الکلام فی حالات العام والخاصّ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
بقی هنا اُمورالکلام فی النسخ والبداء

 

إذا ورد عام وخاصّ فتارةً یکون تاریخ کلیهما معلوماً، واُخرى یکون تاریخ أحدهما أو کلیهما مجهولا، أمّا الأوّل فله صور خمسة:

الصورة الاُولى: أن یکون الخاصّ مقارناً للعام، فإنّه حینئذ مخصّص له بلا إشکال نحو، أکرم العلماء إلاّ زیداً.

الصورة الثانیة: أن یکون الخاصّ غیر مقارن للعام لکن ورد قبل حضور وقت العمل بالعام، کما إذا قال المولى فی أوّل الاسبوع: «أکرم العلماء یوم الجمعة» ثمّ قال فی وسطه: «لا تکرم زیداً العالم یوم الجمعة» فحکمها التخصیص ولا یجوز فیها النسخ، لأنّ جواز النسخ من ناحیة المولى الحکیم مشروط بحضور وقت العمل بالمنسوخ.

الصورة الثالثة: أن یکون الخاصّ غیر مقارن للعام وورد بعد حضور وقت العمل به، کما إذا قال فی الاسبوع الأوّل: «أکرم العلماء یوم الجمعة» ثمّ قال فی الاسبوع الثانی: «لا تکرم زیداً العالم»، فذهب القوم إلى کونه ناسخاً لا مخصّصاً لئلاّ یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة، لکنّا نقول: هذا إذا أحرز أنّ العام قد ورد لبیان الحکم الواقعی، أمّا إذا متکفّلا لبیان الحکم الظاهری کما هو الغالب بل هکذا سنّة الشارع وسیرته العملیّة فی بیان الأحکام الشرعیّة حیث إنّه من دأبه أن یبیّن الأحکام تدریجاً، فحینئذ یکون الخاصّ مخصّصاً لا ناسخاً لأنّ النسخ فی هذه الصورة وإن کان ممکناً ثبوتاً ولکن ندرته وشیوع التخصیص یوجب تقویة ظهور العام فی العموم الأزمانی وتضعیف ظهوره فی العموم الأفرادی، فیقدّم الظهور فی الأوّل على الثانی.

الصورة الرابعة: عکس الثانیة، وهی أن یرد العام بعد الخاصّ غیر مقارن له وقبل حضور وقت العمل بالخاصّ، فحکمها حکم الصورة الثانیة لنفس الدلیل المذکور فیها، وهو کون النسخ قبل العمل قبیحاً للمولى الحکیم، والمثال واضح.

الصورة الخامسة: أن یکون العام بعد الخاصّ وغیرمقارن له وورد بعد حضور وقت العمل بالخاصّ، فیدور الأمر فیها بین النسخ والتخصیص لجواز کلّ منهما عند الکلّ، أمّا التخصیص فلعدم استلزامه تأخیر البیان عن وقت الخطاب أو الحاجة، وأمّا جواز النسخ فلکونه بعد حضور وقت العمل بالخاصّ، والمشهور على ترجیح التخصیص على النسخ، فیقدّم علیه وذلک لندرة النسخ وشیوع التخصیص کما مرّ، وبعبارة اُخرى: ظهور الخاصّ فی الدوام الأزمانی أقوى من ظهور العام فی العموم الافرادی.

هذه صور خمسة لما إذا کان تاریخ کلّ من العام والخاصّ معلوماً، وهناک صورة سادسة وهی ما إذا کان التاریخ مجهولا من دون أن یکون فرق بین ما إذا کان تاریخ کلیهما مجهولا وما إذا کان تاریخ أحدهما مجهولا، ولا یخفى أنّ هذه الصورة تأتی فیها جمیع الاحتمالات الخمسة المذکورة، وبما إن الحکم کان فی بعضها النسخ وهو الصورة الثالثة على مبنى القوم، فیتردّد الأمر فی هذاالقسم بین النسخ والتخصیص على مبنى القوم، ویصیر الحکم مبهماً من ناحیة الاُصول اللفظیّة وحینئذ، تصل النوبة إلى الاُصول العملیّة.

هذا کلّه بناءً على ما مشى علیه الأعلام فإنّهم تسالموا على ثلاثة اُصول فی المقام لیست مقبولة عندنا: أحدها: عدم جواز النسخ قبل العمل. ثانیها: عدم جواز تأخیر البیان عن وقت الحاجة. ثالثها: إنّ دوام الأحکام هو مقتضى العموم الأزمانی.

أمّا جواز النسخ قبل العمل فنقول: لا إشکال فی جواز النسخ قبل العمل فی الأوامر الامتحانیة کما وقع فی قضیّة ذبح إبراهیم (علیه السلام) ولده إسماعیل (علیه السلام) حیث کان الأمر فیه إمتحانیّاً یحصل بنفس التهیّؤ للعمل فإذا وقع التهیّؤ وحضر وقته یحصل المقصود من الإمتحان، وحینئذ یمکن النسخ، ولا إشکال فی جوازه، وهو نظیر ما إذا کلّف المولى عبدهبالسفر وقد تهیّأ له قبل حضور وقته فحینئذ بما أن نفس التهیّؤ یکفی لتحقّق الإمتحان والقبول فیه وبالإمکان أن یتحقّق قبل زمان الفعل یجوز للمولى أن ینسخ حکمه بلا إشکال.

أمّا إذا کانت الأوامر غیر إمتحانیّة فإنّ المحقّق النائینی (رحمه الله) قسّمها على ثلاثة أقسام: الأوامر الصادرة على نهج القضایا الحقیقیّة غیرالموقتة، والأوامر الصادرة على نهج القضایا الحقیقیّة الموقتة، والأوامر الصادرة على نهج القضایا الخارجیّة، وحکم باختصاص جواز النسخ بالقضایا الحقیقیّة غیر الموقتة والقضایا الخارجیّة أو القضایا الحقیقیّة الموقتة بعد حضور وقت العمل بها، وأمّا القضایا الخارجیّة أو الحقیقیّة الموقتة قبل حضور وقت العمل بها فیستحیل تعلّق النسخ بالحکم المجعول فیها من الحکیم الملتفت وقال: فی توضیحه: «إنّ ما ذکروه فی المقام إنّما نشأ من عدم تمییز أحکام القضایا الخارجیّة من أحکام القضایا الحقیقیّة وذلک لأنّ الحکم المجعول لو کان من قبیل الأحکام المجعولة فی القضایا الخارجیّة لصحّ ما ذکروه، وأمّا إذا کان من قبیل الأحکام المجعولة فی القضایا الحقیقیّة الثابتة للموضوعات المقدّر وجودها کما هو الواقع فی أحکام الشریعة المقدّسة فلا مانع من نسخها بعد جعلها، ولو کان ذلک بعد زمان قلیل کیوم واحد أو أقلّ، لأنّه لا یشترط فی صحّة جعله وجود الموضوع له فی العام أصلا إذ المفروض أنّه حکم على موضوع مقدّر الوجود، نعم إذا کان الحکم المجعول فی القضیّة الحقیقیّة من قبیل الموقّتات کوجوب الصّوم فی شهر رمضان المجعول على نحو القضیّة الحقیقیّة کان نسخه قبل حضور وقت العمل به کنسخ الحکم المجعول فی القضایا الخارجیّة قبل وقت العمل به فلا محالة یکون النسخ کاشفاً عن عدم کون الحکم المنشأ أوّلا حکماً مولویّاً مجعولا بداعی البعث أو الزجر»(1).

أقول: الإنصاف أنّه لا فرق بین الأقسام الثلاثة، فإذا کان الطلب فی القضایا الحقیقیّة غیر الموقّتة حقیقیاً وکان الغرض فیها حصول نفس العمل فی الخارج لا الامتحان فرفع الطلب ونسخ الحکم حینئذ یوجب کون الحکم لغواً لأنّه وإن لا یشترط فی صحّة الجعل فیها وجود الموضوع فعلا إلاّ أنّه إذا کان الموضوع منتفیاً إلى الأبد کما إذا لا یتحقّق مصداق لعنوان المستطیع (فی مثال الحجّ) أبداً فلا محالة یکون جعل الحکم من المولى الحکیم العالم بذلک لغواً واضحاً.

ثمّ إنّه قلّما یوجد فی الأحکام الشرعیّة أوامر امتحانیّة، نعم قد تکون المصلحة فی نفس الإنشاء وذلک لوجود مصلحة فی البین کتثبیت المتکلّم موقعیّة نفسه فی الموالی العرفیّة وکالتقیّة لحفظ النفس أو المال أو غیرهما فی الأوامر الشرعیّة، وحینئذ یجوز النسخ قبل العمل بلا ریب کما لا یخفى.

هذا کلّه فی المسألة الاُولى من المسائل الثلاثة، وهی جواز النسخ قبل العمل وعدمه.

المسألة الثانیة: وهی تأخیر البیان عن وقت الحاجة فالوجه فی عدم جوازه یمکن أن یکون واحداً من الثلاثة:

أحدها: الإلقاء فی المفسدة کما إذا قال: أکرم العلماء، ولم یستثن زیداً العالم مع أنّه کان خارجاً عن حکم الإکرام عنده وکان إکرامه ذا مفسدة فی الواقع، فإنّه حینئذ یوجب إلقاء العبد فی تلک المفسدة.

ثانیها: تفویت المصلحة کما إذا قال: لا تکرم الفسّاق، وکان إکرام الضیف مثلا ذا مصلحة فی الواقع ولم یستثنه فإنّه یوجب تفویت تلک المصلحة.

ثالثها: الإلقاء فی الکلفة کما إذا قال: أکرم جمیع العلماء، ولم یکن إکرام جماعة منهم واجباً مع أنّ إکرامهم یستلزم تحمّل المشقّة الزائدة للعبد.

فبناءً على أحد هذه الاُمور لا یجوز تأخیر البیان عن وقت الحاجة، نعم قد یجوز التأخیر فیما إذا کانت هناک مصلحة أقوى کالمصلحة الموجودة فی تدریجیة الأحکام الشرعیّة فلا إشکال حینئذ فی أنّ العقل حاکم على جواز تأخیر البیان عن وقت الحاجة کما لا یخفى.

المسألة الثالثة: وهی أنّ الدوام والاستمرار الزمانی فی الأحکام هل یستفاد من العموم الأزمانی للأدلّة، أو یستفاد من مقدّمات الحکمة، أو یکون مقتضى أصل عملی وهو الاستصحاب؟ فقال بعض بأنّه لا دلیل علیه إلاّ أنّه مقتضى استصحاب بقاء الأحکام، وحیث إنّه أصل عملی وعموم العام أصلی لفظی فلا یقع تعارض بینهما بل یقدّم العموم على الاستصحاب دائماً، وعلیه إذا ورد العام بعد الخاصّ وبعد حضور وقت العمل بالخاصّ یقدّم العام على الخاصّ وتکون النتیجة تقدیم النسخ على التخصیص.

لکنّ الإنصاف أنّ الاستمرار الزمانی یستفاد من طرق اُخرى لفظیّة فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب:

أحدها: مقدّمات الحکمة فیما إذا قال مثلا: «لله على الناس حجّ البیت» ولم یقیّده بزمان خاصّ فنستفید من إطلاقه الدوام والاستمرار.

إن قلت: وجود العام ووروده بعد الخاصّ یمنع من جریان مقدّمات الحکمة لکونه بیاناً للحکم.

قلنا: أنّ المراد من عدم البیان فی مقدّمات الحکمة هو عدم البیان فی مقام البیان لا عدم البیان إلى الأبد، وحیث إن المولى أطلق کلامه حین البیان ولم یقیّده بزمان خاصّ تجری مقدّمات الحکمة وتقتضی الدوام والأبدیّة.

ثانیها: العمومات التی وردت فی الشرع ومفادها «أنّ حلال محمّد (صلى الله علیه وآله)حلال إلى یوم القیامة وحرامه حرام إلى یوم القیامة» أو الأدلّة التی تدلّ على خاتمیّة دین النبی (صلى الله علیه وآله) فإنّ هذه الأدلّة بعمومها أو إطلاقها دلیل على أبدیّة الأحکام الشرعیّة کلّها.

ثالثها: ما سیأتی إن شاء الله فی باب النسخ أنّ طبیعة الحکم الإلهی والقانون الشرعی تطلب الأبدیّة وتدلّ على الدوام والاستمرار إلى أن یرد ناسخ فإنّها نظیر طبیعة الأحکام الوضعیّة المجعولة عند العرف والعقلاء کالملکیّة والزوجیّة، حیث إنّها تقتضی الدوام بطبعها وذاتها إلى أن یرد علیه مزیل کما لا یخفى، وسیأتی لذلک مزید توضیح عن قریب فانتظر.


1. راجع أجود التقریرات: ج1، ص507 ـ 508.

 

 

بقی هنا اُمورالکلام فی النسخ والبداء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma