الأمر الثانی: إذا تعدّد الشرط واتّحد الجزاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الأمر الأوّل: هل المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم بانتفاء شرطه أو انتفاء شخص الحکم؟الأمر الثالث: فی تداخل الأسباب والمسبّبات

کما فی قوله: «إذا خفى الأذان فقصّر» و «إذا خفیت الجدران فقصّر» فعلى القول بمفهوم الجملة الشرطیّة لابدّ من التصرّف فیهما بأحد وجوه ستّة:

الوجه الأوّل: التصرّف فی منطوق کلّ منهما وعطف أحد الشرطین على الآخر بالواو،

فنقول: إذا خفی الأذان والجدران معاً فقصّر، فلا یکون القصر واجباً بخفاء أحدهما.

الوجه الثانی: التصرّف فی المنطوقین بتقیید إطلاق کلّ منهما بالآخر فیکون العطف بأو وتکون علّة الحکم کلّ من الشرطین مستقلا، ونتیجته کفایة أحد الشرطین فی وجوب القصر.

الوجه الثالث: أن یخصّص مفهوم کلّ منهما بمنطوق الآخر فتکون النتیجة فی المثال: إذا لم یخف الأذان فلا تقصّر إلاّ إذا خفیت الجدران، وهکذا فی الطرف الآخر، أی إذا لم تخف الجدران فلا تقصّر إلاّ إذا خفی الأذان، وهی نفس النتیجة فی الوجه الثانی، أی کفایة أحد الشرطین فی ترتّب الحکم کما لا یخفى.

الوجه الرابع: أن یکون الشرط هو القدر الجامع بین الشرطین نظراً إلى القاعدة المعروفة، وهی قاعدة «الواحد لا یصدر إلاّ من الواحد» والقدر الجامع بین الشرطین فی المثال هو مقدار مسافة یکشف عنها کلّ واحد من خفاء الأذان وخفاء الجدران، ویکون کلّ منهما علامة لها، والنتیجة فی هذا الوجه أیضاً نفس النتیجة فی الوجه الثانی.

الوجه الخامس: رفع الید عن المفهوم فیهما رأساً، فلا دلالة لهما على عدم علّیة ما سوى الشرطین أصلا، وهذا بخلافهما على الوجوه السابقة فیدلاّن فیها على نفی علّیة أمر ثالث لکون المفهوم فی کلّ من الشرطین فی تلک الوجوه محفوظاً بالنسبة إلى ما سوى منطوق الآخر، وإن لم یبق محفوظاً بالنسبة إلى منطوق الآخر، والنتیجة فی هذا الوجه أیضاً علّیة کلّ واحد من الشرطین للجزاء مستقلا.

الوجه السادس: رفع الید عن المفهوم فی أحدهما رأساً والنتیجة کفایة أحدهما أیضاً کما لا یخفى.

إذا عرفت هذا فنقول: لا إشکال فی فساد ثلاثة من هذه الوجوه الستّة:

أحدها: هو الوجه السادس لأنّه یستلزم الترجیح بلا مرجّح، إلاّ أن یکون أحدهما فی مفهومه أظهر من الآخر فیقدّم الأظهر على الظاهر کما صرّح به المحقّق الخراسانی(رحمه الله) حیث قال: «وأمّا رفع الید عن المفهوم فی خصوص أحد الشرطین وبقاء الآخر على مفهومه فلا وجه لأن یصار إلیه إلاّ بدلیل آخر إلاّ أن یکون ما أبقى على المفهوم أظهر».

هذا ـ مضافاً إلى أنّ الإشکال لا یرتفع برفع الید عن مفهوم أحدهما لأنّ التعارض والتنافی یبقى بین منطوقه ومفهوم الآخر، إلاّ أن یقال بسقوط کلّ من المفهوم والمنطوق وهو کما ترى.

ثانیها: هو الوجه الخامس، ودلیل فساده أنّه لا وجه لسقوط الدلیلین (أی المفهومین فی ما نحن فیه) وطرحهما مع إمکان الجمع بینهما عرفاً بتقیید کلّ واحد منهما بمنطوق الآخر.

ثالثها: هو الوجه الرابع الذی یبتنی على قاعدة الواحد، ووجه فساده أنّ هذه القاعدة مختصّة بالواحد الشخصی البسیط من جمیع الجهات کما مرّ فی بعض الأبحاث السابقة، ولا یجری فی الواحد النوعی کالحرارة مثلا التی تعمّ الحرارة الصادرة من الشمس والصادرة من الکهرباء ومن النار، هذا أوّلا.

وثانیاً: أنّها تختصّ بالاُمور الحقیقیّة، وأمّا الأحکام الشرعیّة فهی من الاُمور الاعتباریّة التی یعتبرها الشارع.

وثالثاً: أنّها تجری فی باب العلّة والمعلول ولا معنى للعلّیة فی ما نحن فیه بل فی جمیع الاُمور الاعتباریّة فلیس خفاء الجدران مثلا علّة لوجوب القصر بل إنّه یعدّ موضوعاً لوجوب القصر، وأمّا علّة الوجوب فإنّما هی إرادة الشارع وإلزامه.

وأمّا الثلاثة الاُخر فلا یبعد أن یکون الأوجه من بینها هو الوجه الثالث، أی تخصیص کلّ واحد من المفهومین بمنطوق الآخر لابتنائه على قاعدة الإطلاق والتقیید والجمع العرفی.

نعم أورد علیه المحقّق النائینی (رحمه الله) بأنّ المفهوم تابع للمنطوق ولا یمکن تقییده إلاّ بتقیید منطوقه(1).

ولکنّه مدفوع: بأنّ الثابت فی ما نحن فیه إنّما هو لزوم التبعیّة فی الدلالة لما مرّ من أنّ المفهوم مدلول التزامی للمنطوق وهو لا یستلزم لزومها بالنسبة إلى إرادة المولى، لأنّه یمکن أن یکون کلّ واحد من المنطوق والمفهوم متعلّقاً لإرادة المولى مستقلا، بل یمکن أن تتعلّق إرادته على خصوص المفهوم، کما إذا سئل العبد مولاه عن إکرام زید، فأجابه بقوله: «نعم إن جاءک» فإنّه لا إشکال فی أنّ مقصوده إنّما هو عدم إکرام زید فی صورة عدم المجیء فحسب لا أکثر.

ثمّ لو تنزّلنا عن الوجه الثالث ودار الأمر بین الوجه الأوّل والوجه الثانی، أی دار الأمر بین رفع الید عن ظهور القضیّة الشرطیّة فی کون الشرط تمام العلّة وظهورها فی کونه منحصراً (والمفروض ظهورها فی کلا الأمرین) فلعلّ الأولى حینئذ هو الوجه الثانی أی رفع الید عن ظهور القضیّة فی الانحصار وتقدیم ظهورها فی تمام العلّة على ظهورها فی الانحصار، وذلک لأنّ رفع الید عن کلّ واحد من الظهورین یستلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة کما لا یخفى، ولکن تأخیر البیان عن وقت الحاجة بالنسبة إلى خصوصیّة الانحصار أقلّ محذوراً منه بالنسبة إلى خصوصیّة تمام العلّة، فإذا قال المولى: إنّ خفاء الجدران علّة مستقلّة لوجوب القصر، وسکت عن کون خفاء الأذان علّة له مع أنّه أیضاً علّة مستقلّة للوجوب فی واقع الأمر، کان المحذور أقلّ ممّا إذا لم یکن خفاء الجدران علّة مستقلا بل کان للعلّة جزء آخر ولم یبیّنه وهو فی مقام البیان، وهذا ممّا یساعد علیه العرف والعقلاء، فإنّه إذا کان مثلا لداء خاصّ دواءان، وکان کلّ منهما مؤثّراً فی رفع الداء مستقلا ولکن لم یبیّن الطبیب للمریض إلاّ أحدهما، کان إشکاله أقلّ ممّا إذا کان للدواء جزء آخر ولم یبیّنه.

وإن شئت قلت: أنّ للقضیّة ظهورین: ظهور فی الانحصار وظهور فی کون العلّة تامّة، ولا إشکال فی أنّ ظهورها فی الأوّل أقوى من ظهورها فی الثانی فیقدّم علیه.

هذا کلّه بناءً على مبنى القول من أنّ منشأ المفهوم إنّما هو ظهور الجملة الشرطیّة فی العلّیة المنحصرة، وأمّا بناءً على المختار من أنّ المنشأ هو ظهور القضیّة فی مجرّد الانتفاء عند الانتفاء فی الجملة والمفهوم التامّ یستفاد من قرینة خارجیّة، فلا إشکال فی عدم لزوم رفع الید عن الظهور فی المقام لما مرّ من أنّ المفهوم إنّما یتمّ فیما إذا قامت قرینة من الخارج نظیر کون الشرطین مثلا من قبیل الضدّین لا ثالث لهما أو وجود قدر متیقّن فی البین، وإلاّ لا یثبت المفهوم مع بقاء مدلول الانتفاء عند الانتفاء فی الجملة على حاله، وحینئذ نقول: حیث إن القرینة قائمة فی ما نحن فیه على العکس لأنّ کلّ واحد من المنطوقین دلیل على أنّ مفهوم الآخر لا یتجاوز عن حدّ الانتفاء عند الانتفاء فی الجملة فلا مفهوم للقضیتین حتّى یبحث عن کیفیة الجمع بینهما، ولا إشکال فی أنّ النتیجة حینئذ هی الوجه الثانی، أی کون کلّ واحد من خفاء الجدران وخفاء الأذان علّة مستقلّة لوجوب القصر.

تنبیهان

التنبیه الأوّل: اختار المحقّق النائینی (رحمه الله) فی ما نحن فیه ترجیح العطف بالواو فی الغایة وأنّ مجموع الشرطین علّة للجزاء، ببیان «أنّ دلالة کلّ من الشرطیتین على ترتّب الجزاء على الشرط المذکور فیها باستقلاله من غیر انضمام شیء آخر إلیه إنّما هی بالإطلاق المقابل للعطف بالواو، کما أنّ انحصار الشرط بما هو مذکور فیها مستفاد من الإطلاق المقابل للعطف بـ «أو»، وبما أنّه لابدّ من رفع الید عن أحد الإطلاقین، ولا مرجّح لأحدهما على الآخر یسقط کلاهما عن الحجّیة، لکن ثبوت الجزاء کوجوب القصر فی المثال یعلم بتحقّقه عند تحقّق مجموع الشرطین على کلّ تقدیر، وأمّا فی فرض إنفراد کلّ من الشرطین بالوجود فثبوت الجزاء فیه یکون مشکوکاً فیه، ولا أصل لفظی فی المقام على الفرض لسقوط الإطلاقین بالتعارض فتصل النوبة إلى الأصل العملی فتکون النتیجة موافقة لتقیید الإطلاق المقابل بالعطف بالواو»(2).

ویرد علیه:

أوّلا: إنّ وصول النوبة وانتهاء الأمر إلى الأصل العملی فی المثال لا یقتضی التقیید بالعطف بالواو وعلّیة مجموع الشرطین إلاّ فی ذهابه إلى السفر، وأمّا فی الرجوع فإنّ مقتضى استصحاب بقاء وجوب القصر إنّما هو التقیید بـ «أو»، وعلّیة أحد الشرطین فی النتیجة، وحینئذ فلا تکون النتیجة علّیة مجموع الشرطین فی جمیع الموارد.

ثانیاً: تعارض الإطلاقین وسقوطهما عن الحجّیة متوقّف على عدم کون أحدهما أظهر من الآخر مع أنّ الإطلاق المقابل للعطف بالواو أی ظهور القضیّة فی جهة الاستقلال أقوى من الإطلاق المقابل للعطف بـ «أو» أی ظهور القضیّة فی جهة الانحصار کما مرّ.

ثالثاً: ما أفاده فی المحاضرات فی مقام الجواب عن هذا البیان، وهو «أنّ مورد الکلام لیس من صغریات الرجوع إلى الأصل العملی، بل هو من صغریات الرجوع إلى الأصل اللفظی وهو إطلاق دلیل «المسافر یقصّر» حیث إن القدر الثابت من تقیید هذا الإطلاق هو ما إذا لم یخف الأذان والجدران معاً حیث إن الواجب علیه فی هذا الفرض هو التمام وعدم جواز الإفطار، وأمّا إذا خفی أحدهما دون الآخر فلا نعلم بتقییده، ومعه لا مناصّ من الرجوع إلیه لإثبات وجوب القصر وجواز الإفطار، لفرض عدم الدلیل على التقیید فی هذه الصورة بعد سقوط الإطلاقین من ناحیة المعارضة، فتکون النتیجة هی نتیجة العطف بـ «أو» على عکس ما أفاده شیخنا الاُستاذ(رحمه الله)»(3).

أقول: إنّ ما أفاده من تقیید الإطلاق المزبور بما إذا لم یخف الأذان والجدران معاً مبنیّ على کون حدّ الترخّص حدّاً تعبّدیّاً من جانب الشارع مع أنّه قد ثبت فی محلّه أنّه أمر عرفی، وحیث إن العرف لا یحکم بصدق عنوان المسافر فی هذه الصورة فلا یجب علیه القصر بل صدق عنوان المسافر فی صورة خفاء أحد الأمرین أیضاً لیس محرزاً، وحینئذ لا یحرز تحقّق موضوع دلیل «المسافر یقصّر» فتصل النوبة إلى الأصل العملی لا اللفظی، والمسألة بعدُ محتاجة إلى مزید تأمّل (اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ هذا مناقشة فی المثال).

التنبیه الثانی: أنّ الموجود فی الجوامع الروائیّة بالنسبة إلى خفاء الجدران إنّما هو «إذا توارى المسافر من الجدران والبیوت یقصّر» وأمّا التعبیر الشائع فی کلمات الفقهاء بأنّه «إذا خفى الجدران فقصّر» فلم یرد فی نصوص الباب، وحینئذ یکون موضوع قصر الصّلاة هو خفاء المسافر عن الجدران لا خفاء الجدران عن المسافر، ولعلّه المناسب أیضاً للاعتبار العرفی لأنّه یحکم بالسفر ویقال: «بأنّ فلاناً سافر» بعد أن بَعُد عن الأنظار وخفی عنها، فالذی یخفى إنّما هو شخص المسافر ومن یشاهده عند الجدران لا الجدران نفسها، ولا ملازمة بین خفاء شخص المسافر وخفاء الجدران کما توهّم، لأنّ خفاء المسافر یتحقّق غالباً قبل خفاء الجدران کما لا یخفى، (ویمکن الإیراد علیه بأنّ هذا أیضاً مناقشة فی مثال خاصّ).


1. راجع أجود التقریرات: ج1، ص424.
2. أجود التقریرات: ج1، ص424 ـ 425.
3. المحاضرات: ج5، ص104 ـ 105.

 

الأمر الأوّل: هل المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم بانتفاء شرطه أو انتفاء شخص الحکم؟الأمر الثالث: فی تداخل الأسباب والمسبّبات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma