الأمر الثالث: فی اختلاف القراءات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الأمر الثانی: فی نسخ التلاوةبقی هنا شیء

ویبحث فیه أنّ الاختلاف فی القراءة هل یوجب سقوط حجّیة القرآن فی الآیة المختلف فی قرائتها، أو لا؟

فنقول: الاختلاف فی القراءة على وجهین: تارةً لا یوجب تغییراً فی المعنى کالاختلاف فی قوله: (خَلَقَکُمْ مِنْ ضَعْف)(1) بالنسبة إلى کلمة «ضعف» التی قرأت بالفتح فی قراءة عاصم بروایة الحفص، وبالضمّ فی بعض القراءات الاُخرى وقراءة عاصم بروایة غیر الحفص.

واُخرى یکون مغیّراً للمعنى کالاختلاف فی قوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِی الَْمحِیضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى یَطْهُرْنَ)(2) بالنسبة إلى قوله «یطهرن» ففی قراءة الحفص وجماعة ورد بالتخفیف، وفی قراءة جماعة اُخرى بالتشدید، وهو على الأوّل ظاهر فی النقاء عن الدمّ، ونتیجته جواز الوقاع قبل الغسل وبعد انقطاع الدم، وعلى الثانی ظاهر فی الاغتسال (وإن کان عندنا محلّ کلام) ونتیجته عدم جواز الوقاع قبل الغسل وبعد النقاء.

وکیف کان، فإنّ هنا ثلاث مسائل:

المسألة الاُولى: فی تواتر القراءات وعدمه، وفیه ثلاث احتمالات:

الأوّل: تواتر القراءات.

الثانی: عدم التواتر مع حجّیة جمیعها.

الثالث: عدم التواتر مع حجّیة واحد منها فقط وإن کانت القراءة فی الباقی جائزة.

فنقول: لا دلیل على تواتر القراءات وکونها موجودة فی زمن النبی (صلى الله علیه وآله)نزل بها جبرئیل (علیه السلام)، لأنّ تواترها یتوقّف على تحقّق التواتر فی ثلاث مراحل: التواتر بیننا وبین القرّاء، والتواتر بین القرّاء أنفسهم، والتواتر بین القرّاء وبین النبی(صلى الله علیه وآله)بینما المعروف أنّ لکلّ واحد من القرّاء السبعة راویین فقط، فلا یتحقّق التواتر فی المرحلة الاُولى، مضافاً إلى أنّ هذین الراویین ینقلان عن قارئهما مع واسطة إلاّ راوی عاصم.

وهکذا بالنسبة إلى المرحلة الثانیة لأنّه فی عصر عاصم مثلا لا یعیش من القرّاء المعروفین أحد إلاّ شخص عاصم، وکذلک بالنسبة إلى المرحلة الثالثة لأنّ هؤلاء القرّاء تولّدوا بعد مدّة طویلة بعد النبی (صلى الله علیه وآله) ولا دلیل على وجود التواتر بینه وبینهم.

نعم نعلم إجمالا بکون کثیر من هذه القراءات مشهورة بین الناس، ولکن هذا المقدار من الشهرة غیر کاف فی إثبات المقصود.

وعلى هذا فدعوى تواتر القراءات دعوى عجیبة بلا دلیل، بل الدلیل موجود على خلافه، وهو ما مرّ سابقاً أنّ عثمان جمع المسلمین على قراءة واحدة، لأنّ الاختلاف فی القراءة من شأنه أن یؤدّی إلى الاختلاف بین المسلمین وتمزیق صفوفهم ولذلک لم یعترض أحد من الصحابة علیه مع أنّه لو کانت القراءات متواترة لم یکن وجه لسکوتهم.

هذا مضافاً إلى أنّ نزول القرآن على النبی (صلى الله علیه وآله) على سبعة أحرف فی نفسه أمر غیر ثابت بل غیر معقول کما لا یخفى.

ثمّ إنّه لا معنى للاحتمال الثالث وهو جواز القراءة مع عدم الحجّیة فی العمل لأنّه إذا استفدنا من الرّوایات المتظافرة (التی تقول: اقرأوا کما قرأ الناس) جواز القراءة شرعاً نستفید منها الحجّیة بالملازمة العرفیّة، أی الحجّیة حینئذ مدلول التزامی لتلک الرّوایات، فلا وجه لإنکار الملازمة من ناحیة المحقّق الخراسانی (رحمه الله)وصاحب البیان واستدلالهم بأنّ الرّوایة تقول: «اقرأوا» ولا تقول: «اعملوا».

المسألة الثانیة: فی مقتضى کلّ واحد من هذه الاحتمالات: فنقول: إذا قلنا بتواتر القراءات فلازمه حجّیة جمیعها والقطع بصدور الجمیع، وحینئذ لا تعارض بینها من ناحیة السند بل التعارض ثابت فی دلالاتها، فلو کان واحد منها أظهر من الباقی یؤخذ به وإلاّ تتعارض ثمّ تتساقط الجمیع عن الحجّیة.

وإن قلنا بالاحتمال الثانی فتکون المسألة من باب الخبرین المتعارضین اللذین کلاهما حجّة، وحینئذ بما أن أدلّة إعمال المرجّحات خاصّة بالسنّة الظنّیة تکون النتیجة تساقط الخبرین عن الحجّیة، وإن کان لأحدهما ترجیح على الآخر فتصل النوبة إلى الاُصول العملیّة، وسیأتی ما تقتضیه هذه الاُصول إن شاء الله.

وإن قلنا بالاحتمال الثالث فتکون المسألة من قبیل اشتباه الحجّة بلا حجّة، فتصیر حینئذ حجّیة کلّ منهما ظنّیة، وقد ثبت فی محلّه أنّ احتمال العدم فی باب الحجّیة یساوق عدم الحجّیة.

وإن شئت قلت: قد ثبت فی محلّه أنّ الأصل فی الظنون عدم الحجّیة.

المسألة الثالثة: فی مقتضى القاعدة الأوّلیّة بعد التساقط فنقول: مقتضى القواعد العامّة الفقهیّة بعد الشکّ فی حکم خاصّ وإجمال الدلیل هو الرجوع إلى العمومات والأدلّة الاجتهادیة أوّلا فإن ظفرنا بها فهو، وإلاّ تصل النوبة إلى الاُصول العملیّة، ففی المثال المعنون فی محلّ البحث مثلا لو فرض إجمال قوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِی الَْمحِیضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى یَطْهُرْنَ) لابدّ من الرجوع أوّلا إلى العمومات الواردة فی المسألة، وقیل أنّ العام فیها قوله: (فَأْتُوا حَرْثَکُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)لأنّ عموم «أنّى شئتم» یشمل جمیع الأزمنة (لأنّه بمعنى «متى شئتم» أو «أی زمان شئتم») وخرج عنه خصوص زمان وجود الدم فقط، فبمجرّد النقاء یأتی جواز الوقاع لذلک العموم ولا تصل النوبة إلى استصحاب الحرمة.

هذا إذا قلنا أنّ کلمة «أنّى» بمعنى «متى» فحسب، وأنّ معناها واضح لا إجمال فیه، وأمّا إذا قلنا بإجماله کما أنّه کذلک لأنّه ذکر لها فی اللغة ثلاث معان ففی المجمع البحرین «أنّى» بمعنى «متى» و «أنّى» بمعنى «کیف» و «أنّى» بمعنى «أین» (کقوله تعالى: أنّى لک هذا) بل بعض اللغویین لم یذکروا المعنى الأوّل، وهو الراغب فی المفردات (الذی هو من أئمّة اللغة وکتابه مختصّ بلغات القرآن ومحلّ البحث فی المقام من جملتها) فیثبت حینئذ عدم تمامیّة الدلیل اللفظی الاجتهادی وتصل النوبة إلى الرجوع إلى الاُصول العملیّة، والأصل العملی فی المثال هو استصحاب وجوب الاعتزال لأنّ موضوعه هو خصوص النساء ولیس سیلان الدم من مقوّماته حتّى یوجب تغییر الموضوع بعد الانقطاع بل هی من حالاته کاستصحاب النجاسة فی الماء المتغیّر بعد زوال تغیّره، ولو فرض کونه مقوّماً کما إذا قلنا بأنّ معنى قوله تعالى «اعتزلوا النساء» قولک «اعتزلوا الحائض» یجری الاستصحاب أیضاً لوحدة القضیّة المتیقّنة والمشکوک عند العرف فی المقام لما عرفت من أنّ الحیض عند العرف لیس من مقدّمات الموضوع بل إنّه من حالاته بخلاف ما إذا صار المجتهد ناسیاً لعلومه فلا یجوز تقلیده بعد عروض النسیان تمسّکاً باستصحاب جواز التقلید لأنّ الاجتهاد عند العرف من مقوّمات الموضوع بالنسبة إلى هذا الحکم فیلزم تبدّل الموضوع بعد عروض النسیان.

نعم، هذا کلّه فیما إذا قلنا بجریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة، وسیأتی فی مبحث الاستصحاب إن شاء الله أنّ المختار خلافاً للمشهور عدمه، وحینئذ تصل النوبة إلى أصالة الإباحة (کلّ شیء لک حلال حتّى تعرف أنّه حرام) ولا إشکال فی جریانها فی الشبهات الحکمیة، أو إلى البراءة العقلیّة.

ولکن هذا کلّه فیما إذا کانت الآیة من أمثلة النزاع فی ما نحن فیه، أی کان اختلاف القراءة فیها موجباً لاختلاف المعنى والحکم، مع أنّه أوّل الکلام، لأنّه لقائل أن یقول: أنّ قوله تعالى: «یطهرن» على کلا الوجهین یکون بمعنى النقاء عن الدم لأنّ کون «یطهرن» على الوجه الثانی (أی کونها من باب التفعّل) مبنی على اعتبار کون الفعل اختیاریّاً فی باب التفعّل والمطاوعة لأنّه بناءً على هذا الاعتبار لا یمکن أن یکون یطهّرن (بالتشدید) بمعنى النقاء لعدم کونه من الأفعال الاختیاریّة بخلاف معنى الاغتسال.

لکن لا دلیل على هذا الاعتبار، بل کثیراً مّا یدخل فی باب التفعّل ما لا یکون اختیاریّاً کما فی قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الاَْنْهَارُ) وقوله تعالى: (تَقَطَّعَتْ بِهِمْ الاَْسْبَابُ). مضافاً إلى وجود قرینتین فی الآیة على کون «یطهرن» بمعنى النقاء: إحدیهما: کلمة المحیض وأنّها موجبة لوجوب الاعتزال لأنّ الحیض بمعنى سیلان الدم، والتطهّر من الحیض یساوق عدم السیلان وانقطاع الدم. الثانیة وحدة السیاق فإنّها تقتضی کون الغایة فی الجملة الاُولى (ولا تقربوهنّ حتّى یطهرن) والشرط فی الجملة الثانیة (فإذا تطهّرن فأتوهنّ) بمعنى واحد، وحیث إن «تطهّرن» فی الجملة الثانیة بمعنى النقاء بلا إشکال فلتکن «یطهرن» فی ما نحن فیه أیضاً بهذا المعنى.

ثمّ لیعلم أنّ لهذه المسألة فی الفقه روایات خاصّة عدیدة، بعضها تدلّ على جواز الوقاع قبل الغسل وبعضها تدلّ على عدم الجواز ومقتضى الجمع بینهما هو الجواز مع الکراهة، والکراهة الشدیدة إذا لم تغسل الموضع.


1. سورة الروم: الآیة 54.
2. سورة البقرة: الآیة 222.

 

الأمر الثانی: فی نسخ التلاوةبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma