل تدلّ على العلّیة المنحصرة حتّى یکون لها المفهوم أو لا؟

الرابعة: إذا کان الشکّ فی وجود قرینة توجب الاختلاف فی الظهور.

الخامسة: إذا کان الشکّ فی قرینیّة الموجود کقرینیّة الاستثناء بألاّ للجمل السابقة فیما إذا تعقّبت الجمل المتعدّدة باستثناء واحد.

ونبدأ فی الجواب بالأخیرتین ونقول:

أمّا الصورة الرابعة: فلا إشکال ولا کلام فی أنّ الأصل فیها عدم وجود القرینة، إنّما الکلام فی أنّ أصالة عدم القرینة هل هی أصل تعبّدی وحجّة تعبّداً، أو أنّها ترجع إلى أصالة الظهور فتکون حجّیتها من باب حجّیة أصالة الظهور؟ فعلى الأوّل یکون الأصل عدم وجود قرینة فی البین فیؤخذ بالمعنى الظاهر العرفی، وأمّا على الثانی فلا بدّ من ملاحظة ظهور الکلام وأنّه هل یوجب احتمال وجود القرینة إجمال اللفظ أو الظهور باق على حاله؟ فالملاک کلّه حینئذ هو الظهور اللفظی وعدمه، ولکن لا فرق بین المبنیین بالنسبة إلى هذه الصورة فإنّ النتیجة واحدة.

أمّا الصورة الخامسة: وهی ما إذا شکّ فی قرینیة الموجود کالإستثناء المتعقّب للعمومات المتعدّدة فهی مبنیّة على ما مرّ من النزاع آنفاً، فبناءً على کون أصالة عدم القرینة حجّة تعبّداً فلا إشکال فی الأخذ بالعمومات السابقة على العام الأخیر، وبناءً على أصالة الظهور یصبح الکلام مجملا وتسقط العمومات السابقة عن الحجّیة لاحتفافها بما یحتمل القرینیة، وبما أن بناء العقلاء استقرّ على حجّیة الظواهر فقط فلا بدّ لإثبات حجّیة أصالة عدم القرینة تعبّداً من دلیل یدلّ علیها وإلاّ لزم الرجوع إلى أصالة الظهور لا محالة.

أمّا الصورة الثالثة: وهی الشکّ فی هیئة الجملة فالمرجع فیها هو علم النحو والمعانی والبیان، ولکن بما أن عدداً کثیراً من هیئات الجمل لم یبحث عنها فی هذه العلوم بحثاً کافیاً لابدّ من البحث عنها فی مبادىء علم الاُصول، والمتداول الیوم التکلّم عنها فی مباحث الألفاظ.

وأمّا الصورة الثانیة: وهی الشکّ فی هیئة المفردات فالمرجع فیها هو علم الصرف کالبحث عن الفرق بین اسم الفاعل واسم المفعول، أو بین اسم الفاعل والصفة المشبهة، أو الفرق بین أبواب الثلاثی المزید.

نعم یبحث عن عدّة منها فی علم الاُصول کالبحث عن المشتقّ.

بقیت الصورة الاُولى وهی الشکّ فی مادّة اللغة، فالمعروف والمشهور أنّ المرجع فیها هو قول اللغوی وأنّه حجّة فیها بل ادّعى فیه إجماع العلماء، لکن خالف فیه المحقّق الخراسانی (رحمه الله)وقال بعدم حجّیة قول اللغوی، وسیأتی أنّ شیخنا الأعظم الأنصاری(رحمه الله) مال إلى الحجّیة مع تأمّله فیها أخیراً، فعلینا أن نلاحظ الأدلّة وأنّه ما هو مقتضى الدلیل؟

استدلّ للحجّیة بوجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: إجماع العلماء (بل جمیع العقلاء) على ذلک، فانّهم قدیماً وحدیثاً یرجعون فی استعلام اللغات إلى کتب أهل اللغة، ولذلک ینقلون فی الفقه أقوال اللغویین بالنسبة إلى موضوع من موضوعات الأحکام کالغنیمة والکنز حتّى من أنکر حجّیة قولهم کالمحقّق الخراسانی(رحمه الله)، کما یرجعون إلیهم فی فهم الحدیث وتفسیر الکتاب الکریم.

لکن یرد علیه: أنّ الإجماع هذا لا یکون کاشفاً عن قول المعصوم (علیه السلام) بما أنّه دلیل تعبّدی خاصّ قبال الأدلّة الاُخرى التی استدلّوا بها فی المقام لإمکان نشوئه منها فلا بدّ من الرجوع إلیها.

الوجه الثانی: بناء العقلاء وسیرتهم قدیماً وحدیثاً وفی کلّ عصر وزمان ومکان على الرجوع إلى أهل الخبرة، وهذا أهمّ الوجوه فی المقام.

لکن أُورد علیه إشکالات عدیدة:

الأول: أنّ اللغوی لیس من أهل الخبرة، أی أهل الرأی والاجتهاد بالنسبة إلى تشخیص المعانی الحقیقیّة عن المعانی المجازیّة، وإن شئت قلت: لیس شأن اللغوی إلاّ بیان موارد الاستعمال لا تعیین المعنى الحقیقی من بین المعانی التی یستعمل اللفظ فیها.

ویمکن الجواب عنه: بأنّ المهم فی تعیین مراد المتکلّم هو تشخیص ظهور اللفظ کما مرّ، ولا ریب فی أنّ اللغوی یبیّن المعنى الظاهر للفظ سواء کان حقیقة أو مجازاً مشهوراً.

الثانی: ما اُشیر إلیه فی بعض کلمات المحقّق النائینی (رحمه الله) من أنّه یمکن أن یکون رجوع العقلاء إلى کتب اللغویین من جهة حصول الوثوق والاطمئنان من قولهم فی بعض الأحیان لا من جهة حصول الظن فقط وحجّیة قولهم مطلقاً، ولا إشکال فی أنّ الاطمئنان منزّل منزلة العلم أو أنّه علم عرفی فیکون حجّة(1).

قلنا: الإنصاف أنّ رجوعهم إلى أهل الخبرة لیس متوقّفاً على حصول الاطمئنان کما فی الرجوع إلى قول المجتهد فإنّ المقلّد مع الإلتفات إلى اختلاف آراء الفقهاء فی کثیر من الموارد التی لا یحصل الإطمئنان والوثوق فیها عادةً بقول المجتهد ـ مع ذلک لا یتوقّف عن الرجوع کما أنّه کذلک فی باب القضاء ورجوع القضاة إلى المتخصّصین والعارفین بالموضوعات التی هی محلّ الدعوى کالغبن والتدلیس وغیرهما، مع أنّه لا یحصل لهم الاطمئنان بتشخیصهم فی کثیر من الأحیان.

الثالث: أنّ قول اللغوی من مصادیق خبر الواحد، وحجّیته فی الموضوعات منوطة بحصول شرائط الشهادة.

أقول: إنّ اللغوی من أهل الخبرة، وحجّیة أهل الخبرة لا تتوقّف على شرائط الشهادة کما فی مرجع التقلید.

وإن شئت قلت: الحسّ على نوعین: حسّ دقیق، وحسّ غیر دقیق، ولا ریب فی أنّ الشهادة والإخبار عن حسّ دقیق تحتاج إلى التخصّص والخبرویّة نظیر إخبار الطبیب وشهادته على أنّ هذا المریض کذا وکذا، وما نحن فیه من هذا القبیل لأنّ تشخیص الظهور وتعیین المتفاهم عرفاً بین المعانی والاستعمالات المتعدّدة أمر مشکل دقیق یحتاج إلى دقّة وخبرویّة، وحینئذ یرجع قول اللغوی إلى قول أهل الخبرة لا إلى الشهادة عن حسّ.

هذا ـ مضافاً إلى ما أثبتناه فی القواعد الفقهیّة(2) من أنّه لا یعتبر التعدّد فی الإخبار عن الموضوعات بل فی غیر باب القضاء یکفی خبر الواحد الثقة.

رابعها: ما ورد فی تهذیب الاُصول من «أنّ مجرّد بناء العقلاء على الرجوع فی هذه القرون لا یکشف عن وجوده فی زمن المعصومین حتّى یستکشف من سکوته رضاهم، مثل العمل بخبر الواحد وأصالة الصحّة ... (إلى أن قال): والحاصل: أنّ موارد التمسّک ببناء العقلاء إنّما هو فیما إذا اُحرز کون بناء العقلاء بمرأى ومسمع من المعصومین (علیهم السلام) ولم یحرز رجوع الناس إلى صناعة اللغة فی زمن الأئمّة بحیث کان الرجوع إلیهم کالرجوع إلى الطبیب»(3).

قلنا: لا حاجة فی حجّیة خصوص قول اللغوی الذی هو من مصادیق کبرى بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة إلى وجود خصوص هذا المصداق فی زمن المعصومین (علیهم السلام) بل مجرّد وجود الکبرى فی ذلک الزمان کاف، وإلاّ یلزم من ذلک عدم جواز الرجوع إلى أهل الخبرة بالنسبة إلى المصادیق المستحدثة. هذا أوّلا.

وثانیاً: أنّه لا ریب فی رجوع غیر أهل اللسان فی زمن المعصومین إلى أهل اللسان فی حاجاتهم الیومیّة التی کانت مربوطة بتعیین معانی اللغات والألفاظ المتداولة فی ذلک اللسان کرجوع أعجمی إلى أهل لسان العرب فی تشخیص رسائل الوصایا والأوقاف وأسناد المعاملات والمراسلات العادیة التی کانت مکتوبة باللغة العربیّة، وعلى الأقلّ فی فهم ما یتعلّق بالقرآن والحدیث فی توضیحهما وتفسیرهما وتبیین مفرداتهما فلا تتوقّف إثبات إتّصال سیرة العقلاء إلى زمن المعصومین (علیهم السلام) على تدوین کتب فی اللغة فی ذلک الزمان ورجوع الناس إلیها کذلک.

الوجه الثالث: من الأدلّة هو التمسّک بالانسداد الصغیر، وهو انسداد باب العلم والعلمی فی بعض الموضوعات مقابل الانسداد الکبیر الذی هو عبارة عن انسداد باب العلم والعلمی بالنسب إلى معظم الأحکام، ولذا یعتمد على قول المرأة فی الطهر والحیض وشبههما ممّا لا یعلم إلاّ من قبلها، کما أنّ قول من یکون وکیلا لعدّة من الأشخاص حجّة فی تعیین نیّته وأنّه باع هذا المتاع مثلا من جانب أی موکّل من موکّیله لأنّ النیّة أیضاً ممّا لا یعلم إلاّ من قبله، کذلک فی ما نحن فیه حیث إن الحاجة بقول اللغوی فی المسائل الفقهیّة کثیرة جدّاً لأنّه (کما أفاد شیخنا الأعظم الأنصاری(رحمه الله) فی رسائله) «یمکن الوصول الإجمالی إلى معانی اللغات بطریق العرف والتبادر والقواعد العربیّة المستفادة من الاستقراء القطعی واتّفاق أهل العربیّة بضمیمة أصالة عدم القرینة إلاّ أنّه لا مناصّ من الرجوع إلى أهل اللغة فی فهم تفاصیل المعانی وجزئیاتها» کما فی لفظ الکنز مثلا فنعلم إجمالا أنّه اسم لأمر مستند مخفی، ولکن هل یعتبر فیه أن یکون مستتراً تحت الأرض، أو یعمّ مثلا المخفیّ فی جوف الجدار أیضاً؟

وحینئذ یأتی الإشکال الذی بیّن فی الانسداد الکبیر، وهو محذور جریان الاحتیاط مطلقاً أو جریان البراءة مطلقاً، فالأوّل یوجب العسر والحرج واختلال النظام، والثانی یوجب تفویت المصالح الکثیرة الواقعیّة التی نعلم أنّ الشارع لا یرضى بتفویتها.

أقول: وإشکاله واضح ما لم یرجع إلى الانسداد الکبیر، لأنّ الاحتیاط فی موارد الشکّ هنا ممکن أن لا یوجب اختلال النظام ولا العسر والحرج.

فالأولى أن یقال: إنّ المهمّ والأساس فی المقام هو الدلیل الثانی، أی بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة، فأنّ فلسفة کثیر من بناءات العقلاء فی کثیر من الموارد ومنها بناؤهم فی الرجوع إلى الخبرة هو هذا الانسداد الصغیر، ففی باب الأمارات مثلا منشأ بنائهم على حجّیة قول ذی الید وأماریتها على الملک، أو حمل فعل الناس على الصحّة کحمل فعل الوکیل فی المعاملة على صحّة العقد هو الانسداد الصغیر کما لا یخفى.

فمنشأ بناء العقلاء فی المقام هو هذا النوع من الانسداد کما أنّ منشأ اتّفاق العلماء على الرجوع إلى أهل الخبرة أیضاً لعلّه یکون هذا المعنى، وعلى هذا الأساس یرجع الدلیل الأوّل والثالث إلى الدلیل الثانی.

وکان ینبغی للشیخ الأنصاری (رحمه الله) أن یتمسّک بهذا الوجه الثانی لا الوجه الأوّل والثالث حتّى ینفی أوّلا حجّیة قول اللغوی ویجیب عن استلزامه الانسداد الصغیر، ثمّ یرجع أخیراً ویقبل الحجّیة بنحو قوله «لعلّ» ثمّ یأمر بالتأمّل فی النهایة، وإلیک نصّ کلامه: «هذا ولکن الإنصاف أنّ موارد الحاجة إلى قول اللغویین أکثر من أن یحصى فی تفاصیل المعانی بحیث یفهم دخول الافراد المشکوکة أو خروجها وإن کان المعنى فی الجملة معلوماً من دون مراجعة قول اللغوی کما فی مثل الفاظ الوطن والمفازاة والتمر والفاکهة والکنز والمعدن والغوص وغیر ذلک من متعلّقات الأحکام ممّا لا یحصى وإن لم تکن الکثرة بحیث یوجب التوقّف فیها محذوراً، ولعلّ هذا المقدار مع الاتّفاقات المستفیضة کاف فی المطلب فتأمّل»(4).

هذا کلّه فی تعیین الظهور وتشخیصه.


1. راجع فوائد الاُصول: ج3، ص142، طبع جماعة المدرّسین.
2. راجع القواعد الفقهیّة: المجلّد الثانی، ص81، الطبعة الثانیة.
3. تهذیب الاُصول: ج2 ص97، طبع جماعة المدرّسین.
4. راجع هامش الرسائل: ص47، الطبع القدیم.

 

بقی هنا شیء2 ـ حجّیة الإجماع المنقول وفیه بحث حول الإجماع المحصّل أیضاً
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma