الکلام فی الخطابات الشفاهیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
تذییل: فی لزوم الفحص فی موارد الاُصول العملیّةتنبیه فی ثمرة المسألة

لا شکّ فی أنّ هناک عمومات وردت فی الکتاب والسنّة على نهج الخطابات الشفاهیّة کقوله تعالى: (یاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(1) وقوله: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمْ الصِّیَامُ کَمَا کُتِبَ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ)(2)، کما لا إشکال أیضاً فی أنّها تشمل جمیع صیغ التخاطب حتّى صیغ التخاطب من الأوامر والنواهی.

إنّما الإشکال والنزاع یقع فیها فی ثلاث مقامات:

المقام الأوّل: فی أنّ التکلیف الوارد فی الخطابات الشفاهیّة هل یصحّ تعلّقه بالمعدومین أو لا؟

المقام الثانی: فی توجیه الخطاب إلى المعدومین هل یصحّ حقیقة أو لا؟

المقام الثالث: فی أنّ أدوات التخاطب لماذا وضعت؟

یستفاد من کلمات المحقّق الخراسانی (رحمه الله)جریان النزاع فی جمیع الثلاثة، وصرّح فی هامش أجود التقریرات بأنّه جار فی خصوص المقام الثالث، والحقّ هو الأوّل، فالنزاع جار فی جمیع المقامات بل لا معنى للبحث عن المقام الثالث بدون البحث عن المقام الأوّل والثانی.

أمّا المقام الأوّل: ففصّل المحقّق الخراسانی (رحمه الله)فیه بین ما إذا کان التکلیف فعلیاً فلا یمکن حینئذ تکلیف المعدوم عقلا، وبین ما إذا کان التکلیف إنشائیّاً فیجوز، لأنّ الإنشاء خفیف المؤونة نظیر إنشاء الوقف على البطون المتعدّدة، فإنّ المعدوم منهم یصیر مالکاً للعین الموقوفة بعد وجوده، بإنشاء الواقف حین ما وقف، لا بانتقال العین إلیه من البطن السابق.

لکن الإنصاف أنّه غیر تامّ، لأنّه إن کان المراد من المعدوم المعدوم بما هو هو فلا معنى للتکلیف لا فعلیاً ولا إنشائیّاً، وإن کان المراد المعدوم بما سوف یوجد، أی على فرض وجوده وعلى نهج القضیّة الحقیقیّة فالتکلیف ممکن، إلاّ أنّه لا فرق حینئذ بین الفعلی والإنشائی، وإن شئت قلت: التکلیف حینئذ فعلی ولکن فی فرض وجود موضوعه کما فی القضایا الشرطیّة.

أمّا المقام الثانی: وهو جواز مخاطبة المعدومین وعدمه فذهب المحقّق الخراسانی (رحمه الله)إلى عدمه وقال ما حاصله: أنّه لا ریب فی عدم صحّة خطاب الغائب عن مجلس الخطاب بل الحاضر غیر الملتفت فضلا عن الغائب والمعدوم على وجه الحقیقة، فإنّ الخطاب الحقیقی عبارة عن توجیه الکلام نحو الغیر للإفهام، ومن المعلوم أنّ ذلک ممّا لا یتحقّق إلاّ إذا کان توجیه الکلام إلى الحاضر الملتفت.

لکن الإنصاف أنّ ما قلنا فی المقام الأوّل جار هنا أیضاً حیث نقول: إن کان المراد مخاطبة المعدوم بلحاظ حال العدم فلا یجوز قطعاً، وأمّا إذا کان بلحاظ الوجود فلا إشکال فیه، لأنّ حقیقة الخطاب توجیهه نحو الغیر مع الایصال إلیه بأیّ وسیلة کانت سواء کان الغیر حاضراً أو غائباً، ولیست حقیقته المشافهة حتّى یختصّ جوازه بالحاضر فی المجلس، ولذلک تکتب الرسائل ویخاطب فیها الغائب أو تکتب الوصیّة للجیل اللاحق وهم مخاطبون فیها، کما ورد فی وصیّة أمیر المؤمنین علی (علیه السلام): «اُوصیکما وجمیع ولدی ومن بلغه کتابی هذا بتقوى الله ونظم أمرکم»(3)، إلى غیر ذلک من أشباهها ونظائرها.

فتلخّص أنّ حقیقة التخاطب هو توجیه الخطاب نحو الغیر لا التشافه والحضور، وهذا یصدق بالنسبة إلى المعدوم بلحاظ زمن وجوده أیضاً.

أمّا المقام الثالث: فالنزاع فیه عند المحقّق الخراسانی (رحمه الله)مسبّب عن أنّ أدوات الخطاب هل هی موضوعة للخطاب مع المخاطب الحقیقی کی نقول باختصاصها بالحاضرین وعدم شمولها للمعدومین لئلاّ یلزم استعمال الأداة فی غیر ما وضعت له، أو موضوعة لإنشاء مطلق التخاطب ولایقاع مجرّد المخاطبة سواء کان مع المخاطب الحقیقی أو التنزیلی فتکون شاملة للمعدومین أیضاً وقد مرّ نظیره فی مبحث الأوامر بالنسبة إلى صیغة الأمر وهل هی موضوعة للطلب الحقیقی أو لإنشاء مطلق الطلب ولو لم یکن بداعی الطلب الحقیقی کما إذا صدر بداعی التعجیز أو التهدید؟

واستدلّ لوضعها لإنشاء مطلق التخاطب بوجهین:

أحدهما: أنّه کذلک فی أشباهها ونظائرها کأداة النداء وضمائر التخاطب فإنّها موضوعة لإنشاء مطلق التخاطب ولایقاع مجرّد المخاطبة سواء کان مع المخاطب الحقیقی أو التنزیلی.

الثانی: أنّ الوجدان حاکم على أنّ فی مثل «یاکوکباً ما کان أقصر عمره» الذی لیس المخاطب فیه حقیقیّاً لعدم کونه حاضراً ملتفتاً ـ لیس هناک تجوّز فی أداة الخطاب أصلا بل هی مستعملة فی معناها الحقیقی من إنشاء النداء والخطاب،فلیس فیها عنایة ولا مجاز بالنسبة إلى أداة الخطاب، ثمّ قال ما حاصله: أنّ هذا کلّه فیما إذا لم تکن قرینة فی البین توجب الانصراف إلى الخطاب الحقیقی کما هو الحال فی حروف الإستفهام والترجّی والتمنّی وغیرها، وفی نهایة الأمر قال ما حاصله: أنّ هذا الظهور الانصرافی ناش عن عدم قرینة تمنع عن الانصراف المزبور، وإلاّ إذا کان هناک ما یمنع عن الانصراف إلى المعانی الحقیقیّة کما یمکن دعوى وجوده غالباً فی کلام الشارع فلا تختصّ هذه الأداة بالخطاب الحقیقی.

أقول: یرد علیه:

أوّلا: أنّه قال: إن کان الموضوع له هو الخطاب الحقیقی فلا یشمل المعدومین، بینما لا إشکال فی الشمول على فرض الوجود کما مرّ.

ثانیاً: أنّه قال: إن کان الموضوع له هو الخطاب الإنشائی فیشمل المعدومین، بینما لا إشکال أیضاً فی عدم الشمول على فرض العدم.

ثالثاً: لو فرضنا عدم شمول الخطاب للمعدومین فلا ضیر فیه، لأنّه لا ریب فی شمول التکلیف لهم لوجود أدلّة الاشتراک فی التکلیف، ولا حاجة فی ثبوت التکلیف إلى توجیه الخطاب إلیهم ولا ملازمة بین الأمرین.

ثمّ إنّ المحقّق النائینی (رحمه الله) قال: إنّ القضایا الخارجیّة مختصّة بالمشافهین ولا تشمل الغائبین والمعدومین، وأمّا القضایا الحقیقیّة فالظاهر أنّ الخطابات فیها عامّة.

واستدلّ له بأنّ توجیه الخطاب إلى الغائب لا یحتاج إلى أکثر من تنزیله منزلة الحاضر، وکذلک بالنسبة إلى المعدوم فینزّل منزلة الموجود، ثمّ قال: هذا المعنى هو مقتضى طبیعة القضیّة الحقیقیّة.

وأورد علیه فی حاشیة الأجود بأنّ مجرّد الوجود لا یکفی فی الخطابات المشافهة بل تحتاج إلى فرض الحضور أیضاً والقضایا الحقیقیّة تفرض لنا الوجود فقط.

ثمّ حاول لحلّ الإشکال، فذهب إلى ما بنى علیه المحقّق الخراسانی (رحمه الله) من أنّ الأدوات وضعت للخطاب الإنشائی، ثمّ قال فی آخر کلامه ما حاصله: هذا إذا قلنا أنّ الخطابات القرآنیة خطابات من الله بلسان النبی (صلى الله علیه وآله)، أمّا إذا قلنا أنّها نزلت علیه قبل قرائته یکون هذا النزاع باطلا من أصله لعدم وجود مخاطب غیر النبی (صلى الله علیه وآله) فی ذلک الزمان(4).

أقول: الظاهر أنّ إشکاله على المحقّق المذکور غیر وارد لما سیأتی، مضافاً إلى أنّ الکلام هو فی المنهج الذی سلکه لحلّ الإشکال، لأنّ قوله: إنّ الأدوات وضعت للخطاب الإنشائی تبعاً للمحقّق الخراسانی(رحمه الله) یستلزم عدم کون الخطابات القرآنیّة بداعی الخطاب الحقیقی، وهو خلاف الوجدان وخلاف بعض الرّوایات الواردة لبیان آداب التلاوة نظیر ما ورد لاستحباب ذکر «لبّیک» بعد تلاوة خطاب «یاأیّها الذین آمنوا»، هذا أوّلا.

ثانیاً: بالنسبة إلى قوله: «إن قلنا أنّ الخطابات القرآنیة نزلت على النبی قبل قرائته» (إلى آخره): أنّه لا ریب فی أنّها نزلت علیه قبل قرائته، فلا ینبغی التعلیق والتردید فیه بقوله «إن قلنا»، لکن هذا لا یلازم بطلان النزاع من رأسه، لأنّها وإن نزلت قبل قرائته (صلى الله علیه وآله) لکنّه (صلى الله علیه وآله)خلیفة الله فی مخاطبة الناس فیخاطبهم بلسان الباری تعالى.

والإشکال الأساسی فی کلمات هؤلاء الأعلام أنّهم تسالموا على وجود الملازمة بین خطاب المشافهة والحضور وأنّ الحضور لازم فیها، بینما قلنا أنّ حقیقة الخطاب هی توجیه الکلام نحو الغیر مع الإیصال إلیه بأیّ وسیلة.

ثمّ إنّه قد حاول فی تهذیب الاُصول تحلیل القضیّة الحقیقیّة والخارجیّة، وقال: «إنّ هذا التقسیم للقضایا الکلّیة، وأمّا الشخصیّة مثل «زید قائم» ممّا لا تعتبر فی العلوم فخارجة عن المقسم، فقد یکون الحکم فی القضایا الکلّیة على الأفراد الموجودة للعنوان بحیث لا ینطبق إلاّ علیها مثل «کلّ عالم موجود فی حال کذا» أو «کلّ من فی هذا العسکر کذا» وأمّا القضیّة الحقیقیّة فهی ما یکون الحکم فیها على أفراد الطبیعة القابلة للصدق على الموجود فی الحال وغیره مثل «کلّ نار حارّة» فلفظ «نار» تدلّ على نفس الطبیعة وهی قابلة للصدق على کلّ فرد لا بمعنى وضعها للأفراد ولا بمعنى کونها حاکیّة عنها أو کون الطبیعة حاکیّة عنها بل بمعنى دلالتها على الطبیعة القابلة للصدق على الافراد الموجودة وما سیوجد فی ظرف الوجود، (إلى أن قال): فکلّ نار حارّة إخبار عن مصادیق النار دلالة تصدیقیة، والمعدوم لیس مصداقاً للنار ولا لشیء آخر، کما أنّ الموجود الذهنی لیس ناراً بالحمل الشائع، فینحصر الصدق على الأفراد الموجودة فی ظرف وجودها من غیر أن یکون الوجود قیداً، أو أن یفرض للمعدوم وجود أو ینزل منزلة الوجود ومن غیر أن تکون القضیّة متضمّنة للشرط کما تمور بها الألسن موراً»(5).

أقول: ویمکن المناقشة فیه:

أوّلا: بأنّا لا نفهم معناً محصّلا لقوله «فینحصر الصدق على الأفراد الموجودة فی ظرف وجودها من غیر أن یکون الوجود قیداً» لأنّ هذا أیضاً یساوق کون الوجود قیداً، فإن الحارّة مثلا فی مثال «النار حارّة» إنّما هی النار الموجودة فی الخارج لا النار بدون الوجود ولا النار الموجودة فی الذهن، نعم إنّ ما أفاده جار فی مثل «الأربعة زوج».

ثانیاً: لو لم یکن الوجود قیداً فنسأل: هل تکون القضیّة شاملة للمعدومین أو لا؟ فإن لم تکن شاملة لهم فالقضیّة خارجیّة لا حقیقیّة، وإن کانت شاملة فیعلم أنّه فرض للمعدوم وجود، وقد مرّ أنّ حقیقة القضیّة الشرطیّة هو فرض الوجود، وعلى کلّ حال: القضیّة الحقیقیّة هی ما یکون الوجود قیداً فیها، غایة الأمر أنّه أعمّ من الوجود التقدیری والوجود الفعلی.

ثمّ إنّه فی ما سبق أنکر الانحلال فی القضایا الکلّیة القانونیّة وقد أوردنا علیه بالنقض بالعموم الافرادی، لکن فی المقام له کلام صرّح فیه بالانحلال وإلیک نصّه: «ولیعلم أنّ الحکم فی الحقیقة على الأفراد بالوجه الإجمالی وهو عنوان کلّ فرد أو جمیع الأفراد، فالحکم فی المحصورة على أفراد الطبیعة بنحو الإجمال على نفس الطبیعة ولکن على الأفراد تفصیلا»(6).

فقد صرّح فی هذا الکلام بأنّ الحکم فی المحصورة یتعلّق بالمصادیق والأفراد، بینما قد مرّ منه سابقاً أنّ الحکم فی القضایا القانونیّة یتعلّق بالطبیعة فقط.

فظهر ممّا ذکرنا عدم تمامیّة تفصیل المحقّق النائینی (رحمه الله) فی الخطابات الشفاهیّة بین القضایا الحقیقیّة والخارجیّة بأنّ الاُولى تشمل الغائب والمعدوم والثانیة لا تشملهما، لأنّ حقیقة الخطاب وهی توجیه الکلام إلى الغیر موجودة فی کلتا القضیتین، وقد ردّ تفصیله فی تهذیب الاُصول بعد ذکر مقدّمات فکلامه تامّ من هذه الجهة.

هذا کلّه فی التفصیل بین القضایا الخارجیّة والحقیقیّة.

وهنا تفصیل آخر وهو بین الخطابات الإلهیة وغیر الإلهیة، ببیان أنّ الاُولى شاملة للغائبین والمعدومین، لأنّ الله محیط بکلّ شیء وکلّ شیء حاضر عنده بخلاف الثانیة.

وأجاب عنه المحقّق الخراسانی (رحمه الله)بأنّه یعتبر فی الخطاب ثلاثة أشیاء: المخاطب (بالکسر) والمخاطب (بالفتح) وأداة الخطاب، وفی الخطابات الإلهیة وإن لم یکن نقص بالنسبة إلى الأمر الأوّل، أی المخاطب (بالکسر) ولکنّه موجود بالنسبة إلى الأمر الثانی والثالث.

وللمحقّق الإصفهانی (رحمه الله) هنا تفصیل فی هذا التفصیل، وهو أنّ الخطابات الإلهیّة تشمل الغائبین دون المعدومین، وأمّا الخطابات البشریّة فلا تشمل المعدومین والغائبین معاً، والدلیل هو إحاطته تعالى بالغائبین، وأمّا عدم حضورهم وعدم فهمهم لخطابه فلا ضیر فیه بل اللازم هو نوع اجتماع بین المخاطِب والمخاطَب إمّا فی مکان واحد أو بحکمه أو الإحاطة الإلهیة(7).

أقول: هنا مطلبان:

الأوّل: أنّه لابدّ فی صحّة الخطاب وکونه حقیقیاً الإفهام والإنفهام ولو فی ظرف وصوله (وإلاّ یکون إنشائیّاً) من دون الفرق بین الخطابات الإلهیة وغیرها، والحاکم بهذا هو العرف والوجدان.

الثانی: فی المقصود من إحاطة الله بالمعدومین: فقد قرّر فی محلّه أنّ عدم علمه بالمعدومین یوجب النقص فی ذاته تبارک وتعالى عن ذلک ولکن قد یستشکل بأنّ علمه بهم إمّا أن یکون حصولیاً وارتسامیاً أو یکون حضوریّاً، والأوّل محال لاستلزامه الارتسام فی ذاته، مضافاً إلى أنّه لا إشکال فی أنّ علمه بالأشیاء یکون بذاتها لا بصورتها، وإن کان حضوریّاً فلا یشمل المعدومین لأنّهم لیسوا موجودین حتّى یکونوا حاضرین عنده تعالى.

وللجواب عنه کما بیّناه فی محلّه طریقان:

الأوّل: ما ذهب إلیه بعض الحکماء من أنّ الله تعالى عالم بالعلّة، والعلم بالعلّة علم إجمالی بالنسبة إلى المعلول وهو کشف تفصیلی فی نفس الوقت.

توضیح ذلک: أنّ الحوادث التی تتحقّق فی المستقبل لیست منفکّة عن حوادث الحال والماضی فإنّها سلسلة متّصلة بعضها ببعض، فلو علمنا بحوادث الحال کما هو حقّها وبجمیع جزئیاتها فقد علمنا حوادث الماضی والمستقبل أیضاً فی نفس الوقت، وبما أن علمه تعالى بالأشیاء یکون هکذا فهو عالم بالموجودین فی الحال والمعدومین فی الماضی والمستقبل جمیعاً.

الثانی: (وقد یصعب تصوّره على بعض) أن نقول: أنّ تقسیم الزمان إلى الحال والماضی والمستقبل إنّما هو بالنسبة إلى الممکنات، وأمّا بالنسبة إلى ذاته تعالى الذی لا حدّ ولا نهایة له فجمیع الموجودات فی الماضی والمستقبل والحال سواء عنده، حاضرة لدیه بأعیانها لکن کلّ فی ظرفه الخاصّ، فموسى (علیه السلام) مثلا حاضر عنده فی ظرفه وزمانه الخاصّ کما أنّ عیسى (علیه السلام)أیضاً حاضر عنده فی ظرفه الخاصّ، وأهل الجنّة والجحیم حاضرون عنده فی ظرفهما، فلا شیء من هذه معدوم عنده تعالى بل المعدوم معدوم بالنسبة إلى زمان الحال.

وبعبارة اُخرى: أنّ الزمان بمنزلة شریط یتحرّک الإنسان علیه فعلى أی جزء منه کان فهو حال بالنسبة إلیه والجزء السابق علیه ماض والجزء اللاحق مستقبل، وأمّا الذی یکون محیطاً بجمیع الشریط من أوّله إلى آخره فالحال والماضی والمستقبل عنده سواء.

وقد یذکر لهذا مثال آخر وهو أنّ من یتصوّر للزمان حالا وماضیاً ومستقبلا مثله مثل من ینظر من منفذ بیت إلى قطار من الإبل خارج البیت، فحیث إنّه یرى فی کلّ لحظة من الزمان بعض هذه الجمال یتصوّر له القبل والبعد، وأمّا من یکون فوق البیت مثلا ویرى جمیع القطار فی لحظة واحدة فلا معنى لهذا التقسیم بالنسبة إلیه.

فبأحد هذین الطریقین یثبت حضور المعدومین عند الله تعالى، ولکن مع ذلک لا یثبت بهذه المحاولات إمکان تفیهم المعدومین من طرق الخطابات المشافهة المتعارفة، وبهذا یظهر أنّه لا وجه للتفصیل بین الخطابات الإلهیة وغیرها.


1. سورة المائدة: الآیة1.
2. سورة البقرة: الآیة183.
3. نهج البلاغة: کتاب47.
4. راجع أجود التقریرات: ج1، ص491.
5. تهذیب الاُصول: ج 2، ص 42 ـ 43، طبع مهر.
6. المصدر السابق: ص 43 ـ 44، طبع مهر.
7. راجع نهایة الدرایة: ج1، ص347.

 

تذییل: فی لزوم الفحص فی موارد الاُصول العملیّةتنبیه فی ثمرة المسألة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma